نجاتك سرت قلب كل معظم لشأن الهدى في الشمس والجود في الغيث
وما كان إلا الدهر من حيث لا يرى ليحدث ذاك الجرح في جبهة الليث
كان ليل وآدم في سبات نام عن حسه إلى ميقات
والبرايا في هدأة الظلمات خاشعات رجاء أمر آت
يتوقعن آية الآيات
والربى في مسوحهن سواجد من بعيد والأفق جاث كعابد
ونجوم الثرى سواه سواهد ونجوم العلى روان شواهد
يتطلعن من عل ذاهلات
نظر الله آدما في الخلود موحشا لانفراده في السعود
مستزيدا والنقص في المستزيد فرأى أن يتمه في الوجود
بعروس شريكة في الحياة
إلف عمر والإلف للإنسان حاجة من لوازم النقصان
تلك في الخلق سنة الرحمن سنها منذ بدء هذا الكيان
وبها قام عالم الفانيات
منذ كانت هذي الخليقة قدما نشرات من الهباء فضما
ما تراخى منها فألف جرما ثم أحياه ثم آتاه جسما
مثله يكملان ذاتا بذات
بسطت أنمل اللطيف القدير في الدجى من أوج العلاء المنير
فأماجت بالضوء بحر الأثير وألمت بآدم في السرير
لاجتراح الكبرى من المعجزات
فتحت جنبه وسلت بعطف منه ضلعا فجاء تمثال لطف
جل قدرا عن أصله فاستصفي من دم الصدر لا التراب الصرف
سما عن صفاته بصفات
فبدت غضة الصبا حواء وهي هيفاء كاعب زهراء
ليد الله مظهر وضاء وسنى بين بها وسناء
شف عنه الجمال كالمرآة
تتجلى والليل يمضي اندفاعا ناظرا خلفه إليها ارتياعا
وبشير الصباح يدلي الشعاعا ناشرا رايات الضياء تباعا
داعيا للسرور والتهنئات
وتوالي النجوم ترمق آنا حسنها ثم تغمض الأجفانا
ونجوم الجنان تبدي افتتانا بالجمال الذي رأته فكانا
آية المبصرات والسامعات
وتناجت فوائح الأزهار وتنادت نوافح الأسحار
وتداعت صوادح الأطيار قلن هذي خلاصة الأسرار
وختام العجائب المدهشات
ربنا ما سواك من معبود أي خلق نرى بشكل جديد
بنا شمس أم قد بدت للعبيد صفة منك في مثال فريد
لتلقي سجودنا والصلاة
قال صوت هي العناية حلت فأنارت مليككم وأظلت
وهي سلطانة عليكم تولت وهي في يومها عروس تجلت
وغدا أم سادة الكائنات
تلك حواء في ابتداء الزمان لم يكدر صفاءها في الجنان
ما سوى جهل سر هذا الكيان وشعور بأن في العرفان
لذة فوق سائر اللذات
فاشترت علمها بفقد الدوام واشترت بالنعيم سر الغرام
واستحبت على اعتدال المقام عيشة بين صحة ومقام
في التصابي وملتقى وشتات
فإذا كان فعلها ذاك إثما أفلم تغل حين أضحت أما
بمعاناتها العذاب الجما روح قدس من الملائك أسمى
مصدرا للفداء والرحمات
غبنت في الخيار غبنا جسيما لكن اعتاضت اعتياضا كريما
أولم تؤتنا الهوى والعلوما فنعمنا وزاد ذاك النعيما
ما حفظنا به من الشقوات
فلهذا نحبها كيف كنا إن فرحنا في حالة أو حزنا
أو جزعنا لحادث أو أمنا وهواها من الأبرين منا
في صميم القلوب والمهجات
يا نخلة الخير قول من صاحب لا يداجي
ليست فتاتك إلا كالكوكب الوهاج
بل وجهها الصبح يبدو تحت الظلام الداجي
وأمها تتراءى فيه بأي ابتهاج
عن عنصريها تلقت أنقى وأرقى مزاج
أتت بكل المعاني وفقا لما أنت راجي
بل فوق ما قدرته منى الضمير المناجي
خفيفة الروح تخطو خطى القطا الدراج
لا تستقر خفوقا كالزئبق الرجراج
بيضاء سمراء صيغت في صورة من عاج
لونان أو هو لون فيها بديع امتزاج
مموة عالجته شمس أرق علاج
لا تفصح القول إلا شدوا كطير الحراج
والقول عي إليه تقاصر الفهم لاجي
فحسبها الرمز حتى تكفى صنوف الحاج
يا زينة البيت تزهو كوردة في سياج
لشعر عميك سحر في سحر عينيك ساج
عيشي وطيبي وسيري سديدة المنهاج
وإن دجا الريب كوني أصفى وأزهى سراج
يا من شكاتك في القلوب جراح بشفاء جسمك طابت الأرواح
هي محنة عرضت لتكمل بعدها لك بهجة الأيام والأفراح
إن تعظم السراء فهي رهينة بإجازة الضراء ثم تتاح
لا كان بعد الآن إلا ما يرى لك في الوجود الطالع المسماح
الخير حولك والمعالي سلم ترقى ذراها والزمان فلاح
خذ جيد الشعر مما أثبت الماحي ما جود الشعر مثل المثبت الماحي
ديوان عصر ترى فيه روائعه من كل مزدهر أو كل لماح
يسلسل اللفظ فالألباب في طرب من نشوة الروح لا من نشوة الراح
ترى قوافيه في حسنها نبتا كما تلاحق مصباح بمصباح
إذا ترنم بين الحفل ينشده سمعت آية تبيان وإفصاح
بورك في خلقك المليح يا أشبه الخلق بالمسيح
وفي ذكاء له شعاع يبدو على وجهك الصبيح
وفي خصال متممات بالخلق الطاهر الصريح
وفي تناه بلا تباه ذودا عن المبدإ الصحيح
أعدت قسا وأين قس لو عاد من نده الفصيح
هل لنجيب إدراك شأو في شوط عليائك الفسيح
بوهم يعثر المجلي إن رامة عثرة الطليح
عظاتك البالغات طب من التباريح والجروح
أراهم بديعا بذاك البديع صفا جوهرا وحلا موردا
وباح لهم من كنوز النهى بما يستفز لها الحسدا
كنوز سيغزون أعلاقها ويسبون قيمها المرصدا
فإن فعلوا وهم فاعلون وللمرء في الدهر ما عودا
كما استنزفوا الشرق برا وبحرا فلا در أبقوا ولا عسجدا
فهذي الغوالي بقايا المعالي تقر لنا الماضي الأمجدا
وما ضائر فخرنا أن تباح ولا ضائر الجاه أن تجتدى
ألا ليتهم تركوا غيرها قديما ومدوا إليها يدا
على أنهم علموا بعد لأي كرامة أمتنا محتدا
لأن بيانا كهذا البيان جدير كما شاء أن يخلدا
وأن نفوسا كتلك النفوس لها رجعة في بنيها غدا
سما في المفاخر هذا الفخار لنا وأبى الحق أن يجحدا
فلا تبتئس وهو ذاك النضار إذا ما رأينا له نقدا
يريدون منا بناء القريض كثير المناحي قصي المدى
وقد جهلوا البيت نبنيه فذا فيستغرب الأمد الأبعدا
حلاه تنافس زهر الرياض ومعناه يستنزل الفرقد
فيهن للجسم برء جسم فيهن للروح برء روح
مولاي هذا مقال حق ما فيه شيء من المديح
يا سعد قوم وليت فيهم ولاية المصلح المشيح
خمس وعشرون قمت فيها بأمرهم غير مستريح
نفاذ رأي شديد عزم غير عتي ولا جموح
لك البييت الداني وتبني للبر مرفوعة الصروح
لولا اضطرار قضى لبس الطراز شوهدت في المسوح
تأخذ أخذ الجميل فيما تبغي وتنهي عن القبيح
تغفر للخاطيء اقتداء بربك الغافر السميح
لست لعذر عن أي قول أو أي فعل بمستميح
والنصح ما زاده قبولا كالصدق من جانب النصيح
لا تفتأ الدهر في حلول لسد ثغر أو في نزوح
قلب إلى الخالدات يرنو بناظر طاهر طموح
أو قلم كاتب وصوت مردد ما إليك أوحي
ما إن رأينا له سميعا وجفنه ليس بالقريح
رشيد أبلغ أجل حبر تهنئة الوامق النصوح
وادع له بالبقاء حتى يتم قدسية الفتوح
غير كثير لو عاش قطب له مزاياه عمر نوح
فأي عصر وأي مصر بمثله ليس بالشحيح
أنت يا سيدي على ما علمنا أنت تأبى كل الإباء المديحا
وصواب أن المديح إذا ما جاوز الحد جاور التجريحا
غير أن الحق الذي ينفع الناس جدير بأن يقال صريحا
فتفضل وادن بتهنئة ادمج فيها ما عن لي تلميحا
أنا يا سيدي وشانك شأني أوثر الفعل لا الكلام مليحا
أنا أهوى الرئيس حلو التعاطي وأرى الزهو بالرئيس قبيحا
أنا أهوى المقدام والعالم العامل والواعظ التقي الفصيحا
أنا أهوى المدبر الطاهر السيرة والقادر الحليم الصفوحا
أنا أهوى فيمن يسوس الرعايا نظرا ثاقبا ورأيا رجيحا
ذاك شيء مما منحت فأرضاك وأرضى الورى وأرضى المسيحا
من يسبح على المواهب مولاه فزده يا سيدي تسبيحا
عيون الحلى تلك المناقب والعلى فما رتبة تحلى بها ووشاح
ولكن آلاء الملوك كما ترى أتت مستفيضات وفيك سماح
ألا حبت الزينات إن كسيت بها معان كما تهوى النفوس ملاح
وحب الفتى إن لاح في وشي فخره كما لاح في وشي الغمام صباح
أتبطيء مصر عن ثواب وزيرها وما عهده إلا ندى وفلاح
أمولاي دم للمجد أنت له نهى وأنت له قلب وأنت جناح
لئن لم يتح لي أن أراك مهنئا لقد يمنع المأمون ثم يتاح
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المفضلات