• دخول الاعضاء

    صفحة 12 من 28 الأولىالأولى ... 2101112131422 ... الأخيرةالأخيرة
    النتائج 166 إلى 180 من 408

    الموضوع: خطوات تغفو على عتبات الرحيل

    1. #166
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      أو تعلمين ..
      يإعتقادي أنه حتى ( قلم حر ) سيصفق طويلا أمام هذا الهذيان المتقن ..
      و كأنني أنمق الحرف هنا .. و ليست الكلمات من تتبعثر من بين الشفتين بلا إرادة .. ))
      .
      .
      .
      .
      نظرة واحدة تلقيها على تلك الورقة ..
      قبل أن تصفق الدفتر و تضعه بعناية على الطاولة ..
      ثم تتمدد على الفراش الوثير ببطء
      خلعت شيئا من الحيرة ..
      و هذا يكفي ..!
      ستعود إلى هناك .. ذاك البيت كان دوما مزارا و بيتا ثانيا لها و لن يتغير الأمر بقدومهم ..
      و هناك ستعيد حساباتها ..
      ستدنو من هؤلاء الغرباء الجدد .. لتتعرفهم عن قرب ..
      و لتفهم تلك المشاعر الغريبة ..
      بعدها ستعيد ترتيب خططها من جديد ..
      عليها أن تنتقل لمرحلة أخرى الآن ..
      الهجـــوم ،،


      * * * * *
      - نايف .. نايف .. نش حبيبي .. صلاة الفير .. نش عسب تلحق عليها ..
      ذاك الهمس راح يخترق أذنه برقة .. و يدها اللطيفة تهز كتفه بإصرار ..
      و لثانية واحدة فقط ظن أنه سيستيقظ في حجرته الضيقة .. على فراشه الصلب ..
      لكن نعومة الدثار التي تلف جسده أكدت بان ما حدث بالأمس لم يكن حلما وليد خياله .. بل حقيقة ..
      فتح عيناه ببطء .. ليستوعب ذاك الوجه المألوف .. ثم يستوي جالسا ببطء و هو يفرك عينيه بقوة ..
      - حور ..؟؟
      حثته حور بسرعة ..
      - يا الله فديتك صلاة .. نش و توضى عسب تصلي ويا الجماعة ..
      نظر لها بعدم فهم ..
      - أي جماعة .. ماشي مسيد ..
      - بلى فيه .. شفته أمس في أول الشارع .. يا الله حبيبي .. بتسير ويا .. آحم .. يدي ..
      عقد نايف جبينه .. و عيناه المثقلتان بالنعاس .. لا تستوعب هذه التغييرات في روتين فجره ..!
      - يمكن هو يصلي في البيت ..؟؟
      - لا .. امايا نورة من شوي لقيتاا .. و قالت انه يصلي هو و غيث في المسيد لي في أول الشارع .. يا الله .. صحصح .. و نش توضا .. بسرعة عدنيه بوعي خواتك ..
      و توجهت نحو الباب حين رأته يزيح الغطاء عنه و ينزل عن السرير ..
      - و يوم أتوضا شسوي ..؟؟
      - سير وياه ..
      أصر نايف بشيء من الخجل ..
      - وين بحصله ..؟؟!
      اتسعت عينا حور و هي تنظر اليه ..
      - في الكبت ..! وين بتحصله بعد .. في حجرته ..
      تذمر نايف أمام باب الحمام ..
      - حور أستحي منه ..
      - شوه تستحي .. هاي صلاة حبيبي ..ارقبه في الصالة زين .. و يوم بيظهر اظهر وياه ..صعبة ..؟؟
      نظر للأسفل و هو يدس إبهام قدمه في السجادة ذات الشعر الوثير ..
      - لااا .. بس .. حور .. يعني يوم أشوفه .. شوه أسوي .. اسلم عليه شرات ابوية ..؟؟
      عقدت حاجبيها مستنكرة ..
      - نايف ..! شوه هالسؤال الغبي ..؟؟ هيه سلم عليه ..
      ارتخت كتفا نايف و هو يقول بنبرة ضعيفة ..
      - أنا أخاف منه مرات .. يعني ما يرمسنيه وايد .. ما اعرف كيف ارمسه ..
      - ترمسه فشوه حبيبي ..؟؟
      - مادري بس هو دايما صاخ .. ليش ما يرمسنيه ..
      فكرت حور بجوابٍ مناسب .. فلم تجد سوى ...
      - يمكن ما تعود علينا .. اصبر عليه .. بيتعود ..
      - انا من زمان اعرفه .. ليش ما تعود عليّه ..
      - اصبر حبيبي .. اصبر ..
      ثم ابتسمت بحنان ..
      - و شوه هالهذرة ع الصبح .. بعدين اسئل ع كيفك .. الحين تلاحق ع الصلاة .. بسرعة ..
      تمطى نايف بشيء من الكسل و هو غمض عينيه المنتفختين بقوة ..
      - كانه أول يوم في المدرسة ..! صح ..؟
      ابتسمت حور و هي تنظر له بقلق .. قبل أن تترك الغرفة و تغلق الباب خلفها ..
      فيما دلف نايف على عجل للحمام الذي راح بلاطه الزلق و حوض استحمامه الكبير .. و مغسلته الواسعة ..
      يلمعون تحت ضوء مصباح أصفر تُرك مضاءً له .. قبل أن يضيء الإنارة القوية التي سرعان ما داهمت عينيه الناعستين فأغمضها بشدّة ..
      هذا ليس حلما ..
      انهم هنا ..
      في البيت الكبير ..!!
      .
      .
      .
      .
      قطراتٌ من الماء الصافي تتعلق بلحيته البيضاء و هو يمسح وجهه الأسمر بكفيه الكبيرتين ..
      قبل أن يلتقط - غترته - من على المشجب و يرتديها .. لسانه يتمتم بالدعاء .. متجاهلا الجسد النحيل الذي دخل للتو ببطء من الباب الفاصل بين حجرة نومهم و الغرفة الملحقة بها ..
      - أشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله .. اللهم اجعلني من التوابين و اجعلني من المتطهرين ..
      يراها بطرف عينيه تدفع خطاها الثقيله بتعب لتصل إلى أقصى الحجرة .. حيث فرشت سجادتها على الأرض مسبقا .. و وضعت لها مخدة ثقيلة تمكنها من السجود عليها لما تعانيه من ألم في ظهرها ..
      يضع الغترة على رأسه .. و هو يستعد للخروج ..
      لكن قبل ذلك يلقي نظرة واحدة لوجهها السمح الذي راح يستعد للصلاة ..
      بتجاعيده الحبيبة .. تلك الخطوط التي تحكي كم مر عليهما من دهر ..
      لن تعلم شريكة الروح هذه كم يعني له ذاك البريق الذي سكن عينيها من جديد .. و تلك البهجة الخالصة على محياها ..
      يكاد يجزم بأنها كانت للتو عند زوجة ابنها الراحل ..
      فبالأمس بكت حتى جفّت عيناها ..أطلقت العنان لعبراتها التي راحت تغرق كل شيء ..
      حتى الروح منه ابتلّت ..!
      الفرحة التي كانت تنشج بها .. لم يرها منذ ما يقارب الثلاثين سنة ..
      ذاك أمد طويل لم تكن فيه ابتسامتها سوى غبارا خادعا .. أتعسته هو الآخر ..
      رغم انها لا تعرف ذلك .. و لن تعرف ذلك .. الا أن حزنها الذي راحت تداريه بين الأضلع ..
      نخر قلبه قبلها ..!
      و هذا الفجر لم يكن سوى إشراقة لفرحة قديمة .. أوجعته عودتها بقدر ما أراحته ..
      ترك الغرفة سعيا للحاق بالصلاة ..
      فيما تبادره فكرة واحدة ..
      مر وقت طويل لم يذهب حفيده الأكبر معه الى الصلاة ..
      لم يقطعا ذاك الشارع مشيا كما يفضلان .. ليصليا في المسجد الذي يقع في أول الشارع ..
      يتشاركان الأحاديث .. و المناقشات ..
      و أحيانا الصمت ..
      مذ انتقل للعيش مع عائلة عمّه ..
      و الآن اضطر إلى البقاء في بيت أبيه ..
      حسنا .. لن يطول به الأمر ..
      سيحرص على عودته فور انتهاء الأعمال في بيته ..
      ذاك الفتى هو أكثر من ابن له .. قد غَرس شيئا من روحه فيه ..
      جزء من القلب معلق به .. فيما اقتسم البقية جزءا آخر ..!
      كان قد وصل إلى الردهة حين تفاجئ بذاك الجسد الصغير الذي يقف في أقصاها عند الباب بتردد ..
      ضيّق عينيه الحادتين على ذاك الطفل .. متجاهلا الوخز الذي راح يخز فؤاده ..
      لتتصاعد نبضات قلبه ..
      تتصاعد .. تتصاعد ..
      كيف لنظرة طفلٍ حذره أن تعيده سنواتٍ للوراء ..
      تغمره رائحة الماضي العتيقة .. و ألوانه الباهتة ..
      و مرارته ..
      يلتهب شيء ما في صدره الآن ..
      و هو يبعد عن ذهنه صورة طفلٍ كان يعرفه ..
      يشبه هذا الجسد الصغير كثيرا .. بنفس تلك الخطى المترددة ..
      و نفس النظرة الحذرة .. الشكاكة ..
      طفل إعتاد على تأديبه .. و تعليمه ..
      أنشئه بيديه هاتين .. و لكن لسبب لم يعرفه .. أُفسدت تلك النشأة ..!!
      كيف .. و متى .. و لماذا ..
      هذا ما لم يجد له إجابة حتى الآن ..
      أكان الذنب ذنبه يوما ..؟؟
      أهو السبب في فقدانه لابنه قبل كل شيء ..
      ذاك السؤال سيظل عمرا بلا إجابة ..
      حتى يوم يبعثون ..
      عندها فقط ..
      سيجد نفسه أمام خالقه .. وجها لوجه مع إبنه..
      محاسبا على كل ذلك .. كل ذلك ..
      عيناه الآن تحتدان على وجه الصبي الذي راح يدنو منه بقلق ..
      لا يمكنه أن يخطئ هذه التفاصيل .. معالم وجه هذه الطفل حفرت دهرا في فؤاده .. حتى و إن شاخ صاحبها ..
      و إن ولّى ظهره للدنيا تاركا إياها .. لا يبتغي سوى رحمة من ربه ..
      تلك الملامح هي نفسها التي فاجأته بعد رحيله .. ليجد أنها استحالت وجها متعبا .. أرهقته السنون ..
      الآن يتشقق قلبه بقوة ..
      كعادته كلما جال ذاك الخاطر المفزع في خلده ..
      أ و أسدل ابنه الأجفان مثقله بهجرانه .. غافيا قبل إن يغفر له ..؟!
      .
      .


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    2. #167
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      يخنق خفقتين خائنتين راحت تتفلتان بقسوة من سيطرته ..
      لتضج ألما و وجعا ..
      تكاد تنوح بيأس .. إثر ذاك الشعور الذي يبّس قلبه ..
      شيء يحرقه .. يحرقه ..
      حتى و ذاك الوجه الصغير يتطلع إليه .. ينشد طلبا واضحا ..
      ليجد نفسه ينحني عليه ..
      سامحا للأنف الصغير أن يلامس أنفه .. و أن تداعب القبلة لحيته المبتلة .. ليقوم بحركة بعدها .. لا يفعلها الا حفيده الأكبر ..
      يدنو من الكتف المنحني فيطبع قبلة أخيرة عليه .. قبل أن يتراجع بهدوء .. و صوته الطفولي .. يرتفع بخشونة مفتعلة دفعت بسمة خفيّة لمناوشة شفتيه الجامدتين ..
      - صبحك الله بالخير يا بوية ..
      ليرد بصوتٍ أمعن في إخلاءه من كل خواطره تلك .. فبدا قاحلا .. كحال روحه الآن ..
      - صبحك الله بالنور ..
      - شحالك ..
      - بخير .. الحمد الله ..
      تردد خجل .. بدا على وجهه الصغير ..
      - آآ .. بتسير تصلي الفير ..
      - هيه نعم ..
      - بخاويك .. لازم أصلي جماعة ..
      دفء إحتضن قلبه و هو يمعن النظر لذلك الشاب الصغير .. أراد أن يمد يده ليربت على رأسه باستحسان .. أو أن يومئ له ..
      أو ..
      أو أن يعتصره بين ذراعيه حتى تبلل دموعه وجهه .. ليغسل بها سنوات من الذنب الذي يثقل كاهله الآن ..!
      لكنه صرف النظر عن كل ذلك ..
      إكتفى بأن يومئ برأسه ..قائلا بحزم ..
      - توكلنا على الله ..
      ليسير بسرعة نحو الباب .. ينشد اللحاق بعماد دينه ..
      فيما تهرع القامة الصغيرة بجانبه ..
      خطوات تسعى على طريق من الفرج إن شاء خالقها ..
      تتعاقب ..
      تتلاقى معا ..
      لتتشارك الخير ..
      على ذات المسلك الذي تحذوه ..
      ترى ..! أ يكون لتلك القدمين الصغيرتين أن تتبع أثر تلك الكبيرة يوما ..؟!

      * * * * *
      سحبت نفسا عميقا أثقل رئتيها ببرودته .. فيما عيناها تتجاوزان النافذة العملاقة التي فُتحت .. و أزيحت ستائرها ..
      النافذة التي كانت تطل على المساحة الخالية وراء البيت ..
      أسندت كوعيها على النافذة و هي تحتضن وجهها بين كفيها ..
      صوت عفرا الرخيم يأتيها من الخلف بتلاوة متقنة .. و حركة المها في الغرفة و هي ترتّب ملابس حور بدلا عنها ..
      و كأنما تبحث عما قد يشغلها ..
      تساءلت بفضول عن مكان نورة و دانة اللتان خرجتا من الغرفة منذ أن صليّن الفجر معا ..
      و تمنت لو أن لها مثل إنطلاقهن ..
      أنهت عفرا السورة و أغلقت القرآن الكريم بهدوء ..
      التفتت للوراء .. لتجد المها تستلقي على السرير بصمتٍ الآن .. و عفرا تهب من مكانها و هي تتسائل و المصحف الشريف بيدها ..
      - تبينيه أحطه في الكوميدينو ..؟
      أومأت حور برأسها .. و هي تتحرك نحو السرير .. قبل أن يفتح الباب على اتساعه .. لتدلف دانة بقوة .. و نورة ورائها ..
      نظرت حور بدهشة لثياب نومهن التي لم يقمن بتبديلها .. فيما يلفن حول أجسادهن أغطية صلاة بيضاء طويلة ..
      أقبلت دانة بابتسامة عريضة و الحماس يلمع على وجهها .. و حور تضيق عينيها متسائلة ..
      - وين كنتن ..؟؟
      ألقت نورة بجسدها على الأريكة المائلة في زاوية الغرفة .. و هي تجيب ببساطة مازجت فرحا غريبا في صوتها ..
      - سرنا نستكشف البيت ..
      - تستكشفن ..؟؟
      صفقت دانة بمرح و هي تتحرك في المكان بسرعة ..
      - أوووووووووه .. حووووووووور .. البيت عوووود .. وايد .. وايد .. وايد عووووود ..! لقينا مطبخ تحضيري صغير هنيه فوق .. عند الصالة لي ورا حجرتج عفاري .. شرات المسلسلات .. فنان و الله من الخاطر .. باقي فوق خمس حجر محد ساكن فيها بس مبنده ..
      و أردفت نورة و هي تربت على أريكة حور ..
      - أحلى حجرة حجرتج حور ..
      نظرت لهن حور باهتمام ..
      - وين سرتن بعد ..؟
      - نزلنا تحت .. و كنا بنخطف ع المطبخ بس خاري البيت .. و العمال في بيتج حور ..
      ضحكت دانة بمرح ..
      - شعليج حور .. بيت اروحج .. شوه تبين أكثر ..
      لوحت حور بتوتر و خوف واضح ..
      - انطبي .. ما شفتن حد ..؟
      - حد مثل منوه ..؟؟ غيث مثلا ..؟؟
      و راحت تضحك بقوة على تعبير وجه حور التي رفعت عيناها للسقف ..
      - اللهم طولج يا روح .. داااااانة .. هب متفيقة لسخافتج .. ما شفتن حد .. اميه .. و الا يدوه و الا ...
      قاطعتها نورة بحماس ..
      - انزين ترانا بنخبرج .. لقيناا يدي ..
      اتسعت عينا حور و هي تنتظر منها أن تتابع .. لتسأل عفرا بهدوء ..
      - وين شفتوه ..؟
      - ظاهر من القسم لي قالت رويض أمس انه قسمهم هو و يدوه ..
      - انزين ..؟؟
      هزت دانة كتفيها ..
      - اندسينا ورا الدري .. بعد شوه ..؟؟ نظهر له بالبيجامات .. فشلة و الله ..!
      ثم تابعت بحماس ..
      - بس شل نايف وياه .. مادري وين بيسير ..!! تعالن ما خبرتكن.. الصراحة شي غريب عجيب ما تتوقعنه .. يوم كنا نحوم تحت .. لقينا ورا الدري دريشة داخلية و يوم وايقنا لقيناها مبطلة .. نورة خوّزت الستاير .. و قولن شوه شفنا ..؟؟؟
      اتسعت عينا حور بحذر تتبادل نظرة متشككة مع عفرا قبل أن تسأل الأخيرة ..
      - شوه شفتن ..؟؟
      - أووووووووففف ... شفنا شي عجيب .. شي .. شي .. الصراحة ..
      - شي شوه ..؟؟
      - شي ما تتخيلينه ..
      - حلفي انتي بس ..! بترمسين و الا شوه ..
      ضحكت دانة بخبث .. و هي تنظر لنورة قبل ان تقول الأخيرة بشيء من المكر ...
      - الصراحة .. ما قد شفت شرات هالشي حتى في الأفلام .. الا حتى في الأحلام ..
      صرت حور على أسنانها بغيظ ..
      - بترمسن و الا شوه ..
      تمطت نورة بكسل و هي تقول ..
      - خلن دانة تقول ..
      لكن دانة هزت رأسها بوقار مصطنع ..
      - لااا حشى .. ماليه رمسة من عقبج .. انتي الكبيرة ..
      لوحت نورة بغرور ..
      - ما عليه مرخصتنج انا .. ارحميهن .. شوفي عيون حور كيف بتطلع من الفضول ..
      ضحكت دانة أمام نظرة حور الغاضية و تلويحة السأم التي قامت بها عفرا قبل أن تجلس إلى جانب المها .. و قالت بتنهيدة ..
      - خلاص بقول .. بس هب الحين .. الحين نودانة شوي .. بسير أرقد في حجرتيه اليديدة .. خلاف يوم بنش بخبركن ..
      أغمضت حور عيناها بصبر و هي تقول بقهر ..
      - أقسم بالله لو ما ترمس و تقولن شوه شفتن لاا أأ ...
      قاطعتها ضحكة نورة و دانة .. حتى عفرا ضحكت بخفة .. و المها ابتسمت لرؤية ضحكاتهن دون أن تدري ما السبب .. فيما تنظر لهن حور بغل .. و نورة تقول ..
      - خييييييبه حور .. ما حيدج فضوليه هالكثر .. الفضول قتل العيوز ..
      - جب .. بترمسن و الا شوه ..
      - أقولج شفناا شي ..
      - نوووووراااااااااااااااااااه .. شوه هالشي ..
      - بسم الله .. بقول .. بقول .. ريلاكس .. شفنا مكتب عووووود .. مكتب .. مكتب .. يعني في كبات فيها كتب وايد .. فيه كمبيوتر حور .. شاشته ضعيفة .. شوه يسمونها هاي .. لي شرا هالتلفزيون لي في الصالة ..
      أجابتها عفرا بسرعة ..
      - بلازما ..
      صفقت نورة بحماس ..
      - هيه .. يباليه أحفظ اسمها عسب أخبر ربيعاتيه انه عدنا في البيت تلفزيون بالزم ..
      صححت لها عفرا مجددا ..
      - بلازما ..
      - بلازما .. بلازما .. بلازما .. بلازما .. هيه ... حفظتها .. شوه بعد كان اهناك ..؟؟
      قالت دانة بسرعة ..
      - مكتب أسود عود .. و كرسي جلد .. أوف تقولين مال مافيا .. و شي كنب اهناك .. الصراحة حلو .. يبالج بس سيجار كوبي ع قولتهم .. و تشقحين بريولج ع الطاولة .. و تغدين الأب الروحي للمافيااا .. فنان حور ..
      هزت حور رأسها بشيء من اليأس و نورة تعود للقول ..
      - الميالس الداخلية وايد عودة .. خيبة ..!! كم دافعين في البيت .. لو يسوونه ملجأ لعبيد الله في كل بلاد .. بيظمهم .. وايد عود هالبيت ..
      ضحكت دانة مازحة ..
      - هيه حتى ضعنا مرتين .. نبا المطبخ لقينا عمارنا في حمام ..!!
      ابتسمت حور قليلا رغما عنها ..
      - تبالغين ..!!
      تمطت دانة بكسل .. و هي تغمز لأختها الكبرى ..
      - شوي .. بس حلوة كانت الجولة .. الحين أدل المكان .. لي منكن تبا توصيلة في الأرجاء تخبرنيه بس ..
      و عندما وصلت للباب توقفت لتستدير إليهن ..
      عفرا تستلقي بجانب المها على السرير الفسيح و قد بدا أن الأخيرة قد نامت دون أن تشعر .. حور تعود للنافذة .. فيما ترفع نورة قدميها على مسند الأريكة بتعب .. قالت بصوتٍ واضح .. و قد بدا جليا أن كل واحدة منهن غارقة في أفكارها و مشاعرها الخاصة ..
      - تصدقن انيه تولهت ع بيتنا ..!!
      قوبلت كلماتها بصمتٍ مطبق .. لتبتسم ابتسامة غريبة ..
      امتزج فيها الحنين .. و الذكرى الطيبة .. بحماستها الطازجة .. و فرحتها بالمكان الجديد ..
      ثم تخرج بهدوء من الغرفة دون كلمة أخرى ..
      تمشي في الممر الفخم متجهة لغرفتها الجديدة .. و هي تترنم بأغنية لفيروز ..
      واحدة تعرفها جيّدا ..
      .
      .
      - نسم علينا الهوى من مفرق الوادي

      يا هوى دخل الهوى خدني على بلادي

      ياهوى ياهوى ياللي طاير بالهوى

      في منتوره طاقه وصوره

      خدني لعندن يا هوى

      فزعانه يا قلبي

      اكبر بهالغربه

      ماتعرفني بلادي

      خدني على بلادي ،،

      * * * * *


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    3. #168
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      رفعت عيناها لأختها فور دخولها للغرفة ..
      - سار ولد أخوج ..؟؟
      توجهت تلك مباشرة للنوافذ تفتحها ..
      - عمر ..؟؟ هيه ..
      لا مبالاتها الزائفة تخنقها .. و قناع البرود الذي ترتديه يشعرها أكثر و أكثر بفداحة الذنب الذي اقترفته بحق أختها .. لذلك كان صوتها ضعيفا و هي تحاول استدراج خولة في حديث ما ..
      - ما شا الله .. وايد غدينا نشوفه هالايام ..
      - همممم ..
      قالتها و هي تمرر يدها طاولة لزينة تتأكد من نظافتها .. لتقول ميعاد مجددا ..
      - هو ما يدرس خاري البلاد طب ..؟
      دخلت خولة الحمام تلتقط سلة الغسيل و تقول من الداخل ..
      - هيه ..
      - خلص ..؟
      - لا عنده اجازة ..
      - انزين كان عنده وايد اجازات .. و ما شفناه هالكثر ..؟
      - أول كان غير .. و الحين غير ..
      - شوه لي تغير .. ان غيث هب موجود أو ما يخصه فيكم ..؟
      صوت حركة مزعجة تأتي من الحمام ..
      - وايد تسألين ..!
      زفرت ميعاد بضيق ..
      - و وايد غديتي باردة ..!
      توقفت الحركة في الحمام .. لتطل خولة برأسها من الباب ..
      - باردة ..!! ليش ..؟؟ شوه سويت عسب تقولين باردة ..؟
      أشاحت ميعاد بوجهها نحو النافذة دون أن تجيب .. أحقا لا تعلم ..!
      تلك الشخصية الجافة التي تنتحلها في الأيام الأخيرة منذ وصلت ورقة طلاقها مع نهيان تثير جنونها ..
      اللامبالاة الباردة التي تلمسها في تعاملها تكرهها كثيرا ..
      لم تقصر في واجباتها نحوها أو في ما كانت تفعل ..
      لكن بشكل ما .. ارتفعت حواجز شاهقة تفصل بينها و بين غياهب روح أختها ..
      لا تحب هذا الجفاء ..
      نعم .. هي السبب في ما حدث .. لأجلها اندفعت خولة في الزواج من غيث ..
      - بسير اليوم بيت خوية بو عمر .. بتيين ويايه ..
      ما هذا السؤال ..!!
      لم تسألها قط عن رغبتها في المجيء معها لأي مكان .. لأن خولة تصر على أن لا تفارق البيت و هي فيه ..
      تحرص دوما على عدم تركها لوحدها هناك ..
      الآن تسألها عن رغبتها في الذهاب .. بدل أن تصدر الأمر لها بالاستعداد .. لأنها لن تتركها هنا لوحدها ..
      أتكون قد ضاقت ذرعا بها بعد ما حدث .. لذلك همست بصوتٍ مؤلم ..
      - لااا ..
      خرجت خولة من الحمام تحمل سلة الغسيل متوجهة للباب .. دون أن تنظر لوجه ميعاد و هي ترد بهدوء ..
      - ع راحتج .. انا برتب لج عشا قبل لا أسير ..
      لوحت ميعاد بمرارة تخفيها ..
      - ما يحتاي .. هب يوعانه ..
      لكن خولة واصلت القول ..
      - حتى ولو .. بحطه في الفرن .. لو يعتي بتحصلينه ..
      ثم توقفت عند الباب لبرهة و هي تدير ظهرها لميعاد قبل أن تقول بصوت خافت ..
      - الإبرة بعطيج اياها قبل لا أسير ..
      أومأت ميعاد برأسها و هي تخفض بصرها مع علمها بأنها لا تراها .. ليتردد صوت انغلاق باب الحجرة ببطء في روحها ..
      شعور غريب بالوحدة أدركها ..
      و هي تيقن بأن هناك باب آخر قد أوصد بينها و بين أختها ..
      .
      .
      .
      .
      تسند ظهرها على باب غرفة أختها و ملامحها تفضح ذاك الألم الذي راح يمزّق قلبها ..
      لماذا تفعل ذلك ..؟ ما هو ذاك الشعور الخبيث الذي يدفعها لمعاقبة نفسها بهذا الإجحاف قبل أختها ..
      تبعدها عنها ..
      أ لأنها تذكّرها بما مضى ..؟!
      تذكرها به ..؟
      دموعها تلسع جفنيها بشدة و هي تعظ على شفتيها ..
      تمنع نفسها عن الانفجار بالبكاء ..
      لا .. ليس للبكاء مكان هنا ..
      وحدها طيات مخدتها تخنق شهقاتها المرة كل ليلة ..
      تشهد ألمها الغبي .. و تعلقها القوي برجل لم يكن لها يوما ..!
      رجل كلما نظرت لأختها رأت بريق عينيه فيها .. و ابتسامته ..
      و حتى شموخ ذاك الوجه القاسي ..
      .
      .
      خفق قلبها بألم ..
      ستموت حتما إن استمرت على هذا الحال ..
      عليها فقط أن تواصل ما تفعله ..
      تتجاهل الأمر .. و ترغم نفسها على النسيان ..
      تبتسم لهذا .. و لذاك ..
      تخرج .. و تستمتع بحياتها كما لم تفعل من قبل ..
      سيلهيها ذلك عن التفكير به ..!

      * * * * *

      - اففففف حور الين متى بنتم يالسات هنيه ..؟؟
      رفعت حور حاجبا و هي تنظر لها شزرا قبل أن تعيد نظرها للمجلة التي كانت في يدها ..
      - و الله محد قابضنج من كراعج آنسة نورة ..تبين تنزلين انزلي ..
      قالت نورة بشيء من الخجل ..
      - ابا أنزل وياج ..
      ثم ابتسمت بشدة ..
      - احس بالأمان ..
      عقدت حور جبينها ..
      - أمان من شوه ..؟ ما بياكلونج .. و بعدين محد في البيت غير نحن و يدوه .. ما سمعتيها ع الغدا تقول انه يدي من الصبح سار هو و نايف العزبة.. و ما بيرد الا عقب المغرب ..
      - حتى و لو .. ابا أنزل وياج ..
      - انتي اليوم الصبح كنتي ويا دانة تستكشفن المكان .. ما قلتي شي .. و عفاري تحت عند أمايا و يدوه .. و المها بعد بتلقينها هناك أكيد .. ومزنوووه و هنووده .. بلاج خايفة .. يعني هاييلا هب خايفين ..؟
      - انزين سؤال .. انتي خايفة ..؟؟
      زفرت حور بضيق ..
      - اففففف .. اذيتينا تراج .. خايفة من شوه ..
      نظرت لها نورة بشك ..
      - عيل ليش مرتزة هنيه من الفير .. ما نزلتي الا حزة الريوق و الغدا .. ؟؟
      هزت حور كتفيها بلا مبالاة مصطنعة .. تتهرب من النظر لأختها ..
      - كيفي .. ما فيّه أنزل .. عدنيه تعبانة من سالفة النقل و خرابيطه ..
      - حلفي ..
      ألقت حور المجلة جانبا بشيء من العصبية ..
      - نورووووه .. ان ما ظهرتي من حجرتيه الحين بتتصفعين .. تراج تنرفزين الواحد غصب ..
      رفعت نورة يدها أمام وجهها تهدئها ..
      - انزين .. انزين .. اعوذ بالله .. شوه استوا بج مرة وحدة ..
      ثم تنهدت بشيء من اليأس ..
      - أنا بنزل ..
      لوحت حور بيدها ثم التقطت المجلة بضيق مكتوم ..
      - توكلي ..
      نظرت لها نورة للحظة طويلة .. قبل أن تطلق زفرة و تترك الغرفة بخيبة ..
      ما ان صفقت الباب خلفها .. حتى تنهدت حور بقوة .. و ترخي كتفيها المتقوسين ..
      بماذا كان عليها أن ترد يا ترى ..؟
      أ لها أن تبوح بإحساسها الغريب لإخوتها ..
      أولئك الذين يلتمسون الأمان في ثباتها ؟
      لا يمكن ليوم واحد في هذا القصر المترف البارد أن يجعلها تشعر بأنها في بيتها ..
      إطلاقا .. لن يحدث هذا ..
      تشعر بأنها ضيفة .. وكم هي خجلى من التجول في بيت مضيفها .. و التصرف على سجيتها فيه ..
      بل و أخذ راحتها في الحياة هنا ..
      هذا كله أمر .. و جدها أمر آخر ..
      هل هذا الرجل ضمير غائب أم ماذا ..
      بالأمس لم يلتقوه الا للحظات محدودة .. قبل أن يعلن سقوط المها نهاية اللقاء ..
      و كأنما بغشيانها لا تريد انفجارا ما أن يحدث ..
      ودت حور لو أن لقاءها به طال أكثر عن عبارات السلام المقتضبة و تبادل الأحوال بعد استقرار المها في غرفتها ..
      الحقيقة أنها أرادت أن ينظر لعينيها بصمت .. تريد أن ترى بريقا للندم فيها .. أن تصدق بأنه أرادهم أن يأتون هنا .. بعد أن فقد ابنه ..
      و أن فقدهم لأبيهم يؤلمه أكثر منهم ..
      و أنه آسف لكل هذه السنوات ..
      لكن ذلك لم يحدث .. بالأمس بدت مسيّرة .. مضطربة ..
      يقودها ضياع مشاعرها ... حين ألقيت في قلب مواجهه ... عليها أن تتعرف على جميع أفراد هذه العائلة ..
      أن تستوعبهم .. و أن تعتاد صلتها بهم ..
      هي محط الأنظار أكثر من البقية ..
      زوجة ابنهم المرتقب .. و الفرد المسؤول عن إخوتها أمام ضعف أمها ..
      أحداث الأمس تبدو ضبابية .. تتخبط الصور فلا تتذكر شيئا واضحا منها وجه واحد بدا مألوفا لها في زحمة المجهول ..
      قوة ألفتها في الأشهر الأخيرة كانت تسندها بقوة .. كلما فكّرت بأنهم يعلمون أنها زوجته ..
      أجالت بصرها في السقف العالي المزخرف .. في النوافذ العريضة بستائرها الثقيلة ..
      يتباهون بما يملكون ..
      تبا لهم ..


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    4. #169
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      طلاء هذا البيت وحده قد يأوي عشرات من الأسر المشردة ..
      لم ينعموا يوما بهذا الترف .. أقصى فرحة كان يجلبها ذاك الأب .. هي بطيخة باردة لكل خميس ..
      و لكنها تبهجهم .. كثيرا ما تفعل ..
      أكثر من تلك المائدة التي امتدت على طول حجرة الطعام تزخر بكل ما يجول في الخاطر ..
      لا يعرفون قيمة النقود التي يلقونها يمنة و يسره .. أبوها كان يتفحم تحت أشعة الشمس ليؤمن لهم لقمة تسد رمق جوعهم ..
      فيما ينعمون .. و يرفلون بالرفاهية ..
      هل خطر لذلك العجوز يا ترى كم يشقى ابنه و عدد أبناءه يكاد يفوق أفراد عائلته مجتمعه ..
      راح الاستياء يتصاعد في حلقها ..و هي تغمض عينيها .. تستعيد وجهه الأسمر القوي ..
      بنظرته الصلبة .. و هامته القوية .. التي انحنت رغما عنها ذلا أمام جبروت السنين ..
      ليعتصر فؤادها حنينا جارفا .. شوقا مزّقها ..
      لتضع يدها على قلبها ودمعة باردة تنزلق على خدها ..
      فليرحمك الرب يا أبي ..
      كيف سنعتاد العيش تحت سقف رجل لم يفعل سوى إبعادك ..!!

      * * * * *

      رنين الهاتف المزعج انتشله من رقاده المتعب من على الأريكة .. ليهب واقفا في لحظة متجاهلا هاتفه المحمول .. و ليستوعب مكان نومه ..
      كان قد استلقى صباح هذا اليوم على إحدى أرائك مكتبه في الشركة التي يديرها ..
      و راحت عيناه تمسحان المكان بنظرة مبهمة ضيّقة ..
      و ذهنه يستعيد أحداث البارحة بجنون ..
      و ساعات التفكير المجنونة التي أعقبت إنتقامه من ذلك الحثالة ..
      كان بحاجة للهدوء .. و مكان مناسبٍ للتفكير ..
      لذلك تجاهل عمدا العودة لبيت أبيه و انطلق لمسجد قريب من الشركة .. انتظر فيه حتى الفجر .. ليقضي الفرض .. ثم ينتقل مع ثقل أفكاره إلى هنا ..
      ساحته هذه ..
      حين يصارع الكثير الأمور ..
      يجزم بهذا .. و ينفي بذاك ..
      يتخذ القرارات الصعبة ..
      فتصبح حياته كلها .. و ممتلكاته .. على حافة السكين ..
      لا يذكر متى غفا هنا ..
      نظر لثوبه الذي جلبه من المغسلة بعد أن اضطر لرمي الثوب الذي اتسخ بالدماء في المقعد الخلفي لسيارته ..
      قبل أن يرفع عينه للساعة التي أشارت للخامسة عصرا ..
      لتنكمش ملامحه باستياء ..
      فوّت على نفسه صلاتي الظهر و العصر أثناء نومه ..
      لم يشعر بشيء بعد المجهود المضني بالأمس و التفكير المجنون ..
      نظر ليده اليمنى .. ليجد أن ظاهرها قد تورم و انسلخ قليلا إثر ضربات الأمس .. لكنه لم يشعر بالألم ..
      أو فضّل تجاهله ..
      كل ما راح يستعيده في ذهنه الآن هو الحل الذي توصل إليه بعد ليلة متعبة من التفكير ..
      حلا .. بدا معقولا بعد السهر المتواصل بالأمس ..
      أما الآن و في وضح النهار .. بدا غير قابل للتصديق ..
      لولا أنه ليس باستطاعته تنفيذ الأمر .. لقام به بنفسه ..
      و لكن ...
      عليه أن يولي هذه المهمة لأحد آخر ..
      شخص فكر فيه طويلا بالأمس ..
      و لم يستطع التوصل لتخمين ما قد ينتج عن اختياره ..
      زفر ببطء .. و هاتفه يعود للرنين المصر .. ليرفعه بضيق عن الطاولة .. فيرى رقم أبيه يتألق عليها ..
      أجاب بهدوء ..
      - ألووه .. مرحب ..
      كان صوت أبيه غاضبا للغاية ..
      - انته وينك ما ترد ..؟؟
      رفع غيث حاجبه ببرود قبل أن يجيبه بصلابة ..
      - كنت راقد ..
      - راقد ..؟؟! .. راقد وين ..؟؟ انته أمس ما ييت البيت ..؟!!
      استرخى في جلسته قبل أن يعود للنظر إلى قبضته ..
      - لا ما ييت البيت .. سرت المكتب عنديه شغل ظروري لازم أخلصه .. و ما خلصت الا الفير .. ما حسيت بعمريه الا و أنا راقد ..
      بدا الاستياء واضحا فيصوت أبيه الذي عاتبه بشدة ..
      - تمنيا نرقبك ع الغدا و نتصلبك .. حتى بوية سيف قال انه ما شافك ..!!

      * * * * *

      تغرس رأس الإبرة الصغير في الوريد بعناية .. قبل ان تسمح للسائل ذو اللون الرائق بأن يتدفق في عروقها ..
      فيما انكمشت ملامح أختها بألم من اعتاد على ذلك ..
      قبل أن تضغط بقطنه بيضاء على مكان الإبرة ثم تسحبها بسرعة من تحتها ..
      تلقي بالإبرة في الوعاء البلاستيكي المحكم الإغلاق .. و هي تنزع قفازيها المطاطيين .. و تلقيهما في سلة المهملات القريبة ..
      ثم تلتفت لأختها ..
      - يا الله حبيبتي .. شي فخاطرج .. ؟
      هزّت ميعاد رأسها بالنفي .. قبل أن تسأل ..
      - بتسيرين ..؟
      - هيه .. عمور خاري يرقبنيه ..
      رفعت ميعاد رأسها للأعلى ..
      عمر مرة أخرى ..!!
      شعرت بقليل من الغيرة تنتابها .. تعلم مسبقا بالعلاقة القوية التي تربط بين أختها و ابن أخيها ..
      و لكنها ترى الأمر أكثر وضوحا الآن ..
      تراهم يحاولون إيصال رسالة ما ..!
      ربما كان غيث هو الحاجز من قبل و انهار الحاجز الآن بانفصاله عنها ..
      و أصبحت أكثر حرية .. و انطلاقا ..
      هل شعرت خولة يوما بأنها مقيّدة بكرسي أختها ..؟و أن زواجها من قريبها يعني التزاما دائما بها ..
      التزاما تحررت منه مع انفصالها عنه ..!
      أتعست هذه الأفكار ميعاد بشدة ..
      فراحت تلهي نفسها بالتقاط جهاز التحكم عن بعد و إدارة تلفازها ..
      إذا كانت الأيام المقبلة تعني أن تتركها خولة لوحدها كثيرا ..
      فعليها أن تعتاد تسلية نفسها ..
      ليس عليها أن تلقي بثقلها على من سئم رعايتها ..
      لا تنكر ..
      يحق لأختها فرصة حرّة في الحياة ..
      بعيدا عن إعاقتها ..[/size]


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    5. #170
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      الخطـــــــــــــــوة السابعـــــــــــــــــــة عشـــــــــــــــــــر◄
      ║خطوات تدفئها الأحاسيس ..!║
      عيناها المتوجستان تراقبنا تعابير الوجه الجامد للرجل العجوز الذي جلس أمامهن يطالع الأخبار بصمت .. لتنحني هامسة قرب أذن نورة ..
      - أبو الهول هب ريّال ..!!! و لا نص حرف من يلسنا .. كانه يالس بروحه ..
      نظرت نورة له بدورها قبل أن ترد بخفوت ..
      - تلقين ميوله سياسي .. و الا شوه هالإهتمام بالأخبار .. ما خوّز عينه حتى في الإعلان ..!!
      كتمت دانة ضحكتها ..
      - يا غبية .. يمكن راقد و عينه مفتوحة ..
      ابتسمت نورة و هي ترد ..
      - شكله و الله .. أخخ .. بس لو كانت حور هنيه .. كان عرفت تفتح موضوع .. بس أنا يخوفنيه شويه .. و الا خاطريه أسولف وياه ..
      - ما تحسين انه البيت وايد عود و انه كل واحد منا في مكان .. حد شرق و حد غرب .. أمايا وين ..؟؟
      - ترقّد سواف .. و يدوه حدرت تصلي العشا ..
      قالت دانة مفكرة ..
      - و حور تدرس نايف فحجرته .. و هنودة و مزون يتعشن الحينه .. منوه باقي ..؟؟ هيه .. عفاري و المها وين ..؟؟
      هزت نورة كتفيها و هي ترد بخفوت ..
      - مادريبهن .. طالعي .. طالعي .. خيبة .. ما يخوز عيونه شوي ..
      ثم بدافع مفاجئ قال بصوتٍ مسموع ..
      - ماحيد شوه قالوا ليه في الفيزيا عن الصورة التلفزيونيه و أضرارها ..
      كتمت دانة شهقتها بيدها .. فيما اتسعت عينا نورة فورا بعد كلماتها .. و هي تدرك وقاحة ما قالت ..
      لكن لم يبدو على الرجل العجوز الذي استمر في المطالعة بصمت أي تأثر بسخافة تلك الكلمات التي قالت للتو ..
      همست دانة بغيظ ..
      - يا السبالة .. صدق ما عندج سالفة .. شوه بتطنزين عليه ..
      أجابت نورة بحرج شديد ..
      - بغيته يرمس و الا يقول شي .. من الصبح ساكت ..!
      - و ترمسينه كذيه .. و الله انج غبية .. و بعدين الصورة التلفزيونيه .. هب لي يسوونها للحوامل و يشوفون بنت و الا ولد و الا أنا غلطانة ..؟
      اتسعت عينا نورة باستيعاب ..
      - يخرب بيتج ..!! هيه و الله .. أوييييييه .. يا الفشلللة ..!!!!
      - تستحقين يا أم لسانين .. الحين بيقول بنات حمد هب قليلات أدب و ملسونات بس .. الا غبيات !!
      ثم هزّت رأسها بمأساوية مصطنعة ..
      - لطختي سمعتنا .. و جلبتي لنا العار .. ويحك يا فتاة .. فلتقتلي ..
      .
      .
      همساتهن المشاكسة تتسلل لأذنيه بخفّة .. عيناه ترصدان كل حركة يقمن بها من زاوية عينه التي انتصبت على الشاشة ..
      ابتسامة كبيرة تعربد في داخله .. يلجمها بجهد كبير .. كي لا تنفلت و ترتسم على وجهه دون سبب ..
      لهفة مستحيلة راحت تجتاح كيانه بأكمله ..
      يريد أن يستدير نحوهن .. ليبتسم لتلك الوجه الصغيرة ..
      وجوه يرى في كل واحد منها بصمة كان ابنه الراحل قد تركها ..
      لذلك كان قلبه ينتفض كلّما وقع عينه على أحدهم .. يشعر بأن أنفاسه تختلج .. فينسى التنفس للحظة يدرك فيها أن ابنه لم يعد ..
      و لن يفعل ..
      رحل للأبد .. تاركا خلفه من سيذكّر أباه بفعلته الشائنة طوال ما تبقى من عمره ..
      تاركا أبناءه .. و حاجز ارتفع بينه و بينهم ..
      بطول سنوات البعد و الهجر .. و ذنبه الذي تركه معلّقا في رقبته ..
      و كبرياءه التي تستعصيه ..
      تثنيه عن الإلتفات نحوهن الآن .. و إهمال قيد عبراته التي تقف في حلقه مباشرة ..
      لينكسر هنا أمام أعينهم ..
      لينشج باكيا بكل ذرة من رجولته ..
      و يخبرهم أنه فقد إبنه ..
      و أنه - ذاك الإبن - مات دون أن يتبادلا كلمة واحدة قد تترك خيطا أبيضا يربط بينهما ..
      يريد أن يبكي كالطفل .. و يحكي لهم كم يفتقده .. و كم يتمنى عودته ..
      و كم هو غائر ذاك الجرح في قلبه ..
      خندق .. تهوي فيه كل فرحة .. كل ضحكة .. و كل أمل ..
      لن يعلموا أبدا أنه حطام متناثر ..
      و أن نظرة واحدة لوجوههم تقتله .. تقتله ..
      لا يقوى على النظر إليهم كما يريدون .. و لا التحدث إليهم كما يأملون ..
      مازال النزف نديا .. لن يبرأ جرحه حتى دهر سيمضي ..
      حتى ينسى كبرياءه النتنة التي منعت ابنه عنه يوما .. و تمنعه عنهم الآن ..
      حتى يتوقف الألم الذي يسري في روحه ..
      .
      .


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    6. #171
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      تلك الطفلة ذات العينين الكبيرتين اللامعتين أتت الآن من المطبخ تتبعها أختها التي تكبرها قليلا ..
      مزنة .. و هند ..
      كيف له ان ينسى أسماء أبناءه ..!
      سمع الطفلة تقول شيئا بخفوت لم يستطع سماعه ..
      لترد عليها دانة بسرعة ..
      - لا و الله .. شوه ترقدن عدنا ..!! أصلا خلاص .. كل وحدة ترقد فحجرة اروحها الحين .. و بعدين لو السيافي نش فالليل و صاح ..امنوه بيوعي أماية .. و هي ما تسمعه .. بترقدن ويا أماية .. و خلي عنج البطرة مزنوه ..
      سمعها الطفلة تعود و تقول شيئا عن رغبتها في النوم في الطابق العلوي ..
      لكن صوت نورة هو الذي ارتفع الآن يتساءل ..
      - دندن .. سمعتي الصوت لي سمعته أمس ..
      - أي واحد ..؟؟ صراخ الحرمة لي يذبحونها و تقول ودرونيه ..؟؟
      - هيه هو .. من الحجرة لي عدال حجرة حور .. حليلها حور أمس ما رقدت .. تمت خايفة ..
      وافقتها دانة بسرعة و هي تقول بصوت ينخفض ليخيفهن ..
      - حتى سألت البشكارة .. و قالت انها هاي ينية يذبحونها في الينانوة في الليل .. و تقول انها شافت دمها يطلع من تحت الباب .. و يمزر الطابق لي فوق .. و ينزل من الدري حتى .. و يوم نشوا الصبح لقوا المكان نظيف ..!!!
      ما كل هذه الأكاذيب ..!
      عقد جبينه باستياء .. هل يحاولن إخافة الطفلة ..
      و كأنما سمع أحد فكرته تلك .. ليخرج صوتٌ ناعم هادئ .. يقول بثقة ..
      - مزّون لا تصدقين يكذبن عليج .. يبن يخوفنج ..
      هذه هند ..! متأكد من ذلك ..
      عجيب هدوء هذه الفتاة ..!
      قالت مزنة بصوتٍ رفيع بدا خائفا ..
      - هذا البيت مهجور ..!!
      ضحكت نورة قليلا ..
      - شوه مهجور يا غبية .. شوه شايفتنا أشباح ..؟؟ المهجور محد يعيش فيه .. بس هالبيت نحن نعيش فيه فهمتي ..
      - عيل من وين ياية الينية لي يذبحونها ..
      قالت دانة بخبث ..
      - هاي هب ينية .. هاي بنية رقدت مرة في غير حجرتاا .. و زخوها و حولوها لينية عسب يذبحونها ..
      كان مذهولا .. مصدوما ..
      بصمت ..!
      أمام هذا الدفق من القصص الملفقة ..
      تبا لهن .. سيسببن الذعر لأختهن الصغرى ..
      ما الهدف من إخافتها ..!
      لم يكترثن حتى لجلوسه هنا .. و كأنما يعني صمته أنه غير موجود ..
      تدفق صوت هند مجددا تقول محذّرة ...
      - ترى كل هالرمسة بتوصل لحور .. و بتتفاهم وياكن .. ليش تروعن مزنوه .. الحين ما بترقد في الليل .. بتم تتخيل هالأشياء ..
      ارتجف صوت مزنة و هي على وشك البكاء ..
      - يمكن الينية صدقيه ..
      ضحكت دانة بقو ..
      - ههههههههههههههههههههههههه حلوة صدقية هاي .. بأي لغة ..
      و قالت نورة بجديّة ..
      - مرات تشرد عنهم و اتم تربع في البيت و الينانوة يلاحقونها .. يدوه قالت انها سمعت صوت حافر خيل يربع في الطابق لي فوق ..!
      استنجدت الطفلة مجددا ..
      - يمكن ايوون حجرة أمايا .. و هي ما تسمعهم ..
      - هيه .. و يدورونها .. و اذا دقوا الباب .. لا تردين .. لنج اذا رديتي .. بيعرفون انج واعية .. و بيشلونج و يذبحونج بدالها ..!
      .
      .
      - بااااااااااااس ..


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    7. #172
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      قفزت نورة و دانة و مزنة و هند بفزع مترا في الهواء .. قبل أن يستدرن نحو مصدر الصرخة المريعة للتو ..
      تصلبت ملامح الجد بقسوة و هو يقول بصوتٍ قاسي .. بدا مفرقعا في الصالة الواسعة كالسوط ..
      - رب ما شر ..؟ بلاكن ع البنية ..؟ حد يروّع اليهّال ..؟ أنا أشهد انكن مخبّل .. عذارى طول اليدار و تلعبن ع الياهل ..
      شحب وجه دانة و نورة تضع يدها على صدرها بخوف ..
      - بسم الله شياه ....؟
      بدا مخيفا و هو يقف على قدميه الآن .. بنيته القوية لا توحي بتاتا برجل يقارب الثمانين .. إن لم يكن قد بلغها ..
      - وحدة أسمعها تخوّف الصغيرة يا ويلها ..
      ثم نظر للأسفل .. ينظر للوجه الذي توارى خلف جسد أختها التي كانت تخيفها منذ لحظات ..
      يطالعه بحذر مذعور .. قبل أن يقول لها آمرا ..
      - تعالي ..
      اشتدت يدها على ثوب أختها و كأنما ترفض تركها .. فعاد يقول بلهجة أكثر لينا .. يبثها الطمأنينة ..
      - تعالي يا مزنة ..
      نظرت لوجه نورة و دانة .. و طالعتهن هند أيضا بشيء من القلق .. قبل ان تترك مزنة ثوب دانة و تقترب ..
      بعينه راح يرصد الحذر الذي احاط بالحلم الذي يدنو منه ..
      و يدنو ..
      تلك الطفلة بعينيها اللامعتين .. و خطواتها الخائفة البطيئة ..
      تطبع أثرا على ذاك الطريق ..
      تقصر به المسافة التي بناها جيل كامل قبلها ..
      ما إن أصبحت على بعد قدمين .. نظر لها من علو ..
      ترفع وجهها الصغير .. بترقب إعتصر قلبه ..
      تنتظر منه ان يفعل شيء ..
      خطوتين فقط .. أصبحت فجأة الفاصل بين كل شيء ..
      الحياة .. و الموت ..
      ذكراه و النسيان ..
      خطوتين بين ذنبٌ علّق على تلويحة أيامه الراحلة و بؤس تلك القادمة ..
      و بين مرابع الغفران التي قد تغفو روحه إلى الأبد إن بلغها ..!
      ها هو ينحني الآن .. يكسر شموخ هامته المتكبرة .. و يركع قربها ..
      كان كبيرا للغاية .. كبيرا حتى و هو يجثو ليدنو منها ..
      كبيرا على تلك البراءة .. و ذاك النقاء ..
      و خشي بقوة أن يفسد شيئا من الطهارة ..
      وجهها القريب .. يضيّع كل شيء حوله .. و هي تتطلع نحوه بشيء من الحيرة ..
      تبا ..
      هل تمكنت إحدى عبارته من الهرب ..
      لا .. و الا كان شعر بها تطفئ شيئا من لهيبه ..!
      وجد صوته غريبا .. وضعه غريبا .. احساسه كان الأغرب من كل ذلك ..
      و هو يقول بهدوءٍ شديد ..
      - ما عليج منهن .. ماشي ينانوة داخل البيت .. أنا فيه من عشرين سنة .. و ما قد شفت يني واحد ..!
      اتسعت عيناها بحذر .. و هي تقول بتردد ..
      - بـ .. بيتكم يديد ..
      نعم ... لم يمر وقتٌ طويل مذ قاموا بتجديده ..
      و كاد يبتسم أمام ذكاء هذه الطفلة ..
      لكن تلك الإبتسامة دفنت على الفور ليُهال عليها أكواما من حزن ثقيل .. و هي تتردد في سؤالها القاتل ذلك ..
      - أبويه كان عايش وياكم هنيه ..
      لم يرفع عينه نحوهن .. و لم يشأ أن يفعل .. عينه تعلّقت بتلك الطفلة التي لن تعلم يوما أي مديّة أمعنت في غرسها وسط روحه ..!
      ليجد صوته الخشن يجرح حنجرته بقسوة ..
      - لا ..
      نكست رأسها .. و هي ترفع عينيها له و كأنها تخشاه .. قبل أن تقول ببراءة ..
      - ليش ..؟؟ انته أبو أبونا .. صح ..؟؟ حور قالت انك أبونا ..
      كفى ..
      أتوسل إليك .. هنا فقط ..تقف حدود صبري ..
      أباكم ..!
      لا .. و لا يحق لي أن أسمي نفسي بذلك البتة ..
      لن تعلمي .. أنا .. بيدي هاتين اللتان أداعب بها وجهك الصغير ..
      دفعت إبني بعيدا عني و عن عائلته .. و عن كل ما يحب ..
      ماذا كان ليضريني لو أنني تنازلت قليلا ..!!
      قليلا فقط ..
      لكني لم أفعل ..
      و كان ذلك الفراق الأخير ..
      وجد أن بعد كلماته ينتصب بكبرياءٍ مجددا ..
      لن يفيده أن يتحطّم بقسوة أمامهن ..
      و لن يفعل ذلك ..
      لذلك راح يجرّ الخطى بعيدا عنهن ..
      بعيدا عن كل ما تريد نفسه بقوة ..
      .
      .
      هناك من الطرقات في حياتنا ..
      ما لا تعرف الخطوات سوى هجرانها ..!

      * * * * *


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    8. #173
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      كان صوت أبيه العميق يتسلل لأذنه .. فيما يعمل جزء منه بعيدا عمّا حوله ..
      عقله راح يدور .. و يدور ..
      محاولا بجهد تقليب الفكرة المجنونة التي خطرت له .. كي يحل بها مشكلة عفرا ..
      هل يمكنه المخاطرة بذلك يا ترى ..؟
      هل يمكنه الوثوق به .. و التوجه إليه ..
      ماذا لو ...
      لا ..
      حتما لن يرفض .. أو يقوم بكشف الموضوع عند أي كان ..
      لا يخصّه الأمر لوحده ..كي يفعل ..
      سيجد نفسه حتما مرغما على فعل ما سيُطلب منه ..
      لم يعد الأمر مجرد تغطيه ..
      فاق الأمر ذلك بكثير ..!
      .
      .
      تلك الإبتسامة الملتصقة بشفتيها لا تتزحزح .. فرحة للغاية بما ترى ..
      كانوا يجلسون في الصالة بعد الغداء يشربون القهوة بهدوء ..
      تجلس شيخة بجوارها .. و قد بدا الضيق على وجهها ..
      و قد وجدت نفسها مجبرة على ارتداء ثوبٍ طويل .. بدا غريبا للغاية عليها ..!
      نظرات أحمد الخبيثة تلاحقها .. و كأنما يعيرها بخوفها من غيث ..
      غريب أن تخاف أختها من غيث .. فيما تجد الأمر بسيطا للغاية في حضور أبيها ..
      وجدت لفترة طويلة مضايقات و اعتراضات من أخويها الإثنين على ما تلبس ..
      لكن سرعان ما رضخوا لرضا والدها الذي فضل أن ترتاح فيما ترتدي ..
      و الآن .. ها هو الأخ الأكبر هنا .. يجبرها على مخالفة راحتها .. اتقاءً لغضبه ..
      نظرت لوجهه الصلب .. و هو يستمع بصمت لنقاش أبيه حول شيء لم تفهم كنهه ..
      جسده الضخم يسترخي على الأريكة فيما عينيه الضيقتين .. تنظران لوجه أبيها المهتم ..
      يجلس قربه حامد الذي كان متشاغلا بجهاز حاسوبه المتنقل .. ينجز أعمال لم ينهها ..
      فيما كان أحمد يتحدث ضاحكا لأمه التي بدت مبتهجة للغاية ..
      تلك البهجة التي لم تغب عنها منذ قدوم غيث إلى هنا ..
      لم يخفَ على الجميع سعيها الدءوب لإرضائه .. كانت سعيدة لإقامته هنا ..
      و هو أمر لطالما تمنته ..
      تساءلت روضة في داخلها ما إذا كانت أمها تتمنى لو أنها هي من قامت بتربية هذا الرجل ..؟!
      سمعت ضجر تصدر عن شيخة لتلتفت لها بهدوء .. فترى الحجاب الذي يخفي شعرها المقصوص جيدا ..
      تخيلت ردة فعل غيث إذا كان قد رأى شعر شيخة .. و ابتسمت لفكرة أن تضطر شيخة للالتزام بغطاء الرأس و الثياب الناعمة في الخمسة شهور القادمة ..!
      - رب ما شر ..؟
      مطت شيخة شفتيها بملل .. و هي تتذمر ببرود ..
      - ملل ..!
      اتسعت عينا روضة بدهشة ..
      - ملل ..!! ما عندج سالفة .. بالعكس حلوة اللمة ..
      رفعت شيخة حاجبا ساخرة ..
      - أي لمة .. يا بوج كل واحد لاهي بعمره .. لو أنش أشوف لي شغله فحجرتيه .. أخير ليه ..
      هزت روضة كتفيها بلا مبالاة ..
      - نشي محد قابظنج ..!!
      ثم تذكرت شيئا ما .. لتقول بخفوت ..
      - هيه صح .. نسيت أقولج .. أمس يبت فستانج .. لو تبين تجربينه .. بخلي سمارا تحطه فحجرتج ..
      لكن شيخة لوحت بيدها لا مبالية ..
      - بشوفة بعدين ..
      ثم نظرت بطرف عينها لروضة ..
      - ليش أجلوا الملكة عقب شهر و نص .. و هم كانوا يرقبون قوم عمج بس ..؟
      بدا حرج طفيف على وجه روضة و هي تقول ..
      - مادري بهم .. بس ظنتيه يبونهم يتأقلمون شوي .. خلاف بيسوون الملكة ..
      بدا التصلب جليا على وجه شيخة و هي تسأل ببرود ..
      - يعرفن انج بتملكين عقب شهر و نص ..؟؟
      - لا .. بعدنيه ما خبرتهن ..
      تشدقت شيخة بسخرية ..
      - خبريهن بسرعة .. يمكن حد منهن تحط عينها ع المطوع ..
      عقدت روضة جبينها ..
      - ليش ..؟؟ مستلغثات .. بعدين البنات بعدهن صغار و ما يفكرن بهالسوالف .. و حور الكبيرة .. و هي خلاص معرسة ..
      - محد ما يفكر بهالسوالف .. باين عليهن فطينات .. و عقولهن أكبر من عمارهن .. و بعدين ع طاري حرمة خوج .. شوه استوا بها عويش هاك اليوم ..!
      و كأنما أصابت شيخة قلب الذهول في روضة .. لتتابع الأولى باستهزاء ..
      - أنا قلت بتعفد ع حرمة غيث و بتنتفها .. شفتها سلّمت .. و يالسة .. و هادية ..
      ثم قالت بعد تفكير ..
      - تصدقين .. لو صارخت و سوت حشرة و الا استعرضت اهناك .. و الا طلعت ع حقيقتاا .. ما كان استهميت .. لكن سكوتها .. و برودها .. هب طبيعي ..
      قالت روضة بهدوء ..
      - يمكن تأثرت يوم شافت بنات عميه حمد .. و اقتنعت يوم يت حور انه غيث خلاص هب من نصيبها ..
      شخرت شيخة بسخرية ..
      - هه .. هيه و عرفت انها كانت غلطانة .. و لازم تتسامح منهن و تبدا صفحة يديدة و تحبهن و يحبنها .. تصدقين وايد طيبة انتي ..
      عقدت روضة جبينها و قد بدت ثقة شيخة تقلقها ..
      - لا هب طيبة .. بس عوشة .. أساسا طيبة .. صح تقلب الرمسة ع كيفها .. و تتكشف قدام الشباب .. لكنها طيبة .. بس انتي وياها ما تتوالفن ..
      - طيبة ..؟؟!!! و من متى ان شا الله هالرمسة ..؟؟
      رفعت روضة حاجبيها ..
      - و الله ما قد ظرتنيه بشي .. و محترمتنيه .. و علاقتيه ترتوب وياها ..و دوم تيينيه ..
      - تحب تيي المكان لي غيث فيه ..
      قاطعتها روضة ..
      - شوه تتحرين مالها هم في الدنيا الا غيث ..
      - لا .. مالها هم في الدنيا الا عمرها .. و يوم تبا الشي .. تشلّه غصبن عن الكل .. و الحين هي تبا غيث .. لا يغرج سكوتها .. هاي حيّة .. من تحت لتحت .. باكر بتشوفينها كيف بتلعوز هالنتفة حرمة غيث .. و بتظهرلها قرون .. ما شفتيها كيف يت كاشخة .. كنها سايرة عرس .. عنبوه .. و الله ينه الصبغ ينقط من عيونها ما خلت لون ما خبصته ..
      تململت روضة في مكانها .. راح شك شيخة و نظرتها السوداوية يتسلل في داخلها .. و شيخة تتابع ..
      - كأنها ياية تتحدى .. و الا تبيّن الفرق .. مع انه ما يحتاي .. حرمة غيث وايد عادية .. مافيها زود .. و عوشة ملكة جمال و انتي تعرفين هالشي ..
      صرت روضة أسنانها بشيء من الضيق ..
      - حرمة غيث اسمها حور ..
      رفعت شيخة حاجبها ببرود ..
      - لي هو . كله واحد .. عطي عوشة وقت و بتشوفين خبثها كيف يظهر .. من متى هالطيبة .. و هالأدب .. ما حيدها عويش الا ملسونة .. و خايسة ..
      اتسعت عينا روضة بصدمة ..
      - شيخة .. شوه هالرمسة ..!!
      نظرت شيخة للأمام و هي تقول بهمس كريه ..
      - ع فكرة أنا ما قد خبرتج .. خويته هدى شافتاا مرة في المول ويا واحد ..
      عوشة ..!!
      يستحيل ذلك .. مع كل مساوئها .. و دلالها .. و غرورها ..
      لكن ..
      قالت شيخة بصوتٍ محتقر ..
      - ما يسد إنها مظهره ويهها في السوق .. لا و ظاهرة ويا واحد .. قالت هدى أخوها .. بس ما ظنتيه عمي مطر يايب ولد و داسنه عنا ..
      دافعت روضة بقوة ..
      - هدى كذابة ..
      - و ليش بتكذب ..؟؟ تغار منها مثلا .. البنية ما يخصها فعوشة .. و ما شافتاا الا عدنا في البيت ..
      لكن روضة رددت باصرار ..
      - كذابة .. كذابة ..
      - منوه أصلا يشوفها وين سايرة و من وين رادة .. محد ولي عليها الا عميه مطر .. و عميه مطر ملتهي بأشغاله .. و مخليلها الحبل ع الغارب ..دوم نسمعها تقول سايرة لخالوه و رادة من عندها .. محد يدري اذا صدق سار........
      أغمضت روضة عينيها تقاطعها ..
      - أعوذ بالله منج يا شيخة .. شوه هالرمسة و هالشكوك .. يمكن ولد خالتاا الشاهين هو لي كان وياها ..
      رفعت شيخة حاجبها بابتسامة باردة ..
      - شوه تتحرينيه .. افاتن بينكن .. أنا دورت لها مليون عذر و لا حصلت .. من زمان هالرمسة فخاطريه .. شوه بييبه ولد خالتاا من دبي .. عسب يخاويها للمول ..! أصلا كيف تظهر وياه اروحها .. و الا لو يدري حد من ..
      قاطعتها روضة بقوة ..
      - بس خلاص .. لا ترمسين في السالفة .. أنا بسألها .. حرام نظلمها ..
      ضحكت شيخة بخفة ..
      - اذا ردّت عليج و الا سوت لج سالفة خبرينيه .. و تقولين طيبة ..؟ و الله محد طيب الا انتي .. أقول رويض .. سكوت عوشة مول هب طبيعي .. انا أقول انها بتسوي عمرها طيبة .. و بتخاوي هالنتفة حور .. خلاف بتخرب عليها .. خبري حور بعلومها كلها .. خليها تكون في الصورة عسب لا ينقص عليها ..
      لا تدري لما اختفت الألوان التي كانت تراها روضة للتو .. أصبح التوجس يسكنها قبل أن تقول في شك ..
      - و شوه هالاهتمام ما شا الله ..! ما حيدج تستهمين ع حد غير عمرج ..
      ابتسمت شيخة ببرود ..
      - شوه طايحة من عينج ..؟! بعدين عادي عنديه .. حلو نشوف ضرابات .. و مشاكل .. نغير الروتين شوي .. لكن لو شي مس غيث ما بيرحم عوشة و لا بيحشم حد حتى عميه .. فأخير لها تخوز عن درب حرمته .. و بعدين كاسرة خاطري البنية لي ياية .. ع ويهها و ما تدري بشي .. عنبوه .. و الله لو تودرون عوشة عليها ان تاكلها بظروسها .. هالهدوء لي يسبق العاصفة .. و بتقولين شيخة قالت ..
      قبل أن تقول روضة شيئا آخر .. تكلّم بو غيث يوجه حديثه لهن بابتسامة محبّة ..
      - ها بنات .. علومهم قوم عمكم حمد .. ربهم مرتاحين ..
      ابتسمت روضة بحنان ..
      - الحمد الله .. بس يبالهم كم يوم يتعودون ع المكان ..
      - ما شي قاصر عليهم .. محتايين شي ..
      ابتسمت روضة لغيث الذي كان يطالعهن أيضا ..
      - بو سيف و يديه هب مقصرين ..
      رفع حامد رأسه عن جهازه ليقول ..
      - بسيّر عليهم العصر .. بنسلم ع حرمة عميه .. و بناتهاا ..
      هز أحمد رأسه فورا ..
      - أنا بخاويك ..
      و قالت روضة بسرعة ..
      - و أنا بعد ..
      عقبها صمت قصير .. قبل ان يلتفت غيث لشيخة و يسألها بهدوء ..
      - و الشيخة ..؟؟
      اعتصرت شيخة يديها بارتباك و هي تنظر للوجوه جميعها دون تحديد ..
      - أنا عنديه امتحان .. لازم أذاكر ..
      نظر لها أحمد بعينٍ ساخرة .. فيما سأل بو غيث إبنه الأكبر ..
      - بتسير الشركة ..؟
      قال غيث بحزم و عينه لا تزال على شيخة ..
      - لا بويّه قدا العزبة ..
      ثم التفت لروضة يأمرها ..
      - رويض .. نشي ويايه ..
      نهضت روضة فورا .. لتتقدم نحوه و هو يقف على قدميه .. و يتوجه نحو الدرج المؤدي للأعلى .. فيما تتبعهم نظرات أم حامد .. بابتسامة مبتهجة ..
      كانت سعيدة لتواجده هنا ..
      لطالما كان لابن زوجها الأكبر مكانة خاصة لديها ..و تمنت بشدة لو أنها قامت بتربيته و أنشأته كما هو الآن ..
      لربما أصبح ابنا و سندا لها ..
      لكن نشأته كانت بين أحضان جدته .. و لم يكن بيديها سوى القبول .. فما مر به في بداية حياته لم يكن سهلا ..
      رغم أنها لم تكن لتعرضه لشيء ما .. لكن القرار كان قد أصدر قبل قدومها ..
      فقط ..
      حين وصلت .. كان مصير ذاك الفتى الصغير قد تحدد .. و عُهد به إلى كنف جده ..
      و الآن .. و هو رجل ..
      بهذه الصلابة .. و الشجاعة ..
      رجل لم يعد بإمكانها سوى النظر إليه و التمني ..
      أم يسير أخوانه على نهجه ..!
      .
      .
      .


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    9. #174
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      جلس مسترخيا وراء المكتب الخشبي الذي قامت روضة نفسها باختياره له ..
      يميل بالكرسي الجلدي للخلف و هو يربت على لحيته السوداء المشذّبة ناظرا لشاشة جهاز حاسوبه المحمول الذي أداره للتو ..
      جلست هي على الأريكة القريبة من المكتب تنتظر ما سيقول .. التفت لها لبرهة .. يقول بابتسامة ..
      - علومها العروس ..
      نظرة واحدة لوجهها الجميل الذي انبسط في ابتسامة رقيقة .. أثلجت صدره .. لوقتٍ طويل تساءل في داخله عمّا إذا كان قد ضغط عليها بشكلٍ ما ..!
      لكنها ردّت بخجل واضح ..
      - علوم الخير ..
      ألقى نظرة ممعنة للشاشة أمامه .. كان الكثير من العمل ينتظر الإنجاز ..
      لذلك التقط محفظته بسرعة .. يسحب منها بطاقة و هو يسألها بهدوء ..
      - خبرتي بنات عميه حمد بملكتج ..
      هزت رأسها بالنفي .. و هي تقول بتردد ..
      - لااا .. لنّا كنا نرقب ييتهم هنيه .. و مادري متى الملكة بالضبط .. أبوية البارحة بس مخبرنيه انها عقب شهر و نص .. بس بخبرهن ان شا الله ..
      أومأ لها بحزم و هو يمد بين أنامله الطويلة البطاقة المصرفية لتعقد جبينها متسائلة بصمت ..
      - هاي البطاقة تشلينها .. و تسيرين السوق وياهن .. باكر دوامات طبعا .. شوفي الويكند الياي .. خلصن لوازمهن .. من لبس .. و خرابيط .. و لا تخلين عليهن قاصر ..
      - بس يا غيث هن فبيت أبوية سيف و أكيد ..
      علم فورا ما الذي قد تقول .. لذلك أشار بيده مقاطعا ..
      - أبوية سيف هب مقصّر .. بس حور حرمتيه .. و أنا ملزوم بها .. و ملزوم بهلها وياها . بعدين أنا اتعودت أشوف حايتهم .. أنا و ابوية سيف واحد .. و الحلال واحد بعد ..
      هبت روضة تلتقط البطاقة بابتسامة عريضة .. و هو ينظر لها مؤكدا ..
      - بيضي الويه يا روضة .. و خلج وياهن .. و برايهن يصرفن مثل ما يبن .. و لو عبرن الرصيد كله .. لكن لا تخلينهن أقل من حد .. تسمعين ..؟
      هذا جانب ليّن .. مهتم .. لم تصادفه قبلا سوى أمام أحبّته المقربون ..
      هل استطاع أبناء حمد ترك بصمة ما في داخله ..؟
      أم أن عيشه في ذاك البيت المتقشف علّمه أي وضع يقاسون ..؟
      كل ما استطاعت فعله هو إطلاق بهجة غريبة عبر عينيها .. و هي تقول له بمرح حقيقي ..
      - و لا يهمك فديتك .. بسويلهن اكستريم ميك أوفر ..

      * * * * *

      قفزت بفزع عن السرير حين فتح الباب بقوة .. قبل أن تدلف منه دانة عجل .. لتصر على أسنانها بغيظ ..
      - أقسم بالله يا دانة .. لو ما اصطلبتي و خليتي حركاتج البايخة هاي .. لا اتشوفين شي ما بيعيبج ..
      رفرفت دانة أهدابها ببراءة .. و هزت كتفيها ..
      - ليش شوه سويت ..
      صفقت حور باب خزانة الثياب التي كانت ترتبها و هي تقول بضيق ..
      - سلامتج .. بس طيرتي فواديه .. ما تعرفين اتبطلين الباب شوي شوي .. و الا ادقينه .. خلاص حبيبتي .. هاي الحينه حجرتيه .. يوم بتحدرين ادقين الباب و ترقبينيه .. الين ما أسمح لج ادخلين ..
      نظرت لها دانة مشدوهة لبرهة .. قبل أن تطالع الجدار المجاور لها و تحدّثه ملوحة لحور ..
      - اسعموا انتو بس .. بسرعة اتأقلمت الحبيبة و نحن مالنا يومين هنيه .. أقووول يا الشيخة .. صعب عليه أغير طبعي في يومين .. بتمين ترقبين 17 سنة ثانية عسب أغدي شرات ما تبين ..
      تنهدت حور بقوة ..
      - الله المستعان ..
      دنت دانة من السرير لتلقي بثقلها عليه .. فيهتز قليلا .. و هي تقول ..
      - يدوه اتقولج تنزلين الحينه تحت ..
      عقدت حور جبينها و هي تستند على الخزانة ..
      - ليش ان شا الله ..
      أجابت دانة بسرعة و هي تنقلب على بطنها ..
      - امة لا اله الا الله كلها هنيه تحت .. وايدين .. حور .. آممم .. رويض ياية ويا أخوانها اثنينه ..
      و رفعت حاجبا حين رأت بريقا في عيني أختها الكبرى ..
      - لا تفرحين .. هب غيث .. هذاك لي رغتيه من بيتنا .. و أحمد .. انزينه .. و هزاع و بعد فيه نفر يديد هذا أول مرة أشوفه .. اسمه حارب .. و مادري شوه سالفته .. لابس لبس عسكري .. يقول انه بيسلم و بيسري الكلية .. أي كليّة .. الله يعلم .. هيه .. و بعد بنت عمج الغاوية .. تحت .. عوشه .. يخرب بيتاا .. لابسة بدلة صفرا تخبّل .. بس قليلة أدب ..!!
      اتسعت عينا حور بصدمة ..
      - محد قليل أدب غيرج .. شوه هالرمسة ..
      مطت دانة شفتها بلا مبالاة .. و هي تطوح بقدميها .. كطفلة ..
      - انزين شوفيها و ارمسي .. مظهره شوي من قذلتاا .. و مسوية ميك اب و هب متغشية .. حتى روضة هب متغشية ..!! بس روضة مغطية شعرها .. أقول حور .. شرايج نبطل الغشي نحن بعد .. اظاهر انه محد يتغشا عندهم هنيه .. ما نبى نسوي طفرة في المجتمع و نغيّر حياة الأوادم ..
      وضعت حور يدها على خصرها ..
      - لا و الله ..؟
      - هيه و الله ..
      - عطيتج ويه أنا ..!! نشي ذلفي .. و أنا بنزل وراج الحينه ..
      رفضت دانة بشدة ..
      - لاااااا .. حبيبتي .. انا ما بنزل الا وياج .. ريلي ع ريلج ..
      - ليش ان شا الله ..؟؟
      ضحكت دانة و هي تنقلب على ظهرها و عينيها على السقف ..
      - الحين انتي محط اهتمام .. و حرمة غيث .. و خوانه يايين و متعنين لج .. يعني بتكون الأضواء مسلّطة عليج .. انا بنزل وياج .. عسب يكون لي من الاهتمام نصيب ..
      اتسعت عينا حور بدهشة ..
      - هب صاحية يا عرب ..!!
      - من زمان ..
      - خواتج وين ..
      - كلهن تحت .. أقولج تجمهر .. لكن الشيبة ما شفناه .. ما أطري شيبتج .. قصديه شيبتنا .. يختي هاليد شرا الخل الوفي .. نسمع عنه و ما نشوفه ..
      نظرت حور للمرآة تتسائل عما اذا كان عليها أن تستبدل ثوبها البسيط ..
      - يدوه تقول انه مشغول بعزبته .. أبدل هالكندورة ..؟؟
      نظرت لها دانة مقيّمة ..
      - لا ما بيخطبونج .. شوه هالشغل في العزبة .. يعد ركابه .. و الا يطلع القردان منهن .. أسميه الا يتعلث بها .. و ما يبا يشوفنا .. يمكن هو ما يبانا فبيته ..؟؟؟ حور .. يمكن ؟؟ صح ..؟؟
      عقدت حور حاجبيها بعصبية .. و هي تلتقط غطاء الشعر الخاص بالصلاة .. الذي التف بعرضه ليغطي نصف جسدها .. وتمسك بطرفه استعدادا لتغطية وجهها .. لتهب دانة و تحذو حذوها .. و هن يتجهن الى الباب .. فيما تكابد حور مخاوفها هي الأخرى .. لتطمسها بعيدا عن متناول عين دانة الفطينة .. لم يمر سوى يومان ..
      لا يمكنهم أن يحكموا على رغبته من خلالها ..
      - يمكن مستحي .. و الا هب متوعد علينا ..
      تركن الغرفة و دانة تقول مفكرة ..
      - ليكون انتي لي محفظة نايف و مزنوه هالجملة ..
      أدخلت حور شعرها بعناية و هي تتأكد من عدم انفلاته من الخلف ..
      - ليش ..؟
      - لنه كل ما قلنا شي عن الشيبه .. قالو هالكلمة .. قلنا محد يشوفه .. قالو ما تعود .. قلنا ما يرمس .. قالو ما تعود .. قلنا عصبي قالو ما تعود .. قلنا لحيته بيضا .. قالو ما تعود ..
      لكمتها حور بابتسامة ..
      - لا و الله ..
      ابتسمت دانة و هي تسأل ..
      - صدق حور .. أحسه مستحي و الا يكابر .. و الا انه ما يبانا .. مادري كيف ..
      ردّت حور بهدوء ..
      - اصبروا عليه .. عنبوه مالنا يومين هنيه .. عدنا ما حفظنا أسامي هل البيت حتى ..!!
      لكن عيني دانة لمعت ببريق غريب و هي تقول ..
      - ما عليه منه .. ما بصبر أنا .. باكر مدارس .. و بنّش و بننزل غصب الصبح .. و بنصيده قبل لا يسرح عزبته ..
      ارتفعت شفة حور العليا بابتسامة ساخرة ..
      - و شوه بتسوين به ..
      - برقص ديسكو وياه .. شوه بسويبه بعد .. بحاول أدردش وياه شوي ..
      ثم انحرفت لكنتها المرحة بشيء من الحزن و هن يقتربن من الدرج العريض ..
      - تعرفين .. ابويه الله يرحمه كان يرهبنا شوي .. و وايد نحترمه .. عقب ما مات كنت أفكر ..
      أبطأت حور خطواتها .. قبل أن تتوقف و عيناها للأرض ..
      لا تريد التقاء الحزن في عيني أختها .. لن يساعدها ذلك أبدا ..
      قد تفترش الأرض بكاءا ..!
      - تفكرين فشوه ..؟؟
      تابعت دانة بصوتٍ كان مختنقا رغم محاولاتها اليائسة لابهاجه ..
      - أفكر لو إنّا كنّا .. نتداخل وياه و نندمج أكثر .. نسولف .. يعني .. كان تمتعنا بالضحك وياه أكثر .. و بقربه .. كان عرفناه .. بشوه كان يحس .. و شوه كان يفكر فيه .. و شوه لي يتمناه ..
      بلعت حور غصّتها بيأس كبير ..
      و هي تشعر بالحزن يلف فؤادها ..
      محقّة دانة ..
      و كانوا سيعلمون على الأقل سبب ابتعاده عن عائلته .. و سبب جفاء أبيه المتكبر الآن ..!
      قالت حور بصوتٍ أرادته أن يكون قويّا .. و هي تمسك بيد أختها التي إلتمعت فجأة بدموعٍ حبيسة .. و كأنما كانت تكتم خاطرا إنفجر الآن فقط ..!!
      - نحن عرفناه .. مثل ما كان يبا .. كان قوي .. و شامخ .. أصيل .. و طيب .. صح الحزم لي كان يعاملنا به كان يرهبنا .. بس يكفي انه كان يبانا نرفع راسه .. نتربى زين .. و لي أنا متأكدة منه انه كان يتمنى اننا نعرف أهله .. و الله ساقنا لدربهم .. بنبر بأبوه و أمه .. مهما كانت معاملتهم ..
      صمتت دانة لبرهة .. تلتقي عيناها بعيني حور المصممتين ..
      عمق وسع محجريها راح يبرق بعزم غريب .. جعل دانة تتساءل لوهلة ..
      كيف تحوّلت العدائية القديمة نحو عائلة أبيها داخل أختها لهذه الأفكار المختلفة ..؟؟
      شدّت على يد حور الممسكة بيدها .. قبل أن تومئ بابتسامة خفيفة .. اخفت الكثير من ألم لم تطلقه بعد ..
      - مهما كانت معاملتهم ..؟؟
      لتعيد حور الكلمة .. بصوت واثق ..
      - مهما كانت ..
      .
      .
      .
      .


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    10. #175
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      عيناها تجولان في أوجه كل من حولها ..
      ابتسامتها الدافئة .. تتسع .. تتسع ..
      و بريق صافي من السعادة راح يشع من عينيها العتيقتين ..
      هذه الفرحة .. و هذه الراحة .. و هذا الإحساس .. كبير للغاية ..
      أكبر من الحياة ذاتها ..
      لا تستطيع أضلعها احتوائه ،، تنتقل نظراتها بين أوجه أحفادها المجتمعين ..
      بأوضاعهم المختلف ..
      ثم تستقر على الجسد الناحل الذي يجلس بجانبها ..
      و يدي المرأة التي أصبحت لا تفارقها تقريبا منذ قدومها تحتضن لفافة صغيرة ..
      لفافة يغفو داخلها ذاك الحلم الوليد ..
      هذا الحلم طويل للغاية .. و هذه الغفوة اللذيذة ممتدة ..
      لا بأس .. فلتمتد .. إلى تلك الأيام الباقية من حياتها ..
      تشعر بأن البهجة تغزو روحها .. و أنها في لحظة ما ستفتح عينيها لتستيقظ .. و تجد نفسها على فراشها ..
      و قد فقدت ابنها الذي قضت عمرا تأمل عودته ..
      و أن عائلته لم تصل إليها بعد ..
      لا بأس .. ليس عليها سوى ان تستعيد هذه الرؤيــا النقية..
      و ستجد نفسها عطشى للنوم ..
      ستنام .. ستنام ..
      يغرقها السلام ..
      لكن هذا ليس بحلم ..
      هي هنا ..
      و حولها هم يجلسون ..!
      .
      .
      وضعت ساقا على ساق و هي تسند خدها على كفّها بضجر واضح .. تربت بأظافرها الطويلة على وجنتها ..
      و تمط شفتيها الممتلئتين بملل ..
      بدت أنيقة للغاية و اللون الأصفر يضفي على وجهها الفاتن تألقا مختلفا ..
      تتجاهل الأصوات المختلطة ..
      الأحاديث الرجولية من على اليمين .. و الهمسات الخافتة من طرف بنات عمّها ..
      حتى حماس روضة التي كانت تجلس بجوارها لم يكن يعنيها كثيرا ..
      تساءلت بقهر .. هل سيطول الوقت قبل أن تتفضل صاحبة الجلالة بالنزول ..؟؟!
      لم تمنع زفرة متضايقة من الانفلات من صدرها .. و هي تحاول بجهد أن تستعيد ملامح وجه تلك الشابة ..
      لكن غرابة شعورها في المرة الأولى طمست كل شيء من ذاكرتها .. لتترك صورا مبهمة .. لا تكاد تتبين منها شيئا ..
      كان لها أن تتذكر ملامحها لو كان لها أن تلقي نظرة على واحدة من أخواتها الجالسات هنا ..
      و لكن الجلسة المستقيمة .. و الأوجه المختبئة خلف الأغطية الثقيلة لم تساعدها أبدا ..
      نقلت نظرها لأمهن التي تلبس بدورها - البرقع - ..
      تبا ..!
      أنى لها أن ترى شيئا و أبناء عمها يستمتعون بالجلوس هنا .. و لا يبدو أن لديهن نية بنزع أغطية الوجه في وجودهن ..
      هه .. كم سيستمر تمسكهن بهذه الأغطية قبل أن يحذون حذوها هي و روضة و شيخة ..
      لا يمكن أن يعتدن على ذلك .. فالأمر أشبه بإقامة حواجز كثيرا .. مع وجودهم هنا .. و عيشهم في بيت جدها ..
      ارتفعت عيناها تلقائيا .. و هي تشعر بدنو أحدهم مع استدارة بعض الرؤوس نحو الدرج العريض الذي يتوسط المنزل ..
      برودة كريهة اجتاحتها بشدة .. و هي تراقب الفتاتين اللتان تنزلان الدرج .. عرفت دانة منهما .. فقد كانت تجلس للتو معهم و التقتها ..
      أما الثانية .. المكسوة بثوبٍ أبيض طبع بأزهار مختلفة الألوان .. هي القادمة الجديدة ..
      ودت بإخلاص لو أن نظراتها تخترق الغطاء .. لتصل إلى وجهها .. لتجردها ..
      ستنبش كل شيء .. كل ما يختبئ خلف ذاك الوجه الصافي .. و العينين الواسعتين .. و الملامح الهادئة ..
      كيف ..؟ كيف اندفع غيث خلف هذه الفتاة و تزوجها رغم خلافات عائلتهما ..
      و تركها هي .. تجاهل أنوثتها البارزة .. و قوة شخصيتها ..
      هي أنسب من تلك الدخيلة لتكون زوجة له ..
      تلك الأفكار راحت تتصارع في داخلها و هي تقف على قدميها .. بطولها الذي ضاعفه كعب حذائها الحاد ..
      تنظر من الأعلى للغطاء المبهم الذي لا تعلم حقا ما الذي يختفي خلفه ..
      أو ما الذي تخبّئه في نفسها صاحبته ..
      و تمنت بيأس لو أنها تعلم بحبّها لزوجها .. لو أنها تدرك أنها في خطر حقيقي ..
      و أن عوشة لن تبذل مجهودا كبيرا قبل أن تنتزعه من بين أناملها ..
      بعد أن سلّمت على روضة .. تقدمت منها .. لتسلّم عليها ..
      قشعريرة غير مفهومة انطلقت على طول ظهرها و حور تضع يدها على ذراع عوشة .. و تهمس بصوتٍ خافت قرب أذنها .. و هي تسلّم عليها
      - غناتيــه .. نحرج ظاهر ..
      لبرهة غريبة .. خيّل لعوشة أنها لم تسمع جيدا لولا أن امتدت يد حور بخفة دون أن يرى أحد ما تفعل .. لتسدل - - الشيلة - على جزء يسير من عنق عوشة كان الحجاب قد انزاح كاشفا عنه .. ثم تبتعد بهدوء و كأنها لم تفعل شيئا ..
      في اللحظة التي ابتعدت فيها حور .. وجدت عوشة نفسها تقف للحظتين بلا معنى ..
      فيما تستقر حور إلى جانب المها .. و تجلس دانة قرب جدّتها .. راح قلبها يخفق بقوة غريبة .. و هي تكاد تشعر بتلك الأنامل تضفي الستر عليها ..
      كانت روضة تجلس بجوارها و لم تبدِ ملاحظة بهذا الشأن .. روضة التي راحت ترمقها بنظراتٍ حذرة و كأنما تخشى أن تقفز عوشة فجأة لتهجم على زوجة اخيها ..!
      شعور بالإحراج راح يجتاحها ..
      إحساس غبي راحت توأده بقوة ..!
      كانت خصلاتٌ تطل من مقدمة حجابها أيضا .. تلامس جبينها العاجي .. لكن حور لم تبدِ ملاحظة بشأنها ..!
      لم تكن هذه المرأة الأولى الذي يشير فيها أحد لما تكشف من شعرها ..
      لكنها لم تتوقع إطلاقا من غريمتها المرتقبة أن تحرص عليها بهذا الشكل ..
      و لو أنها تجاهلت بشكلٍ ما شعرها الذي تعمّدت إظهاره .. و سترت ما رأت أن عوشة لم تقصد أن تكشفه ..
      كان ما فعلت حور من العمق بحيث أنها استطاعت أن تتطفل على روحها ..!
      و الا .. ما الذي يدفعها الآن لكي تدس تلك الخصلات المنزلقة تحت الحجاب بأصابع مرتبكة .. ؟
      شعور غير مفهوم أجبرها على أن تكون أكثر إحتشاما .. فالمنظر أمامها مع اجتماعهن كلهن بأغطيتهن الثقيلة .. و جلوسهن المتصلب .. حتى روضة التي كانت لا تزال ترتدي عبائتها .. و تلف شعرها جيدا بالغطاء ..
      جعلها ذلك تشعر بأنها مجرّدة !
      .
      .
      سمعت همسة نورة التي تجلس بجانبها لعفرا و


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    11. #176
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      هي تقول ..
      - بعدي و الله .. هاييلا هل الفزعة الثنينة لي ظربوا سلوم ويه العنز تحيدين ..؟؟
      لم تسمع رد عفرا لأن حامد كان ينظر إليها مباشرة و هو يجلس إلى جوار أخيه و يقول مبتسما ..
      - شحالج حور .. ربج بخير ..
      شعرت حور بوجهها يحمرّ بقوة من تحت الغطاء .. تذكرت استقبالها المشين لهذا الرجل قبلا حين أتى ليقدم لهم المساعدة .. بينما قبلت مساعدة أخيه الأكبر بطيب خاطر ..
      هل يتذكر مثلها ..؟
      تنحنحت بحرج ..
      - بخير الله يعافيك .. شحالك انته .. رب ما تشكي من باس ..
      - يسرج الحال .. في نعمة .. و المعونة ..
      - كفيت المهونة ..
      ثم ترددت برهة قبل أن تقول بخجل خانق ..
      - السموحة منك يا ولد العم .. يا غير لي استوى أيـ ...
      لكنه رفع يده يسكتها بابتسامة هادئة ..
      - لا تستهمين .. نسيت السالفة ..
      - و الله هب من قدرك .. لك الحشيمة .. لكن اسمحلنا ..
      عاد يقول بهدوء ..
      - بالحل يا أم سيف .. أفا عليج .. نحن أهل .. و كل واحد منا يمر بظروف اظهره عن طوره ..
      أم سيف ..؟!!!
      تجاوزت الكلمة و تجاهلت النظرات المستفهمة غير المدركة لهذا الحديث المبهم ..
      تعلم أن حديثهم هذا مجرد ألغاز .. و لن يفهمه أحد باستثناء أخواتها .. لذلك قالت بارتياح ..
      - تسلم يا حامد .. بيض الله ويهك ..
      - ويهج أبيض ..
      ثم صمت بعدها .. ليسألها أحمد عن أحوالها .. تبعه هزّاع ثم شاب يجلس إلى جواره بدا شبيها به للغاية .. بلحية خفيفة و شارب مرتب .. يرتدي زيّا أكاديميا عسكريا كحليّ اللون .. و قد علّق نظّارة شمسية في ردائه .. و أمسك قبّعته في يده .. و قد أشار إليه أحمد بحارب ..
      هذا حارب إذا ..!!
      حسنا .. ها هي تتعرف أفراد عائلتها الجديدة واحدا تلو الآخر ..!
      لكن ما إن سلّم حارب .. حتى هب واقفا ليسلّم على جدته التي راحت تهيل عليه بمختلف الأدعية العبقة برائحة الحب .. و الحنان ..
      هامته طويلة تقارب هامة أخيه هزّاع .. لولا أن الأخير كان أعرض منه قليلا .. و توقعت أن يخرج الإثنان معا لولا أن لوح لهم حارب مودعا قبل أن يترك المكان .. فيما ظل هزاع جالسا ..
      .
      .
      انحنى أحمد على هزّاع يسأله بخفوت ..
      - ليش ما خاويت حارب و وصلته ..
      ليجيب .. هزاع بسرعة ..
      - خويّه يرقبه برا .. بيسير وياه ..
      ثم همس بابتسامة ماكرة ..
      - بعدين أبا أرتب أموريه .. ماتدري .. كاد ربك حد من هالغراشيب حاطه عينها عليّه ..!
      - ليش .. حد قاص عليك و قال ما فيهن عيون .. وايد مصدق عمرك ..
      نظر له هزاع شزرا و هو يقول بخفوت ..
      - ليش شوه قاصر منيه يا الهرم ..
      - و شوه فيك من زود ..
      رفع هزاع حاجبه بغرور ..
      - أسابق .. هب حاطينيه إحتياط ..
      لمع الغل في عيني أحمد فورا حين وجه له هزاع هذه الملاحظة التي لطالما ضايقته .. و أشاح بوجهه عنه .. ليجد عينيه تتجه فورا نحوها ..
      ما بال نظراته اليوم لا تفارق مكان جلوسها ..
      مذ علم أنها هي .. حتى سلّط عينيه بقوة إلى مكانها .. يريد التقاط أي إشارة أو حركة منها ..
      رغبة غريبة تدفعه لاختلاس النظرات إليها ..
      و ذهنه يستعيد رقّة تلك الملامح .. لترتسم ابتسامة بلهاء بلا معنى على شفتيه و هو يتذكّر شهقتها و ذعرها لمرآه ..
      و يأخذ الذنب في التعاظم .. و التضخم داخله ..
      رغم ذلك لا يمكنه منع الكثير من الأسئلة المجنونة التي تدور في داخله ..
      صمّاء ..!!!
      كيف تعيش إذن .. كيف تتأقلم فتاة في عمر الزهور مع مثل هذه العاهة ..
      ألا تتشوق لأحاديث و ضحكات قريناتها ..
      ألا تشدها اللهفة لمشاهدة التلفاز أو الإستماع للمذياع ..
      هل تصلي ..؟ اذا كانت تفعل .. كيف استطاعت حفظ الآيات .. أو كيف تعلمت الصلاة ..
      هل تعلم ما هو اسمها .. أو كيف ينطق ..
      هل تدرك من هم الناس الذين حولها ..
      صمّاء ..؟
      اذا تزوجت ..
      تزوجت ..!
      هل ستتزوج ..
      راودته صورة لها مع شخص طويل بوجه ضبابي ..
      ليعقد حاجبيه بشدّة ..و هو يطردها بسرعة عن ذهنه ..
      إذا فعلت .. و أنجبت طفلا ..
      كيف ستعيش عمرا تنشئ فلذة كبدها دون أن تترنم بصوته و هو ينشدها بأمي ..؟
      كيف ستعلم متى يبكي .. متى يصرخ مستنجدا ..متى يشكي لها ..
      أو كيف هي الطريقة التي ستتعامل بها معه ..
      مهلا ..
      أ و ليست أمها صماء كذلك ..
      و لديها تسعة أبناء ..
      تسعة ..؟!!
      في ذاك الفقر المدقع .. و مع عاهة كتلك ..
      انه ضعف عددهم و هم يرفلون في النعيم ..
      تساءل في داخله عن ماهية شعور عمه حين تزوج تلك المرأة ..
      هل أحبها .. هل قال لها يوما كم تعني له .. و كم هو مشتاق لها ..
      كيف فعل ذلك يا ترى ..؟
      - عنلاتك يا الهرم .. كلت البنية بعيونك .. فضحتناا ..!!
      اهتزت نظرته من على البياض الذي يغطيها ليلتفت لهزاع الذي بادله النظر بابتسامة مخنوقة ..
      هل كان واضحا أنه كان يختلس النظر إليها ..؟!
      - لا كلتها و لا عندك خبر .. كنت سرحان و هي فدرب عيونيه ..
      رفع هزّاع حاجبه بشك حين راح أحمد يدير عينيه في الموجودين باحثا عن عينٍ اخرى التقطت استراقه للنظرات ..
      - في درب عيونك .. إلا عيونك من يلسنا و هي تنحرف لهاك المسار ..
      أعاد أحمد ظهره العريض للخلف بارتياح حين بدا أن الجميع مشغولين عنه ..
      - أي مسار انته و ويهك .. اظاهر ان سباق الخميس الياي مأثر ع مخّك ..
      قال هزاع بخفوت ..
      - لا هب مأثر عليه .. و أنا أشوفك من يلست و انته تطالعها و تتحرا محد يشوفك ..
      ثم أردف و هو ينظر لها نظرة سريعة ..
      - بس شوه عندك ..؟ ما لقيت الا هاي .. يعني خواتاا الباقيات ما عليهن باس ..
      عقد أحمد جبينه و شعور بالغضب يسري في عروقه لا يعرف له سببا محددا .. كره أن يشير لها هزاع بهذه الطريقة ..
      فهمس من بين أسنانه بقوة ..
      - و بلاها هاي ..
      ابتسم هزّاع .. و هو يحاول استدراجه ..
      - يعني .. صمخا ..!
      التفت أحمد نحوه و قد تحجرت ملامحه بقسوة .. ليضحك هزّاع بخفوت و هو يغمز له ..
      - و تقول ما اطالعها ..!! أعصابك يا الحبيب حرقتنا عيونك ..!
      لكن احمد بدا منفعلا دون سبب و هو يقول باستياء ..
      - هزاع لم ثمك ..
      - أوووففف ..!! بلاك ..
      - ما يخصك .. و اعرف عن منوه ترمس .. هاييلا بنات عمنا ..
      هز هزاع كتفيه ..
      - و أنا شوه سويت ..؟؟ رقمت حد منهن ؟.. شف عمرك .. انته لي طايح في المسكينة مطالع من يلست ..
      رد أحمد بضيق لينهي هذا الحديث الذي لا سبب له .. و لا يعلم إلى أين أن يمكن أن يؤدي ..
      - بس خلاص سد السالفة ..
      ابتسم هزاع بهدوء و لم يتكلم .. يعرف أحمد .. يعرفه جيدا ..
      و يعرف تفاصيل روحه .. و خلجاتها الخفيّة ..
      هو أقرب له من الوريد ذاته ..
      و متأكد الآن بأنه يخفي شيئا ما ..!
      ما هو ..؟ و لما هذا الإهتمام و الإعتراض المفاجئ على تلك الصمّاء ..؟؟
      لما هي ..؟ هل أثارت شفقته يا ترى ..؟
      هه .. لن يطول به الأمر .. حتما سيعلم ما الذي يدور في داخله ..
      و على هذه الفكرة .. لكم كتف أحمد بقوة .. لينظر الأخير إليه بغيظ .. فيبتسم هزاع ابتسامة عريضة ..
      .
      .


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    12. #177
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      ما الذي تخفيه يا رجل ..!

      .
      .
      .
      .
      شعرت حور بالتململ قليلا أمام وهج تلك النظرات الساقطة عليها ..
      ما بال تلك العوشة تتساقط بَرَدا ..؟ بدت جامدة و عيناها لا تفارقان وجه حور المختفي خلف الغطاء ..
      هل أزعجتها الحركة التي قامت بها عن حسن نيّة ..
      متأكدة بأنها لم تكن تعلم بالجزء المكشوف من رقبتها .. لذلك نبهتها ..
      لا .. لم تزعجها هذه الحركة .. و الا لما أخفت مقدمة شعرها التي كانت خارج الغطاء ..!
      شعرت حور بتوجس ينتشر في داخلها .. هل هذه فرد معارض لقدومهم أيضا ..؟! لكن لم يتضح منها شيئا سوى ذاك الجفاف المربك ..!
      أغمضت عينيها لبرهة تنفض سوء الظن عن فكرها .. تستعيد ما قاله أخوها ..
      .
      .
      أنا متأكد انهم خايفين و متوترين أكثر عنج .. بس لي أشوفه انهم متحمسين لييتكم .. حور غناتيه .. قوي قلبج .. انتي الكبيرة .. و هلج يعتمدون عليج .. خلج هادية .. و رزينة .. و واثقة .. محد جبرهم يخلونكم تعيشون وياهم لو هم ما يبون .. و بعدين لو انتي تميتي خايفة .. و هم خايفين .. منوه لي بيخطي الخطوة الأولى ..؟
      .
      .
      حقا من سيخطي الخطوة الأولى ..؟
      راحت تركز على من حولها .. في الوقت الذي كانت جدتها تقول لعوشة ..
      - و خالتج رمستيها ..
      لتجيب عوشة بصوتها الناعم الذي يرن فيه دلال طفلة غريب ..
      - هيه اليوم الصبح امرمستنها .. و تسلم عليج يا أميه .. لاهين بملكة ولد خو ريلها ..
      - هيييه الله يعينهم .. ما بتيينا ..
      نظرت عوشة لروضة .. و هي ترد عليها ..
      - تقول بتيي يوم الملكة ..
      - ما عليه .. حيّاها الله ..
      أي ملكة ..؟!
      لكنها لم تجد المزيد من الوقت لتتساءل ..! طرقات مرتفعة على باب المدخل .. و صوت رجولي قوي يدوي في الردهة ألجم أفكارها ..
      - هوووووود .. هوووووود ..
      ما إن إنزلق الصوت إلى مسامعها .. حتى راح الدم يهدر بقوة في شرايينها .. يضج في إذنيها ..
      و قلبها يخفق بعنف ..
      شعور بالخفة اجتاحها .. و عيناها تتلهفان للمدخل .. مع رد جدتها بصوتها المهتز ..
      - هدااا .. اقررررب ،،
      تنتظر عينيها دخوله .. هو الرابط بينها و بين هذا المكان ..
      الشيء الوحيد الذي تشعر به جزءا منها و منهم .. ألفة دافئة تسكنها في حضوره القوي ..
      لكن فورا اهتز ذاك الإحساس و هي ترى الرجل الذي يدخل أولا ..
      إستعادت احساسها هذا الصباح بالإستياء .. حين مرّ من أمامهم أثناء الفطور دون أن يسلّم .. أو ينتظر سلامهم حتى ..
      و عاد ذهنها إلى اشتكاء نايف من أنه رفض تناول الغداء معه بالأمس .. و فضل تناوله وحيدا .. و دفع نايف لإطعام نفسه بينهن ..
      لم يجبره أحد على استقبالهم هنا على حد علمها ..!
      اذا كان ينفر من وجودهم فليس عليه سوى قول ذلك .. و سيكونون أكثر من سعداء في بيتهم ..
      تلك الفكرة حفرت عميقا في روحها ..
      لا يريدهم .. لا يريد أبناء حمد ..!
      لذلك يتجاهلهم .. و يعاملهم بهذا الفتور و البرود ..
      لم ترى وجهه يلين بابتسامة واحدة ..
      واحدة فقط .. حتى و هو يرحب بهم ..
      دوى صوته الذي بدا كالزئير في تلك البرهة .. و الجميع يهب وقوفا ..
      - السلام عليكم ..
      و خلفه تماما .. تقدّم الرجل الأسمر ذاته .. فارع الطول .. و قد شمّر عن ساعديه القويتين .. و طوى - غترته - بإهمال و نظارته الداكنة لازالت تعلو وجهه .. فيما يحمل في يده وعاءً فضيّا يقارب حجم نصف إسطوانة غاز .. أغلق بإحكام ..
      يتقدم بتلك الثقة التي عاد قلبها يرتعش أمامها .. صوته الثقيل .. الجهوري يتردد وراء صوت جده قورا ..
      - السلام عليكم ..
      ليردّوا عليه معا بأصواتهم المتفرقة ..
      - و عليكم السلام و الرحمه ،،
      في لحظات فقط تبادل الرجال السلام قبل أن يناول غيث أحمد الوعاء الذي كان في يده و هو يأمره ..
      - أحمد .. ودّه المطبخ .. و قل لهن يبطلن الغطا ..
      التقط أحمد الوعاء الثقيل بسهولة من يد أخيه الأكبر قبل أن يتوجه للداخل نحو المطبخ ..
      في استدار غيث حيث تجلس جدّته و زوجة عمّه ..
      انتزع النظارة عن عينيه .. لتلين قسمات وجهه بوسامته الخشنة ..و هو يبتسم ابتسامة آسرة .. عينيه تبرقان بحب .. و هو يتقدّم نحو جدّته .. التي أطلقت جمل الترحيب المختلفة بصوتٍ متحمس مهزوز ..
      تغدق الحب عليه و هو ينحني ليقبّلها و يلثم جبينها بوله ..
      تقدمن الفتيات جميعا من الرجل العجوز الذي يقف أمامهن بفتور ..
      شعرت حور بالمسافة تتقلص بينهما .. و هي تدنو منه ..
      تجد نفسها أمامه الآن .. قسمات وجهه العجوز بدت جافة للغاية و هو يعقد جبينه ..
      تقف على أطراف أصابعها .. كي تصل لأنفه الذي كان مرتفعا و يخفض رأسه قليلا .. لتصل إليه وتسلّم ..
      قشعريرة باردة امتدت على طول ظهرها حين لامست يدها ذراعه .. نظرت عن كثب لعينه لتجدها متصلّبة النظرة ..
      ساهمة إلى ما وراء رأسها لا ينظر إليها و هي تقول له بصوتٍ طوّعته ليُثقل بإحترام هزم البرودة داخلها ..
      - شحالك يدي .. ربك بخير ..
      ليرن صوته قربها .. عميقا .. ثقيلا .. شرّخته السنون .. و كل ما مضى ..
      - بخير يعلج الخير .. شحالج ..
      أ يعلم من هي يا ترى ..؟
      أم أنها ابنة حمد فقط .. و أن أبناء حمد وجوهٌ بلا نعوت ..
      ابتعدت قليلا تزيح المجال لعوشة التي تعلّقت به بقوة .. و صوتها الناعم يعاتبه بدلال ..
      - أبويااه .. شحالك فديتك .. ربك بخير ..
      و يتبخر الجمود لبرهة .. و ملامحه تلين بدفءٍ لها ..
      - بخير فديتج .. شحالج ابويه .. رب ما تشكين من باس ..
      و لم تسمع شيئا آخر .. لأن يدا دافئة أطبقت على ذراعها .. لتتجمد أوصالها بقوة ..
      لم تكن تحتاج للالتفات لمعرفة صاحبها الذي جذبها نحوه بخفّة .. و صوته الرجولي المتسلي يصل لأذنها بخفوت .. شكّت بأن يسمعه غيرها ..
      - سلام عليج يا حرمة ..
      إحساس غريب اعتصر معدتها .. و قلبها يرتجف بين أضلعها بقوة .. حين أصبح يشرف عليها بطوله الفارع الآن ..
      ترفع رأسها نحوه متطلّعة ..
      عينيه تضيقان إثر إبتسامة خفيفة تتربع على شفتيه ..
      قريب منها للغاية .. ينضح برجولة تحبس أنفاسها ..
      بدا مختلفا .. مختلفا للغاية .. آسرة ..
      له سطوة الأسد في عرينه ..
      مرتاح كثيرا هنا .. بدا ذلك جليّا عليه ..
      تخترق نظراته غطائها الثقيل .. حتى شكّت أنه يرى كل تعابير وجهها المضطرب .. و يقرأ فرحتها برؤيته ..
      و إحساسها بالأمان قربه ..
      لتشيح بناظرها إلى صدره الفسيح و صوته الأجش يسألها بهدوء ..
      - شحالج حور ..
      ارتجف صوتها و هي تقول بنبرة خافتة .. خذلتها ..!
      - بخير الله يعافيك .. شحالك انته ..
      - بخير و سهالة .. هااا نايف .. يبتها ..
      قال عبارته الأخيرة لنايف الذي دنا منه و هو يحمل صحيفة بين يديه ..و يناولها غيث بسرعة .. مع مفتاح سيارة ما ..
      انسحبت من قبضته بخفّة تنشغل بنايف الذي كان قد خرج مع جدّه منذ الصباح و لم تره حتى الآن ..
      لتنحني عليه و هو يسلّم عليها ..
      الحقيقة انها تخشى عليه من هذا التقارب الغريب بينهما ..!
      كان غيث يتبادل الأخبار مع أخواتها واحدة تلو الأخرى .. و في اللحظة التي ناول فيها عفرا الصحيفة التي كانت بين يديه لتضعها بعيدا ..
      شعرت بنظرات تسلّط عليها من مكانٍ ما ..
      حامت بعينها على وجوههم ..
      و لم تبحث طويلا ..
      أمامها مباشرة و إلى جانب جدها تقف ..
      قست عينا إبنة عمّها الفاتنة .. و هي تطالعها بنظرة غريبة للغاية ..
      تحمل إحساسا أسودا لم تفهم كنهه ..
      اضطربت من العداء الذي ارتسم على وجه عوشة ..
      لم تكن تحمل على ملامحها إلا البرود منذ برهة ..
      أبعدت انتزعت عينيها عن وجه عوشة بقلق و هي تلتفت لنايف الذي يقف بجانب غيث ..
      كان متحمسا ..
      مشعا ..
      و نشيطا للغاية ..
      .
      .
      و لسبب لم تفهمه .. و كرهت نفسها لأجله ..
      آلمها أن تجده مستمتعا هنا ..!!

      * * * * *


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    13. #178
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      افتحي جريدة الإتحاد لي عطيتج اياها .. الصفحة 12 )
      كانت الرسالة في هاتفها موجزة .. لا تشرح شيئا ..
      الجريدة التي كانت قد وضعتها في الصالة لتنساها فلا تعود لذكرها الا في اللحظة التي وصلتها فيها هذه الرسالة ..
      تذكّرت بحثها المجنون عنها قبل أن تجدها في المكان الذي وضعت ..
      لتلتقطها و تجري بها عائدة إلى غرفتها ..
      تغلق الباب خلفها عدة مرات .. و كأن أحدا ما قد يقتحم المكان .. ليشكف سرا ما ..
      نظرت للجريدة المطوية بين يديها و هي لا تزال تلصق ظهرها بالباب ..
      قدماها تعجزان تماما عن التحرك .. و هي تتنفس بسرعة ..
      ما الذي تركه لها .. رسالة ما ..
      ماذا لو كان أحد قد وصل إليها .. او قرأ كلماتٍ دونها في الجريدة .. و اكتشف ما تخفي ..
      تقطّعت أنفاسها خوفا لهذه الفكرة .. و هي تبعثر الصفحات بين يديها وصولا للصفحة رقم 12 ..
      ألقت نظرة عليها ..
      لا توجد أي رسالة .. و لا كلماتٍ مكتوبة ..
      لا شيء .. !
      هل سقطت ..؟ هل وجدها أحد ما قبلها ..
      أم أنه لم يترك لها شيئا ..؟
      توقفت لبرهة لتفتش في الجريدة نفسها ..
      دارت عينيها على العناوين المختلفة لمحليّات البلاد ..
      عدة أخبارمتنوعة عن فعاليات و أنشطة مختلفة و ......
      و اصطدمت عيناها بعنوان المقال الذي توسّط الصفحة تماما .. لتقفز عيناها على أسطره ..
      تلتهم الكلمات بسرعة ،،
      .
      .
      ( مواطن إماراتي يتعرض للضرب و للإصابة بعيارين ناريين يصيبانه بالعجز )
      تعرض المواطن الإماراتي سالم يمعه ......... لهجوم ليلة أمس على طريق المزارع الخاص بمنطقة الخزنة ، حيث ضرب ضربا مبرحا أدى إلى فقده لبعض أسنانه و إلى كسور في بعض ضلوع القفص الصدري .. و لوح كتفه الأيمن ، قبل أن يصيبه مهاجمه بعيارين ناريين في ركبته من مسافة قريبة أدّت إلى تمزق أوتار و أربطة الركبتين ، و تلف العديد من الأعصاب فيهما ، و قد أشار الفريق الطبي الذي استقبل حالته في مستشفى المفرق بالأمس إلى أنهم سيبذلون جهدهم في محاولة إنقاذ قدميه ، فيما لم يستطع التحقيق أن يجدي مع الرجل الذي لا يزال في غير وعيه ، و قد كشف تحليل الدم عن وجود نسبة مرتفعة من الكحول في دم الشاب الذي وجده أحد عمّال المزارع القريبة ينزف قرب سيارته و لا أثر للمهاجم ، إذ قام بعدها بنقلـ ......
      .
      .
      و لم تكمل ..
      راحت الأوراق تنزلق من بين يديها لتتناثر على الأرض .. تتطاير حولها قبل أن تغفو بسلاسة في الأسفل ..
      فيما تضع يدها على فمها ..
      و دموع متحجرة في مقلتيها ..
      أغمضت عينيها بقوة .. لتتزاحم أمامها الصور المخيفة تلك ..
      و هو يضربها .. ينتهكها .. و يمزّق رزنامة أيامها بفجوره ..
      لا يبالي بصرخاتها .. و توسلاتها ..
      لا يكترث بأحلامها التي راح يدهسها بقدمه في غمرة هجومه القذر ..
      انفلتت شهقة معذّبة من بين شفتيها ..
      و رثاء غريب يغزو روحها ..
      شفقة راحت تتآكلها على نفسها ..
      لم تعد سوى حطام ..
      حطام .. يحاول أن ينهض متهالكا لمواصلة ما كان عليه مسبقا ..
      .
      .
      دموعها تنزلق بقوة و هي تنشج باكية ..
      شعرت بوحدة قاتلة بعد أن تعرضت للحادث .. و أنها مجرد فتاة بلا حامي ..
      نست بان وراءها زوج اختها ..
      رجل يمكنها الإتكاء عليه و نعته بـ أخي ..!
      لقد انتقم لها .. مزّقه ..
      و هدم حياته كما فعل ذاك معها ..
      و بتشفٌّ غريب .. راحت تبتلع صوت نحيبها داخلها ..
      تحتضن ركبتيها و تدفن وجهها بقوة بينها ..
      .
      .
      لقد حكم عليه بدمار يشبه ما أحالها إليه ..!

      * * * * *

      بعـد مرور أسبوعٍ و نيف

      .
      .
      .
      .
      .
      .
      .
      .
      .
      .
      .


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    14. #179
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      كانت الفكرة واضحة للغاية و بسيطة تماما ..
      لما لا ترسل لذلك الكاتب الرسالتين التي قامت بكتابتها .. تطلب رأيه فيها ..
      و تعبر عن مدى إعجابها بمقالاته التي تتابعها ..
      يمكنه إعتبارها تلميذة له ..
      و إذا كانت تلك الرسائل صالحة للنشر ..
      سترى إن كان بإمكان إدارة التحرير أن تمنحها فرجة صغيرة .. أسبوعية ربما .. لو لم تكن يومية ..
      راح الحماس يطمس البؤس الذي لازمها في آخر الأيام ..
      و الشعور التعيس بالغيرة و الحقد بعد أن رأت غيث للمرة الأولى مع تلك التافهة ..
      شعرت بأن أحقادها القديمة تنبلج من أعماقها كي تنبثق في تلك الثانية التي اندفع نحوها ليلقي عليها التحيّة ..
      تداركت ألمها بسرعة .. و هي تلقي نظرة جانبية .. لزميلتها العانس التي تلازمها في هذا المكتب ..
      لا تكن لها الود إطلاقا .. و لا تحاول أن تتظاهر بأنها تفعل ..
      لذلك كان تعاملهم جافا باردا .. و مزريا للغاية ..!
      أعادت عينيها للرسالة التي كانت قد كتبتها منذ ما يقارب الأسبوع ..
      .
      .
      ( إليكِ ،،
      ماذا توقعتِ يا أنتِ ..؟!
      كلماتٍ مبللة بالدموع ..؟؟ أم صرخات ستنفلت من بين طيّات الورق ..؟
      تبا ..
      لن أفعل ..
      لن أبكي ..
      مطلقا ..
      حتى و ان مزقتني رؤيته معها ..
      تلك الراحة .. و البهجة الصامتة في عينيه بقربها راحت تذبح فرحتي برؤيته ..
      ذاك الرجل هو حق مكتسب لي .. كيف انتزعته من بين براثني ..
      لن أبكي يا أنتِ .. لن أفعل ..
      و إن قتلني إحساسي بالوحدة .. و شعوري المر بالضياع ..
      أ و تعلمين لما ..؟
      لأن هذه الأوراق ستصلكِ يوما ..
      و حين تفعل .. ستكون دموعي قد جفّت .. و تعاستي استحالت فتاتا منسيا ..
      حين تجد الرسائل أناملكِ اللطيفة .. سأكون قد نسيت حاجتي لكتفٍ ألقي بثقل عبراتي عليه ..
      ما بال هذا الحزن يتعاظم في نفسي ..؟
      أ لوجودهم في البيت الذي أعتبره بيتي الثاني ذاك الأثر ..؟
      أم أن التكاتف الذي أفتقر إليه راح يمزقني بصمت ..
      لا أعلم يا أنتِ ..
      و لكنّي أجدني قادرة الآن على الحقد ..
      سأحقد على الكل ..
      عليها .. تلك المتطفلة .. و عليه .. ذاك المخادع ..
      و عليهم ..
      أولئك الفرحون بوجودهم الجديد هنا .. مستمتعون بهؤلاء القادمون من المجهول ..
      و سأحقد على نفسي ..
      لأنني أرثيها ..
      كيف أصبحت بهذا الضعف .. متى اهتزت أعمدة قوّتي ..؟
      حائرة .. لا أفهم نفسي ..
      هذه ليست انا ..
      بل أنا أكثر صلابة ..
      و سأسحق هذا الضعف ..
      سأسحقه ..
      لكن قبل ذلك أمهليني يا أنتِ ..
      أريد أن انتثر أشلاءً هنا لبرهة ..
      غريب هو شعور ينتاب المرء بالخلو ..!
      تغدو روحه خاوية ..
      خاوية .. خاوية .. خاوية ..
      أجد نفسي مشدوهة أمام حبّهن و البساطة ..
      مذهولة من إمرأة لا تدري ما أكيل لها .. فتسدل ستار الحياء سترا على تكشفي ..
      مصدومة .. بعد أن رأيت ذاك الرجل الذي إخترت يوما أن أحب .. و قد إمتلك الحق في إحتواء حب غيري ..!
      لأفاجأ بعد كل ذلك أن البرد جمّد أوصال إحساسي .. فلم أعد أشعر بشيء ..
      لم أعد أشعر ..!
      فقط أقف وحيدة .. وسط زحام أيامهم ..
      مذهولة .. لا أفقه شيئا ..
      من أنا .. و ما الذي أحس به ..و إلى أين أمضي ..
      أنفصل عن ضجيجهم ..
      أين غاياتي .. و أين هي أحلامي ..
      أين ما أريد .. و كيف أصبحت لا أعرف حقا ما أريد ..
      خاوية روحي يا أنتِ ..
      أنى لي أن أعيد ملأ عروشها .. بإحساسٍ إنفلت ..
      لم يعد في قبضتي ..! )
      .
      .
      طرفت بعينيها الواسعتين و هي تشعر بعبراتها الغبية تقف على شفير الهدب ..
      يا إلهي ..!!
      ما الذي دهاها .. ليست هي من تتأثر بهذه السرعة ..
      منذ قدوم أولئك الغرباء لأراضيها .. حتى أصبحت تشعر بأنها مهددة ..
      و على وشك أن تسلب عائلتها .. و بنات عمّها .. و الرجل الذي تحب ..
      و كل من حولها ..
      هي أقوى من كل هذا ..
      و سيرون ..
      .
      .
      و على هذه الفكرة ..
      حدّدت النص أمامها قبل أن تنسخه بنقرة على الرسالة الإلكترونية التي وضعت عليها بريده ..
      قلم حر ..
      ها أنا أجرّد نفسي في رسالتين فقط ..
      قد تعتبرها مجرد خواطر عابثة ..
      لا تصلح سوى للمجلات الفنية .. و مشاركات القرّاء ..
      ثق أن رأيك يعني الكثير ..
      أرجو أن تستحسن ما كتب ..
      أتمنى ذلك فقط ..
      فعلي أن أنجح في مجال ما في حياتي على الأقل ..!

      * * * * *

      - سألت عنج ..
      قالتها هدى بحذر و هي تنظر إليها ..
      فيما استلزم شيخة الكثيرة من التحكم بالنفس .. و هي تشد على حقيبتها و تنقل ثقلها لتستند على قدمها الأخرى ..
      و تسأل ببرود و كأن الأمر لا يعنيها ..
      - ما قالت لج شوه تبا ..؟
      - لا .. ما قالت .. بس قالتليه لا تخبرين حمدان انيه سألت عنها .. و كانت تبا رقمج ..
      فتحت شيخة عيناه ..
      - ليكون عطيتيها الرقم ..؟؟
      طمأنتها شيخة بهدوء ..
      - لا .. حسيتاا تبا تسويلج مشاكل .. هاي العنود معروفة انها تحب حمدان و كلنا نعرف انه حمدان ودّه تردين للشلة ..
      - انطبي و سدي السالفة .. انا كل ما أرمس في هالموضوع تيينيه لوعة ..
      قالت لها هدى بهدوء ..
      - انتي ما بتخبرينيه شوه استوى ..
      تحرّكت شيخة الآن تتجه نحو قاعة المحاضرة القادمة و هي تقول باشمئزاز ..
      - ما استوى شي .. اكتشفت انيه ماريد أرابع هالأشكال و بس ..
      - في خمس دقايق اكتشفتي هالشي .. و انتي مرابعتنها من خمس شهور ..
      نظرت لها شيخة ببرود ..
      - هيه .. عندج مانع ..؟
      بطرف عينها أجابت هدى ..
      - لااا .. و ع فكرة .. ما كانت العنود بروحها ..
      - منوه يايبه وياها واسطة ..
      - اسومة ..
      توقفت شيخة في منتصف الطريق بذعر ..
      - أسومة ..؟؟ أسومة منوه ..؟ أسماا خميس ..
      صديقتها السابقة من أيام الثنوية .. التي التقتها منذ مدة .. أيعقل أنها تعرف تلك الفتاة ..؟
      لكن هدى قالت ..
      - مادري شوه اسم أبوها .. بس قالت انها تعرفت عليج في حفلة مبزرة ..
      راح ذهن شيخة يدور بجنون .. و هي تردد ..
      - حفلة مبزرة ..؟
      راحت تستعيد الأوجه التي مرت بها في تلك الليلة المشؤومة ..
      أسومة .. أسومة ..
      أي واحدة منهن ..؟!
      و فجأة استعادت الصورة في ذهنها ..
      .
      .


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    15. #180
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      يفتح الباب على اتساعه لتطلّ منه شابة اتضحت ملامح وجهها الناعم على الضوء القادم من الخارج .. جسدها النحيل يكتسي بكنزة ملوّنة بلا أكمام و تنورة تصل لركبتيها و كعبٍ عالٍ و قد تناثر شعرها المجعد حول وجهها و هي تصيح بحبور ..
      - حموووووووودي ،،
      أحنت حمدة رأسها تقبل خد الفتاة التي رفعته لها .. و هي تلف ذراعها حول خصرها بحميمية ..
      - أسووووومه يا حبي ..
      عقدت شيخة جبينها دون أن تتكلم .. و هي ترى حمدة تلامس خد الفتاة و تقول ..
      - ريحتج حلوة ..
      ظربت الفتاة كتف حمدة و هي تقول بعتب ..
      - ريحتيه دوم حلوة ..
      ثم التفتت لشيخة بفضول ..
      - أووبس .. منوه ..؟؟
      ابتسمت حمدة بفخر غريب ..
      - هاي شيخة .. خويتيه ..
      عقدت أسماء جبينها بحيرة ..
      - كيف يعني خويتك ..؟
      - يعني فرند .. خلي الهذرة .. و حدري .. لو حد يخطف بركن عند الباب انتي و هالعصاقيل ..
      .
      .
      تنهدت شيخة براحة ..
      مجرد تشابه أسماء فقط ..
      كادت تطلق ضحكة مجنونة بفرح ..
      لا علاقة تربط صديقتها الطيبة التي التقتها مؤخرا من جديد ..
      بأي من قذارة حاضرها التي تخفيها ..!

      * * * * *

      وقّف وأنا ساعتي وقفت عقاربهـا
      ثم دار ظهره ودارت دنيتـي فينـي

      تنوف روحـي وأمـر الله قاضبهـا
      مامت، لكن رأيت الموت في عينـي

      يقفي وانا اطالع الخطوات واحسبها
      وعدّيت لين العد ما عـاد يكفينـي

      أمد ايدي للترايـب مـع هضايبهـا
      أبا اخفض أي شي يزمي بينه وبيني

      حدقت لين احتضن رمشي حواجبها
      لين السما حدّرت للقاع فـي عينـي

      وغديت أنا البوصلة للـي يراقبهـا
      والبوصلة ثابتـة فـوق اتجاهينـي

      شمالها والجنوب عيـون صاحبهـا
      واليا اتجه.. أتجه ماشـي يثنينـي

      مشاعرٍ داخلـي أزريـت لا اكتبهـا
      أكبر من انه حبيب ويَـب يخلينـي

      وأكبر من الحب والحاجة وراغبهـا
      ماكنـه الا مخلّفـنـي وناسيـنـي *
      .
      .
      ضمت ذراعيها بيديها .. تحتضن نفسها عن برد الهواء الذي راح يهبّ في ذاك الموقف على الطريق إلى القمة .
      الموقف الي كان خاليا من أحد .. عداها .. و ابن أخيها الذي كان يجلس في مقعد السائق .. فاتحا بابه .. يراقب وقوفها أمام بعيدا أمام سياج يحيط الحافة ..
      و في الهوة أسفلها .. لمعت أضواء المدينة البعيدة ..
      مربّعات متقنة الترتيب .. يعلم أنها ليست سوى معسكرات عسكرية ..
      في الموقف الخالي .. كانت تأخذ راحتها تماما و قد انتزعت - البرقع - عن وجهها ..
      لتنزلق غرتها على جبينها بنعومة فائقة .. انتفضت قليلا إثر برودة الجو هنا ..
      و هي تسحب أنفاسا عميقة بهدوء ..
      كم هو غائر ذاك الجرح في روحها ..
      تداريه داخل أعماقه عن الأعين .. و لكن ما أن تولي ظهرها لهم .. حتى تنقشع غمامة البرود عن عينيها اللتان تلتهبان ألما يذبحها ..
      كيف لحبٍّ أن يسلبها الإرادة هكذا .. و يقودها خلف ذل أفكارها ..
      تشتاق له .. كثيرا ما تفعل ..
      فمنذ أن أرسل لها ورقة الإنفصال لم يعد يأتيهم ..
      يتصل بعمّته فقط ..
      عمته تلك التي ارتفع بينها و هي حاجز صلب .. راح يفصلهن عن بعض ..
      تتوجع هي بصمت .. تخفي ألمها عن الجميع و اللامبالاة عن أعينهم ..
      تريد أن يتأكدوا أنها بخير و أنها لا تموت في كل لحظة .. و هي تتخيله سعيدا بقرب زوجته الآن .. بعيدا عنها .. و عن فرضها لنفسها ..
      متهرّبة من كل ما يذكّرها به .. حتى أختها ..
      تخشى أي نظرة أن تجردها ذاك القناع الزائف ..
      .
      .
      تسلل صوته العميق من خلفها ..
      - التفكير الدايم هب زين ..
      ابتسمت بخفّة .. تلملم معالم أي حزنٍ قد يفضحها .. لترسم ابتسامة حلوة لابن أخيها الذي أخذ على عاتقه مهمة أن ينسيها كل شيء ..
      فراح يلازمها .. يمرح معها .. يدفعها للخروج .. و الضحك ..
      كثيرا ما كانت تنسى جرحها أمام مساعيه الطيبة ..
      قالت بهدوء لا يعكس ذاك الدمار في داخلها ..
      - و امنوه لي يرمس .. الدكتور عمر بن ظافي .. و الا عمور ولد خوية ..
      ضحكته الرجولية ترددت بقوة ..
      - لي تبينه منهم .. أهم شي لا تفكرين وايد .. لنه التفكير يضخم الأمور في عيوناا .. و لو نسيتي شوي بتشوفين ان السالفة مع الوقت تصغر فعينج ..
      - منطق غريب من جرّاح المفروض انه يفكّر مليون مرة في الثانية ..!
      ابتسم لها .. يحيط كتفيها بذراعه .. يعيد كلماتها ممازحا
      - عيل هالنصيحة من عمور ولد خوج هب الدكتور بن ظافي ..
      سحبت نفسا عميقا قبل أن تزفره ببطء .. و هي تحاول الحفاظ على ابتسامتها المتهالكة ..
      - ليش الحياة كذيه يا عمر .. ليش كل واحد ما يحصل اللي يبغيه ..ليش نراكض ورا شي ما يرزا .. الواحد منا يضيع سنين عمره ظامي يبغي يغمة من سراب .. ما تطوله يدينه .. و يروح العمر .. و ليا قرب من هالسراب .. درى انه بيموت ظامي .. لن ما فيه حيل يرابع ورا الماي مرة ثانية .. الماي لي يمكن يطلع سراب ..!
      نظر لها عمر صامتا لثانية فقط .. قبل أن يشد على كتفيها ..
      - الحياة هب كذيه .. أبدا .. الحياة تعطي شي .. و تاخذ غيره .. الله يبتلي الإنسان .. يختبره .. و المؤمن منا ما يصكّه اليأس .. و تنتهي الدنيا عنده فنقطة .. فوادج متويّع ع لي راح يا خولة ..؟ بسألج .. نادمة على عمرج لي راح .. و الا على غيث ..؟
      لمع الألم بقوة في عينيها لترتجف شفتيها بقوة ..
      لا يحتاج لكلمات تترجم الإجابة ..
      - لو عن عمرج .. فالعمر قدامج .. بس ما بيوقف لج .. هو يمشي و انتي ملزومة تمشين وياه ..و الا بتلقين عمرج فجأة في مكانج و العمر طافج .. لا لحقتيه .. و لا لي ترقبينه ياج ..
      ثم أردف بقوة .. و هو يديرها نحوه ..
      - و لو ع غيث .. فالقلب لي هب مستعد يحتويج و يبادلج احساسه .. المفروض تشطبين بيانه .. الحب يا خولة احساس كبير .. هب شوفني و أشوفك .. و المس ايديه و اغمزلي .. هب الرمسة المعسولة .. و لا نظرات الشوق .. الحب شي سامي .. و ثقيل .. هب كل واحد منا يروم يشلّه فداخله ..انك تحبني .. يعني تحترمني . و تقدرني .. تحس بيه .. و تتأثر .. تبكي لا تويعت .. و تضحك لا فرحت .. هو قدرتج انج تسامحين و تغفرين .. الحب هو احساسج انج حيّة .. و تلقين مخلوق .. يستاهل انج تعيشين عشانه .. و لو كان غيث يحس بهالشي كلّه صوبج ما ودرج ..
      كسرت الكلمة الأخيرة قلبها .. لتنفلت دموعها من عقلها .. تبلل وجنتيها و الهدب ..
      ليغمض عمر عينيه بصبر ..
      - أفااا .. تصيحين ..! ما حيد دموعج رخيصة عسب تبكينه يا خولة .. لا تيأسين يوم انه راح .. الحب لي فداخلج شي طيب و جميل .. هب لازم تخنقينه .. و تذبحين هالشعور .. بس غيري اتجاهه .. نفسي عنه في من حولج .. صبيه على لي يستاهل ..نحن نحبج كلنا .. أخوانج و خواتج .. و عيال أخوانج .. لا تحرقين هالشعور .. و تغدين رماد من عقبه .. اذا تحبّين .. حاولي تميزين منوه لي بتحبينه .. بتشوفين ان مشاعرج تنصب في الإتجاه الصح ..
      بدت تشهق الآن بقوة .. فيما ربّت على ذراعها يتابع بصوتٍ هادئ ..
      - خولة .. خولة ..! اسمعينيه .. هو هب في حايتج .. و لو كان يباج ما فرط بج .. بس نحن محتايينج .. محتايين خولة .. و حبّها .. و حياتها .. محتايين وجودج ويانا .. نحن أهلج .. و هو حيّا الله ريّال دخل حياتج و ظهر .. ليش ما تنسينه ..؟ انسيه و بترتاحين ..
      ارتجف صوتها و هو يتهدج في همس متوجع ..
      - ماروم .. و الله ماروم ..
      صر بأسنانه في غيظ ..
      - ليش ما ترومين ..لا تقولين تحبينه .. لنه ما يستاهل .. لو هو ريّال .. ما علّقج ثلاث سنين .. و آخرتاا يطلقج .. بس هالأشكال كذيه طبعها .. تتحرا بنات الناس لعبة .. الواحد يخطب .. و يعلّق البنية .. خلاف يغير رايه .. هذا هب ريّال .. لو فيه ذرة مـ ...
      شهقت خول تقاطعه بألم ..
      - لا يا عمر .. لااا .. غصبن عنه .. غصب .. غيث هب كذيه ..
      عقد عمر جبينه ..
      - غصب ..!!
      بدا نشيجها واضحا الآن ..
      - هيه .. هو ما يخصه .. انا لي اخترت ..
      الآن هو لا يفهمها ..
      - اخترتي ..؟ اخترتي شوه ..؟؟
      ثم تتسع عيناه بشيء من المفاجأة ..
      - انتي لي طلبتي الطلاق ..؟؟ ليش ..؟؟
      لكنها هزت رأسها نفيا بمرارة ..
      - لاااا .. ما طلبته و لا أباه .. بس ما كان فيه حل غير انه يطلقني ..
      - حل شوه ..؟؟ خولة ارمسي .. شوه السالفة ..
      .


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    صفحة 12 من 28 الأولىالأولى ... 2101112131422 ... الأخيرةالأخيرة

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. ايهما تختار العتاب ثم الرحيل ام الرحيل بصمت دون العتاب
      بواسطة متبلدهه في المنتدى عقار ينبع شقق تمليك - شقق وغرف للايجار - اراضي للبيع
      مشاركات: 7
      آخر مشاركة: 27-02-2014, 12:19 AM
    2. إثم الرحيل
      بواسطة سمو المشاعر في المنتدى استراحة المنتدى
      مشاركات: 8
      آخر مشاركة: 25-03-2011, 09:59 PM
    3. تعبت ا عد خطوات الرحيل
      بواسطة مطعون بسهام الغدر في المنتدى نبض القوافي
      مشاركات: 8
      آخر مشاركة: 29-10-2010, 07:07 PM
    4. المرأة المسلمة على عتبات الزواج
      بواسطة منارالكون في المنتدى عالم حواء
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 07-07-2010, 10:11 PM
    5. °•. مناجاة على عتبات الرحمن.•°
      بواسطة ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪ في المنتدى من وحي الاسلام
      مشاركات: 680
      آخر مشاركة: 09-05-2010, 02:51 AM

    المفضلات

    المفضلات

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    www.yanbualbahar.com