يا منى القلب ونور العين مذ كنت وكنت
لم أشأ أن يعلم الناس بما صنت وصنت
ولما حاذرت من فطنتهم فينا فطنت
إن ليلاي وهندي وسعادي من ظننت
تكثر الأسماء لكن المسمى هو أنت
آية في تسلسل الذكريات أن تعود الحياة بعد الحياة
ليس في عالم الخلود فناء لا ولا الفوات كل الفوات
أكرم العلم حيث كان وفي كل مكان في الحي أو في الرفات
وتنزه إن رمت ما هو أبقى عن هنات ستنقضي وهنات
قوة العلم أنه ملهم الحسنى وحلال أعقد المعضلات
فهو في أقطع الصروف وصول وهو في أمنع الظروف مواتي
كل وقت يمجد العلم فيه هو لا ريب أسمح الأوقات
رأي هذا الوزير أعلى وفي حضرته شاهد جلي الإياة
والهلالي كان أجدر من يجلو بنور غياهب الظلمات
يا معيدي موسى إذا ما جلوتم وجه ماض لم يخف وجه الآتي
أنظروا حين ترجع العين أدراج الليالي تطالع الباقيات
كيف يلقى الإنسان فيها أخاه وكأن العهدين في مرآة
قد تقضت من السنين مئات ما الذي جد بعد تلك المئات
بين جيل خلا وجيل تلاه لم تبدل جواهر الحالات
كان موسى وليد قرطبة ينشأ في صعبة من البيئات
فتولى عنها يطوف في الآفاق بين الأمصار والفلوات
لم يسعه من البلاد سوى روض المعالي ومنبت المكرمات
مصر كهف الأحرار في كل عصر وملاذ المروعين الأباة
وإلى ذاك موئل العلم إن لم ترحت الأرض بالهدى والهداة
هو غرس آوت فكان أفانين تسر النهى من الثمرات
نضجت حكمة الخلائق منها في أوان بديعة الزينات
ذات صوغ منمق عربي رصعته جوامع الكلمات
حل موسى في مصر من بعد موسى وكلا الصاحبين ذو آيات
ذاك وفى باللوح من طورسينين وأخزى خزعبلات الطغاة
وتولى هذا إزالة ما أحدث في دينه من المبدعات
ذاك أهدى التوراة من لدن الله وهذا مثاني التوراة
فاستتمت ما بين موسى وموسى شرعة أخلصت من الشبهات
كان في دينه وظل ابن ميمون إلى اليوم حامل المشكاة
صولة الريب لم يخفها عليه إنما خاف صولة الترهات
فنفى في شروحه لمتون الوحى ما رابه بغير افتئات
ومضى في تخير السنن المثلى ولم يثنه اعتراض الغلاة
وابن ميمون كان في خطة أخرى من الراسخين أهل الحصاة
راجع العقل في الحقائق واستهدى به في غياهب المشكلات
سل أولي الذكر في الفرنجة عما قبسوا من أحكامه النيرات
وتتبع صنوف ما أثروا عنه وما دونوا بشتى اللغات
كان للعرب في دليل الحيارى قسطهم من فصوله القيمات
أبرز العلية المجلين منهم في مجال العلوم والفلسفات
فدرى الغرب فصلهم حين كانت فيه أعلامهم من النكرات
إن في ذلك الكتاب لخوضا مطمئنا في أخطر الغمرات
ومزاجا ما بين معنى وحس لم يكن إن يرم من الهينات
عجب كل ما تضمن في الله وفي كونه وفي الكائنات
في مفاعيل حوله أو مرامي طوله أو مقومات الذات
ومعاني هذا الوجود وما في كل أجزائه من المعجزات
ومغازي ما قربته من السبل وما بعدت من الغايات
نظرات إن حققت فهي في جملتها من صوادق النظرات
تلك بالفيلسوف إلمامة عجلى أتقضيه حقه هيهات
كيف تروي الأوام والماء يجري عببا رشفة من الرشفات
فلنيمم شطر الطبيب وفي الروضة ما يجتنى بكل التفات
أي وصف أوفى وأبلغ مما قال في وصفه كبير الأساة
قد سمعتم فيه عليا وهل يعرف إلا الثقات قدر الثقات
وقديما تجود ابن سناء الملك ما صاغ فيه من أبيات
سأعيد المعنى عليكم وإن كانت معانيه جد مختلفات
لو شكا دهره الجهالة ما استعصى عليه إبراء تلك الشكاة
ولو البدر يستطب إليه لشفى ما به من العلات
ما الذي أحدث ابن ميمون في الطب وما شأن تلكم المحدثات
لم يقف طبه على الملك الأفضل والأرفعين في الطبقات
أنفع العلم ما يوجهه العقل إلى البر لا إلى الشهوات
سخر الطب للأنام جميعا فتقراه في جميع الجهات
يتوخى قيد الأوابد في باب فباب منه وجمع الشتات
ويقر السليم من كل زيف بعد لأي في المحو والإثبات
آخذا من تجارب العرب واليونان والهود ناجعات الصفات
ومضيفا إلى الثوابت منها محكمات الاصول والتجربات
وأماط اللثام عن كل برء سره في الجماد أو في النبات
فتقضى جيل فجيل وللداء دواء بفضل تلك الدواة
هذه مصر هل ترى يا أبا عمران فرق المئين في السنوات
عهدها عهدها كما كان والماضي بما بعده وثيق الصلات
لم تكن مخطيء الرجاء بما استسلفت من مجد هذه التكرمات
مصر كانت من بدئها وستبقى آخر الدهر مبعث العظمات
مفتر من قال إن القوم ماتوا حدثينا عنهم يا معجزات
حدثينا كيف أودى بالأولى ملكوا الآفاق حراث عفاة
كيف أفنى كل ذي درع وذي لأمة مدرعو النقع حفاة
نفر ظنوا ضعافا فإذا هم للقرم الأشدين غزاة
فئة قلت وأعيا دونها عسكر ضاقت به الست الجهات
هاجموها فتلقتهم كما تتلقى هجمة البحر الصفاة
إنما الأضعف في الحومة من ضعفت آراؤه والفتكات
والقليل النزر في الأزمة من خانه الصبر وجافاه الثبات
قيل هذا فيهم فعل التقى والصلاح الحي للخوف ممات
صدقوا رأس التقي الفعل فإن كان قولا فهو زور وافتئات
هكذا القوم وما تقواهم فقر يتلونها أو دعوات
فإذا صام الفتى منهم فعن دم أسراه وإن لم تعف شاة
وإذا زكى فجاري دمه في سبيل الوطن الحر زكاة
وإذا صلى ففي جثوته للمراماة سجود وصلاة
من دعا الله على غاصبه فالدعاء السيف والذكر القناة
أو حمى الأوطان والعرض معا فهو الدين كما ترضى الحياة
أيها السوقة كل منهم ملك قد توجته الهبوات
أيها الجهال كل منهم قائد تؤثر عنه الخدعات
يا حماة الخلق الحر وقد عافه الناس وخانته الحماة
صائني دارهم العذراء عن واطيء إلا وما فيها موات
شيدوا تاريخكم من نقض ما شاده في أزل الدهر الطغاة
ثابروا في وثبكم ولتهننا في تلاشينا الهنات الهينات
تابعوا النصر بنصر ولتكن خجلة الأنذال هذي النصرات
يصفع الجبار من تعدمه منكم للضرب والطعن أداة
وفتانا يلثم الكف التي في جبين الملك منها صفعات
من لمينا أن يرى في لحده كيف أخنت ببنيه الموبقات
فلقد أرنو مصر التي خلدتها الباقيات الصالحات
فأرى روحا قديما طائفا باكيا مما جنت مصر الفتاة
كيف تحيا أمة هالتهم شقة المجد فذلوا واستماتوا
كيف يقوى معشر عدتهم هزلهم والمشرفيات النكات
أبخوف الغول يرجى عندهم خلق البأس وترجى العظمات
أم بآداب وألحان يهي معها العزم وتقوى الشهوات
فارفع الصوت وأيقظهم فقد طال عهدا بهم هذا السبات
ما لمصر شبه قبر واسع منذ فرعون ومن فيها رفات
ليس تغوي أمة فيها هداة بشروا المظلوم في مصر قضاة
أسعد الأقوام قوم عندهم رسخ الحق وأجلى الافتئات
ماليء الأسماع درا قد نجا فأقرت أعينا تلك النجاة
ذلك الفود الذي نمت له خلتا الفوز ذكاء وثبات
لم يزل يدأب في مطلبه ونصيراه رجاء وأناة
ناهضا أو رابضا حتى بدت آية الإنصاف تجلوها إياة
فانبرى منتهزا فرصتها والفتى من لم تفته الفرصات
ذاد ذودا رائعا عن حوضه يتجارى لفظه والعبرات
لا لعمري ليس منقضا حمى وله في الموقف الصعب حماة
شرفا يا مبرئيه إنه ليس في الحق على الدهر فوات
أي حي أوتي العصمة في حكمه من خطة فيها هنات
ومن الموحى إليه من عل مطلق الإنصاف والرأي البتات
أوتي العقل ولم يؤت الهوى علم من هم أبرياء أو جناة
وأدق الناس في تقديره طالما غمت عليه التبعات
برئوا ذلك أزكى كلما أعرضت دون اليقين الشبهات
أيها النابغة الشهم الذي بالرزايا صقلت منه الحصاة
عد إلى مصبات المرفوع في خفض عيش ولتعش مصر الفتاة
مصر ذات الشعب حرا واحدا لا التي ذلت وأهلوها شتات
عد وكن نادرة العصر الذي قوله القول إذا ارتاب الثقات
فلقد أعطاك ما كابدته من أسى أنفس ما تعطى الحياة
أسى أن تولى نعمة الله موحشا معاهده فلتبكه بركات
ولا تقبل التأساء فيه مدارس بنوها عليه نوح وبكاة
مضى تاركا في قلب كل مهذب من الود مالا تنفس التركات
فتى صرح لا كنهه غير ما بدا عليه ولا الآراء مرتبكات
ولم توصم الآداب منه بريبة ولم تذمم الآراب والحركات
حكيم بدنياه عليم بدينه سليم به الأخلاق والملكات
عقيدته في منعة مطمئنة ومن حولها العلات معتركات
إذا جاءه خير أذاع الرضى به أو جاءه ضير لم تخنه شكاة
وإن يقن لا يقن الحطام وغيره تعز عليه فدية وزكاة
به شركات البر عادت قوية وقوتها أن تصدق الشركات
تبتل زهدا في الليالي وطيبها ففي طيبها الآفات والهلكات
ألم يتبين سوء ما تضمر الدجى وأستارها في الصبح منتهكات
فيا آله هذي من الدهر فتكة تهون إذا قيست بها الفتكات
أتغني فتيلا من عزيز وقد ثوى دموع بها الأرواح منسفكات
بداود فأتموا فإن حصانه لكالطود والأحداث مؤتفكات
هو الكوكب الهادي بساطع نوره إذا اشتدت الأسداف والحلكات
له القلم الفياض علما وحكمة كماء الغوادي لم تشبه نكات
معانيه كالعقد الفريد نظيمه وألفاظه كالتبر منسبكات
ويا من عليه في المدائن والقرى مآتم أهل الفضل محتبكات
سموت عن الدنيا وأنت موفق عليك سلام الله والبركات
نحيي الداعيات الأوليات لمؤتمر النساء الفضليات
إذا ما كان في مصر التلاقي تلاقي الشرق من شتى الجهات
سلام يا حصيفات الغواني من المتصونات المحصنات
سلام يا رفيعات السجايا من المتطوعات المحسنات
سلام يا بنات الشرق هذا أوان الجد فيه للبنات
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 5 (0 من الأعضاء و 5 زائر)
المفضلات