انتي تخبلتي ...!!!!!!!!!
صاحت بتلك الكلمات مستنكرة و هي تنظر لوجه أختها الذي بدا مصمما بقوة و تدور في الغرفة الضيقة .. و هي تصر مجددا ..
- لا ما تخبلت .. هالقرار أنا مقتنعة فيه .. حور خلاص أنا صرفت نظر عن الجامعة ..
كانت حور تلهث من الصدمة ..
- هب ع كيفج .. انتي ما تعرفين مصلحتج وين .. تودرين الجامعة و نسبتج ما تقل عن 95 ..!! مينونه انتي .. أنا ما عليه حسافة و الدراسة عايفتنها .. بس انتي .. !!
هزت رأسها برفض قاطع ..
- عفاري .. انتي تدرسين من 12 سنة .. لا تيين عند الأهم و تخلينه .. الجامعة شهادة و مستقبل .. بتنفعج و بتنفعنا ..
و لكن عفرا بدت أكثر من مؤمنة بتلك الفكرة اذ قالت بهدوء تواجه عاصفة رفض حور ..
- أنا ما ريد هالنفعة .. ابا ايلس في البيت ..
نظرت لها حور بقوة ..
- تيلسين في البيت شوه تسوين هاا ..؟؟ تغسلين و الا تنظفين ..؟؟؟
نظرت لها عفرا بغرابة دون أن ترد .. و لكن حور أشارت باصبعها آمرة ..
- دراسة بتكملينها يا عفرا .. و يلسة في البيت ماشي ..
و رفعت رأسها تنتظر اعتراضا .. و لكن صوت عفرا الهادئ صدمها ..
- حور .. بلاج ..؟؟
توقفت عن المشي العصبي .. و هي تلتفت لأختها دون أن تفهم .. و لكن عفرا لم تضف كلمة واحدة .. شعرت حور بالدوار في تلك اللحظة .. شيء ثقيل جثم على أنفاسها و إدراك واحد يترسخ في ذهنها .. أصبحت تتجرد عن نفسها ببطء .. تعالج الأمور بعصبية و قلق .. التوتر يلازمها كل حين .. حتى النوم لم يعد يجد السبيل لعينيها ..!
جلست بتعب على فراشها .. تكبح رغبة عارمة في التدثر بالغطاء و البكاء تحته للأبد ،، لا تعلم حقا ما الذي دهاها .. ما هو هذا الإحساس الذي ينتابها طوال الوقت .. الخوف .. الترقب ..
أم أنها مقاومة .. ؟!
تقاوم ماذا يا ترى ..؟!
هي نفسها لا تعرف .. لا تعرف شيئا .. كل ما تعرفه أن هذا الحمل ثقيل ..
ثقيل للغاية .. و أنها لم تعد تقوى المواصلة .. متأكدة بأنها قريبا ستصل للانهيار ..
ليست صلبة بما يكفي و إلا لتصدت لذاك الدخيل الذي قرر ببساطة سلبهم حقهم في تقرير الحياة .. و أصبح يتسلط بقراراته ،، و يصدر الأحكام كيفما يشاء ..
.
.
فتح باب الحجرة لتطل نورة من خلفه .. تدير عينيها في وجهيهن و هي تقول ..
- زين و الله عفاري بعدج على قيد الحياه ..- ثم التفتت لحور - تحريتج ذبحتي عفرا يوم صخيتن فجأة ..!!
أدخلت دانة رأسها من خلف كتف نورة ..
- حتى أنا ..!! حور .. أم عتيج لي آخر الحارة تسلم عليج و تقول قصري حسج ..
لم تجد حور في نفسها الرغبة في الابتسام ما زال رأسها منخفضا .. حين دلفت نورة و دانة الغرفة تتبعهن و لدهشة حور المها .. قبل أن تسألهن ..
- انتن سمعتن صوتي .. المها شدراها ؟؟
أجابت نورة بسرعة ..
- تراه صريخج وصل لطبلة المها بعد .. المهم .. شوه السالفة الحين ..
تجاهلتهن حور لتلتفت للمها و هي تشير بيدها و تتحدث بصوتٍ عالٍ ..
- عفراااا .. ما تباااه ترووووح .. الجاااامعة .. بتم .. في البييييييت ...
اتسعت عينا المها و هي تضع أناملها على شفتيها بصدمة و شهقت نورة و دانة معا قبل أن تقول الأخيرة بذهول ..
- عفاري صدق ما بتخلصين الجامعة ...!!!!!
هزت عفرا رأسها رفضا و هي تقول بصوت قاطع ..
- هيه .. ما بدرس في الجامعة بخلص الثانوية و بيلس في البيت ..
نظرت لها المها غير مصدقة و هي تدير سبابتها بحركة دائرية قرب صدغها .. لكن عفرا لم تجب .. كانت تحني رأسها بهدوء .. قالت حور بقوة ..
- أكيد مينونه .. و الا علمي و بهالنسبة و تيلس في البيت .. شوه بتسوين .. تضيعين مستقبلج ..
نظرت لها نورة و هي تعقد جبينها و قالت بحذر ..
- انزين حور انتي ليش معصبة ؟؟
نظرت لها حور فورا ..
- يعني شوه تبينيه أسوي حبيبتي .. أدق معلاية و ايلس أرقص .. ختج تبا تهدم مستقبلها ..
ضحكت دانة ..
- حلوة .. بس لا تعيدينها .. عفاري ليش تبين تهدمين مستقبلج .. هب عايبنج الديكور ..
نظرت لها عفرا شزرا ..
- هب وقت سخافتج دندن ..
احمر وجه دانة و هي تصر بأسنانها ..
- دندن فعينج .. حور صادقة .. انتي من يوم يومج تكرفين في المدرسة كراف الويل .. الحين يوم يات على آخر سنة قلتي مابا أدرس ..!!
ضربتها المها على كتفها بخفة .. فالتفتت لها عفرا .. لا تدري لما شعرت في تلك اللحظة أن المها تعاني كثيرا .. فتاة ذكية في مقتبل العمر .. لم تتلقى من التعليم شيئا سوى ما لقنته اياه اختها الكبرى في البيت و ما استشفته من أكوام الكتب تلك التي تغرق نفسها بها ..! أشارت بيدها مستفسرة .. تطالب بإجابة على سؤال إلى الآن تجاهلنه جميعا .. الكل اعترض دون أن يسألها عن سبب القرار ..!
مسحت عفرا وجهها بكفيها .. قبل أن تسند فكها بهما .. و هي تقول ببطء ..
- انزين نفرض سمعت رمستكن .. و سجلت في الجامعة .. و بدت الدوامات .. الجامعة هاي ما يبالها مصاريف ..؟؟ لبس .. و لوازم دراسة .. و مصروف .. و عقب ما أتخصص يباليه جهاز و خط نت .. مادري شوه .. انتن تعرفن خرابيط البنات .. يعني حتى لو حاولت ما أصرف الفلوس .. لازم بيظهرليه شي يباله دفع ..
ثم نظرت لحور التي تدلى فكها من الصدمة .. و هي تقول ..
- الحين من وين لنا فلوس .. ؟؟ شؤون أمايا و تعويض أبويه يا الله يا الله يسدن مصروف البيت .. تبنيه بعد أسحب منه .. شوه بناكل نحن ..؟؟ رودس ..؟؟
وضعت دانة أناملها على خدّها بذهول ..
- صح و الله .. ما فكرنا فيها ..!! يعني أنا و نورة بعد بنيلس عقبج في البيت ..؟!!!
.
.
المفضلات