تمشي في الحرم الجامعي و هي تحمل على ظهرها حقيبة الظهر الرياضية التي امتلأت بكتبها .. علقت على كتفها الآخر حقيبة جهاز حاسوبها المتنقل .. كانت هدى تتكلم دون توقف بسرعة .. فيما لم يخترق ذهنها المشغول شيئا من هذا الحديث .. بدا أن هدى مصرة على ازعاجها .. و اضجارها .. لذلك قاطعتها بملل ..
- هدوي لو سمحتي صخي دقيقة بس .. عنبوه هب لسان عليج رادوو ..
اتسعت عينا هدى بقوة قبل أن تضيقهما بعتب ..
- أخخ .. طاح ويهي ..!! سبالوه اصلا انتي ما تسمعين شوه كنت أقول و الا ما سكتينيه ..
نظرت لها شيخة بنفاذ صبر ..
- لا ما أسمعج شوه كنتي تقولين ..؟
نظرت لها صديقتها شزرا و هي تقول ساخرة ..
- و ليش أقول ؟؟ خلينيه صاخة دقيقة أخيرليه ..
- اففففف .. بتقولين قولي ما بتقولين برايج ..
رفعت هدى حاجبها ..
- أقولج البارحة شفت بنت عمج .. هاييك الغاوية لي دوم أشوفها فبيتكم ..
شخرت شيخة باستهزاء ..
- هه .. منوه .. عوشوه ؟؟ صدق ما عندج سالفة .. وينها هاي و الغوى وين ؟؟
- خافي ربج و الله انها تخبّل .. المهم ما سألتينيه وين شفتاا و ويا منوه ..؟!
- وين شفتيها ؟؟
قالت هدى ببساطة ..
- في المول .. وياها خوها ..
توقفت شيخة عن المشي .. و توقفت هدى هي أيضا .. أخاها ؟؟!اجتاحتها موجة من احساس غريب لم تدري كنهه .. لم ينجب عمّها مطر قبل وفاة زوجته غير عوشة .. أي أخٍ هذا ..
شعرت بذعر خفيف مفكرة بأشياء تفسر هذا .. تبا لذلك .. لا .. لا يمكن أن تكون عوشة من ذاك النوع .. مدللة .. بل مفسدة بالدلال .. تافهة بأفكار سطحية .. و لكنها ليست منحطة .. انتبهت لهدى التي بدأت تنظر لها بغرابة ..
- بلاج ؟؟؟؟
هزت رأسها عاجزة عن الكلام و هي تواصل سيرها بصمت .. هدأت هدى لفترة .. قبل أن تهمس بها بحدّة مشيرة ..
- شيخان .. شوفي راية ..
خفق قلبها بعنف مع سماعها لاسمها .. ترفع عينيها المتلهفتين للبحث عنها .. لتقع عليها واقفة في مسافة ليست ببعيدة عنها .. تحيط بها صديقتين ..انتزعت حقيبة الحاسوب و هي تلقيها على هدى ..
- يودي أنا بزخعها الحين و غصبن عنها برمسها ..
كانت تشعر بقلبها يضرب بسرعة .. و أنفاسها المشتاقة تتسارع .. خطاها تتسابق الى حيث وقفت تلك الفتاة بهيئتها المميزة .. الآن .. أو أبدا ..!
حال وصولها لمكانهن رفعت عينيها لها ثم اتسعتا بصدمة ..
- هاي ..
ردن الفتيات معا و هن ينقلن أبصارهن بين راية وشيخة ..
- أهلين ..
سلّطت هي نظرتها على تلك الجالسة بتوتر و هي تلتف يمنة و يسره .. لا تدري ملا بدت لها خائفة في تلك اللحظة .. كان صوتها حازما و هي تقول ..
- راية لو سمحتي .. أبا أرمسج يمكن خمس دقايق ..؟؟
تجنبت راية النظر لها بتردد .. قبل أن تنهض و هي تقول بصوت منخفض ..
- يمكن ،،
سارت شيخة لمنعزل قريب تتبعها راية إلى هناك .. ما إن اختفين عن أعين الآخرين .. حتى استدارت شيخة بشوق و لهفة و هي تقول ..
- راية حبي .. و الله العظيم انه ما يخصنيه في منى لي شفتيه فهمتيه غلط .. بس كنت أربط خيط تنورتها من ورا .. أدريبها دوم تغايظج و انتي تغارين .. بس و الله انتي بس حبيبتي و روحي و حياتي .. رايه حرام عليج شهرين و انتي ما تردين ع تيلفوناتيه .. أحبج .. ماروم أعيش من دونج .. لا تحرمينيه منج دخيلج و الله انتي ظالمتنيه ..
كانت شيخة تقول هذه الكلمات بسرعة وسط دموعها التي سرعان ما انهمرت ،، دموع وجدت الطريق هنا ،،
.
.
تذهلني قذارة هذه العبرات ،،
لم تكن لتهطل حين آن الرثاء على روح راحلٍ فقدت الحق في بكاءه ..!
.
.
التقطت كف راية و هي تدنو منها أكثر ..
- حبيبتي .. و الله توبة .. ما بتشوفينيه ويا هاللوث منى مرة ثانية .. بس انتي رديليه .. أحس بالموت و انتي بعيدة عنيه ..
ذهلت حين انتزعت راية يدها و هي تضمها الى صدرها .. لاح الخوف على وجهها و هي تقول بصوت مهتز ..
- أنا هب زعلانة عسب منى و الا غيرها .. هالأشكال ما تهمنيه ..
بدا الضياع على وجه شيخة و هي تهمس بوله ..
- عيل ليش ..؟؟ ليش هاجرتنيه من شهرين .. دون سبب ..!!
نظرت لها راية و هي تتظاهر بالثبات .. الحقيقة أنها كانت خائفة من ردة فعلها .. فما الذي يمكن أن تفعله بعد أن تحطمها ..!! كان صوتها ضعيفا و هي تقول بقلق و تراقب وجه شيخة ..
- أبا أقطع علاقتي فيج .. أباج تنسينيه .. أنساج ..
بدت الصدمة جلية على وجه شيخة و هي تقول باستنكار ..
- شوووووه ؟؟ تخبلتي انتي ..؟؟
ارتجفت راية و هي تقول ..
- أنا بعرس ..

* * * * *

الله أكبر الله أكبر ،،
الله أكبر الله أكبر ،،
.
.