شعره
اتفق علماء الأدب، وأئمة نقد الشعر، على انه لم يوجد في الشعراء الذين نشؤوا في ملك الإسلام أبلغ من جرير والفرزدق والأخطل، وانما اختلفوا في أيهم أشعر، ولكل هوى وميل في تقديمه صاحبه، فمن كان هواه في رقة النسيب، وجودة الغزل والتشبيب، وجمال اللفظ ولين الأسلوب، والتصرف في أغراض شتى فضّل جريراً، ومن مال إلى إجادة الفخر، وفخامة اللفظ، ودقة المسلك وصلابة الشعر، وقوّة أسره فضّل الفرزدق، ومن نظر بُعد بلاغة اللفظ، وحُسن الصوغ إلى إجادة المدح والإمعان في الهجاء واستهواه وصف الخمر واجتماع الندمان عليها، حكم للأخطل، وإن لجرير في كل باب من الشعر ابياتاً سائرة، هي الغاية التي يضرب بها المثل، ومن ذلك قوله في الفخر:
إذا غَضِبَتْ عليكَ بنو تميمحَسِبْت الناس كلَّهُم غِضاباوقوله في مدح عبد الملك بن مروان:
ألـَسْتُم خَيَرَ مَنْ ركب المطاياوأندى العالمين بطونَ راحٍوقوله في هجاء الراعي النميري:
اعد الله للشعراء منيقصائد يخضعون لها الرقاباانا البازي المدل على نميراتحت من السماء لها انصبابافلا صلى الاله على نميرولا سقيت قبورهم السحابافَغُضَّ الطَّرْفَ إنك من نُميرٍفلا كعْبا بلغتَ ولا كِلاباوقوله في الغزل:
إن العيون التي في طرفها حَـوَرٌقَتَلْننـا ثـم لـم يحييـن قتلانـايصرعنَ ذا اللُّبِّ حتى لا حراكَ بهِوَهُنَّ أضعـفُ خلـقِ الله أركانـاوقوله في صدق النفس:
إني لأرجو منك خيرا عاجلاوالنفس مولعة بحب العاجل