الفصل 26

وصل نجيب ..الى ايطاليا ولم يتسنى له ابلاغ زملائه ..من المطار استقل سيارة اجرة والى الشقة راساً ..ما زالت اثار مصيبتيه في صديقه وفي ماله تؤثر عليه ..وخيبة الامل سيطرت على كل حواسه ..وصل للشقة قبل ان ينهى حسام ومروان عملهم ..رمى شنطته التى ذهب بها وعاد بها في الصالة ودخل متثاقلاً الى الغرفة واستلقى على الفراش ..شعر بصداع يلف راسه ..وكلمات عم ايوب وعبارات المواساه ..تارة في الصديق واخرى على المال ..دوامه من المحادثات لا تنهتى مع صور تتكرر ..
لحظات ودخل حسام ومروان يتحدثان وما ان راى حسام الشنطه حتى صاح على مروان
- نجيب هنا ...ودلف الى الغرفة ...واقترب من صاحبه
- - نجيب هل نمت ؟
لم يتلقى اجابة ..لاحظ شحوب وجهه ..لمسه ..قوجد حرارته مرتفعه ..فقال لمروان
- حرارته مرتفعه ..اطلب لنا طبيباً
ركض مروان للخارج وعاد بطبيب من الجاليه العربيه عرفوه منذ فتره عاينه وقال
- سأكتب له هذا العلاج عليه ان يتناوله ..مع عمل كمادات ..اذا لم تنخفض حرارته فمن المستحسن ان تنقلوه الى مستشفى ..
- مستشفى ؟؟ هل حالته خطيرة يا دكتور ..
- دعنا لا نستعجل الامور ..الحراة عاده عارض وليست مرضاً قد يكون تغيير في الجو وتأثر به... صاحبك يقول انه الان قدم من سفر ..
- هذا صحيح ..
- اعطوه الدواء ..ولا تنسى الكمادات ..خففوا من ملابسه ..واذا استطعتم فأجعلوه يأخذ حماماً بارداً ..وليتناول العصير سيفيده ..وبأذن الله يشفى ..تستطيع الاتصال بي في أي وقت ..
اخذ مروان الوصفة وخرج من الغرفة لأيصال الطبيب ..وقام حسام بتجهيز الكمادات ..وبدا ..وعاد مروان بالدواء مع كيس من البلاستيك يتم وضع الثلج فيه وقال :
- وجدت هذه في الصيدليه لعلها تساعد ...ينظر لنجيب ..كيف حاله ..
- كما هو ..املأ هذه البلاستيك وهاتها اضعها على راسه ..والتفت الى صاحبه وقال :
- مالذي حصل ..ياصديقي ؟؟ وجعلك بهذا الشكل ..
احضر مروان الثلج فقال حسام :
- اولا ساعدنى لنخلع عنه هذه الملابس ..واحضر البيجاما لنلبسه اياها ..اسرع مروان وجلب ما طلب وتعاونوا والبسوه ووضع الثلج على راسه ..
جلسو بجواره ونسوا حتى تغيير ملابس العمل ..لم يشعروا بأنفسهم وقد غلبهم النعاس الا بصوت نجيب وهو يهذي
- سرور ...ايوب ..معي ايصال ..محمد .....افاق وكانه ينظر اليهم وعاد الى النوم اقترب منه حسام ...
- نجيب ..اصحى ..انا حسام .. كلمنى ...قال مروان :
- هل اجلب الطبيب ؟؟
- لا ..هو نائم الان ..لقد انخفضت حرارته ..دعه ينام ..وفي الصباح نرى ..ونظر الى ساعته
وقال : لقد اذن الفجر دعنا نصلي ..وننام قليلا ..غدا اذهب انت للعمل وخذلي اجازة ..
- دعنى ابقى معك ..
- لا داعي ..ان نتغيب نحن الاثنين ...اذهب واخبر فيليب ..وخذلي اجازة لبقية الاسبوع ..صاحبنا من حالته ومن سرعه عودته يبدو انه خسر كل شي ..
- هل يعقل ان صديقه سرورسرقه ؟!
- في هذا الزمن الاسود شاهدنا من يقتل والديه من اجل المال ..اخوة كل يوم في المحاكم ..
- لكنه قال انه يثق فيه ..!!
- المال يغير الناس يا صديقي ..عموما لا نستعجل غدا يتعافى ويحكى لنا مالذي حصل ..
- اخشى ان تزداد حالته سوء ..
- تفائل بالخير..حرارته انخفضت ..وهو نائم الآن ..هيا اغتسل دعنا نصلي ..
بعد الصلاة ناما قليلا ..واستيقظ مروان وذهب للعمل ..وحسام لم يشعر برغبة في النوم اخذ كتاب ليقرا فيه ..وجلس في الصالة ..حتى سمع صوت صاحبه ..ذهب للغرفة ليجده قد افاق فتقدم مبتسماً..
- اخير يا رجل ..لقد افزعتنا ..
- هل مضى علي وقت ..
- لا ندري متى وصلت ..هل انت بخير ؟؟
- اشعر بدوار بسيط ..لكنى عطشان ..
- لحظة سأجلب لك الماء ..
وجلب له الماء وجاء مسرعاً سقاه ..وقال حسام ..محاولاً التخفيف عنه
- اليوم انا متفرغ ..سأصنع لك افضل افطار ..ما رايك لو تأخذ حماماً وتتنشط ..هيا قم معي ..
واسنده واخرج له بعض الملابس الى الحمام ..وذهب للمطبخ وبدا في تجهيز الافطار ..وما ان انتهى الا ونجيب قد خرج وجلس في الصالة ..ووضع حسام الافطار امامه وقال :
- بسم الله ..هيا كل ..وذهب للغرفة واحضر الدواء ..فنظر اليه نجيب وقال :
- هل احضرتم طبيب ؟؟
- نعم فلقد كانت حرارتك عاليه ..
- آه ..لم تسلنى مالذي حصل ؟
- لا داعي للكلام ..الان كل ..ولدينا متسع من الوقت ..انا سأذهب للسوق لأحضر لك بعض العصير ..
- لا داعي ..
- الطبيب قال ..
- انا بخير ..صدقنى ..لكنى اشعر برغبة في النوم ..
- لا بأس كل افطارك وتناول الدواء وادخل نم ..
لم يأكل كثيرا رغم الحاح حسام ..اخذ الدواء ودخل لينام ..وجدها حسام فرصة فذهب للسوق واشترى عصير ومستلزمات الغداء ..وبعض الصحف ..وعاد للبيت ليجد صاحبه نائم ..جلس في الصالة وبدا يقرا الصحف ....بعد الظهر ..بدا في اعداد الغداء ..وفي هذه اللحظات دخل مروان ..فنظر اليه حسام مستغرباً ..
- لقد عدت مبكراً
- تعبت ..فانا لم انم ..فستأذنت
- هل اخذت لي اجازة ..
- نعم ..وفيليب سيأتى الليلة ليراه ...
- هذا الاجنبي مختلف عن كل الاجانب في هذا البلد ..
- هو يحب نجيب ..واصدقاء من ايام المركب ..ما اخبار نجيب ..
- تكلم حسام وهو يقطع الخضار : الحمدالله ..افاق وافطر واخذ حماماً ودخل لينام ..
- هل اخبرك مالذي حصل ؟!
- استغرب انى لم اسئله ..وقلت له ان الوقت امامنا للكلام ..
- ولماذا لم تسئله ؟
- الا يوجد لديك دم ؟ الرجل جاء مريضاً ..منهكاً ..وتريدنى ان احقق معه ..
- انا لم اقل حقق معه ..؟ فقط لنطمئن ..
التفت اليه حسام وقال :
- اسئلك بالله من شاهدته البارحه هل هو نجيب الذي نعرفه ..
- بالطبع لا ..
- اذن كما يقال "المكتوب يقرا من عنوانه "
- ماذا تقصد ..
هنا غضب حسام وقال : ما رايك ان تقطع البصل افضل ..
- لا ارجوك انا لم انم ..
- ولا انا ..هيا ساعدنى لنجهز له شيئاً يأكله ..
- دعنى اخلع ملابسي حتى لا تعلق فيها رائحة البصل ..واتجه الى الغرفه المجاورة ..
ضحك حسام وقال :من يسمعك يقول انك تعمل في محل عطور ..
عاد مروان وقد خلع ما عليه : يكفينى رائحة السمك ..هل اضيف لها البصل ؟
في هذه اللحظات طل عليهم نجيب ضاحكاً :
- انتم ..ما زلتم تتشاكسون ...صاح مروان :
- مرحى ..وضمه واحتضنه وقال حمدا لله على سلامتك
- سلمك الله من كل سوء ..واتجه الى الثلاجه وسكب لنفسه ماء وشرب ..قال له حسام :
- لحظات ويصبح الغداء جاهزاً ..
- انا عاجز عن الشكر ..متأسف انى اتعبتكم ليلة البارحة ..
- لا تهتم ..ولست بحاجه للأعتذار اجلس في الصالة وارتح حتى ننهى الغداء ..هيا يا مروان اكمل الباقي ..تعال يا نجيب نجلس ..في التلفزيون فلم رائع سيعجبك ..قال نجيب
- حسام ..انا بخير ..دعنى اساعدكم ..
- لم يبقى شي للمساعده ..هيا بنا ...
وجلسوا في الصالة ..ولحظات وضعوا الغداء ..وبعدها الشاي وحرص حسام على عدم الخوض في أي شي ..جاء فيليب في المساء ..واطمئن على نجيب ..ولم يجلس كثيرا ..بعدها
كانت جلستهم التى بداها نجيب والحزن واضح عليه :
- كل شي انتهى ..
حسام : هل سرق كل شي ..؟
نجيب : سرور كان الصديق الوفي ..
مروان : اذن كيف ..هل وقع في نصاب ؟؟
نجيب : قدر الله ان يتوفي صديقي في حادث سيارة ..
حسام مقاطعاً : لا حول ولا قوة الا بالله ..كيف اذا ..
نجيب : ورث ابن خالته العمارة وكل شي ..وانكرنى ..واتهمنى بالنصب ..
مروان : الم يشاهد ايصال التحويل ..
نجيب : قال انه دين لسرور وانا سددته ..
حسام وقد بدا عليه الانفعال : الهذه الدرجه ..بلغ جشع الناس ...لماذا لم تشتكيه ؟
نجيب : ذهبت للمحامي ..وقال لي اذا لم يكن معي شي يثبت ما تم الاتفاق عليه بينى وبين سرور فلا فائده تُرجى ..لذا عدت ....
فقال مروان : هون على نفسك ولا تنسى قوله تعالى (قوله تعالى: ( ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص ‏من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين )..
قال نجيب وقد بدأت الدمعه العصية تهزمه وتخرج : تعب سنين يا اخوانى ..ليس بسهل ..وان نسيته ..كيف انسى صديقي ..
قال حسام وهو يربت على كتفه : اصبر ..اصبر .قال . النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلا لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ )
نجيب وهو يمسح دمعته : صدق رسول الله ..واللهم اجبرنى في مصيبتى وعوضنى خيرا منها ..
هدا قليلاً ..وشعر برغبة في النوم ..فقال :
- اعذرونى سأنام قليلاً ..
قال حسام : نعم عليك ان ترتاح ..النوم سيساعدك ..
وقام نجيب ونام وبقي حسام يتفقان على طريقة تسري عن صاحبهم وتخفف مصابه ..وبعدها رتبا الشقة وذهبوا الى النوم ...