لم تتوقف المشاكل بيننا وبين الفقراء، اخترنا عدم القتال فبقينا في القصر وأقفلنا الأبواب علينا. أراد الفقراء السكن في بيوتنا التي في السهول. لكن وجدوا أنفسهم لا يستطيعون البقاء في الأماكن المغلقة. فهدموا البيوت التي في السهول ثم عادوا إلى الغابة وأقاموا فيها. ولم يستطيعوا أن يتركوا القرية أملا أن يأتي يوم يعودون لطبيعتهم ويشاركونا الثراء. فكدسوا أنفسهم منذ ذلك اليوم في حراسة وحماية القرية.

مر على القرية شهور لا يكاد يُرى فيها أحد وكأنها قرية اشباح. كما يبدوا لمن يمر عليها. في ذلك الوقت عانت إحدى القرى البعيدة من الجفاف وقلة الأمطار فأصبحوا يتنقلون من مكان إلى آخر بحثا عن مكان يستقرون فيه، وترعى فيه حيواناتهم وكانت تلك القرية مشهورة بجمال نسائها وقوة رجالها. بعد عناء اكتشفوا هذه القرية وجدوها خالية كما يبدوا لهم فقرروا البقاء فيها وإعمارها. أُعجب الفقراء من المحجوبين بجمال نسائهم. فلم يسمحوا لهم بالخروج ولم يسمحوا لأحد غيرهم بالدخول. ولنفس السبب اشتهرت القرية وجاء الكثير من العالم يريدون رؤية قرية الفتيات الفاتنات التي أصبحت ممنوعة.

فكانوا المحجوبين يؤذون من يحاول الخروج ومن خرج قتلوه أمام مدخل القرية فخاف الجميع وتوقفت محاولات الخروج. وبنفس الطريقة منعوا من في خارجها من دخول القرية، انتشر الخبر فلم يحاول أحد أن يقترب من القرية. وأصبحت القرية ممنوعة.

حاصر الجيش القرية. والتقوا بقادة القرية من خلف مدخل القرية، فأخبروهم أنهم لا يستطيعون الخروج من القرية ولم يستطيعوا أن يعملوا أي شيء في القرية وأن ما يقومون ببنائه في النهار يسقط في الليل. بقي الجيش يحاصر القرية. في المساء أخذ "المحجوبين" أسلحتهم وأصبحوا يصيبون أفراد الجيش إصابات غير قاتلة. ويفجرون سياراتهم. أخذ بقية الجيش المصابين وهربوا قبل الصباح. فمنعت الدولة الطاجيكية أي شخص يقترب من هذه القرية.

أصبح أهل القرية من المرئيين يعتادون على حياة القرية والعيش بدون مساكن والأكل من الثمار وشرب الحليب من الماشية فكانت مُشبعة لهم. وتأقلموا على حرّها وبردها. وبعد سنوات عدة، عادت الفتاة الفقيرة التي ولدت وقت حادث الإخفاء. وقد أصبحت في الثامنة عشر من عمرها. فتاة جميلة وذات عينين زرقاوان. دخلت القرية اقترب منها المحجوبين ليهجموا عليها، ولكنهم توقفوا لما عرفوا أنها تراهم وتسلم عليهم وترحب بهم، عرفوا أنها تلك الفتاة التي ولدت أثناء الحادث. دخلت القرية وذهبت إلى والدتها التي فرحت بعودتها وتبادلا دموع الفرحة بلقائهما، وفرح الجميع بعودتها وأصبح لديها صديقات في القرية تتحدث إليهم ويقضون أوقات جميلة مع بعض، وكانت حلقة الوصل بين المحجوبين والمرئيين. فأوصلت لمرئيين ما يريده منهم المحجوبين.