البارت السابع والعشرون. (الأخير)
……………….
بعد مرور عامين
قبلت ندي طفلتها الصغيره ذات العام الواحد
و اعطتها الي لميس التي حملتها بين يديها بحب
-انا مطمنه علي تالين طول ما هي معاكي يا لميس خلي بالك منها وخلي بالك من نفسك
ابتسمت لميس بفرحه شديدة اتطمني يا ندوش
توتا دي في عنيا
بس انتي ادعيلنا دعوة حلوة كدة وانتي هناك
نظرت لميس الي مهاب ورفعت اصبعها محذرة
-مهاب..خلي بالك من اختي ..مفهوم
وضع مهاب يدة علي كتف ندي وضمها اليه
-هتوصيني علي مراتي بردو
احتضنت ايمان ابنتها واخذت تذرف الدموع من عينيها
-خلي بالك من نفسك يا ندي وخلي بالك من جوزك يا حبيبتي وادعيلنا كلنا ماشي
-اكيد يا ماما بس انتي هتوحشيني اوي
هنا تدخلت زينب عاتبه
-يعني هي حنان بس اللي هتوحشك وانا لأ
احتضنتها ندي و كادت ان تبكي هي الأخري
-وانتي كمان يا ماما..كلكو هتوحشوني
انتقلت خطوة واحدة لتودع والدها وحماها الذين قبلاها من رأسها و ودعاها بحرارة
دمعت عيني ندي ونظرت اليهم جميعا وهي تقول
-كان نفسي تبقوا كلكو معايا
جذبها مهاب من يدها
-قلبك ابيض اوي يا روحي..هما مش راحو كلهم السنه اللي فاتت وانتي كنتي حامل ومقدرتيش تسافري ..نسيتي
تتدخل زين في تلك اللحظة مازحا
-اه يا خويا كلهم راحو ماعدا انا ومراتي الغلبانة اللي اتدبسنا فيك انت وهي ومروحناش عشان لميس هانم مينفعش تسيب اختها وهي حامل
حرام عليكو بقي نفسي اخد لوما ونروح مرة
اقتربت لميس من ندي وامسكت يدها بقوة
واخرجت لسانها لزين بطفولة
-ايوة مقدرش اسيب اختي.. ملكش دعوة
وحتي لو روحنا السنة الجاية هاخد اختي معايا
قاطعهم محمود بصرامة
-طب يلا بطلوا رغي الطيارة هتفوتكو كدة
احتضنت لميس ندي من جديد بعد ان اعطت الطفله لزين ليحملها
-ادعيلي وانتي قدام الكعبة بالظبط يا ندوش
-صدقيني يا حبيبتي دايما بدعيلك
خدي بالك من ماما حنان وبابا عماد وخليكي معاهم زي ماما زينب وبابا محمود بالظبط
ابتسمت لها لميس واحتضنت يد حنان
-بتوصيني علي مين يا ندي
انتي عارفه ان كلهم عيلتي ومامتك وباباكي هما اهلي ..دا انا حتي مقدرش اعيش من غيرهم
بعد وداع حار صعد مهاب و ندي الطائرة لتنطلق بهم الي المملكة العربية السعودية
لزيارة بيت الله الحرام ويتموا مناسك العمرة
---------------------------------------------
وضعت لميس الطفله علي ذلك السرير الصغير الذي اشترته خصيصا من اجلها وزينته بالورود والالعاب بلمسه فنية راقية ليبدو اجمل سرير اطفال وجد بالكون
-انا كنت عايزة اتكلم معاك شوية يا زين
التفت اليها لينظر لها باهتمام
-اتكلمي يا حبيبتي
تكلمت لميس والتوتر يكسو كل عباراتها
-انت عارف ان...ان انت السبب بعد ربنا طبعا في وجودي في الدنيا لحد دلوقتي
انت انقذت حياتي اكتر من مرة قبل كدة
وكمان بعد ما كنت وحيدة ومليش حد
جيت انت مليت عليا حياتي وبسببك بقي عندي عيلة كبيرة وبيحبوني
حتي لما اكتشفت ان شركة بابا افلست بسبب سامح
انت اللي اشتغلت فيها لحد ما خليتها بقت في مكان اعلي من اللي كانت فيه الأول
ثم تابعت والدموع تغطي وجهها
-انت عملتلي حاجات كتير اوي وفي المقابل انا مقدرتش اعملك اي حاجة اسعدك بيها
ضمها زين اليه ومسح دموعها التي انهمرت علي خديها كالشلالات
-وجودك معايا اكبر حاجة ممكن تقدميهالي يا لميس
انتي اجمل هدية ربنا بعتهالي
انتي فرحي وسعادتي واحلي حاجة في حياتي
نظرت الي عينيه بدموعها التي كانت كالسكاكين التي تمزق قلبه لتقول تلك العبارة التي آلمته اكثر
-يعني مش هتزهق مني في يوم
او تحس اني مقدرتش اسعدك لأني مبخلفش
كم آلمته تلك العبارة وكم تعذب اكثر لحزنها
-مستحيل
انا مستحيل افكر كدة ..وانتي لازم يبقي عندك ثقه فيا اني مش ممكن افكر بالطريقة دي
خلاص الموضوع انتهي ومش عايز كلام فيه تاني
القت نفسها بين احضانه لتبكي بغزارة
-انا بحبك اوي..ربنا عوضني بيك عن كل يوم وحش عيشته في حياتي
نظر اليها ليمازحها بطريقته المعتادة
-انتي بتجيبي الدموع دي كلها منين
انا كل شوية اقول هتبطل ...اكيد مخزون المية بتاعها هيخلص بس بردو مبيخلصش
تكونيش حفرة قناة بين عنيكي و بحيرة فيكتوريا
ضحكت لميس من قلبها لترد عليه بمزحه اخري
-خلاص هخاول ارشد استهلاك المية شوية
---------------------------------------------
كانت تجلس تلاعب تلك الطفله الصغيرة
-توتا حبيتي هتشرب اللبن دا كله عشان هنروح النهاردة نقابل مامي وبابي في المطار
يلا يا روحي اشربي
في تلك اللحظة سمعت خبرا بالتلفاز جعلها تصرخ وتبكي حتي فقدت وعيها لتترك تلك الطفله الصغيرة تبكي بشدة ولا احد يشعر بهمع
لحسن الحظ بعد عدة دقائق كان زين قد وصل من عمله ليفزع عندما رأي زوجته مطروحه ارضا وتالين الصغيرة تصرخ حتي كاد صوتها ان ينقطع
اسرع اليهم وحمل الطفله بيده وقام بإحضار كوب من الماء ليلقيه بأكمله فوق لميس والقلق يتوغل بقلبه
استافقت لميس لتتمسك به وتشير الي التلفاز وتبكي بطريقه هيستيرية ومع زيادة بكائها يزداد بكاء تلك الطفله الصغيرة تالين
سيطر القلق والخوف عليه بل ما كان بقلبه اكبر واصعب من ذلك بكثير
-اهدي يا حبيبتي.. مالك ...ايه اللي حصل
اشارت بيدها الي التلفاز ولم تستطع التكلم
فهم زين اشاراتها والتفت الي التلفاز ليصعقه الخبر الذي يتصدر الشاشه
(سقوط طائرة الحجاج قبل عبورهم الخطوط الجوية المصرية)
لم يستطع تحمل الصدمة وسقط ارضا ليجلس بجوار زوجته
ضمها اليه بقوة كما انه شدد علي ضم الصغيرة تالين بين احضانه
تلك المسكينه التي فقدت والديها حتي قبل ان تتمكن من نطق اسميهما
اختلطت دموع الثلاثه وتعمقت جروحهم وزين يحتوي الاثنتين بين زراعيه ولا يستطع منع دموعه من الهطول امامهم
ليكون ذلك اصعب مشهد بقصتنا
*وجع*
تثاقلت الاحمال علي عاتقه لتصبح كالجبال
تري كيف سيتمكن من اخبار والديه
ما الطريقه المناسبة ليطلع والدا ندي علي ذلك
يخشي ان تنهار تلك العائله الكبيرة بسبب تلك الحادثه المفاجئة التي اودت بأبنائها
وهم مايزالوا في ريعان شبابهم
الشابان المرحان الذان كانا يطفيان البهجة علي الجميع بإبتسامتهم العذبة
•••••••
الموت هو نهاية كل انسان
لا يخشاه الا من كان غير مستعد للقاء ربه
لذا يجب علينا جميعا ان نعد العدة لذلك اليوم الذي سنفارق فيه الحياة
علينا اللا نستبعد ذلك اليوم ابدا فالموت لا يفرق بين كبير او صغير ..لا احد يعلم متي كتب الموت
مخطئ من ظن ان الموت شر
فالموت لا يؤلم الموتي..بل يؤلم الاحياء
يالسعادة ذلك المؤمن الذي توفاه الله بخاتمة حسنه
وما احسن واجمل ان نختتم الدنيا خاليين من الذنوب ...عائدين من بيت الله الحرام
لنتشرف بالخلود في جنته العالية
---------------------------------------------
بعد مرور خمسة اعوام
-بابي بابي بابي اثحي يلا قوم
جذبها زين اليه ودثرها بالغطاء وهو مازال مغمض العينين
-نامي يا بنتي ..نامي يلا وسيبيني انام
حاولت نزع الغطاء لتنهض لكن بلا فائدة
حيث كان زين يضع زراعه فوق جسدها الصغير
-يا بابي قوم بقي النهردة اول يوم في المدرثه وانت قولت هتوثلني
جاوبها زين بصوت ناعس
-يا حبيبتي بلا مدرسه بلا بتاع ..
يعني هما اللي اتعلموا كانو عملوا ايه
جاهدت تالين لتبعده عنها وركضت الي لميس التي كانت تحضر الفطور بالمطبخ
-بابي كثلان...بابي كثلان
نزلت لميس الي مستواها وداعبت انفها الصغير
-مالك يا توتا عامله دوشه ليه
-يا مامي بثحي بابي وهو مش بيثحي
غمزت لها لميس وقامت بملء ابريق الماء
-يلا ننفذ الطريقه اللي تيته زينب قالتلنا عليها
ضربت الأم وابنتها كفا بكف وذهبتا لتنفيذ ما تخططان له
جلستا بجواره علي السرير وهما تضحكان
-هشششش..وطي ثوتك يا مامي عثان ميعرفث
غمزت لميس وهي تكتم صوت ضحكاتها وهمست لصغيرتها
-تحت امرك يا كبيرة
١.٢.٣
قذفت لميس عليه ابريق الماء بأكمله بينما رمته تالين بكوبها الصغير
ليقفز من مكانه صارخا
-عااااااااااااا
انا هربيكو انا هقطع المية عن البيت دا
الله يسامحك يا ماما انتي السبب
اخرجت له لسانها لتغيظه
-ملكث دعوة بتيته
قالت جملتها ثم اختبأت خلف ظهر والدتها سريعا
لترمقه لميس بنظرة صارمة مصطنعه
-١٠ دقايق تكون لبست وفطرت وطلعت العربية من الجراج عشان نوصل توتا ع المدرسه
نهض اخيرا من السرير واخذ المنشفه واتجه الي الحمام بعد ان ذهب النوم من عينه
-تحت امرك يا فندم
بالفعل تجهزوا جميعا للخروج من المنزل
و وقفوا امام صورة مهاب وندي المعلقه بعرض الحائط
لتنظر اليها تلك الطفله تالين بعينيها البريئتين
الخضراوتين كعيني والدها وبياضها الحليبي وشعرها الاشقر الذين ورثتهما من والدتها
كانت حقا كما كانا يحلمان
جميله وبريئة ومرحه وحنونة
-مامي ندي وبابا مهاب ..عاملين ايه النهاردة
عارفين..النهاردة اول يوم ليا في المدرثه
ومامي لميث وبابي زين جايين معايا
ثلام...هتوحثوني اوي لغاية ما ارجع