بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله و الصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه. أَما بعد : فَإِنَّ الفِتَن فِتَن الشَّهَوَاتِ وَ الشُّبُهَات وَ القِتَال وَ فِتَن البِدَع ، كُل أَنْوَاع الفِتَن لاَ تَخَلُّصَ مِنْهَا وَ لاَ نَجَاةَ مِنْهَا إِلَّا بِالتَّفَقُّه فِي كِتَابِ الله وَ سُنَّةَ رَسُولِهِ صَلَّى’ اللهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّم ، وَ مَعْرِفَة مَنْهَج سَلَفُ الأُمَّةِ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم وَ مَنْ سَلَكَ سَبِيلَهُم مِنْ أَئِمَّةِ الإِسْلاَم وَ دُعَاة الهُدَى’ .. وَ جَمِيع مَا يَقُول النَّاس ، وَ مَا يَتَشَبَّث بِهِ النَّاس وَ مَا يَتَعَلَّق بِهِ النَّاس فِي سِلْمِهم وَ حَرْبِهِم وَ فِي جَمِيعِ أُمُورِهم , يَجِبُ أَنْ يُعْرَض عَلَى’ كِتَابِ اللهِ وَ عَلَى’ سُنَّةِ رَسُولِهِ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَ السَّلاَم ، قَالَ جَلَّ وَ عَلاَ فِي كِتَابِهِ الكَرِيم : ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً)) .، وَ لَّمَا كَانَت الجَنَّه طَيِّبَه ، وَ لاَ يَدْخُلهَا إِلَّا مَنْ كَانَ طَيِّبًا وَ اللهُ طَيِّب لاَ يَقْبَلُ إِلَّا طيبًا ، لِذَا جَرَت سُنَّةُ اللهِ فِي عِبَادِهـ الإِبْتِلاء بِالمَصَائِب وَ الفِتَن ، لِيَعْلَم المُؤْمِن مِنَ الكَافِر وَ يَتَمَيَّز الصَّادِق مِنَ الكَاذِب كَمَا قَالَ اللهُ سُبْحَانَه : ((أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ* وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الكَاذِبِينَ)) .. وَ اللهُ سُبْحَانَهُ يَبْتَلِي عِبَادَهـ بِأَنْوَاعٍ مِنَ الإِبْتِلاء ، فَتَارَةً يَبْتَلِيهُم بِالمَصَائِب وَ الفِتَن اِمْتِحَانًا لَهُم لِيَعْلَم المُؤْمِن مِنَ الكَافِر وَ المُطِيع مِنَ العَاصِي وَ الشَّاكِر مِنَ الجَاحِد ، وَ تَارَةً يَبْتَلِي اللهُ عِبَادَهـ بِالمَصَائِب إِذَا عَصُوا رَبَّهُم فَيُؤَدِّبهُم بِالمَصَائِبِ لَعَلَّهُم يَرْجِعُون ، وَ تَارَةً يَبْتَلِي اللهُ عِبَادَهـُ بِالمَصَائِبِ لِرَفْعِ دَرَجَاتِهم وَ تَكْفِير سَيِّئَاتِهم ، وَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى’ اللهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّم يَتَعَوَّذُ بِاللهِ كَثِيرًا مِنَ الفِتَن ، كَمَا فِي حَدِيثِ زَيْد بِن ثَابِت عَن النَّبِيِّ صَلَّى’ اللهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّم قَال : [ تَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنَ الفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَ مَا بَطَن ] .. وَ غَيْرُهـ مِنَ الأَحَادِيث الَّتِي لَهَا أَثَرُهَا الإِيجَابِي الكَبِير فِي أَوْقَات الفِتَن وَ الخَوْف ، آثَارُهَا فِي تَهْدِئَة النَّفْس وَ سَلاَمَة البَدَن وَ القُرْب مِنَ اللهِ عَزَّ وَ جَل .. وَ إِنَّ صَلاَح دِين المَرْء فِي الدُّنْيَا يَعْنِي سَعَادَتَه وَ فَوْزهـ فِي الآَخِرَهـ ، وَ إِنَّ رَأْسَ مَالِ المُسْلِم دِينَه ، فَمَن فَرَّطَ فِيهِ وَ عَرَّضَه فَقَد خَابَ وَ خَسر .. وَ مَنْ حَافَظَ عَلَيْهِ وَ اَعْتَنَى’ بِتَقْوِيَتِه أَفْلَحَ وَ نَجَح ، وِ لِذَا كَانَ مِنْ دُعَائِهِ صَلَّى’ اللهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّم : [ الَّلَهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي ، وَ أَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي وَ أَصْلِح لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي ، وَ اجْعَلْ الحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْر ، وَ اجْعَلْ المَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَر ] .. نَسْأَلُ الله أَنْ يُعِيذَنَا وَ إِيَّاكُم مِنَ الفِتَنِ .