فضل صيام ستة من شوال دراسة جديدة
عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ ))رواه مسلم وأبو داود والترمذي
الذي عليه الناس أن صيام شهر رمضان مع ستة من شوال يصبح العدد (ستة وثلاثون يوما )في عشرة فيكون تمام السنة ،والحسنة بعشر أمثالها ،وهذا فيه نظر ليس من قبيل الحسنة بعشر أمثالها،بل من شرح الحديث يتضح أن الأمر أبعد من ذلك بكثير،فمن الوقوف على معنى الدهر فإن كلمة(الدهر)لم تستعملها العرب في لغتها للدلالة على السنة،بل استعملوا(حُجة،وخريف،وعام،وربيع) لتدل على السنة ،وإنما استُعمِلَ الدهر بمعنى (الزمان ) والأمد الممدود،كما جاء في معجم لسان العرب .قال تعالى:(( وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ ۚ وَمَا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنْ عِلْمٍ ۖ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ))24 (الجاثية). وقال تعالى:(( هَلْ أَتَىٰ عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا ))1(الإنسان) .
وقد جاء في الحديث القدسي :(( عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( قال الله عز وجل : يؤذيني ابن آدم يسب الدهر ، وأنا الدهر بيدي الأمر ، أقلب الليل والنهار ) أخرجه البخارى ومسلم (( فقد كانوا في الجاهلية يسبون الدهر- أي الزمان -لما يقع عليهم فيه من مصائب،وليس الله تعالى ،فبين الحديث أن ما يحصل في الدهر من خير وشر هو بعلم الله وإرادته فنهى عن سبه،حتى لا يحصل اللغط .
ومنه قول الشاعر: يا دهر ويحك ما أبقيت لي أحدا ** وأنت والد سوء تأكل الولدا
وقول جرير: أنا الدهر يفني الموت والدهر خالد ... فجئني بمثل الدهر شيئاً يطاول

وهكذا فإن العرب استعملت الدهر للدلالة على الزمان،ومعنى ذلك ان صيام رمضان وستاً من شوال يعني صيام الزمن،والأمد الممدود ولا غرابة في ذلك، فعند الله أجر عظيم،قال تعالى :(( فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17(السجدة). وهناك:(( ليلة القدر خير من ألف شهر))،وهناك:(( مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ(261 البقرة. وهناك:(( لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ ۖ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ ۚ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (26) يونس
وقد روى البخاري ومسلم في صحيحهما/282 رقم 2840:
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَسُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ أَنَّهُمَا سَمِعَا النُّعْمَانَ بْنَ أَبِي عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَعَّدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنْ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا)).
وعلى ذلك فالأجر مفتوح وعظيم لا يعلم قدْره إلا الله و سبحانه تعالى.
اللهم افتح لنا أبواب رحمتك وأدخلنا في عبادك الصالحين واجعلنا من ورثة جنة النعيم
الشاعر:داود العرامين