في أحد الأيام وبعد صلاة العشاء.. كنت جالساً في المسجد.. جاءني طفلٌ صغير لا يتجاوز الثامنة من عمره.. سلَّم عليَّ وقال: أريد أوراقاً مثل هذه ! وأشار إلى أوراقٍ معلقةٍ على لوحة المسجد.. فقلت له: لعلك تأتيني غداً، أعطيك مثلها إن شاء الله..

في اليوم التالي جاءني وسلم عليَّ وقال: هل تذكرني ؟ قلت: نعم تذكرتك، فأخرجت له أوراقاً من (موقع ياله من دين) كنت قد جهزتها له.. وقلت له: ما شاء الله.. ماذا تريد أن تفعل بها؟

فقال لي: عندنا في المدرسة لوح وأريد أن أضع عليها هذه الأوراق ليستفيد منها المدرسون والطلاب.

فقلت له: جزاك الله خيراً.. وأثنيت عليه بما يستحق.. ثم مضى ذلك الطفل الصغير بل (الكبير) الذي يحمل همَّاً عظيماً في قلبه.. وسلّم عليَّ مودِّعاً وهو يقول: لا بدَّ من خدمة الدين، وآسف فلقد أزعجتك..

نعم.. مضى وهو يدعو إلى الهمّ الذي جاء من أجله.. في حين أن بعض شبابنا لم يُفكِّر إلى الآن بأن يضحِّي بجزءٍ من وقته وجهده.. أو يبذل شيئاً من ماله.. خدمةً لدين الله والدعوة إليه..

عند ذلك حمدت الله تعالى كثيراً.. وعلِمت يقيناً أن وراء هذا الطفل المبارك وأمثاله تربية عظيمة تستحق الثناء والإشادة..