ناكر ونكير
هم الملكان الذان يحإسبان المرء في قبره بسؤاله عن ربه ونبيه. ومن أدلة حقيقة وجود هذين الملكين في الكتاب والسنة ما يلي : ذكر القرآن الكريم: النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ [1] (سورة غافر، الآية46). . وقال النبي محمد صلى الله عليه وسلم : " إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم إذا انصرفوا أتاه ملكان فيقعدانه فيقولان: ما كنت تقول في هذا الرجل محمد؟ فأما المؤمن فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله، فيقال له: أنظر إلى مقعدك من النار أبدلك الله به مقعداً من الجنة، فيراهما جميعاً، وأما الكافر أو المنافق فيقول: لاأدري كنت أقول ما يقول الناس فيه، فيقال لا دريت ولا تليت، ثم يضرب بمطرقة من حديد بين أذنيه فيصيح صيحة يسمعها من يليه إلا الثقلين". رواه البخاري ومسلم عن أنس عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
تناقلت الأخبار الصحيحة وهو ما اتفق عليه اصحاب المذاهب الإسلامية الصحيحة أن الله ينزل على نزيل القبر الجديد ملكين يقومون بمحاسبته في قبره فيسألانه عن ربه ودينه ونبيه وكتابه وامامة وعمره وماله، فأن أجاب بالحق استقبل من قبل الملائكة بالريح والريحان وكان قبره روضة من رياض الجنة وأن تلجج لسانه بالاجابة تكشف له منزله بالنار وأستقبلته الملائكة بنزل من حميم.
وبالتالي فإن منكراً ونكيراً هما الملكان اللذان يسألان العباد بعد خروجهم من الدنيا، وسبب تسميتهما هو نكارة العبد المسؤول لهما وعدم معرفته ورؤيته في السابق لمثل شكلهما، كذا قال المناوي والمباركفوري. وأما صفتهما فهما أسودان أزرقان كما ثبتت الأحاديث بذلك، ذكر ابن حجر في الفتح رواية عن الطبراني في الأوسط في بيان صفتهما قال فيها: أعينهما مثل قدور النحاس وأنيابهما مثل صياصي البقر وأصواتهما مثل الرعد، قال ونحوه لعبد الرزاق من مرسل عمرو بن دينار وزاد يحفران بأنيابهما ويطآن في شعورهما معهما مرزبة لو اجتمع عليها أهل أمتي لم يقلوها. انتهى.
وظاهر كلام المناوي أنهما يأتيان بنفس الصفة للمسلم والكافر، ولا مانع أن يكون الملكان نفسهما هما اللذان يسألان كل ميت كما أن ملك الموت هو الذي يقبض روح كل ميت، علما بأنا لم نطلع على نص يصرح بذلك.
وأما عذاب القبر فيقع على الروح والجسد كما رجح ابن تيمية، وقد ثبتت النصوص المفيدة لعذاب القبر ولقدرة الله، فعلى المسلم أن يصدق بذلك ويوقن أن الله لا يعجزه شيء في السماوات ولا في الأرض، فهو قادر على تعذيب فرعون بالنار وبما شاء، ولو كانت جثته ماثلة بين أيدينا، فعلى المسلم التصديق بما ثبت في الوحي ولو لم يشاهد وقوعه فعلاً، ولا يحكم عقله القاصر في المغيبات. راجع عذاب القبر
وأما اسوداد وجه من مات على الكفر عند موته فلا نعلم فيه نصاً، علماً بأنه يذكر الناس وقوعه كثيراً، ولكن الثابت في النص هو اسوداد وجهه يوم القيامة يوم تبيض وجوه وتسود وجوه كذا قال ابن كثير والقرطبي، ويدل له قول الله: وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ {الزمر:60}