لا تكبري يا أمي؟

تركي الدخيل

كتب صديقي فيصل كيال ما يلي:كنت في العاشرة من عمري عندما خاطبت أمي قائلا: «أمي.. أرجوك ألا تكبري!!»، التفتت إلي باسمة وقالت: «ولماذا يا حبيبي؟»، أجبتها بصوت الطفل الصغير الحاني: «لأنني لا أريدك أن تصبحي جدة!!»، فوجئت أمي بإجابتي وضمتني إلى صدرها وتساءلت: «ولماذا يا صغيري؟»، قلت لها: «لأنك جميلة ولا أريد لك أن تخسري جمالك يوما ما!»، ضحكت أمي وقبلت جبهتي قائلة: «أعدك يا حبي أن أبذل جهدي لأظل أجمل ما أستطيع طوال عمري».

احتفظت بهذا الوعد في قلبي وذاكرتي، وما زلت أتخيل كيف كانت ستشرق إطلالة أمي في هذا اليوم 17 نوفمبر 2013 الذي كانت ستبلغ فيه الثانية والخمسين من العمر، ولو كان لي أن أستعيد الزمان لتمنيت لها عكس ما تمنيت وأنا في العاشرة، ولدعوت الله أن يحفظها لي حتى وإن أصبحت جدة، ولكن أمي اختطفها المرض الخبيث وهي في ذروة جمالها أما وجدة.

لقد شب الطفل الصغير وحيدا بعد أن تركته أمه إلى دار الخلود، وبات يتساءل: كيف يا ترى كان سيشعر بلمسة يدها وهو يقبلها مهنئا بذكرى ميلادها الثانية والخمسين؟ وكيف كانت ستكون إجابتها لو داعبتها متسائلا عن عمرها وهي التي كانت تحتفظ به سرا خطيرا لا تتقبل بشأنه المزاح؟في هذا اليوم، لا أملك إلا أن أحمد الله الذي جمعني بك في هذه الرحلة القصيرة التي كانت أشبه بالومضة منها بعمر، ولا أتمنى إلا أن أكون لك ابنا بارا تفخرين به كما أتباهى بك دائما أما حنونا عطوفة محبة رائعة بهية.

.يا أيها الشباب في كل مكان، لا تضيعوا فرصة وجودكم مع أمهاتكم! قبلوا أيديهن، واحتضنوهن، ودللوهن، واعلوا منزلتهن، ولا ترفضوا لهن طلبا، ولا تجعلوهن يمضين ليلة واحدة دون أن تحظوا برضاهن، فالعمر قصير، وقد تستيقظون يوما لتجدوا أنفسكم تتحسرون على ما لم تفعلوا لهن».حرف فيصل مداده قلبه، رحم الله والدتي ووالدته، ومن توفي من أمهاتكم، وحفظ لكم الأحياء منهن.

اللهم احفظ امهاتنا الأحياء وأرحم من توفت أمه واجعلها من سكان الفردوس الأعلى