حوار: حواس العايد - أبوزيد عبدالفتاح


• العنود: أشقائي يقتحمون علينا المنزل.. ونضع أسطوانات الغاز خلف الباب لتجنب تعذيبهم وإهانتهم.

• لم أدفع إيجار شقتي منذ 9 أشهر ومهددة بالطرد كل يوم بعد أن أنذرني المالك إنذار نهائي

• شقيقي، الولي على الأسرة، خريج سجون.. واعتدائه عليً هدفه الاستيلاء على الميراث.

• لا أعرف أين أذهب فالجهات الرسمية تعجز عن حمايتي.. وأعجز عن حماية بناتي منهم



من أبرز التعبيرات التي تلخص أزمة المجتمعات التي تتمترس خلف نفسها، وتقاوم فتح مشكلاتها العميقة على طاولة النقاش العلني للوصول الى حلول جذرية، عنوان مجموعة قصصية للأديب العربي أحمد تيمور.. "عشب يحجب النخيل"، حيث يكشف العنوان كيف تسيطر على المجتمعات بعض الأحداث العبثية الصغيرة لتتوارى خلفها قصص وحكايات تقطر ألماً ومرارة، فإدمان بعض الشعوب المتخلفة ولهاثها وراء أحدث الأجهزة وإمكانياتها التقنية التي ليس لهم أي دور في تصنيعها يواري عجزها المفجع كشعوب مستهلكة تعيش متطفلة على إنجازات الآخرين.

تماماً مثل الضجيج الذي يثار حول قيادة السعوديات للسيارة، فيما لا يلتفت أحداً لمآسي مواطنات ‏يعجزن عن العيش كآدميين في هذا الوطن، تحت مزاعم فارغة من تقاليد ليس لها أساس من ‏الدين أو القيم الإنسانية.‏

لكن ما وراء عنوان "أحمد تيمور" هو ما يجعل قصة "العنود" أكثر قسوة، تماماً مثلما يحدث خلف باب منزلها من ألم وتعذيب لها ولأطفالها وبناتها عندما يصبح من هو مؤتمن عليها وعليهم، والمفترض به أن يكون سنداً لها ولأسرتها وحامياً لبناتها؛ جلاداً يصب جام نزواته وسقطاته عليهم، ويصاب الجميع منهم بالرعب عندما يحضر فجأة لأنه في العادة لا يطرق باب المنزل ليستأذن الدخول عليها وعلى بناتها، فحين يحضر لا يكون هناك باب من الأساس، بعد أن يتم خلعه وتكسيره، وبعد أن تعيش العنود وبناتها لحظات رعب قاسية بين محاولة إغلاق الباب ووضع المتاريس خلفه حتى يتجنبن مزيداً من الضرب والتعذيب، وبين محاولاته ومن معه اقتحام المنزل، لدرجة أوصلتهن الى أن يضعن "اسطوانات الغاز" خلف الباب!.

بذلك المشهد الدرامي، بين محاولة العنود وبناتها وأطفالها صد هجمات عدد من اشقائها الذين تم تعيين أحدهم ولياً على الأسرة.. تبدأ المواطنة الخمسينية سرد تفاصيل قصتها لـ "المناطق" تسبقها دموعها ودموع ابنتها ذات الثلاثة والعشرين عاماً!.

مأساة العنود بدأت عقب طلاقها من زوجها الذي تزوج من أخرى وأصر أن يأخذ بنتيها منها لتعيشان معه في أحد المناطق، حيث أخذهما لمدة سبعة شهور، لتعود الفتاتان بعد ذلك الى الرياض بعد أن تم الحكم في القضية بأن الزوج فاقد للأهلية، وليبدأ بعد ذلك الفصل الثاني من المأساة ، وهو تعيين شقيقها "خريج السجون" ولياً عليهم، هكذا تصفه "العنود" مشيرة الى أنه قضى ما يقارب من 10 سنوات في السجن بسبب تشدده وأراءه المتطرفة وفكره الضال.

لم يكن أمامها سوى أن تتقدم الى الجهات القضائية لحمايتها منه، خاصة وأنه غير مؤهل على الإطلاق ليكون مؤتمناً على الأسرة مع كثرة تعديه مع اشقائه عليها تحت مزاعم كاذبة، وتعديهم على بناتها لإجبارهن على الزواج من شخصيات بعينها، وهو ما ترفضه بناتها، بل وصل الأمر إلى ما هو أشنع من ذلك من تفاصيل تتعلق "بعلاقات محارم".

ومع توجه "العنود" الى المحاكم، يبدأ الفصل الثالث من معاناتها بتفاصيل تبدو للبعض أقرب الى الخيال، حيث تم منعها من الحديث أمام القاضي بحجة أن صوتها عورة، كما رفض القاضي احالتها الى لجنة طبية متخصصة لدحض ما يردده اشقائها دائماً من أنها مصابة بـ "اكتئاب ما بعد الولادة" بعد حصولهم على شهادة طبية بدون علمها من أحد المستشفيات بذلك.

تتساءل السيدة في حسرة ممزوجة بدموع أقرب الى النواح: كيف يتم رفض طلبي بإحالتي الى لجنة طبية لدحض ما يروجه أشقائي من أنني غير مؤهلة لتربية أولادي؟! أنا لا أطلب مستحيل! فقط أطالب بحقوقي ككائن حي لحمايتي ممن يعتدون عليً.. هل هذا عيب أو منكر؟! هل عجزت كل الجهات المختصة وغير المختصة والعليا والسفلى عن حماية مواطنة وبناتها، وهم ليس لهم حامي إلا تلك الجهات بعد الله عز وجل؟!.

لم تفقد "العنود" الأمل، فلجأت الى جهات "أخرى" لتحريك قضيتها وإنصافها، لكنها وكما تقول، وجدت من يمكنه مساعدتها شريطة الزواج منها أو من بناتها، لتنتقل من شخص لآخر في سلسلة من الزواج المتتالي لا تعلم متى تنتهي، إن هي وافقت على ما يتم عرضه عليها لحل قضيتها.

تقول العنود: "شر البلية ما يضحك"، الموافقة على الزواج من شخص معناه أن أدخل في سلسلة من الزواجات قد تصل الى 7 زيجات خلال عام". تضيف بأسي: "العام لن يكون كافياً لشهور العدة لكي أتمكن من الزواج من كل هؤلاء حتى يحلوا قضيتي!".

من المحاكم والقضايا، تأخذنا العنود بدموعها الى حجم المعاناة التي تواجهها كمطلقة تعول أسرة دون مصدر رزق واحد، فتقول: "المصائب لا تأتي فرادى، فأنا وأطفالي وبناتي مهددون بالطرد من ‏الشقة بعد أيام، حيث أننا لم ندفع الإيجار منذ 9 أشهر لعدم وجود أي مصدر رزق ‏تعيش منه الأسرة بالرغم من أن طليقي راتبه 12 ألف ريال، ولهذا لم نستطيع دفع ‏إيجار الشقة، التي لا تصلح للسكن أصلا بعد أن تهدم فيها كل شيء من كهرباء ‏وسباكة، فلا وجود لأغطية مفاتيح الكهرباء مما يعرض الأطفال للخطر، ولا وجود ‏لسخان في ظل قدوم الشتاء القارص، بالإضافة على تمزق المفروشات والستائر على الشبابيك، ومع ذلك نستخدمها لتداري سوءاتنا مع ضيق ذات اليد".‏

وتضيف باكية: "كل ذلك يهون حتى لو نمنا على البلاط، لكن المشكلة أن طفلاي دائما مرضى، خاصة في ظل عدم التشخيص السليم وتلقي ‏العلاج المناسب لعدم قدرتي على دقع تكاليف هذا العلاج، مما يهدد حياتهما ، بالرغم من أنني كافحت كثيراً ‏وأجريت لهم بعض الفحوصات الطبية والاشعة المكلفة، لكنهما لا يزالان يعانيان، خاصة وأنهما لا يستجيبان للعلاج بشكل كامل بسبب حالتهم النفسية ‏والتهديد الذي يرونه ويسمعونه من أشقائي عند حضورهم للمنزل، وما يتعرضان له من ‏الأطفال في الشارع من سب ومعايره بعد أن أشاع شقيقي أن أمهما مريضة نفسية لغرض في نفسه أهمها الاستيلاء على الميراث".‏

بهذه الكلمات المؤلمة التي تتخللها دموعها عن فلذات أكبادها ينتهي حديث العنود والذي امتد نحو ساعتين وبرفقتها بعض ابناءها داخل مقر "المناطق".

التزمنا في "المناطق" بعدم نشر العديد من التفاصيل المفجعة والتي تمس خصوصيات العائلة المكلومة بانتظار تحرك الجهات المعنية لإيجاد حل نهائي.

بقي أن نشير إلى أن "العنود" لا تحمل تلك المصاعب والمشاكل فقط، بل تحمل هم آخر، وهو إصابتها بسرطان في المريء ورغم توجيه أمر سامي بعلاجها في الخارج إلا أن وزارة الصحة لم تستجب لنداءاتها وللأمر السامي حتى اللحظة!.






أحد أبنائها على سرير المرض، قبل أن تعجز المواطنة العنود عن إكمال علاجه


اسلاك كهربائية عارية بسبب عدم صيانتها لعدم دفعها للإيجار منذ 9 أشهر


تغلق شباك الشقة ببقايا ستائر ممزقة بعد أن عجزت عن شراء أخرى


أحد أطفالها خلال علاجه بأحد المراكز الطبية


تتحمل علاج أطفالها بنفسها، بينما طليقها لا يقدم لهم أي مساعدة رغم حالته المادية الميسرة

أرضية الشقة العارية تكشف عن الحالة التي وصلت اليها عائلة العنود



وأخيراً، هذه شقة العنود وقد غمرتها المياه بما فيها من بقايا أثاث بعد الأمطار الأخيرة

http://www.youtube.com/watch?feature...&v=nK7qOz_EtKo