الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا،
من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان الى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيرا....




أيها الأخوة المؤمنون ؛ كما تعرفون جميعاً الإسلام عقيدة، وعبادة، وتعامل، وآداب، فالعبادات ربع الإسلام، وقد أنهينا وخرجنا قبل أيام من عبادة الصوم،
ودخلنا في عبادة الحج، والشيء الذي يلفت النظر أن العبادة في الأصل اتصال بالله عز وجل، وهناك مناسبة للاتصال بالله عز وجل يومياً،
وهي الصلوات الخمس، وهناك عبادات تؤدَّى كل أسبوع، وهي صلاة الجمعة، وهناك عبادة تؤدَّى في كل عام وهي عبادة الصوم،
وهناك عبادة تؤدى في العمر مرةً واحدة وهي عبادة الحج، فمن عبادة يومية، إلى أسبوعية، إلى سنوية، إلى مرةٍ في العمر.
أيها الأخوة الأكارم ؛ بادئ ذي بدء الصلاة من أجل الصلاة، والصيام من أجل الصلاة، والحج من أجل الصلاة، والزكاة من أجل الصلاة، والدين كله اتصال بالله عز وجل، لأنك إذا اتصلت به سعدت بقربه،
ولكن لكل عبادة طعم، وبعضهم قال: إن الصلاة فيها معنى الصيام، ومعنى الحج، ومعنى الزكاة، لأنك حينما تقف في الصلاة لا يصوم فمك فقط، بل تصوم جوارحك عن أية حركة غريبة عن الصلاة،
وحينما تتجه في الصلاة إلى بيت الله الحرام فهذا من معاني الحج في الصلاة، وحينما تنقطع عن العمل فهذا معنى الزكاة، لأن الوقت أصل له، وحينما تتجه إلى الله عز وجل فهذا جوهر الصلاة، والصيام من أجل الصلاة،
ومن أجل أن تشعر أن الله سبحانه وتعالى راضٍ عنك، لقد تركت طعامك وشرابك من أجله، ولكن الحج أيها الأخوة عبادة مالية، فيها دفع للمال، وعبادة بدنية فيها جهد، وعبادة شعائرية فيها مناسك، وفيها طواف، وفيها سعي،
ولكن قبل كل شيء إذا أُدِّيتْ هذه العبادات وأنت في بلدك، وأنت على رأس عملك، والصيام يؤَّدى وأنت في بلدك، وبين أهلك وأولادك، ومع زوجتك،
ولكن الحج عبادة من نوع خاص، تحتاج إلى تفرغ تام، في الحج تدع عملك، وبيتك، وأهلك، وشأنك، ومكانتك، وأعمالك، وأشغالك، وتذهب إلى الله.. إني ذاهب إلى ربي.
أنت في الحج ذاهب إلى الله عز وجل، وكل الدنيا تركتها وراء ظهرك، وما منا واحد إلا وله في بلده شأن، وعمل، وبيت، ووسائل راحته، وفي الحج يدع كل هذا في سبيل الله.