ــــــــــــ







يا خادمَ الجسم كم تسعى لخدمتهِ *** أتطلبُ الربحَ مما فيه خسرانُ ؟؟
أقبِلْ على الروحِ واستكمل فضائلَها *** فأنت بالروحِ لا بالجسم إنسانُ !!

جاء رمضان...فمنهم من فَهِمَه فرصةً للأكل !!
ومنهم من ظنَّه فرصة للاستغراق في النوم طوال النهار ..
والسهر والسمر طوال الليل !!
ومنهم من ظنه موسماً خاصاً بالفضائيات!!


ومنهم : الذين فهموه كما أراد الله .. (( وقليلٌ مَّا هُم )) !!
قال ابن رجب رحمه الله تعالى :
( لمّا علم المؤمن الصائم أن رضى مولاه في ترك شهواته .. قدّم رضى مولاه على هواه .. فصارت لذّته في ترك شهوته لله ..
لإيمانه باطّلاع الله عليه .. وإذا كان هذا فيما حَرُمَ لأجل الصوم فينبغي أن يتأكد
ذلك فيما حَرُمَ على الإطلاق .. كالزنا وشرب الخمر وأخذ أموال الناس بالباطل
وهتك الأعراض .. فإن هذا يسخط الله على كل حال .. وفي كل زمان ومكان ) !!
أخي .. هل تريد أن تكتشف نفسك في رمضان؟؟؟

افعل ذلك الآن لتعرف حقيقة عبوديتك وقربك من مولاك في هذا الشهر المبارك ..
فأجهل الناس من يجهل حقيقة نفسه !!
أخي .. من أهم ما ينبغي أن تقيس نفسك عليه ..
(( شهواتك في رمضان)) !!
شهوة البطن !! وشهوة النوم !!
وشهوة الكلام !! وشهوة الغضب !!
وشهوة الفضائيات والمسلسلات !!
وشهوة الخُلطة سواء عبر النت أو على الواقع !!
هذه هي الشهوات الغالبة .. غالباً !!
هذه هي الشهوات التي عليها مدار صلاح الإنسان أو فساده .. وهلاكه أو نجاته !!
فإن ألجمها فقد نجا وظفر .. وإن تملكته فقد خاب وخسر !!

قال ابن القيم : ( ولهذا سئل عمر بن الخطاب : أيما أفضل : رجل لم تخطر له
الشهوات ولم تمر بباله .. أو رجل نازعته إليها نفسه فتركها لله ؟؟
فكتب عمر : إن الذي تشتهي نفسه المعاصي ويتركها لله عز وجل من الذين
امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم ) !!
والصيام أخي .. دليل على أن في داخلنا قوة تستطيع أن تمتنع عن أي شيء !!
حتى ولو كان حلالاً فإنه يتحول بكلمة ((الله أكبر)) عند طلوع الفجر إلى حراممؤقت !!

فالكريم لم يفرض عليك الصيام إلا رحمة بك .. وعوناً لك على طغيان نفسك
وشهواتها ونزواتها .. فالصيام فُرض تزكية وتطهيراً .. لا مشقة وتعسيراً !!!
فلا تستسلم لشهواتك في رمضان!!

واعلمأن الصيام فرصة لتهذيبها والتحرر من أغلالها التي طالما عانيت منها أشد
المعاناة !!
فإن لم تتحرر الآن من شهواتك ونزواتك فمتى يكون ذلك يا تُرى ؟؟؟

إنك إن عجزت الآن عن المبادرة فأنت في غير رمضان أعجز !!
وإذا عجزت الآن عن طاعة الله .. فبالله متى تربي نفسك على الطاعة ؟؟
أخي .. بادر بسرعة .. وحرر نفسك من قيود الشهوات .. فهي الآن عليك أخف ..
لأن عدوّك مصفّد في الأغلال ..

وتذكّر جيداً قول ابن القيم رحمه الله : (( الصيام لجام المتقين )) !!

من كتاب إضاءات رمضانية للشيخ محمد بن سليمان المحيسني