ماجد الصقيري «المدينة المنورة»








يظهر للمقيم والزائر لشوارع وأحياء المدينة المنورة السكنية الانتشار الواسع للعمالة الوافدة، حيث تجدهم يبحثون عن الشوارع المزدحمة والأحياء الشعبية ويبتعدون عن الطرق الرسمية والمخططات السكنية.

«عكاظ» تواجدت في الشارع الأكثر إقبالا من قبل العمالة السائبة والشارع الذي باتت تعقد فيه الصفقات المشبوهة وتنتشر فيه التجارة غير الشرعية، إنه الشارع الأشهر في المدينة المنورة (شارع قباء) الذي يحوي بين جنباته السوق الشعبي الأقدم, حيث تنتشر فيه الكثير من المحال التجارية الشعبية ذات الأسعار الرخيصة








الأمر الذي جعل شارع وسوق قباء الشعبي أكثر الشوارع إقبالا وذلك لتنوع البضائع وتعدد الباعة داخل تلك المحال كذلك تنقلت بين جوانب شارع قباء وعدد من الأحياء الشعبية المحيطة به في محاولة لرصد عدد من الظواهر التي باتت حديث (أهل المدينة).


عمالة قباء


شارع قباء هو الشارع الواقع بين المسجد النبوي الشريف ومسجد قباء المعروف، يتفرع منه عدد من الطرقات الصغيرة والتي لا يتجاوز عرضها 3 أمتار في كثير من الأحيان، كما توجد عدد من الأحياء التاريخية المجاورة له والتي ارتبطت بتاريخ المدينة ومنها (حي البحر، المشرفية، الزاهدية، المغاربة)، وفي هذه المنطقة تكثر الأسواق التجارية الشعبية حيث فيها سوق قباء أشهر الأسواق الشعبية في المدينة المنورة والذي حمل اسمه من اسم الشارع الذي يعرف بشارع قباء، هذا الشارع من أكثر شوارع المدينة المنورة جذبا للعمالة السائبة، والتي باتت تمارس الكثير من الأعمال غير المشروعة، «عكاظ» تجولت في شارع قباء والتقت عددا من الأهالي.


السكن الرخيص يجذب العمالة


في أحد أشهر الأحياء المحيطة بشارع قباء وهو (حي البحر) والواقع جنوب المسجد النبوي أوضح محمد السنوسي أحد سكان الحي أن هذا الحي تكثر فيه المجمعات السكنية الخاصة بالعزاب وبأسعار زهيدة لا تتجاوز 100 ريال شهريا للسرير في الغرفة الواحدة، الأمر الذي يدفع عددا من العمالة من نفس الجنسية للسكن بغرفة واحدة تحتوي على نحو 6 أسرة، هذا النوع من السكن يجذب العمالة الأمر الذي جعل الحي مرتعا لتلك العمالة، وطالب السنوسي الجهات المعنية عدم تمكين أصحاب تلك المجمعات من التوسع في ذلك الأمر تحديدا داخل الحي.


وذكر أحدهم أن تواجد تلك العمالة بالقرب من سكن العوائل تسبب في الكثير من الأوقات بتعدد حوادث السرقة على عدد كبير من المنازل، وأضاف: «أصبحت العمالة السائبة تعرف مداخل ومخارج الحي المتفرعة من شارع قباء بشكل أفضل من أهالي الحي، الأمر الذي ساهم في تعدد جرائم السرقة، ولم تكتف هذه العمالة بالسرقة بل تجاوز الأمر إلى بيع الأفلام الممنوعة بالإضافة إلى الترويج إلى بعض أنواع المخدرات مثل (أقراص الطاقة)».


الأسواق والمحال التجارية


من جهة أخرى، أوضح سالم عيد وخليل الذبياني أن شارع قباء يزخر بالكثير من المحال التجارية المتنوعة والتي تعمل على مدى ساعات طويلة، حيث تستوجب وجود كم أكبر من العمالة، الأمر الذي يدفع المستثمرين للتعاون مع مجموعة كبيرة من العمالة لا ترتبط معها نظاميا وهذا بدوره ساهم في خلق بيئة خصبة لوجود تلك العمالة للتنقل داخل الحي وسهولة الانتقال إلى أحياء أخرى مجاورة، ساعدهم في ذلك عدد كبير من المواطنين والمقيمين والذين يبرمون اتفاقات مع تلك العمالة مباشرة دون التأكد من هوية العامل، وأضافا: «تنوعت البضائع في المحال التجارية بين المسموح ببيعه وأنواع يحظر بيعها مثل الساعات والشنط المقلدة أو الأجهزة الإلكترونية الحديثة الممنوع تداولها في السوق السعودية مثل كاميرات المراقبة الصغيرة وأجهزة التصنت والتي يتم استخدامها من قبل الكثير من المراهقين بغرض الابتزاز».


المشرفية «جزء من العالم»


في إحدى الطرقات الفرعية من شارع قباء وفي مكان آخر من الشارع سلكت «عكاظ» ذلك الطريق والذي لا يتجاوز عرضه 3 أمتار تقريبا، ويغلب عليه الإهمال وعدم النظافة، حيث قاد ذلك الطريق إلى حي بـ(المشرفية) الملاصق تماما لشارع وسوق قباء من الجهة الشرقية حيث انتشرت فيه عدد من المباني الشعبية والعمائر القديمة المتهالكة والتي اتخذها عدد كبير من العمالة مقرا لهم، وبات ذلك الحي كـ(جزء من العالم) يحوي دولا متجاورة، حيث رصدت عدسة «عكاظ» جنسيات مختلفة تتوزع داخل الحي تمارس حياتها بشكل طبيعي بعد أن استفادوا من الازدحام والتكدس العمراني والبشري، هذه الجنسيات تقوم بالكثير من الأعمال غير المشروعة قد تصل أحيانا إلى تأمين المخدرات أو تأمين مشروبات كحولية بالإضافة إلى ما يعرف بـ(القورو) و(الشمة) وهي التي تستخدم بشكل كبير بين تلك الجنسيات.


اختفاء الرقيب


عبدالرحمن الرفاعي من سكان الحي منذ نحو 15 عاما ذكر لـ«عكاظ»: «حاولنا نحن وآباؤنا الحد من انتشار العمالة داخل الحي ولكن دون جدوى فأغلب المنازل هنا تعود لمواطنين يقطنون خارج الحي، ولا يشعرون بمعاناتنا من تلك العمالة»، حيث ذكر أن الحي سجل جرائم قتل وسطو وسرقة ونصب وذلك لوجود عدد كبير من العمالة التي تنتمي لجنسيات مختلفة وبأعمار مختلفة، وطالب الرفاعي بالتواجد المستمر لدوريات الجوازات والفرق الميدانية من مكتب العمل، وقال هذه جهات رقابية إذا تواجدت باستمرار سيقل عددهم إلى النصف.


الشارع القضية


شارع قباء ينقسم إلى قسمين (الطالع والنازل) تنتشر على جانبيه المحلات التجارية المتنوعة بالإضافة إلى أكشاك البلدية وكذلك البسطات التي تقيمها مجموعة من النساء الأفريقيات، هذا الشارع هو مكان تكدس العمالة السائبة، وهو أيضا المكان الذي تتم فيه الصفقات المشبوهة وهو الشارع الذي لا يهدأ أبدا، تنتشر فيه كافة الجنسيات، حيث إن كل جنسية تتولى المتاجرة بصنف معين، مثل جنسية لتجارة العطور وأخرى لتجارة الألعاب الممنوعة وأخرى لبيع الأفلام الممنوعة وأخرى لبيع الأقمشة النسائية وجنسية تختص ببيع أعشاب للنساء والرجال يدعون فوائدها في العقم والقوة الجنسية. كما أن الشارع يعاني من الإهمال وعدم التنظيم بالإضافة إلى عرض الشارع والذي لا يتجاوز الأربعة أمتار تقريبا، وما يعاب على الشارع أنه يعاني من الازدحام الدائم في المركبات أو ازدحام المتسوقين، حيث يتسبب ذلك الازدحام في تعرض الكثير من النساء إلى السرقة والمضايقات وصعوبة تنقلهن في بعض الأحيان.


مراقبة السوق


في بداية الشارع تجد كثرة محلات بيع ألعاب الأطفال من أجهزة إلكترونية وأشرطة وما صغر حجمه من ذاكرات وغيرها، فجميع الألعاب والأجهزة الممنوعة والمخالفة تجدها في هذا المكان يمتهن بيعها مختصون آسيويون جميعهم من الجنسية البنغالية، حتى عرف ذلك السوق بـ(سوق البنغالية)، ففي كل محل تجاري بمساحة صغيرة تجد هناك شخصا محاطا بخمسة أشخاص منهم من يستقبل وآخر يبيع وآخر يراقب وآخر يحاسب وآخر يودع وفي المقابل تماما أشخاص من نفس الجنسية مختصين فقط بفك الشفرات لجميع القنوات الفضائية الممنوعة وبأسعار رمزية وبطرق حرفية.


منتصف الشارع والتحايل التجاري


في الأزقة داخل الأحياء توجد فروع لمحلات تجارية تقع على الشارع الرئيسي تبيع الممنوع من الملابس وألعابا تعرف بالألعاب الزوجية والماركات المقلدة، حيث المحل التجاري يستقبل الزبون وفي حالة رغبته في تملك ملابس معينة أو ألعاب زوجية أو شنطة وساعة مقلدة بحرفية عالية تحمل اسم ماركة عالمية في مجال الحقائب والساعات يتم التوجه به إلى تلك الفروع أو الاتفاق على طريقة سليمة بعيدة عن (مقص الرقيب)، جميع عمليات البيع يقودها عمالة متسيبة تهدف إلى تحقيق الربح السريع بأقل الخسائر .


وهنا ذكر لنا عامل متخصص في بيع الألعاب الزوجية رفض ذكر اسمه عندما قادنا لتلك الأماكن أن الألعاب الزوجية الممنوعة هي الأكثر بيعا وتجد إقبالا كبيرا من الفتيات والشباب، وذكر: «تأتي بعد ذلك الشنط والساعات المقلدة»، وعن علمه بعدم نظامية بيع تلك السلع ذكر: «نعلم عن المنع ولكن هناك آلية عمل معينة يتم الاتفاق عليها للتأكد من عدم وجود الجهات الرقابية أو المختصة في الشارع أثناء تنفيذ عمليات البيع».


سوق للعمالة المنزلية


لم يكتف شارع قباء بتنوع السلع بل إنه تحول إلى بيئة خصبة لعقد صفقات الاتفاق مع العمالة المنزلية (سائقين أو خادمات)، حيث تنتشر عمليات السمسرة في شارع قباء، كما إنه يوجد سوق لجميع الجنسيات يتم إدارة الصفقات من خلال الهاتف ومن ثم تحديد الموقع في عدد من أجزاء الشارع، وبعد ذلك الاستلام والتسليم في وقت لا يتجاوز 10 دقائق في كثير من الأحيان.


التسول ينتشر


كما أن شارع قباء بات هذه الأيام موقعا مميزا للمتسولين من الأطفال والنساء والرجال، حيث يمتاز بكثرة رواده من مختلف الجنسيات، ويتوزع المتسولون في أماكن مختلفة ويقومون بالتسول، وبات التسول ظاهرة تنتشر في معظم أجزاء الشارع.