[read]
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم يا أعضاء منتديات عسير الأفاضل ورحمة الله وبركاته ، أما بعد :
فقد أثارني موضوع طرح في هذه الساحة المباركة ، في منتديات عسير ، حيث أردت الرد على هذا الموضوع مباشرة ، ولكن نضام المنتدى منعني من ذلك ، حيث انه لا يسمح بالرد بعد مضي 70 يوما على آخر رد ، لذا ، احببت أن أشارككم الرأي هنا في هذه الصفحة التي افتتحتها بسم الله الرحمن الرحيم ،
بينما كنت أبحث في هذا المجلس المبارك ، وبينما كنت أستمتع بذلك ، صدمت بوجود موضوع يفسر وجود طبقة الصناع في هذا المجتمع الكريم ، وتفاجأت بتفسيرات لم أسمع بها في حياتي ، حيث أنني من الذين يكثرون الجلوس مع الكبار في السن ، ويستمعون إلى قصصهم فيما مضى ، واتسلى بذلك كثيرا ، وأنقل ما أسمعه إلى المجالس الأخرى ، فبذلك كنت أفيد وأستفيد ، والحمد لله الذي هيأ لي ذلك ، لأكون قوي الحجة فيمن يطعن في نسبي وشرف أصلي بين الناس ، كما تفاجأت من رد الأخ نصر ، وتفسيره الخاطئ للموضوع ، مع أني أعتبره من المؤرخين الكبار في هذا المنتدى ، ولكن حبذا أن يتحدث المرء في الشيء الذي يعلمه جيدا ،
أبدأ في الموضوع بسم الله الرحمن الرحيم ،
مما هو معلوم أن منطقة شمال إقليم عسير ، تتميز بطبقات كثيرة في المجتمع ، فهي أكثر من غيرها في عدد الطبقات الاجتماعية ، ويعود ذلك لسببين رئيسيين ، هو أن شمال إقليم عسير بالذات ، كان هو المنطقة المهمة في دولة آل عائض القديمة ، فكان الكثير من الناس يتوافدون على هذه المنطقة ، فكام مما يجب فعله ، هو تقسيمهم إلى طبقات كي لا يختلط الحابل بالنابل ، والقبيلة بغيرها من ذوو النسب الضعيف ، فنجد هناك طبقة الفيوض ، وطبقة البلاحطة ، وطبقة المحاحة ، وهذه الثلاث طبقات يعتبرون من ضعاف النسب ، الذين لا تزوجهم القبائل ولا تصاهرهم ، وفيما يلي تعريف لكل من هذه الطبقات الثلاثة :
أ- طبقة الفيوض : هم طبقة أكثرهم يكونون بدوا رحالة ، لا ينتسبون إلى قبيلة ، بل يتنقلون لطلب سد الحاجة والمعونة ، وقد استقر معضمهم في القرى بعد توحيد المملكة العربية السعودية .
ب- طبقة البلاحطة : وهم مثل الفيوض ، عدا انهم قد اشتروا النسب من بعض الشيوخ من ضعاف النفوس ، فانتسبوا لقبيلة ليسوا منها أصلا ، وكل ذلك بإغراء أهل القرى وضعاف النفوس من شيوخ القبائل
ج- طبقة المحاحة : وهم مثل الفيوض بالنسب ، إلا أنهم كانوا يسدون حوائجهم بالبيع والشراء ، والتحريج في الأسواق ، والدلالة والوساطة ، كما كانوا يتجولون بين القبائل ، ثم استقروا بعد توحيد المملكة العربية السعودية في القرى والمدن .
وهذه الطبقات الثلاث ، ممن ليس لهم نسبا قويا يستندون به ، فلم يكونوا يشاركون القبائل الإخرى يفي المراسم والتقاليد ، وهم لا يأخذون الحق ( البرهة ) ولا يدفعونه ، وهذا ما جعلني أصنفهم سويا في مجموعة واحدة .
وباقي ثلاث طبقات أخرى ، ويعتبرون من أشراف القبائل ، وذوي نسب قوي يستندون إليه يقينا ، وهم العمالة والصناع وشيوخ القبائل ، وكانت القوة الاقتصادية لدى القبائل في الصناع ، والقوة السياسية تكون لدى الشيوخ ، أما القوة الزراعية فكانت أكثر ما تكون عند العمالة ، وهذا التكافؤ في المجتمع يوجد عند جميع القبائل الأخرى من الحضر ، فيما يلي تعريفا تاما لهذه الطبقات الثلاث :
أ- طبقة الصناع : هم طبقة ذات نسب معروف قوي ، و يستندون عليه استنادا تاما ، وكانوا أصحاب مكانة عالية وثراء ، بسبب صناعتهم وتجارتهم ، ولم يكونوا فيما مضى يزوجون العمالة ( بناتهم ) ولكنهم كانوا يتزوجون منهم ، وذلك لاختلاف الفرق المعيشي بين العمالة والصناع ، لا لقلة نسبهم أو حسبهم ، فكانت الفتاة تخرج من بيت رفاهية إلى بيت رفاهية ، فيأمنون بذلك استقرارها في بيتها ، وعدم الرجوع من بيت زوجها مطلقة ، حيث كان ذلك قديما عارا يصيب أهل المطلقة والمطلقة نفسها ، وأنا والحمد لله انتسب لهذه الفرقة القليلة في المجتمع ، كقلة رجال الأعمال حاليا بالنسبة للمجتمع الحالي .
ب- طبقة العمالة : وسموا بذلك لأنهم كانوا يعملون في مزارعهم ، ويكتفون بذلك ، فكانت القوة الزراعية تكمن أكثر عندهم ، وهم أصحاب نسب معروف ، وأصل رفيع ، وكانوا في ما مضى يصاهرون الصناع بلا حرج كالوقت الحالي ، وسبب انقطاعهم عن مصاهرة الصناع ، هو أنهم أرادوا أن يفعلوا مثل ما يفعل الصناع قديما من عدم تزويج بناتهم لأولاد العمالة ، وهم الأكثرية في المجتمع ، فرايهم هو المشهور ، وقولهم هو المسموع ، ولم يكونو بالقدرة الاقتصادية التي كانت قديما في أيدي الصناع ، ولكن كانت قدرتهم في محصولهم الزراعي .
ج- طبقة الشيوخ : وهم شيوخ القبائل ، ولهم نسب قوي وصريح ، وكانت قوتهم هي القوة السياسية في المنطقة ، فكان قولهم مطاع ، وكلمتهم مستجابة ، وهم يصاهرون من العمالة والصناع ، وأتحدى أحدا من المعارضين أن يقول بغير ذلك .
ومن هذه الطبقات الثلاث ، أعيان القبيلة ، وكبارها ، وجميعهم يأخذون الحق ( البرهة ) ويعطونها ، وهذا ما جعلني أصنفهم في مجموعة مستقلة .
أما سبب تقسيم القبائل إلى طبقات ، هو الغزو التركي للمنطقة ، حيث كانت هذه الطبقات تنعم بالتعايش والتآخي ، إلى أن أتى الغزو التركي ، ولم يستطع أن يكسب ولاءهم ، لا بحد السيف ، ولا بالمفاوضات السلمية ، لذا ، اعتمد الخطة التي ينفذها أعداء الإسلام حاليا ، وهي خطة ( فرق تسد )
ففرقوا وسادوا ، واتبعهم ضعاف النفوس ، وانتصروا أخيرا بهذه الطريقة ،
ولي رد على من يصنف الصناع في عسير إلى ضعاف النسب ، أو كما يسمى بـ( خط 110 )
من عدة أوجه ،
أولها : شرف المهنة :
فهم لم يعتمدوا في مهنة وضيعة ، لا يقبل بها الدين ولا العرف ، بل اتخذوا الصناعة والتجارة لهم مهنة ، والصناعة هي مهنة أنبياء الله الذي علمهم أياها بنفسه : فقال تعالى : ( وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون ) 80 سورة الأنبياء .
فقد كان النبي داوود حدادا ، والذي علمه الحدادة هو الله جل في علاه ، فإذا كان الصانع ( 110 ) فماذا يكون معلم الصانع ؟!
وكان الكثير من الأنبياء غيره صناعا ، كالنبي إدريس ، وغيره من الأنبياء الصناع .
أما التجارة ، فقد كان عثمان رضي الله عنه تاجرا ، وزوجة النبي خديجة رضي الله عنها تاجره ، والذي كان يسوق لها النبي صلى الله عليه وسلم .
ثانيها : نقاء النسب .
فالصناع القبيليون لا يشيب نسبهم شائبة ، غير ما يدعيه بعض المغرر بهم ، فمنهم الأعيان ومنهم الفرسان ، بل أن أراضيهم من أجود وأفضل الأراضي ، وصورتهم من أفضل صور القبائل .
ثالثها : نقاء الصهر :
فلم نسمع أبدا أن صانعا قد زوج غيره من ضعاف النسب ، ولكن قد سمعنا أن الشيوخ قد يصاهرونهم ، بشهادات كبار السن .
رابعها : جودة الأرض :
فأكثر أراضي الصناع في القرى تكون بارزة ومميزة ، وتكون بيوتهم من أجمل البيوت وأكبرها ، كما أن مجالسهم تكون أكبر من مجالس باقي أهل القرية ، لأن الضيوف وعابري السبيل كانوا أكثر ما يمرون به بيوتهم ، وذلك لقدرتهم على تقديم الضيافة المناسبة .
وغيرها من الأوجه العديدة ، التي لا يتسع لي الوقت أن أذكرها جميعا ،
وأرجوا أن يكون النقاش نقاشا هادفا وهادئا ، لا يشوبه النعرات والمهايطات ،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
[/read]