[read]
زوجة سيدنا موسى

كانت زوجة موسى عليه السلام نموذجاً للمؤمنة ، ذات الفراسة والحياء ، وكانت قدوة في الإهتمام بإختيار الزوج الأمين العفيف .

كان يجلس موسى عليه السلام بالقرب من بئر، فوجد الرعاة يسقون ماشيتهم من تلك البئر، وعلى مقربة منهم تقف امرأتان تمنعان غنمهما عن ورود الماء ؛ استحياءً من مزاحمة الرجال ، فأثّر هذا المنظر في نفس موسى عليه السلام ؛ إذ كان الأولى أن تسقي المرأتان أغنامهما أولاً ، وأن


يُفسح لهما الرجال ويُعينوهما ، فذهب موسى عليه السلام إليهما وسألهما عن أمرهما ، فأخبرتاه بأنهما لا تستطيعان السقي إلا بعد أن ينتهي الرجال من سقي ماشيتهم ، وأبوهما شيخ كبير لا يستطيع القيام بهذا الأمر، فتقدم ليسقي لهما كما ينبغي أن يفعل الرجال ذوو الشهامة ، فزاحم الرجال وسقى لهما

وعادت الفتاتان إلى أبيهما وأخبرتاه بقصة الرجل الذي سقى لهما ، وأدى لهما معروفاً دون أن يعرفهما ، أو يطلب أجراً مقابل خدمته ، وإنما فعل ذلك مروءةً منه وفضلاً .

طلب الأب من إحدى ابنتيه أن تذهب لتدعوه ، فجاءت إليه إحدى الفتاتين تمشي على استحياء ، لتبلغه دعوة أبيها قالت : ( إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا ) واستجاب موسى عليه السلام للدعوة

( قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِي الأَمِين )
فهي وأختها تُعانيان من رعي الغنم ، وتريد أن تكون امرأة مستورة ، لا تحتكّ بالرجال الغرباء في المرعى والمسقى ، فالمرأة العفيفة الروح لا تستريح لمزاحمة الرجال . وموسى عليه السلام فتى لديه من القوة والأمانة ما يؤهله للقيام بهذه المهمة ، والفتاة تعرض رأيها بكل وضوح ، ولا تخشى شيئاً ، فهي بريئة النفس ، لطيفة الحسّ .

فأقتنع الشيخ الكبير فقال له : ( إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَي هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِي حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَى وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ )


[/read]