أنتِ جَاهِزة للذّهاب؟!

لَحظة.. سأصلّيهمَا (الظهر والعصر) سَرِيعًاوَنَمضِي
..
وَرَفعت يَديهَا للسّماء.. مُكبّرةً.. لَتمِضي إلى لقاءٍربَانِي
..
صُعودٌ وَهبوطٌ.. نَقرٌ مزدَوجٌ عَلى السّجاد.. حركاتٌ رياضية
..
شَهِيقٌ وزَفير.. وَكأنّ صَاحِبتي قَد أثقِلت بأعمَالٍ شَاقّة
..
وَمِنثمّ "سلامٌ عليكم" على يَمِين وثَانِية على شِمالها
..
وَانتَهت الصّلاة
..
الله
!!
الصّلاة.. الصّلاة
..
وَصيّة الرسُول الكريم عِند وَفاتِهِ وَصعودِه إلى السّماء
..
الصّلاة الصّلاة .. اللّقاءُالسّامِي بين العبد والرب
...
الوِثاقُ المباشِر بين الإنسان الفانِي و القُوةالباقِية
..
الموعد المختار لالتقاء القطرة المنعزلة بالنبع الذي لا يغيض
..

الصّلاة الصّلاة.. سِمةُ المتّقِين الأولَى
..
السّمو الشعوريللأروَاحِ التّائِبة بِرحَابِ الله
..

الوِحدةُ المتَكاملَة.. التِي تَمتازُ بِها العَقيدةُ الإسلامِية
..
وَحقَّ لهَذهِ العقِيدة أن تَتَفَرّدبأقدسِ الفَرائِض
..
صِلةُ المَخلوقِ بِخالِقه فَلا حوَاجِز فِي الاتّصَال بينأروَاحِ العِبادِ

وَالقوةِ الكبرَى التّي صَدروا عنها.. وَصدَر عنهَا الوجود ..

التّرفُع عن عِبادةِ العِباد والأشياء
..
وَ التّوجّهُ إلى القّوة المطلقةِ بِغيرِ حدُود
..
حَانِين الجـِباه لله.. لا لِسواه


الصّلاة الصّلاة.. مفتاح الكنز الذي يغني ويقني ويفيض
..
الانطلاقة من حدود الواقعا لأرضي الصغير إلى مجال الواقع الكوني الكبير
..

نَهرٌ يستمد منه القلب قوة وَيطهِر به المرء ذنوبه وتحسّ فيه الروح صلة

وتجد فيها النفس زاداً أنفس مِنأغراضِ الحياةِ الدنيا
..

الصّلاة الصّلاة.. ندى وَظِلال في حرّ ٍ وهجـِير
..
الهمسةُ الحانية للفُؤادِ المتعبِ المكدود
..

الصّلاة الصّلاة العبادة التي تفتح القلب وتوثق

الصلة وتيسر الأمر وتشرق بالنور
..
وتفيضُ بالعزاءِ والسلوى والراحةِ والاطمئنانِ .. بــِربّك تفرِّطُ بِها ؟
!..
وقد كان الرسول صلواتُ ربي وسلامه عليه إذا حَزَبه أمرٌ فزع إلى الصلاة

وهو الوثيق الصلة بربه الموصول الروح بالوحي والإلهام
..

أين نحنُ مِن " أرِحنا بِها يا بلال " .. ؟
!!

يقول السيد قطب رحمه الله
:

"
والقلبُ الذي يسجد لله حقًّاويتّصل به على مدار الليل والنهار

يستشعر أنه موصول السبب بواجب الوجود ويجدلحياته غاية
أعلى من أن يستغرق في الأرض وحاجاتِ الأرض ويحس أنهأقوى

المخاليق لأنه موصول بخالق المخاليق وهذا كله مصدر قوة للضمير
كماأنه مصدر تحرج وتقوى وعامل هام من عوامل تربية الشخصية

وجعلها ربانية التصورربانية الشعور ربانية السلوك "

كم لقاءً لك ارتحت فيه مع صديقٍ لك وَأحببتالجلوس


بل وشعرت باكتئاب لمّا انتهى لقاؤكما ؟
!
كم ساعةً تُمضيها علىالنت تتكلم مع أحبابـِك


سعيداً بذلك مغتبطاً ..؟
!!
فمَا بَالك مُقصِّرابِحقّ خالِقك ؟
!..

لمَ تشِحُّ على ذاتِك بدقائِق رحماتِ ؟
!!...
أهانتنفسك عليك ؟
..

تخَيّل أن لك إناءً يملؤه الناس لك
..
لتغسِل ما تدنّس من ثوبِك وجسدِك
..
مَاذا لو كان هذا الإناءُ هو الصّلاة
..
الصّلاة التي تأتيك برسائِل الله فتغسل ذنبك

وتطهّر ..

فكيف ستَستقبل الرسائِل بربّك

وَدلوُ مائِك م**ورٌ وصِلتك بالودود مقطوعة
..!!

قال رسول الله صليالله عليه وسلم
:
"
أحب العمل إلى الله الصلاة على وقتها
"

ينادِي الرحمنُ أن حيا على الصّلاة.. فلا تُجِيب إلاّ متأخّرًا
..
بعد أن يتقاسَم أهل البِر الغنائِم وأنت نائِم
..

دائِمًا تقُول أيا صلاةُ عندي عمل
..
ويحكمتَى تقولُ يا عمل عِندي صلاة ؟
!!

وَحِينما تٌجيب .. فنقرٌ ولهوٌ .. لَا خشوعَ ولاَ تَدبّر ولَا قنوت
..!!
أَفالذّي يؤخّرالصّلاة كالذي هو قائِم بأول المحراب ..؟
!
أمّن خير، هذا الذي يقفُ خاشِعاًتائِباً منيباً يرجو الرحمة ويدعو بالغفران

..
أم ذاك الذي ينِطُ ويقفز كأنه فقاعةُ ماء أو بالونة مفرغة
!!..

ويَقول السيد قطب أيضًا
.. :

"
إنه لابد للإنسان الفاني الضعيف المحدود أن يتصل بالقوة الكبرى

يستمدبها العون حين يتجاوز الجهد قواه المحدودة حينما تواجهه قوى
الشر الباطنة والظاهرة حينما يثقل عليه جهد الاستقامة على الطريق

بين دفع الشهوات وإغراءالمطامع وحينما تثقل عليه مجاهدة الطغيان
والفساد وهي عنيفة حينما يطول بهالطريق وتبعد به الشقة في عمره
المحدود ثم ينظر فإذا هو لم يبلغ شيئا وقد أوشكالمغيب ولم ينل شيئا

وشمس العمر تميل للغروب حينما يجد الشر نافشا والخيرضاويا ولا
شعاع في الأفق ولا معلم في الطريق"

ما يزال هذا الينبوعالدافق في متناول كل مؤمن

يريد زاداً للطريق و ريًّاً في الهجير
..
ومدداًحين ينقطع المدد ورصيداً حين ينفذ الرصيد
..

فَاسجُد لِربّك واقترِب
..