الآثار السلبية لتأنيب الطفل بمقارنته بغيره ~









كثيرا ما نسمع في مجتمعنا الشرقي بخاصة ان أباً يؤنب ابنه قائلاً: ألا تخجل من نفسك بأن يكون فلان اشطر منك في المدرسة؟ ويقول آخر: ليت لي ولدا مثل ابن فلان، او ليتك مثل فلان. وينسحب ذلك على الأمهات في تأنيب بناتهن سواء بالأمر المدرسي او العمل المنزلي حيث تعتبر البنت معينة لأمها في أعمال المنزل.
إن هذا الأسلوب في تأنيب وتقريع الأبناء والبنات بالمقارنة حسبما يقول الدكتور روبرت كيرب، أستاذ علم النفس، له مضاره



العديدة ومنها:
1- زرع الكراهية:




بهذا التأنيب يزرع الأب الكراهية في صدر ابنه تجاه الشخص الذي ضُرِبَ به المثل.. وتشتد خطورة هذه الكراهية إذا عُقدت بين اخوين أو أختين بالأسرة، لما تولده من غيرة سلبية بين الأشقاء.



2-الشعور بالعزلة:



ان الابن الذي يعامل بهذه الطريقة يشعر بانه معزول عاطفيا عن الأبوين، ويتولد لديه شعور بان الشخص الذي قورن به أحب إلى والديه منه، مما سيولد جفاء بينه وبين والديه، ويضعف لديه القدرة على رد اعتباره بقيامه بعمل طيب يعيد تقدير والديه له، وهنا يعيش الولد في شعور من الدونية والكآبة، مما سيفقده الرغبة بالمبادرة والإبداع.



3- فقدان ثقة الابن بنفسه:

إن الاكثار من ذكر الأخطاء ومعايرة الأبناء بها لا يقل سلبية عن التأنيب بالمقارنة، وسيقود إلى اضعاف نفسية الأبناء والقضاء على طموحهم، وثقتهم بنفسهم.
ويحدد الدكتور روبرت الخطوات التالية للتعامل مع الأبناء في حالة خطأهم أو تقصيرهم:
1- مكافأة الأبناء عند احسانهم التصرف, والقيام بأعمال حميدة سواء بالدراسة, او العمل, وليس اعتماد مبدأ التأنيب فقط.
2- توفير الفرصة والجو التي تساعد الابن على الامتناع عن السلوك الخاطئ, بمعنى «الوقاية النفسية» من السلوك الخاطئ.
3- عدم تكرار ذكر الأخطاء على مسمع الطفل, لأن ذلك سيعمق ضيقه ويذهب الى مدى ابعد في الاكتئاب والاحباط.




اثر المكافأة والجائزة:



يقول الدكتور فريد سكينار، أستاذ علم النفس بجامعة هارفرد وزميله الدكتور سيدني بيجو مدير مختبر سلوك الأطفال بجامعة الينوس: ان الخطأ الجسيم الذي يرتكبه الاباء هو العقاب على الخطأ وحسب, دون الالتفات الى الثواب على عمل جيد قام به الطفل.ز فهذا الخطأ من الأبوين وكأنه يتمثل في التعامل مع قطب واحد من نفسية الطفل, الا وهو قطب الخطأ. ولكن الصواب التربوي هو: الاجزال في الثواب والجائزة فيما لو قام الولد بعمل جيد حتى يحفزه للمزيد من العمل الايجابي من جهة, ولكي ينسيه ويبعد عنه شبح الخطأ الذي يلاحقه نتيجة للوم من قبل الوالدين.
ويقول الدكتور سيدني: من الافضل أن يتجاهل الابوان الخطأ الذي يرتكبه الابن لجلب انتباههما, وهذا بحد ذاته عقاب. ويطلب سيدني من الأم والاب عدم تفويت الفرصة لمكافأة
الطفل حتى لو كان بقبلة او ابتسامة او كلمة تشجيع. فالاطراء والثناء على الطفل كلما اتقن عملاً واجاد سلوكاً هو افضل وسائل تنمية المهارات وغرس الروح الايجابية في الطفل وتنميتها وللاطراء مفعول سحري على الطفل, يحرّك طاقته, ويجعله يقترب اكثر فأكثر من الصواب والدقة استنادا الى غريزة اقرار الذات وتحقيق الاعتماد على النفس ليحتل الطفل
مكاناً لائقاً بين اقرانه وفي المجتمع. فالمدح والاطراء والمكافأة هي انجع الوسائل تأثيرا على اقرار الذات حتى بين الكبار، فهذه غريزة فطرية موجودة بالصغار وتستمر مع تقدم العمر، وهذا ما يؤكد اهمية الاوسمة والنياشين في الميدان الرياضي والعسكري والابداع الفكري وغيرها من نشاطات الكبار وحتى الكبار يفرحون للمكافأة والاطراء والثواب.
ولكن، ثمة محاذير من المبالغة بالاطراء، فالاطفال ليسوا متشابهين فهناك فئة يُفسدها الاطراء فتجنح الى الغرور والدلال، وعلى الاباء هنا ان يكون اطراؤهم وثناؤهم بمعيار محسوب، بحيث يكون هذا الاطراء معتدلا مبررا متطورا مع مراحل نمو
الطفل والمهم جدا ان لا يشعر الطفل بان هذا الاطراء انما من باب الترضية، بل يجب ان يكون اطراء مبرمجا وجادا متطورا مع نمو الطفل، ومناسبا لما قام به من جميل الافعال، وان يشعر الطفل بان هذا الثواب انما جاء استجابة دقيقة ومناسبة لما قام به من عمل طيب.