يسعى العلماء في ألمانيا لاختراع إنسان آلي (ربورت) يتعلم من أخطائه بحيث تكون له مهارة المناورة والاستفادة من الأخطاء التي يرتكبها كي لا يعود إليها مرة أخرى، وتجري التجارب حاليا من خلال قيام هذا الإنسان الآلي بلعبة الشطرنج وإعادة المحاولة مرة أخرى.
على الصعيد الشخصي أنا احتاج هذا الإنسان الآلي كي يكون شريكي في لعبة البلوت بعد أن مللت من اللعب، صديق لا يتوقف عن الأخطاء ذاتها منذ عدة سنوات وفوق كل ذلك لا يتردد في احتجاج كلما ارتكبت هفوة بسيطة، أما على الصعيد الوطني فإننا بأمس الحاجة لاستيراد هذا الإنسان الآلي كي يعمل مستشارا في وزارة الخدمة المدنية التي لا يمكن أن تتعلم من أخطائها مهما مر الزمان واشتكى الناس من الأخطاء ذاتها.
وزارة الخدمة المدنية خرجت علينا قبل فترة ببرنامج (جدارة) الإلكتروني لتسجيل الباحثين عن الوظائف، فاستبشرنا خيرا بهذا البرنامج الإلكتروني لأن عشرات الآلاف من الشباب لن يحتاجوا إلى الوقوف في طوابير طويلة تحت الشمس كي يسجلوا أسماءهم فقط، ولكن ما هي إلا أيام معدودات حتى اكتشفنا أن نظام (جدارة) تنقصه الجدارة، تماما مثل شخص اسمه (سعيد) بينما يمتلئ قلبه بالتعاسة والحزن، لذلك أتمنى نقل الزميلين العزيزين سعيد السريحي وسعيد آل منصور من عكاظ إلى وزارة الخدمة المدنية كي يشرفا على برنامج جدارة !.
مشكلة برنامج جدارة أنه مثل حفلة عرس دعي إليها عشرة آلاف شخص اكتشفوا في ما بعد أن الحفلة تقام في غرفة ضيقة لا تستوعب عشرة أشخاص، فقد توقف البرنامج عن العمل منذ اليوم الأول وفشل عشرات الآلاف في التسجيل في الموقع الإلكتروني، بل أن بعضهم احتاج إلى عشر ساعات كي ينتقل إلى الصفحة التالية !، وبعد كل ذلك أعلن البرنامج أن مايزيد على مائتي ألف شخص فشلوا في استكمال بياناتهم.. ركزوا معي قليلا في الرقم (أكثر من مائتي ألف شخص لم ينجحوا في التسجيل) فمن هو الذي فشل في هذه الحالة: هؤلاء الأشخاص أم برنامج جدارة ؟!.
المشكلة ليست هنا.. فقد أعلنت الوزارة أن عشرات الآلاف الذين كافحوا وجاهدوا وغاصوا في أعماق برنامج جدارة حتى نجحوا في التسجيل لن يدخلوا المفاضلة على الوظائف، بل عليهم أن ينتظروا حتى ينجح المائتي ألف في التسجيل كي تبدأ المفاضلة الكبرى !، المسألة باختصار أن وزارة الخدمة الخدمة المدنية تعشق شيئا اسمه التأجيل ولو كان الأمر بيدها لسرحت موظفيها ووضعت إنسانا آليا واحدا في مبنى الوزارة لا يقول إلا جملة واحدة: (تأجلت المفاضلة إلى الشهر القادم) !.