نعمــــة رقــة القلــب
.

.
إن المعصية ولو كانت صغيره تمهد الطريق لأختها حتى تتابع المعاصي ويهون أمرها،
ولا يدرك صاحبها خطرها ، وتتسرب واحدة وراء الأخرى إلى قلبه ،
حتى لا يبالي بها ،
ولا يقدر على مفارقتها
ويطلب ما هو أكثر منها ،



فيضعف في قلبه تعظيم الله وتعظيم حرماته ،
كما أنها تضعف سير القلب إلى الله والدار الآخر وتعوقه
أو توقفه فلا تدعه يخطوا إلى الله خطوة ،



فالذنب يحجب الواصل ، ويقطع السائر ، وينكس الطالب ،



ولهذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم : إن العبد إذا أذنب ذنباً نكت في قلبه نكتة سوداء ،
فإذا تاب ونزع واستغفر صُقل قلبه ، وإن زاد زادت حتى تعلوا قلبه ،
فذلك الران الذي ذكره الله عز وجل { كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ}


إن نعمة رقة القلب من أجل النعم وأعظمها ،
وما من قلب يُحرم هذه النعمة إلا كان صاحبه موعوداً بعذاب الله
فقد قال سبحانه { فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ } (الزمر:22) ،


وما رق قلب لله وانكسر إلا كان صاحبه سابقاً إلى الخيرات ، شمراً إلى الطاعات ،
أحرص ما يكون على طاعة الله ومحبته ،
وأبعد ما يكون من معاصيه .


فمن عرف ربه حق المعرفة رق قلبه ،


ومن جهل ربه قسا قلبه ،



وما وجدت قلباً قاسياً إلا وجدت صاحبه
أجهل العباد بالله عز وجل وأبعدهم عن المعرفة به ،


وكلما عظم الجهل بالله كلما كان العبد أكثر جرأة على حدوده ومحارمه ،


وكلما وجدت الشخص يديم التفكير في ملكوت الله ،
ويتذكر نعم الله عليه التي لا تعد ولا تحصى ،
كلما وجدت في قلبه رقة.