السلامُ عليكُم وَرحمة اللهِ وبركاتُه .


جنون العظمة وهي تضخم الأنا لدى بعضِ الأفراد الذين يتميزون بالغرور وفرط الإعجاب
بالنفس واحتقار الآخرين والظن بأنهم متواجدون في هذا العالم ليكونوا أصحاب رسالة
عظيمة قد يرونَ في أنفسهم ملوكاً وأنبياءَ أحياناً .

قرأت عن هذا الجانب وهو مُصنف ضمن الأمراض النفسية التي قد تُصيب شريحة
من الناس لربما تمركزت أكثر عند ذوي النفوذ وأصحاب الأموال الطائلة .

كلمة " بارانويا Paranoia "مؤلفة من شطرين :
Para : وتعني جانب .
Noia : وتعني العقل أي مجانبة العقل والمنطق وهذا هو الهذيان .

عبارة البارانويا تطلق على مجموعة متدرجة بالشدة من المتلازمات المرضية الهامة
التي تشترك فيما بينها ببعض الخصائص التي تحدد الطبع الزوراني .

فرط في تقدير الذات وتضخم الأنا , وفقدان المرونة في المحاكمة أو ما يسمى الصلابة
النفسية وهذا ما يجعل هؤلاء الأفراد متعجرفين مغرورين محتقرين للناس وغير قادرين
على النقد الذاتي فهم مفرطي الإعجاب بذاتهم .

شكوكين وحذرين جداً , ويكرهون المزاح والألفة الزائدة ويبقون في حالة تيقظ وحذر
دائم خشية المؤامرة ضدهم .
رغم مستوى الذكاء الجيد فإن لديهم اضطراب في المحاكمة وهذا يؤثر على حياتهم
العاطفية مما يؤدي لاضطراب في حياتهم الاجتماعية .

إذا كانت هذه السمات أكثر شدة أو وضوحاً فإنهم يصابون بحالة هذيانية زورية .
الطب النفسي يميز تقليدياً بين الحالات الزورية ذات الطابع العاطفي والحالات
الزورية التأويلية .



البارانويا العاطفية : paranoia pationnel
تحت هذا النوع نجد :
1) جنون الحب : erotomonia
وهو الوهم الهذياني بأن الشخص محبوب من قبل شخص يصعب الوصول إليه غالبا
[ مثل كاهن , محامي , طبيب .. ألخ ]
الاضطراب يتطور وفق ثلاث مراحل :
بعد مرحلة من الأمل التي تمتد غالباً لفترة طويلة تأتي مرحلة خيبة الأمل وأخيراً
مرحلة الحقد التي يمكن أن تترافق بعدوانية وأعمال عنف [ تهديدات , عنف , وأحيانا
محاولات قتل .. ]

2) هذيان أو جنون الغيرة : delire dejalousie
وهي عبارة عن غيرة مرضية يجب تمييزها عن الغيرة المشاهدة عند المرضى
الكحوليين .

3) جنون المطالبة : delire de revendication
وهنا المريض لديه قناعة مطلقة بأنه تعرض لأذى أو ضرر مادي أو معنوي لذلك يبدأ
سلسلة من الدعاوى والمخاصمات التي لا تنتهي وقد يصرف مبالغ طائلة في سبيل
الوصول إلى إثبات حقوقه الوهمية .
المريض لديه القناعة بأنه على حق وأنه صاحب النوايا الحسنة .
ما يقترب من هذيان المطالبة نجد هذيانات النسب والقرابة حيث يعتقد فيها المريض
بأنه سليل أحد الملوك أو حتى الأنبياء .
وضمن نفس النوع نجد الهذيانات الروحية والسياسية التي يصاب بها بعض القتلة
لشخصيات هامة حيث يعتقدون بأنهم مكلفون برسالة إلهية بتخليص البشرية .



الهذيانات التأويلية : delire interpretative
وأكثرها شيوعا هو هذيان الاضطهاد والملاحقة , حيث يفسر المريض بشكل خاطئ
ما يدور حوله بشكل سلبي يستهدفه في كيانه المادي أو المعنوي مما يقوده إما إلى
الانسحاب والانطواء أو للمواجهة والهجوم .
وهذه أيضا من الحالات النفسية التي تتسم بالخطورة لأنها قد تؤدي للعنف والجريمة .

الشخصية الهذائية :
في الطفولة :
نتسم شخصية الطفل ذي المستقبل الهذائي بسمات أهمها: الوحدة و قلة الأصدقاء
و العزلة الإجتماعية و عدم القدرة على تبادل الثقة ، و التقلب الإنفعالي ، و عدم الأمن
و الشك و العناد و السرية ، و الحزن و التبرم و التهيجية و الإمتعاض من النظام.

و كلما نما الفرد نحو الرشد :
تبدأ السمات السابقة في المبالغة ، فتتسم الشخصية بشدة الحساسية و خاصة للنقد
و مشاعر الإضطهاد و العظمة ، و المبالغة (يجعل من الحبة قبة) ، و تأكيد الذات و الأنانية
و التمركز حول الذات و التذمر و العدوان.
و في الرشد تتضح سمات أهمها: الجمود و التزمت و المناوأة ، و عدم التسامح في النقد
و الإستخفاف بالآخرين ، و الغيرة ، و الطغيان و التسلط على من هم دونه ، و الإيمان
بالسحر و التفكير الخرافي .
لهُ عدة أسباب منها :
- الصراع النفسي الدائم بين رغبات الفرد المكبوتة و الخوف من الفشل في إشباعها
لتعارضها مع المعايير الاجتماعية و مع القيم.
- الإحباط والإخفاق المستمر في معظم مجالات التوافق الذاتي و الانفعالي و الاجتماعي
مع الشعور بالنقص و الاعتماد المفرط في استخدام الآليات الدفاعية و من أهمها :
الإنكار ، و التبرير ، و التعويض ، و الكبت ، و الإسقاط ( مثل إسقاط الدوافع التي تؤدي إلى
الشعور بالذنب على مضطهديهم ) والتمويه على الذات.
- خبرات الطفولة المبكرة المؤلمة و اضطراب الجو الأسري وسيادة التسلطية و الكف
و النقد و نقص كفاية عملية التنشئة الاجتماعية و الفشل في تحديد مستوى طموح
يتناسب مع القدرات .
- تهديد أمن الفرد من خلال المنافسة أو الرفض أو الخزي أو الهزيمة.
- عدم نضج الشخصية و اضطرابها قبل المرض.


دُمتم بخير