الشتاء غنيمة العابدين وربيع المؤمنين


من أجمل و أهم الأحوال بالحياة حال الشبع بعد الجوع ، و حال الغنى بعد الفقر، و حال المطر بعد الجدب ، و حال الدفء بعد البرد ..


و لكن ..


بمناسبة دخول فصل الشتاء ..


لنتأمل في ذلك الحال الأخير الدفء بعد البرد فبعد أن تكون مُعرَّض للبرد القارس خارج بيتك ..


ثم تدخل مأواك فتفرك يدك بالأُخرى , و تجلس أمام المدفأة
فتدفأ , و يزول ذلك الشعور المزعج , ثم تأخذ لك كوب من شراب دافئ فتشعر بشعور مبهج ..


يمر نهارك مسرعاً كمر السحاب ..
فتتشوق لتأوي إلى فراشٍ وثير دافئ ..
فتأخذ قسطاً وفيراً من الراحة في ليل شتاء طويل ..



برأيك ما أهم سبب يجعلك تترك هذا النعيم ؟
تترك هذا الدف هذا الفراش المريح ؟!
وما قولك في شخص يتركه و يذهب ليسكب على نفسه الماء البارد ؟!
إنسان غريب أليس كذلك ؟!
لكن ..









طوبى للغرباء ..




قد جعل حرارة الإيمان تصهر برد الشتاء ..


فقد ذهب ليناجي ربه و يستغل ليلاً طويلاً ..



طال الليل ..
فكان فرصة لقائم يصلي و يستغفر ..
أو قارئ قراّن يتلوه و يتدبر ..










غير شتائك الى ربيع ..



فالشتاء ربيع المؤمن ..




لأنه يرتع في بساتين الطاعات ..

و يسرح في ميادين العبادات ..
و يصلح دين المؤمن بالشتاء ..








ففي النهار يصوم لقصره وبرودته ..

فلا يشعر بمشقة الصيام ..

و في الليل يقوم لطوله ويحظى بفضل كبير والناس نيّام ..
فما من شيء أسمى وأجل ..
من أن تلبي نداء رب العزَّة لك ..



فقد قال عمر رضي الله عنه: ( الشتاء غنيمة العابدين ).
و قال ابن مسعود: ( مرحباً بالشتاء تتنزل فيه البركة و يطول فيه الليل للقيام، و يقصر فيه النهار للصيام ) .
و قال الحسن: ( نعم زمان المؤمن الشتاء ليله طويل يقومه، و نهاره قصير يصومه ) .










و لذا بكى المجتهدون على التفريط - إن فرطوا - في ليالي الشتاء بعدم القيام ، و في نهاره بعدم الصيام .

و صلى اللهم على نبينا محمد و على من تبعه بإحسان الى يوم الدين ..


نسأل الله لنا و لكم الهدى و التوفيق و السداد ..