بسم الله الرحمن الرحيم


والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:



الاستهزاء بالآخرين خلق ذميم ينم عن كبر في القلب واحتقار للآخرين، وهو ينبئ عن انحراف في السلوك وحيدة عن الصراط السوي يقول الله تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ] {الحجرات:11} إلى قوله: [..الظَّالِمُونَ] {الحجرات:11}، ويقول النبي عليه الصلاة والسلام: «الكبر بطر الحق وغمط الناس». والمقصود بغمط الناس: ازدراؤهم واحتقارهم.
فقول الله تعالى: [..لَا يَسْخَرْ قَومٌ...] {الحجرات:11} هذا نهي عن السخرية بالآخرين والنهي عند الأصوليين يقتضي التحريم.
والاستهزاء بالآخرين قد يكون بالقول، وقد يكون بالغمز والهمز واللمز أو بالاستهزاء بمشيته أو حركته.....إلخ.
ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها يوم أن قالت للنبي صلى الله عليه وسلم حسبك من صفية إنها امرأة قصيرة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «والله لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لغيرته».
ولما قلدت امرأة من نساء النبي صلى الله عليه وسلم مشية إنسان قال النبي صلى الله عليه وسلم: «والله ما أحب أن أحاكي فلاناً وأن لي كذا وكذا».
أما إذا كان الاستهزاء بالآخرين لتدينه والتزامه وكان الاستهزاء بما يعمل به من الشرع، فإن هذا كفر بالله العظيم كما قرر القرآن الكريم حين قال من قال في أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام: «ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أكبر بطون وأجبن عند اللقاء، فأنزل الله تعالى: [وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ(65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ...(66) ] {التوبة}».




ثم اعلمو أنكم بهذا الفعل تمكنون هؤلاء الناس الذين تسخرين منهم من حسناتك يوم القيامة فيأخذونها بدون كره ولا تعب بعد أن تعبت أنت في كسبها وتحصيلها, فإن لم يكن لك حسنات حملوا عليك من أوزارهم وسيئاتهم بقدر ما أسأت إليهم وخضت في أعراضهم, وكفى بذلك حسرة ورادعا عن الوقوع في هذه المعصية



ثم نوصيك بالإكثار من ذكر الله والصلاة فإنهما حرز للمرء أيما حرز من الوقوع في معصية الله
قال سبحانه:إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ. {العنكبوت:45}



فنسأل الله تعالى أن يجنبنا هذا الخلق الذميم وأن يرزقنا الأخلاق الحسنة إنه سميع مجيب