نقص سكر الدم

مقدمة

نقص سكر الدم هو حالةٌ يصل فيها سكر الدم إلى مستويات متدنية خطيرة. وتظهر هذه الحالة عادةً عند المصابين بالسكري الذين يعالجون بالإنسولين. حين يُكتشفُ نقصُ سكر الدم باكراً، يمكن معالجته بنجاح. تساعد هذه المعلومات الصحية على فهم نقص سكر الدم، ومعرفةِ أعراضه، وما الذي ينبغي عمله للوقاية منه ومعالجته.

سكر الدم

يحتاج الجسم إلى الطاقة حتى يؤدي وظائفه. فالطعام الذي يتناوله الإنسان يعمل بمثابة وقود للجسم. وبعد هضم الطعام، يتحول جزء منه إلى سكر يدعى الجلوكوز. الجلوكوز هو الوقود الرئيسي للجسم؛ وهو ضروري لأداء وظائف الجسم كلها، ولاسيما وظائف الدماغ. ويمكن أن يصاب الدماغ بالتلف بسرعة إذا لم يحصل على ما يكفيه من الجلوكوز. الكربوهيدرات أو السكريات هي الأطعمة التي تحوي المواد السكرية والنشوية. ويحصل الجسم على معظم الجلوكوز من الكربوهيدرات مثل:

  • الخبز.
  • البطاطس.
  • الأرز.


يتناول الاشخاص أنواعاً أخرى من السكريات إضافة إلى الكربوهيدرات. مثل:


  • الفروكتوز ويسمى أيضاً سكر الفواكه، لأنه يتواجد بكثرة في الفاكهة.
  • اللاكتوز ويسمى سكر اللبن، لأنه يتواجد بكثرة في الحليب.
  • الجالاكتوز.


خلال عملية الهضم يتم امتصاص الجلوكوز إلى مجرى الدم، ليصل عبره إلى كل خلايا الجسم. أما الجلوكوز غير المستهلك فيخزن في الكبد على شكل مادة تدعى الجليكوجين. يقاس مستوى السكر في الدم بالميلي غرام من الجلوكوز في الديسي لتر. المجال الطبيعي لسكر الدم هو من 60-120 ميلي غرام في الديسي لتر. وتعتمد نتيجة الفحص على توقيت آخر وجبة تناولها الشخص الذي أُجري له فحص سكر الدم. إذا كان الشخص صائماً عن الطعام، فقد يهبط سكر الدم لديه تحت 60 ميلي غرام في الديسي لتر دون أن يشير هذا الانخفاض إلى مرض أو خلل خطير. أما إذا انخفض مستوى سكر الدم عن 45 ميلي غرام في الديسي لتر فإن هذا الانخفاض يشير إلى وجود مرض. تقوم الهرمونات بضبط مستويات سكر الدم. وتُصنَع الهرمونات في الغدد، وتَصبُ في مجرى الدم، وتتحكم في وظائف الجسم. الإنسولين والجلوكاجون هما الهرمونان اللذان ينظمان مستوى سكر الدم. ينتج البنكرياس، وهو غدة تقع في أعلى البطن، هرمونَيْ الإنسولين والجلوكاجون. فهو يحوي نسيجاً منتجاً للهرمونات يصنع هذين الهرمونين. يؤدي نقص أو زيادة إنتاج أي من هرمونَيْ الإنسولين أو الجلوكاجون إلى انخفاض أو ارتفاع سكر الدم إلى مستويات غير طبيعية. إن المستوى المنخفض لسكر الدم يدعى "نقص سكر الدم" ويدعى المستوى المرتفع لسكر الدم باسم "فرط سكر الدم". هناك هرمونات أخرى تؤثر على مستويات سكر الدم، مثل الكورتيزول والإيبينفرين أو الإدرينالين. ولكن الإنسولين والجلوكاجون هما الهرمونان الرئيسيان اللذان يضبطان مستويات سكر الدم. حين يرتفع سكر الدم بعد تناول وجبة من الطعام، تطلق خلايا البنكرياس هرمون الإنسولين، والإنسولين هو هرمون يسمح بدخول الجلوكوز إلى خلايا الجسم، فينخفض مستوى الجلوكوز في الدم إلى الحد الطبيعي. حين ينخفض مستوى سكر الدم انخفاضاً شديداً، تفرز خلايا أخرى في البنكرياس هرمون الجلوكاجون، وهذا ما يعطي إشارة إلى الكبد حتى يعود الجليكوجين المخزون فيه إلى التحول ثانية لسكر الجلوكوز، فيرتفع مستوى سكر الدم إلى الحد الطبيعي.


الأعراض

إن لنقص سكر الدم علامات وأعراضاً نوعية. إلا أن جميع الأشخاص لا يعانون الأعراض نفسها، أو تظهر عليهم جميع الأعراض. وقد يشعر الشخص المصاب بنقص في سكر الدم بما يلي:

  • وهن.
  • نعاس.
  • تشوش الذهن.
  • جوع.
  • دوخة.


من الأعراض الأخرى لنقص سكر الدم:


  • شحوب.
  • صداع.
  • عصبية.
  • ارتعاش.
  • تعرق.
  • تسارع ضربات القلب.
  • شعور بتعرق بارد.


في الحالات الشديدة، قد يفقد الشخص المصاب بنقص سكر الدم وعيه، وقد يدخل في حالة غيبوبة. يمكن أن تتشابه أعراض نقص سكر الدم مع أعراض أخرى فيقع الخطأ بتشخيص حالات لا علاقة لها بسكر الدم. مثل القلق والضيق الشديد الذي يمكن أن يؤدي إلى أعراض شبيهة بأعراض نقص سكر الدم. في الأحوال العادية تتراجع أعراض نقص سكر الدم فور تناول المصاب قليلاً من السكر.


الأسباب

السبب الأكثر انتشاراً لنقص سكر الدم هو حدوثه كأحد مضاعفات الداء السكري. ويحدث الداء السكري حين لا يستطيع الجسم استخدام الجلوكوز كوقود، إما لأن البنكرياس عاجز عن إنتاج ما يكفي من الإنسولين، أو لأن الإنسولين المتوافر غير فعال. وبالنتيجة يتراكم الجلوكوز في الدم بدلاً من دخوله إلى الخلايا. يمكن أن يحدث نقص سكر الدم عند المصابين بالسكري بعد:

  • أخذ جرعة زائدة من الإنسولين.
  • إغفال تناول وجبة طعام أو تأخير موعدها.
  • عدم تناول ما يكفي من الطعام.
  • ممارسة رياضة مجهدة.
  • تناول الكحول.


من الحالات الأخرى، غير الداء السكري، التي يمكن أن تؤدي إلى نقص سكر الدم:


  • الحمل في بداياته.
  • الصيام الطويل.
  • الرياضة المجهدة لفترات طويلة.
  • المرضى الذين يمارسون الرياضة وهم يأخذون أدوية تدعى حاصرات بيتا.
  • تناول الأسبيرين عند بعض الأطفال.
  • شرب الكحول.


تحدث حالة نقص سكر الدم عند بعض الاشخاص بعد 2-5 ساعات من تناول وجبة تحوي الكثير من الجلوكوز. تدعى هذه الحالة نقص سكر الدم التفاعلي، وهي حالة نادرة. يجب أن يتقيد هؤلاء الاشخاص بنظام غذائي صحي يتضمن تجنب الأطعمة الغنية بالكربوهيدرات أو السكريات. هناك سبب نادر لنقص سكر الدم يحدث حين تكون المعدة فارغة. تحدث هذه الحالة في الصباح الباكر بعد الاستيقاظ مباشرة. وهي تسمى نقص سكر الدم الصيامي. تنجم هذه الحالة عن عوامل كثيرة ويمكن أن تكون وراثية. يحدث نقص سكر الدم عند بعض الأطفال لأن أجسامهم لا تستطيع تحمل الفروكتوز. تدعى هذه الحالة عدم تحمل الفروكتوز الوراثي. يمكن أن يظهر نقص سكر الدم على شكل نوبات وتقيؤ وفقدان للوعي. وتكون المعالجة بإلغاء الفروكتوز من طعام الطفل. كما يحدث نقص سكر الدم عند بعض الأطفال لأن أجسامهم لا تستطيع استخدام الجالاكتوز بصورة صحيحة. إن الجالاكتوز من السكريات الموجودة في الحليب. بعد أيام من الولادة يمكن أن يبدأ الوليد بالتقيؤ وفقدان الوزن ويظهر لديه الساد أو الكتاراكت أو تغيّم عدسة العين. والعلاج المعتاد هو حذف الحليب من غذاء الطفل. إن انخفاض مستوى هرمون النمو يسبب زيادة الحساسية من الإنسولين. وكما يشير الاسم، فإن هرمون النمو هام جداً لنمو الأطفال والمراهقين. تحدث زيادة الحساسية من الإنسولين لأن هرمون النمو يعاكس عمل الإنسولين في الخلايا العضلية والدهنية. يحدث نقص سكر الدم أحياناً عند الأطفال الذين لا تكون لديهم كمية كافية من هرمون النمو. إن هرمون النمو يؤثر على طريقة عمل الإنسولين. يعالج هذا النوع من نقص سكر الدم بتعويض هرمون النمو الناقص. يمكن أن تؤثر أورام البنكرياس على إنتاج الإنسولين لوحده أو مع الجلوكاجون في البنكرياس. إذا زاد إنتاج الإنسولين ازدياداً كبيراً فإن سكر الدم سينخفض انخفاضاً شديداً ويحدث نقص سكر الدم. ومن المعتاد أن تكون أورام البنكرياس حميدة، ويمكن إزالتها جراحياً، ويختلف هذا الورم عن سرطان البنكرياس الخبيث الأكثر شيوعاً. في حالات نادرة، تنتج سرطانات بعض الغدد، مثل غدة الثدي وغدة الكظر، هرمونات إضافية تعمل بصورة شبيهة بالإنسولين. إن هذه الهرمونات تسبب نقص سكر الدم أيضاً. يجب إزالة الأورام السرطانية إن أمكن.


التشخيص

لتشخيص نقص سكر الدم عند غير المصابين بالداء السكري، يبحث الطبيب عن ثلاثة حالات:

  • ظهور أعراض نقص سكر الدم على المصاب.


  • إنخفاض مستوى جلوكوز الدم لأقل من 45 ميلي غرام في الديسي لتر عند المرأة أو أقل من 55 ميلي غرام في الديسي لتر عند الرجل.


  • إختفاء الأعراض بعد تناول السكر فوراً.

يدقق الطبيب أيضاً في الحالات الصحية مثل احتمال وجود الداء السكري، ويسأل المصاب عن الأدوية التي يتناولها، ويحدد مدى شدة الأعراض. يمكن أن يطلب الطبيب إجراء فحوص مختبرية لقياس إنتاج الإنسولين ومستويات الببتيد c، وهو مادة كيميائية ينتجها الجسم مع الإنسولين.

المعالجة

يمكن لمقدمي الرعاية الصحية أن يعالجوا نقص سكر الدم بثلاث طرق:

  • الوقاية من نوبات نقص سكر الدم.
  • معالجة نوبات نقص سكر الدم عند حدوثها.
  • معالجة المرض الذي يسبب نقص سكر الدم.


إن نقص سكر الدم شائع عند المصابين بالسكري. إن معرفة كيفية التعامل مع السكري أمر هام في الوقاية من نقص سكر الدم. من النصائح التي تقي المصابين بالسكري من نقص سكر الدم:


  • تناول الأدوية حسب تعليمات الطبيب.
  • عدم إغفال وجبة طعام أو تأخيرها.
  • تناول كمية الطعام الموصوفة مع جرعة الإنسولين.
  • عدم ممارسة رياضة مجهدة.
  • عدم تناول الكحول.


بالنسبة للمرضى غير المصابين بالداء السكري، يمكن الوقاية من نقص سكر الدم باتباع الحمية التي يصفها الطبيب واخصائي التغذية. حين يشعر المصاب بأعراض نقص سكر الدم فعليه أن يشرب عصيراً غير مخصص للحمية أو مشروباً أخر غني بالسكر مثل الصودا غير المخصصة للحمية. بالنسبة للمصابين بالسكري، يوصف لهم غالباً شكل من الجلوكاجون الذي يؤخذ عن طريق الحقن. وغالباً ما يجب أن يقوم شخص آخر بإعطاء الحقنة للمصاب، وهي سرعان ما تخفف الأعراض لأنها تطلق دفعة من الجلوكوز في الدم. إذا استمرت الأعراض رغم التقيد بتعليمات مقدم الرعاية الصحية فيجب طلب الإسعاف في غضون دقائق. وفي المستشفى يمكن ضبط سكر الدم. تتوقف معالجة نقص سكر الدم على سبب ظهوره. وهناك سبل متعددة لمعالجة نقص سكر الدم. ويمكن اختبار المعلومات بالإجابة على الأسئلة الثلاثة التالية.