كم داعبت خيالنا تلك الأمنية الجميلة أن نكون عشنا في زمن الإنتصارات والحضارة الإسلامية
و كم تأففنا من وقتنا الذي ما عايشنا في أغلبه سوى الخذلان و التفريط
لينطبق علينا قول الشاعر انطباقا تفصيليا:
" نعيب زماننا و العيب فينا
و ما لزماننا عيب سوانا"
ينظر الشباب حوله؛ فلا يجدون عمرا و لا صلاحا و لا معتصما
فيزداد يأسهم، ويظنون أنهم ولدوا خارج الزمان
و يغفل هؤلاء أن صفة الزمان من نصر أو خذلان
من قوة أو ضعف، من عزلة أو ذلة
إنما تتشكل بعمل البشر
و يداولها الله بين الناس بما كسبت أيديهم
فلا يبقي الضعيف ضعيفا إن هو عمل، و استكمل أسباب النصر
يغفل أصحاب الأماني وحالمو اليقظة
أن بعض من أدركوا الزمان الأول استغشوا ثيابهم و أصروا و استكبروا استكبارا
فالتميز حالة فردية، وليست غثاء رقميا، و زيادة عددية
لتستعيد علامات النبوغ، و أمارات الإبداع، وصفات النبلاء، و خطوات الأوائل، و بلاء الشجعان
فتؤثر في حركة الزمان، وتعود أطوار العزة من بعد ذلة طالت
هؤلاء يرجعون لنا الإيمان أن الله يوجدك في الزمان الأفضل لعطائك
فالله لا يضيع إيمان عباده و لا سعيهم
يوجدك في زمن لا تقل تحدياته عن زمن الأوائل
لأن سنة الإسلام أن يعود غريبا كما بدأ
والفرق في النتيجة هو الفرق في التقديم، و العمل، و التضحية
هذا الزمن -و ليس غيره- زمن ولادتك، و أوان عطائك
و أنت من تختار أن تبدل تبديلا
أو تحيا على المبادئ التي عاش عليها الأولون المبرزون قبل أن يضحوا لأجلها بكل ما يملكون
قال الشاعر ذامّا ثقافة الاستسلام للأسباب بدل صناعتها:
علمونا في المدارس
ما كل ما يتمنى المرء يدركه
تجري الرياح بما لا تشتهي السفن
و لم يعلمونا
تجري الرياح كما تجري سفينتنا
نحن الرياح و نحن البحر والسفن
إن الذي يرتجي شيئا بهمته
يلقاه لو حاربته الأنس والجن
فاقصد إلى قمم الأشياء تدركها
تجري الرياح كما رادت لها السفن
المفضلات