الدكتور محمد حمدي الحجار
استشاري العلاج النفسي السلوكي وأستاذ علم النفس السريري سابقاً / دمشق
ف . ح . فتاة في عمر متقدم تعودت أن تكون قاسية على نفسها تحقرها وتذمها .
ولم يصدف أن إنتقدت الناس إنتقاداً لاذعاً ، ولا عاملتهم بقسوة كلامية .
ومع ذلك تعتقد أنها محقة في معاملة نفسها بالصورة التي ذكرناها .
وعلى نقيض نظرتها إلى ذاتها فإن الناس يحبونها حباً جماً .
ف . ح . لا تعرف لماذا يخيم الكرب والبؤس عليها في معظم الأوقات ،
وتعاني من تدن في إحترام الذات وتقديرها .
نحن نتكلم مع ذواتنا دوماً .. فالكلام مع الذات هو ترجمة للتفكير والأفكار الذهنية التي تطوف فى وعينا .
ودماغنا هو دوماً في نشاط دائم وينعكس نشاطه فى أحاديثنا مع ذواتنا ،
وعلى غرار تأثيرات أحاديث وكلام الناس معنا ، فإن أحاديثنا مع ذواتنا تؤثر فيها أيضاً .
وعلى حد قول العلامة دونالند ميخومبوم : الكلام مع الذات يوجه العواطف والسلوك
ويحددهما [1]من سوء الحظ ، هناك الكثيرمن الناس يكلمون ذواتهم بما لا يثريهم ،
ويُدنّي من إحترامهم لذواتهم .
وقد يكون السبب إنتقاد الوالدين والمعلمين وغيرهم
مما يجعلهم أي هؤلاء الناس يؤمنون بوجود سلبيات كثيرة في شخصياتهم .
فهل أنت أحد ضحايا هذه السلبيات السلوكية ؟
إذن الأحاديث مع الذات عند شرائح كبيرة من الناس
تتضمن ما يدني من ذواتهم ويعزز مثالبهم وعيوبهم
مثلاً قد يقولون لذواتهم : " أنا أحمق " " أنا أناني " " أتصرف كالمعتوه "
تعودت أن أذم ذاتي وأصفها بالسوء "
إلى ما هناك من أحاديث محقرة للذات
تولد مشاعر النقص والدونية والصغار والأفكار المهزومة للذات .
عرفت فتاة ذاتها مبرمجة دوماً حول إدانة الذات وتحقيرها .
فأية ملاحظة نقدية تأتي من والديها أو أفراد أسرتها
تكون بمثابة منبه cue إشراطي فتستجيب بسيل من تجريح الذات ولومها وتقريعها .
إن الكلام السلبي مع الذات يولد عادة القلق والإكتئاب ،
وغير ذلك من النتائج المدمرة للصحة النفسية .
ولعل النبوءات التي يخترعها الفرد ضد ذاته تبدو شائعة بين الناس ،
إذ تبدأ بالإيمان بدعواك وبدعايتك
وتجلب لذاتك ما يخيفها وهذا ما سنتكلم عنه بالتفصيل لا حقاً .
وعلى نقيض ذلك يكون " الصح " فالكلام الإيجابي مع الذات يقدم نتاجات مرغوبة ويولد مشاعر جديدة .
عندما واجهت ف . ح . - الفتاة التى ذكرنا قصتها - موقفاً صعباً قالت لذاتها : " إنه أمر لا أمل منه ولا أستطيع تحمله
" فأجابتها والدتها قائلة : " لا يوجد سبب كي تنزعجي . سأبسط الأمر ، وأتعامل معه خطوة بخطوة ، وقد أنجز شيئاً جيداً . "
لنلاحظ الفرق بين الحديث الأول والحديث الثاني .
فالأم لديها حظ أكبر بالنجاح نتيجة نظرتها المتفائلة الإيجابية .
والسؤال المطروح : هل إن تبديل حديثك مع ذاتك يعطيك عوناً وفائدة ؟
بالتأكيد نعم " قل لذاتك مراراً وتكراراً أنك ستفشل فإنك ستفشل " .
" قل لذاتك مراراً وتكراراً أنك ستنجح فسيحالفك النجاح ،
وبخاصة إذا كان هذا النجاح يصنعه جهدك ومثابرتك " .
· لذا تكلم مع ذاتك عن ماضي نجاحاتك ،
وعن الأوقات التي أنجزت فيها أشياء وعن المرات التي تغلبت فيها على الصعوبات ،
وعن الأيام التي كنت تشعر بالشعور الجيد .
ولطالما شعرت بالمزاج الجيد ، فستشعر الآن بالشعور الطيب والجيد .
وربما أنك تغلبت على الصعوبات سابقاً فستتغلب أيضاً عليها الآن .
ومن الجائز أن الناس الذين هم أكثر نجاحاً قد واجهوا الفشل أكثر من غيرهم ،
ذلك لأنهم حاولوا وجربوا أشياء كثيرة والأمثلة في الحياة كثيرة
عن أمثال هؤلاء الذين على الرغم من فشلهم المتكرر
ظلوا يؤمنون ويثقون في ذواتهم وفي ما يرغبون في تحقيقه .
· لا تركز إهتمامك على الفشل .
· إنظر إلى الأخطاء كخبرات تعليمية ولنمو الذات وللمعرفة ، ولا تنظر إليها بما يدني من الذات ويضعفها .
· لا تنغمس في تجريم ذاتك وتخطئتها فهذا يؤدي إلى فقدان إعتبارك لذاتك ، والتقوقع والإنحسار الحياتي والإكتئاب .
تذكر أن الفرق بين الأحمق والحكيم
هو : ليس في كون الحكيم لا يرتكب الأخطاء ،
ولكن في تعلمه من الأخطاء التى إرتكبها ،
بدلاً من أن يجرم ذاته لأنه إرتكب الخطأ
: " أنا غبي : " أنا سيىء " " أنا تافه " .
· قل لذاتك ما ترغب أن يقوله الناس لك .
أتمنى لكم الفـآئده 004:rose:
المفضلات