• دخول الاعضاء

    النتائج 1 إلى 4 من 4

    الموضوع: التوفيق، .. رزق الأبرار...

    1. #1
      مميز
      تاريخ التسجيل
      Nov 2014
      المشاركات
      144
      معدل تقييم المستوى
      40

      افتراضي التوفيق، .. رزق الأبرار...

      لــ د / خالد سعد النجار
      العبد المؤمن في حله وترحالة لا يستغني إطلاقا عن معية الله تعالى وهدايته ومدده،
      وهذا عين الفلاح الذي يقابله الخذلان والبوار جراء سخط العزيز الجبار على أهل الضلال،
      فالله جل شأنه إذا غضب على عبد لا يبالي به في أي واد هلك، وفي الحديث النبوي الشريف:
      "إِنَّكَ إِن تَكِلنِي إلى نفْسي تَكِلنِي إلى ضَعْفٍ، وَعَوْرَةٍ، وَذَنْبٍ، وَخَطِيئَةٍ، وَإِنِّي لا أَثِقُ إِلا بِرحمتِكَ،
      فَاغْفِرْ لِي ذُنوبِي كُلَّهَا، إِنَّهُ لا يَغفِرُ الذُّنوبَ إِلا أنتَ، وَتُبْ عليَّ إِنَّكَ أنتَ التَّوَّابُ الرَّحيمُ"
      [رواه أحمد (5 /191) عن زيد بن ثابت].
      قال أبو داود للإمام أحمد بن حنبل: جمعت هذا العلم لله؟ فقال: "لله عزيز، ولكن حبب إلى أمر ففعلته" ..
      وتلك إشارة جامعة لنعمة «التوفيق» الذي هو من أجل نعم رب العالمين لعباده المخلصين.

      والتوفيق جعل الشيء وفقا لآخر، أي طبقا له، ولذلك عرفوه بأنه خَلْق القدرة الداعية إلى الخير والطاعة،
      وقال الراغب: "والاتفاق مطابقة فعل الإنسان القدر، ويقال ذلك في الخير والشر، يقال: اتفق لفلان خير،
      واتفق له شر. والتوفيق نحوه لكنه يختص في التعارف بالخير دون الشر".

      وحقيقة «التوفيق» إمداد الله تعالى العبد بعونه وإعانته وتسديده وتيسير أموره وتسخير الأسباب المعينة عليها.
      والتوفيق بيده سبحانه هو لا بيد من سواه. وأعظم التوفيق: التوفيق إلى الحق وقبوله، وإلى الخير
      والعمل به، وتلك نعمة لا يملكها إلا رب العباد، ومقلب القلوب والأبصار، والذي يحول بين المرء
      وقلبه .. قال تعالى: {وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بْاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود:88]
      فالله تعالى يوفّق من يشاء، ويخذل من يشاء ..
      التوفيق: فَضْل لأنَّهُ إعانة. وأما الخذلان: فهو سلب الإعانة .. التوفيق إعطَاءٌ، مَنٌّ، كَرَمٌ، ..
      وأما الخذلان فهو عَدْلٌ وسلبٌ.
      وعن أبي سليمان الضَّبِّي، قال: "كانت تجيئنا كتب عمر بن عبد العزيز إلى خراسان فيها الأمر
      والنهي فيكتب في آخرها: وما كنت في ذلك إلا كما قال العبد الصالح:
      {وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بْاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.

      وأما قوله تعالى: {والله لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} أي لا يوفقهم للإيمان، مثل قوله:
      {والله لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالمين}، {والله لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} ..
      فالهداية المنفية: هداية التوفيق، أما هداية البيان والإرشاد فهذه موجودة، فالله هدى
      كل النّاس مؤمنهم وكافرهم ببيان معالم طريق الخير من طريق الشر..
      أما هداية التوفيق والإيمان فهي خاصة بالمؤمنين.

      حتى فتنة الدجال آخر الزمان لا ينجو منها إلا أهل التوفيق الذين لا يغترون ولا ينخدعون بما معه
      من الدلائل المكذوبة، مع ما سبق لهم من العلم بحاله، ولهذا يقول المؤمن الذي يقتله الدجال
      ثم يحييه: "ما ازددت فيك إلا بصيرة ".
      بل إن دخول الجنَّة بسبب الأعمال، ثمّ التوفِيق للأعمال والهداية للإخلاص فيها،
      وقبولها برحمة اللَّه تعالى وفضله.وجاء في الحديث الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم:
      "إذا أراد الله بعبدٍ خيرا استعمله"
      قالوا: يا رسول الله، وكيف يستعمله؟ قال: "يوفقه لعمل صالح قبل الموت ثم يقبضه عليه"
      [أحمد والترمذي].
      قال المناوي: "وتفريغ المحل شرط لدخول غيث الرحمة، فمتى لم يفرغ المحل لم يصادف الغيث
      محلاً قابلاً للنزول، وهذا كمن أصلح أرضه لقبول الزرع ثم يبذر ..
      فإذا طهر العبد تعرض لنفحات رياح الرحمة ونزول الغيث في أوانه، وحينئذ يكون جديراً بحصول الغلة "
      [فيض القدير].

      ومن أَسماء الله تعالى الحسنى «الباسِط» فهو الذي يَبْسُطُ الرزق لعباده بجُوده ورحمته، ويوسّعه عليهم
      ببالغ حكمته، كما قال تعالى:
      {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}
      [سبأ:39]
      {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ}
      [الشورى:27].
      لذلك ندعوه بدعاء المسألة كما ورد عند أحمد وصححه الألباني من حديث عَبْدِ اللَّهِ الزُّرَقِيِّ رضي الله عنه
      قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يدعو:
      "اللَّهُمَّ لاَ قَابِضَ لِمَا بَسَطْتَ، وَلاَ بَاسِطَ لِمَا قَبَضْتَ، وَلاَ هَادِىَ لِمَا أَضْلَلْتَ، وَلاَ مُضِلَّ لِمَنْ هَدَيْتَ،
      وَلاَ مُعْطِىَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلاَ مُقَرِّبَ لِمَا بَاعَدْتَ، وَلاَ مُبَاعِدَ لِمَا قَرَّبْتَ،
      وأعوذ بك مِنْ شَرِّ مَا أَعْطَيْتَنَا وَشَرِّ مَا مَنَعْتَ منا".

      أما دعاء العبادة فهو أثر الإيمان باسمه "الباسط" على الموحد، فأعلاه بسط الإيمان حيث يفرح
      بتوفيق الله، ويثق في وعده بالنجاة، وأن رحمته واسعة مبسوطة على العباد، فيبادر العبد إلى الزيادة
      الإيمانية المستمرة بإقباله عليه جل شأنه، فالله يقبض القلوب بإعراضها، ويبسطها بإقبالها، والبسط
      الحقيقي من جهة التوفيق الإلهي للعبد في بلوغه درجة الإيمان، فالبسط على هذا نور ينبسط
      على القلب يخلقه اللَّه فيه، قال تعالى:
      {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [التغابن:11].
      والله عز وجل قرن بسط الرزق بالإيمان، فقال عز من قائل:
      {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}
      [لأعراف:96].

      وباب التوفيق الأعظم هو التبرؤ من حولك وقوتك .. فإن العبد لا حَوْلَ له ولا قوة إلا بالله, فإنْ نسيَ
      ذلك وتعلق بغير الله, أو أُعجِب بنفسه, فَرَآها أهلاً للنجاح على وجهِ الاستقلال والتشبث بالأسباب
      وحدها, خابَ وخسِرَ في سَعْيِه, ويُخْشى أن يُعَجِّلَ اللهُ عقوبتَه، لِيُرِيَه خَيْبَتَهُ وعجزة قبل موتِه والعياذ بالله.

      أما الدعاء فهو من أعظم الأسباب لحيازة التوفيق، خاصة إذا اقترن بالتوكل على الله تعالى وبذل الداعي
      الوسائل التي تقربه من محبة الله تعالى، وفي الحديث القدسي الصحيح:
      "فإذا أحْبَبْتُهُ, كُنتُ سَمْعَهُ الذي يسمع به, وبَصَرَه الذي يُبصِرُ به، ويده التي يبطش بها,
      وَرِجْلَه التي يمشي بها, وإن سَأَلني لأُعْطِيَنَّه، ولَئِن استعاذني لأُعِيذَنَّه" [رواه البخاري]
      والعلماء أجمعوا على أن التوفيق أن لا يكلك الله إلى نفسك، وأن الخذلان هو أن يخلي بينك وبين نفسك.
      قَالَ غِذَاء بْنُ عِيَاضٍ رحمه الله:
      "مَنْ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِ الْهَوَى وَاتِّبَاعُ الشَّهَوَاتِ، انْقَطَعَتْ عَنْهُ مَوَادُّ التَّوْفِيقِ".
      وقيل لحكيم: ما الشيء الذي لا يستغني عنه المرء في كل حال؟ فقال: "التوفيق .. من حرم التوفيق،
      فأقطع ما يكون إذا اجتهد".

      وقال شقيق بن إبراهيم: أغلق باب التوفيق على الخلق من ستة أشياء: اشتغالهم بالنعمة عن شكرها.
      ورغبتهم في العلم وتركهم العمل. والمسارعة إلى الذنب وتأخير التوبة. والاغترار بالصالحين
      وترك الاقتداء بأفعالهم. وإدبار الدنيا عنهم وهم يتبعونها. وإقبال الآخرة عليهم وهم معرضون عنها.
      يقول الشيخ الشعراوي: "وهكذا نعلم أن هناك فرقاً بين العمل؛ وبين التوفيق في العمل؛ لأن جوارحك
      قد تنشغل بالعمل؛ ولكن النية قد تكون غير خالصة؛ عندئذ لا يأتي التوفيق من الله. أما إن أقبلت
      على العمل؛ وفي نيتك أن يوفقك الله سبحانه لتؤدي هذا العمل بإخلاص؛ فستجد الله تعالى يصوِّب
      لك أيَّ خطأ تقع فيه؛ وستنجز العمل بإتقان وتشعر بجمال الإتقان، وفي الجمال جلال".
      فعلينا معاشر المسلمين أن نبتهل ونتضرع إلى ربنا أن يُثبتنا، وأن لا يزيغنا، وأن لا يُحوِّل قلوبنا إلا لما
      يرضيه جل وعلا .. فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أن كل إنسان قلبه بين أصبعين
      من أصابع الرحمن جل وعلا يصرفه كيف يشاء .. فيا مقلب القلوب، مثبت من شاء، ومضل
      من شاء، وهادي من شاء، ومضل من شاء، ثبت قلوبنا على دينك، ولذا أثنى جل وعلا على عباده
      الراسخين في العلم بأنهم يقولون: {آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا} إلى أن قال عنهم:
      {رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً} [آل عمران: 7- 8].
      وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.

    2. #2
      • ريشـہ مـبـدع الصورة الرمزية سحب
      تاريخ التسجيل
      Nov 2014
      الدولة
      في عالم آخر
      المشاركات
      420
      معدل تقييم المستوى
      40

      افتراضي رد: التوفيق، .. رزق الأبرار...

      جزيت خيراً الله يسعدك في الدارين

    3. #3
      مديرة قسم ينبع الصورة الرمزية زمن النسيان
      تاريخ التسجيل
      Nov 2014
      المشاركات
      12,199
      معدل تقييم المستوى
      64

      افتراضي رد: التوفيق، .. رزق الأبرار...

      شكرآ جزيلا على الموضوع الرائع و المميز

      واصل تالقك معنا فى المنتدى

      بارك الله فيك أخى ...

      ننتظر منك الكثير من خلال إبداعاتك المميزة
      اتمنى سجدة طويلة ، في جو مليء بالمطر ، على أرض مكة

      فتكتب بها بداية رحيلي إلى الجنة ..

      ربي هذه أمنيتي فحققها


    4. #4
      فوضوي له مكانه الصورة الرمزية هايمه بذكراك
      تاريخ التسجيل
      Feb 2011
      الدولة
      اليوم فوق الأرض و غداً تحتها
      المشاركات
      40,683
      معدل تقييم المستوى
      139

      افتراضي رد: التوفيق، .. رزق الأبرار...

      جزآك ربي خير آلجزاء
      وجعله ربي في ميزآن حسناتك
      الباري يسعدك
      تقبلي مروري :82:
      أستغفر الله مِن كل زلل
      قول كان أو عمل ،
      أستغفر الله مِن كل خطيئهّ
      سِرًا كانت أو علن .

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. شركة نقل عفش بالمدينة المنورة 0538171539 مؤسسة الأبرار
      بواسطة رنين في المنتدى منتدى المواضيع العامة
      مشاركات: 2
      آخر مشاركة: 29-06-2015, 04:01 AM
    2. شركة تنظيف شقق بالمدينة المنورة / 0538171539 شركة الأبرار
      بواسطة رنين في المنتدى منتدى المواضيع العامة
      مشاركات: 2
      آخر مشاركة: 08-06-2015, 07:04 PM
    3. رمضان 1434هـ شارة برنامج الأبرار قدها لاتفوتكم عبد الله العبودي
      بواسطة ^^ هـيفـاء الـنـحـيت في المنتدى من وحي الاسلام
      مشاركات: 5
      آخر مشاركة: 06-09-2014, 04:18 PM
    4. مشاركات: 20
      آخر مشاركة: 22-06-2010, 02:53 PM
    5. الجنة دار الأبرار :
      بواسطة ملاك الروح في المنتدى من وحي الاسلام
      مشاركات: 12
      آخر مشاركة: 13-02-2010, 10:57 PM

    المفضلات

    المفضلات

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    www.yanbualbahar.com