• دخول الاعضاء

    النتائج 1 إلى 10 من 10

    الموضوع: محمد خاتم الأنبياء والمرسلين

    1. #1
      ~| رجلٌ إسْتثنآئِيْ |~ الصورة الرمزية الـبـرنـس
      تاريخ التسجيل
      Jan 2009
      الدولة
      صـومـ ع ـتـي
      المشاركات
      844
      معدل تقييم المستوى
      64

      افتراضي محمد خاتم الأنبياء والمرسلين

      إن من الواجب علينا التعرف على سيرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم

      الذي يتحلي بصفات الكمال المنقطعة النظير .. فقد أدبه ربه فأحسن تأديبه

      حتى وسع الناس بأخلاقه .. وأخذ بالقلوب بكلامه .. وأسر الأرواح بسجاياه

      ان حياته التي كانت كتابا مفتوحا للجميع تستحق ان تكون نبراسا نهتدي به

      في جميع جوانب حياتنا قال تعالى :


      (( لقد كان لكم فى رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجوا الله و اليوم الآخر

      و ذكر الله كثيرا ))





      ~*¤®§ ][^*^] سيرة خاتم الأنبياء والمرسلين [^*^][ §®¤*~





      ~*¤®§ ][^*^] مزايا السيرة النبوية [^*^][ §®¤*~


      تجمع السيرة النبوية عدة مزايا تجعل دراستها متعة روحية وعقلية وتاريخية ،

      كما تجعل هذه الدراسة ضرورية لعلماء الشريعة والدعاة إلى الله والمهتمين بالإصلاح

      الاجتماعي، ليضمنوا إبلاغ الشريعة إلى الناس بأسلوب يجعلهم يرون فيها المعتصم

      الذي يلوذون به عند اضطراب السبل واشتداد العواصف ولتتفتح أمام الدعاة قلوب الناس

      وأفئدتهم، ويكون الإصلاح الذي يدعو إليه المصلحون أقرب نجاحا وأكثر سدادا

      وفيما يلي أبرز مزايا السيرة النبوية :


      ~*¤®§ ][^*^]
      أولا [^*^][ §®¤*~


      أنها أصح سيرة لتاريخ نبي مرسل أو عظيم أو مصلح ، فقد وصلت إلينا سيرة رسول

      الله صلى الله عليه وسلم عن أصح الطرق العلمية وأقواها ثبوتا مما لا يترك مجالاً للشك

      في وقائعها البارزة وأحداثها الكبرى .

      إن هذه الميزة من صحة السيرة صحة لا يتطرق إليها الشك لا توجد في سيرة رسول من

      رسل الله السابقين ، فموسى عليه السلام قد اختلطت عندنا وقائع سيرته الصحيحة بما

      أدخل عليها اليهود من زيف وتحريف، ومثل ذلك يقال في سيرة عيسى عليه السلام،

      وإذا كان هذا شأن سير الرسل أصحاب الديانات المنتشرة في العالم، كان الشك أقوى

      في سيرة أصحاب الديانات والفلاسفة الآخرين الذين يعد أتباعهم بمئات الملايين في

      العالم كبوذا وكونفوشيوس .


      ~*¤®§ ][^*^] ثانيا [^*^][ §®¤*~


      أن حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم واضحة كل الوضوح في جميع مراحلها منذ

      زواج أبيه عبد الله بآمنة إلى وفاته صلى الله عليه وسلم، فنحن نعرف الشيء الكثير

      عن ولادته وطفولته وشبابه ومكسبه قبل النبوة ورحلاته خارج مكة إلى أن بعثه الله

      رسولاً كريماً، ثم نعرف بشكل أدق وأوضح وأكمل كل أحواله بعد ذلك سنة فسنة

      مما يجعل سيرته عليه الصلاة والسلام واضحة وضوح الشمس كما قال بعض النقاد ال

      غربيين :

      " إن محمداً عليه الصلاة والسلام هو الوحيد الذي ولد على ضوء الشمس".


      ~*¤®§ ][^*^] ثالثا [^*^][ §®¤*~


      أن سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم تحكي سيرة إنسان أكرمه الله بالرسالة فلم

      تخرجه عن إنسانيته، ولم تلحق حياته بالأساطير، ولم تضفِ عليه الألوهية قليلا ولا كثيرا،

      وإذا قارنا هذا بما يرويه المسيحيون عن سيرة عيسى عليه السلام وما يرويه البوذيون

      عن بوذا والوثنيون عن آلهتهم المعبودة اتضح لنا الفرق جليا بين سيرته عليه السلام

      وسيرة هؤلاء، ولذلك ظل وسيظل محمد صلى الله عليه وسلم المثل النموذجي الإنساني

      الكامل لكل من أراد أن يعيش سعيداً كريماً في نفسه وأسرته وبيئته.

      ومن هنا يقول الله في كتابه الكريم :

      "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر".


      ~*¤®§ ][^*^] رابعا [^*^][ §®¤*~


      أن سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم شاملة لكل النواحي الإنسانية في الإنسان،

      فهي تحكي لنا سيرة محمد الشاب الأمين المستقيم قبل أن يكرمه الله بالرسالة،

      كما تحكي لنا سيرة رسول الله الداعية إلى الله المتلمس أجدى الوسائل لقبول دعوته،

      الباذل منتهى طاقته وجهده في إبلاغ رسالته، كما تحكي لنا سيرته كرئيس دولة يضع

      لدولته أقوم النظم وأصحها، ويحميها بيقظته وإخلاصه وصدقه بما يكفل لها النجاح.

      كما تحكي لنا سيرة الرسول الزوج والأب في حنو العاطفة وحسن المعاملة والتمييز ا

      لواضح بين الحقوق والواجبات لكل من الزوج والزوجة والأولاد، كما تحكي لنا سيرة

      الرسول المربي المرشد الذي يشرف على تربية أصحابه تربية مثالية ينقل فيها من روحه

      إلى أرواحهم ومن نفسه إلى نفوسهم ما يجعلهم يحاولون الاقتداء به في دقيق الأمور

      وكبيرها.


      ~*¤®§ ][^*^]
      خامسا [^*^][ §®¤*~


      أن سيرة محمد صلى الله عليه وسلم وحدها تعطينا الدليل الذي لا ريب فيه على صدق

      رسالته ونبوته إنها سيرة إنسان كامل سار بدعوته من نصر إلى نصر، لا على طريق

      الخوارق والمعجزات، بل عن طريق طبيعي، فلقد دعى فأوذي، وبلغ فأصبح له الأنصار،

      واضطر إلى الحرب فحارب، وكان حكيماً موفقاً في قيادته فما أزفت ساعة وفاته إلا

      كانت دعوته تلف الجزيرة العربية كلها عن طريق الإيمان لا عن طريق القهر والغلبة.

      ومن تتبع القرآن الكريم وجد أنه اعتمد في الاقناع على المحاكمة العقلية والمشاهدة

      المحسوسة لعظيم صنع الله والمعرفة التامة بما كان عليه الرسول من أمية تجعل إتيانه

      بالقرآن الكريم دليلاً على صدق رسالته صلى الله عليه وسلم ، يقول الله تعالى في سورة

      العنكبوت:

      (( وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه قل إنما الآيات عند الله وإنما أنا نذير مبين *

      أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم

      يؤمنون ))

      ولما اشتط كفار قريش في طلب المعجزات من رسول الله صلى الله عليه وسلم كما كانت

      تفعل الأمم الماضية أمره الله أن يجيبهم بقوله :

      (( سبحان ربي هل كنتُ إلا بشراً رسولاً ))

      وهكذا يقرر القرآن بصراحة ووضوح أن محمداً صلى الله عليه وسلم إنسان رسول، وأنه

      لا يعتمد في دعوى الرسالة على الخوارق والمعجزات وإنما يخاطب العقول والقلوب

      (( فمن يردِ اللهُ أن يهديَه يشرح صدره للإسلام ))






      ~*¤®§ ][^*^] نسبه صلى الله عليه وسلم [^*^][ §®¤*~


      تعرف أسرته صلى الله عليه وسلم بالأسرة الهاشمية نسبة إلى جده

      هاشم بن عبد مناف

      هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب

      بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة

      بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان .





      ~*¤®§ ][^*^] موطنه صلى الله عليه وسلم [^*^][ §®¤*~


      اختار الله له من بقاع العالم ومن بين أصقاعها أحب البلاد إليه سبحانه، البلد الحرام

      والتربة الطاهرة والأرض المقدسة والوطن المحاط بالعناية المحروس بالرعاية فولد

      صلى الله عليه وسلم في مكة في عام الفيل حيث صلى الأنبياء، وهبط الوحي،

      وطلع النور، وأشرقت الرسالة، وسطعت النبوة، وانبلج فجر البعثة .





      ~*¤®§ ][^*^] البيت النبوي الشريف [^*^][ §®¤*~


      كان النبي صلى الله عليه وسلم يمتاز عن أمته بحل التزوج بأكثر من أربع زوجات

      لأغراض كثيرة، فكان عدد من عقد عليهن ثلاثة عشرة امرأه، منهن تسع مات عنهن،

      واثنتان توفيتا في حياته، إحداهما خديجة، والأخرى أم المساكين زينب بنت خريمة،

      واثنتان لم يدخل بهما.

      أمهات المؤمنين

      - السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها : وهي أول من تزوجه من النساء، ولم

      يتزوج عليها غيرها، وكان له منها أبناء وبنات، أما الأبناء ، فلم يعش منهم أحد ،

      وأما البنات فهن ‏:‏

      زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة

      فأما زينب فتزوجها قبل الهجرة ابن خالتها‏,‏ أبوالعاص بن الربيع

      وأما رقية وأم كلثوم فقد تزوجهما عثمان بن عفان رضي الله عنه

      وأما فاطمة فتزوجها على بن أبي طالب بين بدر وأحد، ومنها كان

      الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم‏.‏

      - سودة بنت زمعة رضي الله عنها : تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال

      سنة عشر من النبوة، بعد وفاة خديجة بنحو شهر ، توفيت بالمدينة في شوال سنة54هـ ‏.‏

      ـ عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها : تزوجها وهي بنت تسع اوعشر سنين ،

      وكانت بكرا ولم يتزوج بكرا غيرها، وكانت أحب الخلق إليه، وأفقه نساء الأمة، وأعلمهن

      على الإطلاق ، فضلها على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام ‏، توفيت في 17رمضان

      سنة 57هـ أو 58 هـ ودفنت بالبقيع‏.‏

      - حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي اله عنها : تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في

      شعبان سنة 3هـ توفيت في شعبان سنة 45هـ بالمدينة ، ولها ستون سنة، ودفنت

      بالبقيع‏.‏

      - زينب بنت خزيمة رضي الله عنها : وكانت تسمى أم المساكين، لرحمتها أياهم ورقتها

      عليهم، تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة 4 هـ ‏،‏ ماتت بعد الزواج بنحو ثلاثة

      أشهرفي ربيع الآخر سنة 4هـ ، فصلى عليها النبي صلى الله عليه وسلم، ودفنت بالبقيع‏.‏

      - أم سلمة هند بنت أبي أمية رضي الله عنها : كانت من افقه النساء وأعقلهن‏ ، توفيت

      سنة 59هـ، وقيل‏:‏ 62هـ ودفنت بالبقيع، ولها 84 سنة‏.‏

      - زينب بنت جحش رضي الله عنها وهي بنت عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كانت

      تحت زيد بن حارثة الذي كان يعتبر ابنا للنبي صلى الله عليه وسلم فطلقها زيد، فلما

      انقضت العدة أنزل الله تعالى يقول لرسوله صلى الله عليه وسلم ‏:

      (( ‏فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا‏ ))‏ ‏، وفيها نزلت من سورة الأحزاب آيات فصلت قضية

      التبني ، تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة سنة خمس من الهجرة‏ ،

      وقيل‏ سنة 4هـ، وكانت أعبد النساء وأعظمهن صدقة ، توفيت سنة 20هـ ولها 53 سنة‏ ،

      وكانت أول أمهات المؤمنين وفاة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، صلى عليها عمر

      بن الخطاب رضي الله عنه، ودفنت بالبقيع‏.‏

      - جويرية بنت الحارث رضي الله عنها : كانت في سبي بنى المصطلق فقضى رسول الله

      صلى الله عليه وسلم كتابتها، وتزوجها ، فأعتق المسلمون مائة أهل بيت من بني المصطلق،

      فكانت أعظم النساء بركة على قومها‏ ،‏ توفيت في ربيع الأول سنة 56هـ، وقيل‏:‏ 55 هـ‏

      ولها 65 سنة‏.‏

      - أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان رضي الله عنها : ارتد زوجهاعبيد الله وتنصر في الحبشة،

      وتوفي هناك ، وثبتت أم حبيبة على دينها وهجرتها، فكاتب النجاشي في المحرم سنة

      7 هـ‏ ، فخطبها وزوجها إياه وبعث بها مع شرحبيل بن حسنة‏ ،‏ توفيت سنة 42 هـ،

      أو 44هـ، أو 50هـ‏.‏

      - صفية بنت حيي بن أخطب سيد بن النضير رضي الله عنها : كانت من سبي خيبر، فاصطفاها

      رسول الله صلى الله وعليه وسلم لنفسه، وعرض عليها الإسلام فأسلمت، فأعتقها وتزوجها

      بعد فتح خيبر سنة 7هـ ،‏ توفيت سنة 50 هـ وقيل‏:‏ 52هـ، وقيل 36 هـ ودفنت بالبقيع‏.‏

      - ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها : تزوجها في ذي القعدة سنة 7 هـ، في عمرة القضاء،

      وقد توفيت بسرف سنة 61 هـ، وقيل‏ 63، وقيل‏ 38 هـ ودفنت هناك ، ولا يزال موضع

      قبرها معروفا‏.‏




      ~*¤®§ ][^*^] موطن وفاته [^*^][ §®¤*~


      توفي صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة في يوم الاثنين 12 ربيع الأول

      سنة 11هـ، وقد تم له صلى الله عليه وسلم ثلاث وستون سنة ‏.‏

      التعديل الأخير تم بواسطة الـبـرنـس ; 17-09-2009 الساعة 09:23 PM


      ---------------
      : قآل الملك الضليل :
      أيا جارتا إن المزار قريب
      ... ... وإني مقيم ما أقام عسيب
      أيا جارتا إنا غريبان هاهنا
      ... ... وكل غريب للغريب نسيب

    2. #2
      ~| رجلٌ إسْتثنآئِيْ |~ الصورة الرمزية الـبـرنـس
      تاريخ التسجيل
      Jan 2009
      الدولة
      صـومـ ع ـتـي
      المشاركات
      844
      معدل تقييم المستوى
      64

      افتراضي



      ~*¤®§ ][^*^] مولد خير البرية مع صفحات من حياته [^*^][ §®¤*~





      ~*¤®§ ][^*^] مولـــده [^*^][ §®¤*~


      ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع

      الأول عام الفيل ، وكانت العادة عند الحاضرين من العرب أن يلتمسوا المراضع لأولادهم

      ابتعادا لهم عن أمراض الحواضر ولتقوى أجسامهم ، وتشتد أعصابهم ، ويتقنوا اللسان

      العربى في مهدهم ، وكانت حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية أم رسول الله صلى الله عليه

      وسلم التي أرضعته وكانت تحدث عن ذلك قائلة ..

      خرجت من بلدي مع زوجي نلتمس الرضعاء في سنة شهباء ،فخرجت على أتان لي

      قمراء معنا شارف لنا ، والله ما تبض بقطرة وما ننام ليلنا أجمع من صبينا الذي معنا ،

      من بكائه من الجوع ، ولكنا كنا نرجو الغيث والفرج فخرجت على أتاني تلك ، حتى

      قدمنا مكة نلتمس الرضعاء ، فما منا امرأة إلا وقد عرض عليها رسول الله صلى الله عليه

      وسلم فتأباه إذا قيل لها إنه يتيم وذلك أنا إنما كنا نرجو المعروف من أبي الصبي ، فما

      بقيت امرأة قدمت معي إلا أخذت رضيعا غيري ، فلما أجمعنا الانطلاق قلت لصاحبي :

      والله إني لأكره أن أرجع من بين صواحبي ولم آخذ رضيعا ، والله لأذهبن إلى ذلك اليتيم

      فلآخذنه ، فذهبت إليه فأخذته ، وما حملني على أخذه إلا أني لم أجد غيره ..

      فلما أخذته رجعت به إلى رحلي ، وارضعته وشرب معه أخوه حتى روي ثم ناما وما كنا ننام

      معه قبل ذلك وقام زوجي إلى شارفنا تلك ، فإذا إنها لحافل فحلب منها ما شرب وشربت معه

      حتى انتهينا ريا وشبعا ، فبتنا بخير ليلة .

      قال صاحبي حين أصبحنا : تعلمي والله يا حليمة لقد أخذت نسمة مباركة

      فقلت : والله إني لأرجو ذلك

      ثم قدمنا منازلنا وما أعلم أرضا من أرض الله أجدب منها ، فكانت غنمي تروح علي حين قدمنا

      به معنا شباعا لبنا ، فنحلب ونشرب وما يحلب إنسان قطرة لبن حتى كان الحاضرون من قومنا

      يقولون لرعيانهم ويلكم اسرحوا حيث يسرح راعي بنت أبي ذؤيب .

      فلم نزل نتعرف من الله الزيادة والخير حتى مضت سنتاه وفصلته وكان يشب شبابا لا يشبه

      الغلمان فلم يبلغ سنتيه حتى كان غلاما جفرا ، فقدمنا به على أمه ونحن أحرص شيء على

      مكثه فينا ، لما كنا نرى من بركته ، فكلمنا أمه وقلت لها :

      لو تركت بني عندي حتى يغلظ فإني أخشى عليه وبأ مكة ، فلم نزل بها حتى ردته معنا .





      ~*¤®§ ][^*^] حادثة شق الصدر [^*^][ §®¤*~


      بعد مقدمهم بأشهر أتاهم أخوه يشتد ، فقال لها ولأبيه :

      ذاك أخي القرشي قد أخذه رجلان عليهما ثياب بيض فأضجعاه فشقا بطنه ..

      فخرجوا فوجدوه قائما منتقعا وجهه ، قالت فالتزمته والتزمه أبوه فقلنا له : ما لك يا بني

      قال : جاءني رجلان عليهما ثياب بيض فأضجعاني وشقا بطني ، فالتمسا فيه شيئا لا

      أدري ما هو .

      فاحتملوه ثم قدموابه على أمه فقالت :

      ما أقدمك به وقد كنت حريصة عليه وعلى مكثه عندك ؟ ما هذا شأنك فاصدقيني خبرك .

      قالت : فلم تدعني حتى أخبرتها .

      قالت : أفتخوفت عليه الشيطان ؟

      قالت : قلت نعم

      قالت : كلا ، والله ما للشيطان عليه من سبيل وإن لإبني لشأنا ، لقد رأيت حين حملت به

      أنه خرج مني نور أضاء لي قصور بصرى من أرض الشام ، ثم حملت به فوالله ما رأيت من

      حمل قط كان أخف علي ولا أيسر منه ووقع حين ولدته وإنه لواضع يديه بالأرض رافع رأسه

      إلى السماء دعيه عنك وانطلقي راشدة .

      ثم رأت آمنة وفاء لذكرى زوجها الراحل أن تزور قبره بيثرب، فخرجت من مكة ومعها ولدها

      اليتيم وخادمتها أم أيمن، وقيمها عبد المطلب، فمكثت شهرا ، وبينما هي راجعة إذ لحقها

      المرض في أوائل الطريق ، ثم اشتد حتى ماتت بالأبواء بين مكة والمدينة‏.‏

      وعاد به عبد المطلب إلى مكة ، وكانت مشاعر الحنو في فؤاده تربو نحو حفيده اليتيم ، فرق

      عليه رقة لم يرقها على أحد من أولاده ، فكان لا يفارقه ، ثم توفي جده في السنة الثامنة من

      مولده ، وأوصى به إلى أبي طالب وذلك لأن عبد الله أبا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا

      طالب أخوان لأب وأم ، فتولى تربية رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعد جده ، ورق عليه

      رقة شديدة ، وكان يقدمه على أولاده .





      ~*¤®§ ][^*^] قصة بحيرى [^*^][ §®¤*~


      خرج أبا طالب في ركب تاجرا إلى الشام ، فلما تهيأ للرحيل وأجمع المسير صب به رسول الله

      صلى الله عليه وسلم فرق له أبو طالب وقال والله لأخرجن به معي ، ولا يفارقني ، ولا أفارقه

      أبدا ، فخرج به معه ونزل الركب بصرى من أرض الشام ، وبهما راهب يقال له بحيرى في

      صومعة له ، فلما نزلوا به قريبا من صومعته صنع لهم طعاما كثيرا ، وذلك فيما يزعمون عن شيء

      رآه وهوفي صومعته يزعمون أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الركب حين أقبلوا ،

      وغمامة تظله من بين القوم ، قال ثم أقبلوا فنزلوا في ظل شجرة قريبا منه ، فنظر إلى الغمامة

      حين أظلت الشجرة حتى استظل رسول الله صلى الله عليه وسلم تحتها ، فلما رأى ذلك نزل من

      صومعته ثم أرسل إليهم فقال : إني قد صنعت لكم طعاما يا معشر قريش ، فأنا أحب أن تحضروا

      كلكم صغيركم وكبيركم وعبدكم وحركم ..

      فاجتمعوا إليه وتخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين القوم لحداثة سنه في رحال القوم

      تحت الشجرة ، فلما نظر بحيرى في القوم لم ير الصفة التي يعرف ويجد عنده فقال يا معشر قريش

      لا يتخلفن أحد منكم عن طعامي قالوا له يا بحيرى ، ما تخلف عنك أحد ينبغي له أن يأتيك إلا

      غلام وهو أحدث القوم سنا ، فتخلف في رحالهم فقال لا تفعلوا ، ادعوه فليحضر هذا الطعام

      معكم ، فلما رآه بحيرى جعل يلحظه لحظا شديدا وينظر إلى أشياء من جسده قد كان يجدها عنده

      من صفته حتى إذا فرغ القوم من طعامهم وتفرقوا ، قام إليه بحيرى فقال له :

      بالله إلا ما أخبرتني عما أسألك عنه .. فقال : له سلني عما بدا لك .

      فجعل يسأله عن أشياء من حاله في نومه وهيئته وأموره فجعل رسول الله صلى الله عليه

      وسلم يخبره فيوافق ذلك ما عند بحيرى من صفته ثم نظر إلى ظهره فرأى خاتم لنبوة بين كتفيه

      على موضعه من صفته التي عنده ، فلما فرغ أقبل على عمه أبي طالب فقال له :

      ما هذا الغلام منك ؟

      قال : ابني .

      قال له بحيرى : ما هو بابنك ، وما ينبغي لهذا الغلام أن يكون أبوه حيا

      قال : فإنه ابن أخي

      قال : فما فعل أبوه ؟

      قال : مات وأمه حبلى به

      قال : صدقت ، فارجع بابن أخيك إلى بلده واحذر عليه يهود فوالله لئن رأوه وعرفوا منه ما

      عرفت ليبغنه شرا ، فإنه كائن لابن أخيك هذا شأن عظيم فأسرع به إلى بلاده .

      فخرج به عمه أبو طالب سريعا حتى أقدمه مكة حين فرغ من تجارته بالشام .





      ~*¤®§ ][^*^] صفاته [^*^][ §®¤*~


      كان صلى الله عليه وسلم جميل الصفات مشرق المحيا، قريب من القلوب ، حبيب الى الأرواح،

      تعلوه مهابة وترافقه جلالة ، على وجهه نور الرسالة ، وعلى ثغره بسمة المحبة ، سديد الرأي ،

      يسعد به جليسه، وينعم به رفيقه، ويرتاح له صاحبه ، يحب الفأل ويكره الطيرة ، يعفو ويصفح ،

      ويسخو ويمنح ، وأبهى من البدر ، وسع الناس بأخلاقه وطوق الرجال بكرمه ، من رآه أحبه،

      ومن عرفه هابه ، ومن داخله أجله ، كلامه يأخذ بالقلوب ، وسجاياه تأسر الأرواح.





      ~*¤®§ ][^*^]
      اخلاقه [^*^][ §®¤*~


      كان في شبابه زينة الشباب وجمال الفتيان، عفة ومروءة وعقلا وأمانة وفصاحة، لم يكن

      يكذب كذبة واحدة، ولم تعلم له عثرة واحدة ولا زلة واحدة ولا منقصة واحدة، فهو طاهر الإزار

      مأمون الدخيلة، زاكي السر والعلن، وقور المقام، محترم الجانب ،عذب السجايا، صادق المنطق،

      عف الخصال ، حسن الخلال.

      ولم يكن له صلى الله عليه وسلم عمل معين في أول شبابه، إلا أن الروايات توالت أنه كان

      يرعى غنما لأهلها على قراريط ، وفي الخامسة والعشرين من عمره خرج تاجرا إلى الشام

      في مال خديجة رضي الله عنها وقد كانت تاجرة ذات شرف ومال، تستأجر الرجال في مالها،

      وتضاربهم إياه بشيء تجعله لهم، وكانت قريش قوما تجارا، فلما بلغها عن رسول الله صلى

      الله عليه وسلم ما بلغها من صدق حديثه، وعظم أمانته وكرم أخلاقه بعثت إليه، فعرضت عليه

      أن يخرج في مال لها إلى الشام تاجرا، وتعطيه أفضل ما كانت تعطى غيره من التجار، مع

      غلامها يقال له‏ ميسرة.

      فقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم منها، وخرج في مالها، وخرج معه غلامها ميسرة حتى

      قدم الشام ، ثم باع رسول الله صلى الله عليه وسلم سلعته التي خرج بها ، واشترى ما أراد

      أن يشتري ثم أقبل قافلا إلى مكة ومعه ميسرة ، وكان إذا كانت الهاجرة واشتد الحر ، يرى

      ملكين يظلانه من الشمس وهو يسير على بعيره ، فلما قدم مكة حدث ميسرة خديجةعما كان

      يرى من إظلال الملكين إياه ، وكانت خديجة امرأة حازمة شريفة لبيبة مع ما أراد الله بها من

      كرامته ، فبعثت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت له :

      يا ابن عم إني قد رغبت فيك لقرابتك ، وسلطتك في قومك وأمانتك وحسن خلقك ، وصدق

      حديثك ، ثم عرضت عليه نفسها .

      وكانت خديجة يومئذ أوسط نساء قريش نسبا ، وأعظمهن شرفا ، وأكثرهن مالا كل قومها

      كان حريصا على ذلك منها لو يقدر عليه .





      ~*¤®§ ][^*^] زواجه من خديجة [^*^][ §®¤*~


      ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك لأعمامه فخرج معه عمه حمزة بن عبد المطلب فخطبها

      إليه فتزوجها ، وكانت أول امرأة تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يتزوج عليها

      غيرها حتى ماتت رضي الله عنها .

      فولدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولده كلهم إلا إبراهيم ، القاسم وبه كان يكنى صلى الله

      عليه وسلم والطاهر والطيب وزينب ، ورقية ، وأم كلثوم ، وفاطمة ، عليهم السلام .

      فأما القاسم والطيب والطاهر فهلكوا في الجاهلية وأما بناته فكلهن أدركن الإسلام فأسلمن

      وهاجرن معه .





      ~*¤®§ ][^*^] بشائر النبوة [^*^][ §®¤*~



      ~*¤®§ ][^*^] جبريل ينزل بالوحي [^*^][ §®¤*~


      لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين سنة بعثه الله تعالى رحمة للعالمين ، وكان أول

      ما بدئ به النبوة حين أراد الله كرامته ورحمة العباد به الرؤيا الصادقة لا يرىرؤيا في نومه إلا

      جاءت كفلق الصبح وحبب الله تعالى إليه الخلوة فلم يكن شيء أحب إليه من أن يخلو وحده .

      وفي شهر رمضان وفي الليلة التي أكرمه الله فيها برسالته، جاءه جبريل عليه السلام بأمر

      الله تعالى وهو في غار حراء ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

      " جاءني جبريل وأنا نائم بنمط من ديباج فيه كتاب فقال : اقرأ

      قلت : ما أقرأ ؟ فغتني به حتى ظننت أنه الموت ثم أرسلني ..

      فقال : اقرأ

      قلت : ما أقرأ ؟ فغتني به حتى ظننت أنه الموت ثم أرسلني ..

      فقال : اقرأ

      قلت : ماذا أقرأ ؟ قال فغتني به حتى ظننت أنه الموت ثم أرسلني ..

      فقال ا: قرأ

      فقلت : ماذا أقرأ ؟ ما أقول ذلك إلا افتداء منه أن يعود لي بمثل ما صنع بي ..

      فقال : (( اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم

      علم الإنسان ما لم يعلم ))

      قال : فقرأتها ثم انتهى فانصرف عني وهببت من نومي ، فكأنما كتبت في قلبي كتابا .

      فخرجت حتى إذا كنت في وسط من الجبل سمعت صوتا من السماء يقول :

      ( يا محمد أنت رسول الله وأنا جبريل ) فرفعت رأسي إلى السماء أنظر فإذا جبريل في صورة

      رجل صاف قدميه في أفق السماء ، وجعلت أصرف وجهي عنه في آفاق السماء فلا أنظر

      في ناحية منها إلا رأيته كذلك فما زلت واقفا ما أتقدم أمامي ..

      ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده ، حتى دخل على خديجة بنت خويلد فقال :

      زملوني ، زملوني ، فزملوه حتى ذهب عنه الروع ، فقال لخديجة وأخبرها الخبرفقالت

      خديجة : كلا والله ، ما يخزيك الله أبداً . إنك لتصل الرحم ، وتحمل الكل ، وتقري الضيف ،

      وتكسب المعدوم ، وتعين على نوائب الحق .

      فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى ابن عم خديجة وكان قد

      تنصر في الجاهلية ، فقالت له خديجة : يا ابن عم اسمع من ابن أخيك .

      فقال له ورقة : يا ابن أخي ، ماذا ترى؟

      فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر مارأى .

      فقال له ورقة : هذا الناموس الذي نزل الله على موسى، يا ليتني فيها جذعا ، ليتني أكون حيا

      إذ يخرجك قومك ؟

      قال : أو مخرجي هم ؟

      قال : نعم ، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي ، وإن يدركني قومك أنصرك نصرا

      مؤزرا .





      ~*¤®§ ][^*^] الدعوة إلى الله [^*^][ §®¤*~


      كان من الطبيعى أن يعرض الرسول صلى الله عليه وسلم الإسلام أولا على ألصق الناس به

      من أهل بيته، وأصدقائه، فدعاهم إلى الإسلام، ودعا إليه كل من توسم فيه الخير فأجابه من

      هؤلاء الذين لم تخالجهم ريبة قط في عظمة الرسول صلى الله عليه وسلم وجلالة نفسه وصدق

      خبره ، جَمع عُرفوا في التاريخ الإسلامى بالسابقين الأولين ، وفي مقدمتهم زوجة النبي صلى

      الله عليه وسلم أم المؤمنين خديجة بنت خويلد، ومولاه زيد بن حارثة وابن عمه علي بن أبي طالب

      وكان صبيا يعيش في كفالة الرسول صلى الله عليه وسلم وصديقه الحميم أبو بكر الصديق‏ .

      ثم نشط أبو بكر رضي الله عنه في الدعوة إلى الإسلام ، فجعل يدعو من يثق به من قومه ممن

      يغشاه ويجلس إليه، فأسلم بدعوته عثمان بن عفان ، والزبير بن العوام ، وعبد الرحمن بن عوف،

      وسعد بن أبي وقاص ، وطلحة بن عبيد الله ‏، فكان هؤلاء النفر الثمانية الذين سبقوا الناس هم

      الرعيل الأول وطليعة الإسلام‏.‏




      ~*¤®§ ][^*^] وأنذر عشيرتك الأقربين [^*^][ §®¤*~


      فشا ذكر الإسلام بمكة وتحدث به الناس ، ثم إن الله عز وجل أمر رسوله صلى الله عليه وسلم

      أن يصدع بما جاءه منه وأن يدعو إليه ، قال الله تعالى له :

      (( فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين ))

      وقال تعالى : (( وأنذر عشيرتك الأقربين واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين ))

      فصعد الرسول صلى الله عليه وسلم الصفا فنادى : واصباحاه

      فلما اجتمعوا إليه قال صلى الله عليه وسلم : " لو أخبرتكم أن خيلا تريد أن تخرج عليكم من

      سفح هذا الجبل ، أكنتم مصدقي "

      قالوا : نعم ، ما جربنا عليك كذبا .

      قال ‏:‏ ‏" إنى نذير لكم بين يدى عذاب شديد ، إنما مثلى ومثلكم كمثل رجل رأي العدو فانطلق

      يربأ أهله‏ " ثم دعاهم إلى الحق، وأنذرهم من عذاب الله ، فخص وعم فقال :

      ‏" يا معشر قريش، اشتروا أنفسكم من الله ، أنقذوا أنفسكم من النار، فإنى لا أملك لكم من الله

      ضرا ولا نفعا، ولا أغنى عنكم من الله شيئا "‏

      فقال أبو لهب : تبا لك ، ما جمعتنا إلا لهذا ؟

      فأنزل الله قوله تعالى : (( تبت يدا أبي لهب وتب * ما أغنى عنه ماله وما كسب ))

      ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما هو عليه يظهر دين الله ويدعو إليه ثم شرى الأمر

      بينه وبين المشركين، وأكثرت قريش ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بينها ، فحض بعضهم

      بعضا عليه ثم إنهم مشوا إلى أبي طالب ، فقالوا له :

      يا أبا طالب إن لك سنا وشرفا ومنزلة فينا ، وإنا قد استنهيناك من ابن أخيك فلم تنهه عنا ،

      وإنا والله لا نصبر على هذا من شتم آبائنا ، وتسفيه أحلامنا ، وعيب آلهتنا ، حتى تكفه عنا ،

      أو ننازله وإياك في ذلك حتى يهلك أحد الفريقين .

      ثم انصرفوا عنه فعظم على أبي طالب فراق قومه وعداوتهم ولم يطب نفسا بإسلام رسول الله

      صلى الله عليه وسلم لهم ولا خذلانه ، فبعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له :

      يا ابن أخي ، إن قومك قد جاءوني ، فقالوا لي كذا وكذا ، للذي كانوا قالوا له فأبق علي

      وعلى نفسك ، ولا تحملني من الأمر ما لا أطيق ..

      فظن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قد ضعف عن نصرته والقيام معه فقال :

      " يا عم ، والله لو وضعوا الشمس في يميني ، والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر

      حتى يظهره الله أو أهلك فيه ما تركته "




      ~*¤®§ ][^*^] ايذاء المشركين [^*^][ §®¤*~


      كان النفر الذين يؤذون رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته أبا لهب، والحكم بن أبي العاص

      بن أمية، وعقبة بن أبي معيط، وعدى بن حمراء الثقفي، وابن الأصداءالهذلى وكانوا جيرانه

      لم يسلم منهم أحد إلا الحكم بن أبي العاص، فكان أحدهم يطرح عليه صلى الله عليه وسلم رحم

      الشاة وهو يصلى، وكان أحدهم يطرحها في برمته إذا نصبت له، حتى اتخذ رسول الله صلى الله

      عليه وسلم حجرا ليستتر به منهم إذا صلى وازداد عقبة بن أبي معيط في شقاوته وخبثه، فقد

      روى البخاري عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه‏:‏

      أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلى عند البيت، وأبو جهل وأصحاب له جلوس إذ قال

      بعضهم لبعض ‏:‏ أيكم يجىء بسلا جزور بني فلان فيضعه على ظهر محمد إذا سجد، فانبعث

      أشقى القوم ‏وهو عقبة بن أبي معيط‏‏ فجاء به فنظر، حتى إذا سجد النبي وضعه على ظهره

      بين كتفيه، وأنا أنظر، لا أغنى شيئا، لو كانت لي منعة،فجعلوا يضحكون، ورسول الله صلى

      الله عليه وسلم ساجد، لا يرفع رأسه، حتى جاءته فاطمة رضي الله عنها ، فطرحته عن ظهره ،

      فرفع رأسه، ثم قال ‏:‏ ‏

      " اللهم عليك بقريش‏ " ثلاث مرات، فشق ذلك عليهم إذ دعا عليهم، وكانوا يرون أن الدعوة

      في ذلك البلد مستجابة، ثم سمى‏ :‏

      ‏" اللهم عليك بأبي جهل، وعليك بعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، وأمية

      بن خلف، وعقبة بن أبي معيط‏ " فوالذي نفسى بيده لقد رأيت الذين عد رسول الله صلى الله

      عليه وسلم صرعى في قليب بدر‏.‏




      ~*¤®§ ][^*^]
      الهجرة إلى الحبشة [^*^][ §®¤*~


      في السنة الخامسة أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بالهجرة إلى الحبشة لما اشتد عليهم

      العذاب والأذى ، وكانت الحبشة متجر قريش ، وكان أهل هذه الهجرة الأولى اثني عشر رجلا

      وأربع نسوة ، وكان أول من هاجر إليها عثمان بن عفان رضي الله عنه ، ومعه زوجته رقية

      رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

      خرجوا متسللين سرا ، فوفق الله لهم ساعة وصولهم إلى الساحل سفينتين للتجار ، فحملوهم

      إلى الحبشة ، فأقاموا بالحبشة شعبان ورمضان ، ثم رجعوا إلى مكة في شوال ، ولما استمر

      النبي صلى الله عليه وسلم على سب آلهتهم ، عادوا إلى شر مما كانوا عليه ، وازدادوا شدة

      على من أسلم ، فأذن لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخروج إلى الحبشة مرة ثانية ،

      فخرجوا ، وكان عدة من خرج في المرة الثانية ثلاثة وثمانين رجلا إن كان فيهم عمار بن ياسر

      ومن النساء تسع عشرة امرأة .




      ~*¤®§ ][^*^] صبر وثبات على الحق [^*^][ §®¤*~




      ~*¤®§ ][^*^] عام الحزن [^*^][ §®¤*~


      ألح المرض بأبي طالب، فلم يلبث أن وافته المنية، وكانت وفاته في رجب السنة العاشر

      من النبوة ، وبعد وفاة أبي طالب بنحو شهرين أو بثلاثة أيام توفيت أم المؤمنين خديجة

      رضي الله عنها ولها خمس وستون سنة ، فتتابعت على رسول الله صلى الله عليه وسلم

      المصائب ونالت قريش من رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأذى ما لم تكن تطمع به في

      حياة أبي طالب .




      ~*¤®§ ][^*^] رحلة الطائف [^*^][ §®¤*~


      خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف ، يلتمس النصرة من ثقيف ، والمنعة بهم

      من قومه ورجاء أن يقبلوا منه ما جاءهم به من الله عز وجل.

      و لما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف ، عمد إلى نفر من ثقيف ، هم يومئذ

      سادة ثقيف وأشرافهم فجلس إليهم ودعاهم إلى الله وكلمهم بما جاءهم له من نصرته على

      الإسلام والقيام معه على من خالفه من قومه ، فقال له أحدهم :

      لئن كنت رسولا من الله كما تقول لأنت أعظم خطرا من أن أرد عليك الكلام ولئن كنت تكذب

      على الله ما ينبغي لي أن أكلمك .

      فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من عندهم وقد يئس من خير ثقيف فأغروا به سفهاءهم

      وعبيدهم يسبونه ويصيحون به حتى اجتمع عليه الناس وألجئوه إلى حائط لعتبة بن ربيعة

      وشيبة بن ربيعة ، فعمد إلى ظل حبلة من عنب فجلس فيه ، فلما اطمأن رسول الله صلى الله

      عليه وسلم قال :

      " اللهم إليك أشكو ضعف قوتي ، وقلة حيلتي ، وهواني على الناس يا أرحم الراحمين أنت

      رب المستضعفين وأنت ربي ، إلى من تكلني ؟ إلى بعيد يتجهمني ؟

      أم إلى عدو ملكته أمري ؟ إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي ، ولكن عافيتك هي

      أوسع لي ، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة

      من أن تنزل بي غضبك ، أو يحل علي سخطك لك العتبى حتى ترضى ، ولا حول ولا

      قوة إلا بك "

      فلما رآه ابنا ربيعة ، عتبة وشيبة وما لقي تحركت له رحمهما ، فدعوا غلاما لهما

      نصرانيا يقال له عداس فقالا له : خذ قطفا من هذا العنب فضعه في هذا الطبق ثم اذهب

      به إلى ذلك الرجل فقل له يأكل منه .

      ففعل عداس ووضعه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال له : كل

      فلما وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه يده قال : بسم الله ، ثم أكل .

      فنظر عداس في وجهه ثم قال : والله إن هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلاد .

      فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ومن أهل أي البلاد أنت يا عداس وما دينك ؟

      قال : نصراني ، وأنا رجل من أهل نينوى .

      فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قرية الرجل الصالح يونس بن متى ؟

      فقال له عداس : وما يدريك ما يونس بن متى ؟

      فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ذاك أخي ، كان نبيا وأنا نبي .

      فأكب عداس على رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل رأسه ويديه وقدميه فقال ابنا

      ربيعة أحدهما لصاحبه : أما غلامك فقد أفسده عليك .

      فلما جاءهما عداس قالا له : ويلك يا عداس مالك تقبل رأس هذا الرجل ويديه وقدميه ؟

      قال : يا سيدي ما في الأرض شيء خير من هذا ، لقد أخبرني بأمر ما يعلمه إلا نبي .




      ~*¤®§ ][^*^] رحلة الاسراء والمعراج [^*^][ §®¤*~



      بينما النبي صلى الله عليه وسلم يمـر بهذه المرحلة، وأخذت الدعوة تشق طريقا بين النجاح

      والاضطهـاد، وبـدأت نجـوم الأمل تتلمح في فاق بعيدة، وقع حادث الإسراء والمعـراج‏ ..

      قال ابن القيم‏ رحمه الله في وصف هذه الرحلة :‏

      أسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم بجسده على الصحيح من المسجد الحرام إلى بيت

      المقدس، راكبا على البُراق، صحبة جبريل عليهما الصلاة والسلام، فنزل هناك، وصلى

      بالأنبياء إماما، وربط البراق بحلقة باب المسجد‏ ، ثم عرج به تلك الليلة من بيت المقدس إلى

      السماء الدنيا، فاستفتح له جبريل ففتح له، فرأي هنالك آدم أبا البشر، فسلم عليه، فرحب

      به ورد عليه السلام ، وأقر بنبوته، وأراه الله أرواح السعداء عن يمينه، وأرواح الأشقياء

      عن يساره‏.‏

      ثم عرج به إلى السماء الثانية، فاستفتح له، فرأي فيها يحيى بن زكريا وعيسى ابن مريم،

      فلقيهما وسلم عليهما، فردا عليه ورحبا به، وأقرا بنبوته‏.‏

      ثم عرج به إلى السماء الثالثة، فرأي فيها يوسف، فسلم عليه فرد عليه ورحب به، وأقر بنبوته‏.‏

      ثم عرج به إلى السماء الرابعة فرأي فيها إدريس فسلم عليه، فرد عليه، ورحب به، وأقر بنبوته‏.‏

      ثم عرج به إلى السماء الخامسة، فرأي فيها هارون بن عمران، فسلم عليه، فرد عليه ورحب به،

      وأقر بنبوته‏.‏

      ثم عرج به إلى السماء السادسة، فلقى فيها موسى بن عمران، فسلم عليه، فرد عليه ورحب به،

      وأقر بنبوته‏.‏

      فلما جاوزه بكى موسى ، فقيل له‏:‏ ما يبكيك ‏؟‏

      فقال‏:‏ أبكى لأن غلاما بعث من بعدى يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمتى‏.‏

      ثم عرج به إلى السماء السابعة، فلقى فيها إبراهيم عليه السلام، فسلم عليه، فرد عليه، ورحب

      به، وأقر بنبوته‏.‏

      ثم رفع إلى سدرة المنتهى، فإذا نَبقها مثل قِلال هَجَر، وإذا ورقها مثل آذان الفيلة، ثم غشيها

      فراش من ذهب، ونور وألوان، فتغيرت، فما أحد من خلق الله يستطيع أن يصفها من حسنها‏.‏

      ثم رفع له البيت المعمور، وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون‏.

      ثم أدخل الجنة فإذا فيها حصاها اللؤلؤ، وإذا ترابها المسك‏ ، وعرج به حتى ظهر لمستوى يسمع

      فيه صَرِيف الأقلام‏.‏

      ثم عرج به إلى الجبار جل جلاله، فدنا منه حتى كان قاب قوسين أو أدنى، فأوحى إلى عبده

      ما أوحى، وفرض عليه خمسين صلاة، فرجع حتى مرعلى موسى فقال له‏:‏ بم أمرك ربك‏؟‏

      قال‏:‏ ‏بخمسين صلاة‏

      قال‏:‏ إن أمتك لا تطيق ذلك، ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك .

      فالتفت إلى جبريل، كأنه يستشيره في ذلك، فأشار ‏:‏ أن نعم إن شئت .

      فعلا به جبريل حتى أتى به الجبار تبارك وتعالى، وهو في مكانه فوضع عنه عشرا ، ثم أنزل

      حتى مر بموسى ، فأخبره، فقال‏:‏ ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف .

      فلم يزل يتردد بين موسى وبين الله عز وجل، حتى جعلها خمسا، فأمره موسى بالرجوع

      وسؤال التخفيف، فقال‏ :‏ ‏قد استحييت من ربي، ولكني أرضى وأسلم‏، فلما بعد نادى مناد‏:‏

      قد أمضيت فريضتى وخففت عن عبادى‏.‏


      ---------------
      : قآل الملك الضليل :
      أيا جارتا إن المزار قريب
      ... ... وإني مقيم ما أقام عسيب
      أيا جارتا إنا غريبان هاهنا
      ... ... وكل غريب للغريب نسيب

    3. #3
      ~| رجلٌ إسْتثنآئِيْ |~ الصورة الرمزية الـبـرنـس
      تاريخ التسجيل
      Jan 2009
      الدولة
      صـومـ ع ـتـي
      المشاركات
      844
      معدل تقييم المستوى
      64

      افتراضي



      ~*¤®§ ][^*^] بدء إسلام الأنصار [^*^][ §®¤*~


      لما أراد الله عز وجل إظهار دينه وإعزاز نبيه صلى الله عليه وسلم وإنجاز موعده له خرج رسول

      الله صلى الله عليه وسلم في الموسم الذي لقيه فيه نفر من الأنصار ، فعرض نفسه على قبائل

      العرب ، كما كان يصنع في كل موسم ، فبينما هو عند العقبة لقي رهطا من الخزرج أراد الله

      بهم خيرا ، فجلسوا معه فدعاهم إلى الله عز وجل وعرض عليهم الإسلام وتلا عليهم القرآن ،

      وكان مما صنع الله بهم في الإسلام أن يهود كانوا معهم في بلادهم وكانوا أهل كتاب وعلم

      قد غزوهم ببلادهم فكانوا إذا كان بينهم شيء قالوا لهم :

      إن نبيا مبعوث الآن قد أظل زمانه نتبعه فنقتلكم معه قتل عاد وإرم .

      فلما كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أولئك النفر ودعاهم إلى الله قال بعضهم

      لبعض يا قوم تعلموا والله إنه للنبي الذي توعدكم به يهود فلا تسبقنكم إليه .

      فأجابوه فيما دعاهم إليه وقبلوا منه ما عرض عليهم من الإسلام ، ثم انصرفوا عن

      رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعين إلى بلادهم وقد آمنوا وصدقوا ، وبعث رسول

      الله صلى الله عليه وسلم معهم مصعب بن عمير رضي الله عنه ، وأمره أن يقرئهم القرآن

      ويعلمهم الإسلام ويفقههم في الدين .

      وفي السنة الثانية خرج من خرج من الأنصار من المسلمين إلى الموسم مع حجاج قومهم

      من أهل الشرك حتى قدموا مكة ، فواعدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم العقبة ، من

      أوسط أيام التشريق حين أراد الله بهم ما أراد من كرامته والنصر لنبيه وإعزاز الإسلام

      وأهله وإذلال الشرك وأهله ، واجتمعوافي الشعب عند العقبة ، وكان عددهم ثلاثة

      وسبعون رجلا ، وامرأتان .





      ~*¤®§ ][^*^] العهد الجديد و بناء المجتمع الاسلامي [^*^][ §®¤*~



      ~*¤®§ ][^*^] هجرته صلى الله عليه وسلم [^*^][ §®¤*~


      أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة بعد أصحابه من المهاجرين ينتظر أن

      يؤذن له في الهجرة ولم يتخلف معه بمكة أحد من المهاجرين إلا من حبس أو فتن

      إلا علي بن أبي طالب ، وأبو بكر بن أبي قحافة الصديق رضي الله عنهما.

      ولما رأت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صارت له أصحاب من غيرهم

      بغير بلدهم وأصابوا منه منعة فحذروا خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم

      وعرفوا أنهم قد أجمع لحربهم ، فاجتمعوا في دار الندوة يتشاورون فيها ما يصنعون

      في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خافوه .

      فاعترضهم إبليس في هيئة شيخ جليل فدخل معهم وقد اجتمع فيها أشراف قريش فقال

      بعضهم لبعض إن هذا الرجل قد كان من أمره ما قد رأيتم فإنا والله ما نأمنه على الوثوب

      علينا فيمن قد اتبعه من غيرنا ، فأجمعوا فيه رأيا فتشاوروا .

      قال قائل منهم احبسوه في الحديد وأغلقوا عليه بابا ، ثم قال قائل منهم نخرجه من بين

      أظهرنا ، فننفيه من بلادنا ، فإذا أخرج عنا فوالله ما نبالي أين ذهب.

      فقال أبو جهل بن هشام والله إن لي فيه لرأيا ما أراكم وقعتم عليه بعد ، أرى أن نأخذ

      من كل قبيلة فتى شابا جليدا نسيبا وسيطا فينا ، ثم نعطي كل فتى منهم سيفا صارما ،

      ثم يعمدوا إليه فيضربوه بها ضربة رجل واحد فيقتلوه فنستريح منه ، فإنهم إذا فعلوا

      ذلك تفرق دمه في القبائل جميعا ، فلم يقدر بنو عبد مناف على حرب قومهم جميعا ،

      فرضوا منا بالعقل فعقلناه لهم .

      فأتى جبريل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :

      لا تبت هذه الليلة على فراشك .

      فلما كانت عتمة من الليل اجتمعوا على بابه يرصدونه متى ينام فيثبون عليه فلما رأى

      رسول الله صلى الله عليه وسلم مكانهم قال لعلي بن أبي طالب : نم على فراشي، ثم

      وتسج ببردي ، فإنه لن يخلص إليك شيء تكرهه منهم .

      ثم خرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ حفنة من تراب في يده ثم قال

      وأخذ الله تعالى على أبصارهم عنه فلا يرونه فجعل ينثر ذلك التراب على رءوسهم

      وهو يتلو الآيات من سورة يس إلى قوله تعالى :

      (( فأغشيناهم فهم لا يبصرون )) ثم انصرف إلى حيث أراد أن يذهب .

      فأتاهم آت ممن لم يكن معهم فقال: ما تنتظرون هاهنا ؟

      قالوا : محمدا

      قال : خيبكم الله قد والله خرج عليكم محمد ثم ما ترك منكم رجلا إلا وقد وضع على

      رأسه ترابا ، وانطلق لحاجته أفما ترون ما بكم ؟

      فوضع كل رجل منهم يده على رأسه فإذا عليه تراب ثم جعلوا يتطلعون فيرون عليا على

      الفراش متسجيا ببرد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون والله إن هذا لمحمد نائما ،

      عليه برده ، فلم يبرحوا كذلك حتى أصبحوا فقام علي رضي الله عنه عن الفراش .

      عن عائشة رضي الله عنها قالت :

      كان لا يخطئ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتي بيت أبي بكر أحد طرفي النهار

      إما بكرة وإما عشية حتى إذا كان اليوم الذي أذن فيه لرسول الله صلى الله عليه وسلم

      في الهجرة والخروج من مكة من بين ظهري قومه أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم

      بالهاجرة في ساعة كان لا يأتي فيها ، فلما رآه أبو بكر قال ما جاء رسول الله صلى

      الله عليه وسلم هذه الساعة إلا لأمر حدث ، فلما دخل تأخر له أبو بكر عن سريره فجلس

      رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس عند أبي بكر إلا أنا وأختي أسماء بنت أبي

      بكر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

      أخرج عني من عندك .

      فقال : يا رسول الله إنما هما ابنتاي وما ذاك ؟ فداك أبي وأمي .

      فقال : إن الله قد أذن لي في الخروج والهجرة .

      فقال أبو بكر : الصحبة يا رسول الله .

      قال : الصحبة .

      قالت فوالله ما شعرت قط قبل ذلك اليوم أن أحدا يبكي من الفرح حتى رأيت أبا بكر

      يبكي يومئذ ثم قال : يا نبي الله إن هاتين راحلتان قد كنت أعددتهما لهذا .

      فاستأجرا عبد الله بن أريقط يدلهما على الطريق فدفعا إليه راحلتيهما ، فكانتا عنده

      يرعاهما لميعادهما .

      فلما أجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخروج خرجا من خوخة لأبي بكر في ظهر

      بيته ثم عمد إلى غار بثور فدخلاه وأمر أبو بكر ابنه عبد الله بن أبي بكر أن يتسمع

      لهما ما يقول الناس فيهما نهاره ثم يأتيهما إذا أمسى بما يكون في ذلك اليوم من

      الخبر وأمر عامر بن فهيرة مولاه أن يرعى غنمه نهاره ثم يريحها عليهما ، يأتيهما

      إذا أمسى في الغار ، وكانت أسماء بنت أبي بكر تأتيهما من الطعام إذا أمست

      بما يصلحهما .

      أما قريش فقد جن جنونها حينما تأكد لديها إفلات رسول الله صلى الله عليه وسلم

      صباح ليلة تنفيذ المؤامرة‏ ، فوضعت جميع الطرق النافذة من مكة ‏تحت المراقبة

      المسلحة الشديدة , وجدت الفرسان والمشاة وقصاص الأثر في الطلب ، وانتشروا

      في الجبال والوديان ، والوهاد والهضاب ، ووصل المطاردون إلى باب الغار

      وأحاطوا به ومعهم السيوف المصلتة والقلوب الحاقدة يريدون روحه صلى الله عليه

      وسلم بأي ثمن، وهو أعزل من السلاح ؟

      فلما رأى صلى الله عليه وسلم تخوف أبي بكر رضي الله عنه عليه قال :

      " يا أبا بكر، ما ظنّك باثنين الله ثالثهما "




      ~*¤®§ ][^*^] قصة سراقة بن مالك [^*^][ §®¤*~


      لما أيس المشركون منهما جعلوا لمن جاء فيهما دية كل واحد منهما ، لمن يأتي

      بهما أو بأحدهما ، فجد الناس في الطلب ، والله غالب على أمره ، فأراد أن

      يكون الظفر له ، فأخذ رمحه و ركب فرسه ، فلما قرب منهم ، وسمع قراءة النبي

      صلى الله عليه وسلم وأبوبكر يكثر الالتفات ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم

      لا يلتفت قال أبو بكر : يا رسول الله هذا سراقة بن مالك قد رهقنا ، فدعا عليه

      رسول الله صلى الله عليه وسلم فساخت يدا فرسه في الأرض .

      فقال : قد علمت أن الذي أصابني بدعائكما ، فادعوا الله لي ، ولكما أن أرد

      الناس عنكما .

      فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فخلصت يدا فرسه ، فانطلق .

      وسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكتب له كتابا ، فكتب له أبو بكر

      بأمره في أديم وكان الكتاب معه إلى يوم فتح مكة ، فجاء به ، فوفى له

      رسول الله صلى الله عليه وسلم .




      ~*¤®§ ][^*^] بناء مسجد قباء [^*^][ §®¤*~


      أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بقباء ، في بني عمرو بن عوف ، يوم الاثنين

      ويوم الثلاثاء ويوم الأربعاء ويوم الخميس وأسس مسجد قباء .

      ثم أخرجه الله من بين أظهرهم يوم الجمعة ، فأدركت رسول الله صلى الله عليه

      وسلم الجمعة في بني سالم بن عوف ، فكانت أول جمعة صلاها بالمدينة .




      ~*¤®§ ][^*^] طلع البدر علينا [^*^][ §®¤*~


      سار النبي صلى الله عليه وسلم بعد الجمعة حتى دخل المدينة ومنذ ذلك اليوم سميت

      بلدة يثرب بمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم ، ويعبر عنها بالمدينة مختصرا وكان

      يوما مشهودا أغر، فقد ارتجت البيوت والسكك بأصوات الحمد والتسبيح، وتغنت

      بنات الأنصار بغاية الفرح والسرور ‏:‏

      طـلـع الـبــدر علـينا ** مـن ثـنيــات الـوداع

      وجـب الشـكـر علـينا ** مـــا دعــا لـلـه داع

      أيـهـا المبـعـوث فـينا ** جـئـت بـالأمـر المطاع

      والأنصار وإن لم يكونوا أصحاب ثروات طائلة إلا أن كل واحد منهم كان يتمنى أن ينزل

      الرسول صلى الله عليه وسلم عليه، فكان لا يمر بدار من دور الأنصار إلا أخذوا خطام

      راحلته‏ فكان يقول لهم ‏:‏ " خلوا سبيلها فإنها مأمورة‏ "

      فلم تزل سائرة به حتى وصلت إلى موضع المسجد النبوى ليوم فبركت، ولم ينزل عنها

      حتى نهضت وسارت قليلا، ثم التفتت ورجعت فبركت في موضعها الأول، فنزل عنها،

      وذلك في بني النجار أخواله صلى الله عليه وسلم وكان من توفيق الله لها، فإنه أحب

      أن ينزل على أخواله، يكرمهم بذلك، فجعل الناس يكلمون رسول الله صلى الله عليه

      وسلم في النزول عليهم، وبادر أبو أيوب الأنصارى إلى رحـله، فأدخله بيته،فجعل

      رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ‏:‏

      ‏ " المرء مع رحله‏ " وجـاء أسعد بن زرارة فأخـذ بزمام راحلته، فكانت عنــده‏.‏

      وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة ، وأبا رافع رضي الله عنهما ،

      إلى مكة ، فقدما عليه بفاطمة وأم كلثوم ابنتيه ، وسودة بنت زمعة زوجه ، وأسامة

      بن زيد ، وأم أيمن رضي الله عنهم اجمعين .

      وأما زينب رضي الله عنها فلم يمكنها زوجها أبو العاص بن الربيع من الخروج ،

      وخرج عبد الله بن أبي بكر بعيال أبي بكر ، وفيهم عائشة رضي الله عنهم

      اجمعين .




      ~*¤®§ ][^*^] المؤاخاة بين الأنصار والمهاجرين [^*^][ §®¤*~


      آخى الرسول صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار ، وكانوا تسعين رجلا

      نصفهم من المهاجرين ، ونصفهم من الأنصار ، آخى بينهم على المواساة ، وعلى

      أن يتوارثوا بعد الموت ، دون ذوي الأرحام ، فلما أنزل الله :

      (( وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ))

      رد التوارث إلى الأرحام دون عقد الأخوة ، ومعنى هذا الإخاء أن تذوب عصبيات

      الجاهلية ، وتسقط فوارق النسب واللون والوطن ، فلا يكون أساس الولاء والبراء

      إلا الإسلام‏ ، وقد امتزجت عواطف الإيثار والمواساة والمؤانسة وإسداء الخيرفي

      هذه الأخوة ، وملأت المجتمع الجديد بأروع الأمثال‏.‏




      ~*¤®§ ][^*^] تحويل القبلة [^*^][ §®¤*~


      كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة استقبل بيت المقدس ستة

      عشر شهرا ، قبلة اليهود ، وكان يحب أن يصرفه الله إلى الكعبة ، وقال لجبريل

      عليه السلام ذلك ، فقال : " إنما أنا عبد ، فادع ربك واسأله "

      فجعل يقلب وجهه في السماء ، يرجو ذلك، حتى أنزل الله عليه :

      (( قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر

      المسجد الحرام ))




      ~*¤®§ ][^*^] قائد عسكري فذ [^*^][ §®¤*~



      ~*¤®§ ][^*^] أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا [^*^][ §®¤*~


      لما استقر رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة ، وأيده الله بنصره

      وبالمؤمنين ، وألف بين قلوبهم بعد العداوة ، ومنعته أنصار الله من الأحمر والأسود ،

      رمتهم العرب واليهود عن قوس واحدة، وشمروا لهم عن ساق العداوة والمحاربة ،

      والله يأمر رسوله والمؤمنين بالكف والعفو والصفح ، حتى قويت الشوكة ، فحينئذ أذن

      لهم في القتال ، ولم يفرضه عليهم ، فقال تعالى :

      (( أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير ))

      وهي أول آية نزلت في القتال ، ثم فرض عليهم قتال من قاتلهم ، فقال تعالى :

      (( وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ))

      ثم فرض عليهم قتال المشركين كافة ، فقال تعالى :

      (( وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة ))




      ~*¤®§ ][^*^] خصائص رسول الله العسكرية [^*^][ §®¤*~


      كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبايع أصحابه في الحرب على أن لا يفروا ،

      وربما بايعهم على الموت ، وربما بايعهم على الجهاد ، وربما بايعهم على الإسلام ،

      وبايعهم على الهجرة قبل الفتح ، وبايعهم على التوحيد والتزام طاعة الله ورسوله .

      وبايع نفرا من أصحابه على أن لا يسألوا الناس شيئا ، فكان السوط يسقط من

      أحدهم ، فينزل عن دابته فيأخذه ، ولا يسأل أحدا أن يناوله إياه .

      وكان يبعث البعوث يأتونه بخبر عدوه ، ويطلع الطلائع ، ويبث الحرس والعيون ،

      حتى لا يخفى عليه من أمر عدوه شئ .

      وكان إذا لقي عدوه دعا الله واستنصر به ، وأكثر هو وأصحابه من ذكر الله ،

      والتضرع له .

      وكان كثير المشاورة لأصحابه في الجهاد .

      وكان يتخلف في ساقتهم ، فيزجي الضيف ، ويردف المنقطع .

      وكان إذا أراد غزوة ورى بغيرها .

      وكان يرتب الجيش والمقاتلة ، ويجعل في جنبة كفؤا لها .

      وكان يبارز بين يديه بأمره ، وكان يلبس للحرب عدته ، وربما ظاهر بين درعين

      كما فعل يوم بدر .

      وكان له ألوية ، وكان إذا ظهر على قوم أقام بعرصتهم ثلاثاً ثم قفل .

      وكان إذا أراد أن يغير ينتظر ، فإذا سمع مؤذنا لم يغر ، وإلا أغار .

      وكان يحب الخروج يوم الخميس بكرة .

      وكان إذا اشتد البأس اتقوا به ، وكان أقربهم إلى العدو .

      وكان يحب الخيلاء في الحرب ، وينهى عن قتل النساء والولدان ، وينهى عن

      السفر بالقرآن إلى أرض العدو .




      ~*¤®§ ][^*^] أول لواء [^*^][ §®¤*~


      أول لواء عقده رسول الله صلى الله عليه وسلم لواء حمزة بن عبد المطلب رضي

      الله عنه في شهر رمضان في السنة الأولى ، بعثه في ثلاثين رجلا من المهاجرين

      خاصة ، يعترض عيرا لقريش ، جاءت من الشام ، فيها أبو جهل في ثلاثمائة رجل ،

      حتى بلغوا سيف البحر من ناحية العيص ، فالتقوا واصطفوا للقتال فحجز بينهم مجدي

      بن عمرو الجهني ، وكان موادعا للفريقين ، فلم يقتتلوا .




      ~*¤®§ ][^*^] يوم الفرقان وقعة بدر الكبرى [^*^][ §®¤*~


      في رمضان بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر العير المقبلة من الشام مع

      أبي سفيان ، فيها أموال قريش ، فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس للخروج

      إليها ،فهذه فرصة ذهبية للمسلمين ليصيبوا أهل مكة بضربة اقتصادية قاصمة، تتألم

      لها قلوبهم على مر العصور، لذلك أعلن رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلا ‏:‏

      ‏‏" هذه عير قريش فيها أموالهم، فاخرجوا إليها لعل الله ينفلكموها‏ "

      فخرج مسرعا في ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا ، ولم يكن معهم من الخيل إلا فرسان ،

      وكان معهم سبعون بعيرا، يعتقب الرجلان والثلاثة على البعير الواحد، واستخلف على

      المدينة عبد الله ابن أم مكتوم .

      ودفع اللواء إلى مصعب بن عمير ، والراية إلى علي ، وراية الأنصار إلى سعد بن

      معاذ رضي الله عنهم ، وبلغ أبا سفيان مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ،

      فاستأجر ضمضم بن عمرو الغفاري ، وبعثه حثيثا إلى مكة ، مستصرخا قريشا بالنفير

      إلى عيرهم ، فنهضوا مسرعين ، وحشدوا فيمن حولهم من قبائل العرب ، وخرجوا من

      ديارهم ، كما قال تعالى :

      (( بطرا ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله ))

      فجمعهم الله على غير ميعاد ، كما قال تعالى : (( ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد ))

      ولما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خروج قريش ، استشار أصحابه ، فتكلم

      المهاجرون ، فأحسنوا ، ثم استشارهم ثانيا ، فتكلم المهاجرون فأحسنوا ، ثم ثالثا ،

      ففهمت الأنصار أن رسول الله إنما يعنيهم ، فقال سعد بن معاذ رضي الله عنه :

      كأنك تعرض بنا يا رسول الله وكان إنما يعنيهم ، وكأنك تخشى أن تكون الأنصار

      ترى عليهم أن لا ينصروك إلا في ديارهم ، وإني أقول عن الأنصار ، وأجيب عنهم ،

      فأمض بنا حيث شئت ، وصل حبل من شئت، واقطع حبل من شئت ، وخذ من أموالنا

      ما شئت ، وأعطنا منها ما شئت ، وما أخذت منها كان أحب إلينا مما تركت ، فوالله

      لئن سرت بنا حتى تبلغ البرك من غمدان لنسيرن معك ، ووالله لئن استعرضت بنا هذا

      البحر لخضناه معك وقال المقداد بن الأسود رضي الله عنه :

      إذن لا نقول كما قال قوم موسى لموسى (( فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا

      قاعدون )) ولكن نقاتل من بين يديك ، ومن خلفك ، وعن يمينك ، وعن شمالك .

      فأشرق وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم بما سمع منهم وقال :

      " سيروا وأبشروا ، فإن الله وعدني إحدى الطائفتين ، وإني قد رأيت مصارع القوم "

      وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر ، وخفض أبو سفيان ، فلحق بساحل

      البحر ، وكتب إلى قريش أن ارجعوا فإنكم إنما خرجتم لتحرزوا عيركم ، فأتاهم الخبر ،

      فهموا بالرجوع ، فقال أبو جهل : والله لا نرجع حتى نقدم بدرا ، فنقيم بها ، نطعم من

      حضرنا ونسقي الخمر ، وتعزف علينا القيان ، وتسمع بنا العرب ، فلا تزال تهابنا أبدا

      وتخافنا .

      وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل على ماء أدنى مياه بدر ، فقال الحباب

      بن المنذر رضي الله عنه : إن رأيت أن نسير إلى قلب قد عرفناها كثيرة الماء عذبة ،

      فننزل عليها ونغور ما سواها من المياه ؟

      وأنزل الله تلك الليلة مطرا ، صلب الرمل ، وثبت الأقدام ، وربط على قلوبهم ، ومشى

      رسول الله صلى الله عليه وسلم في موضع المعركة وجعل يشير بيده ، ويقول :

      " هذا مصرع فلان ، هذا مصرع فلان ، هذا مصرع فلان إن شاء الله "

      فما تعدى أحد منهم موضع إشارته صلى الله عليه وسلم .

      فلما طلع المشركون ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

      " اللهم هذه قريش جاءت بخيلائها وفخرها ، جاءت تحادك ، وتكذب رسولك ، اللهم

      فنصرك الذي وعدتني ، اللهم أحنهم الغداة " وقام ورفع يديه ، واستنصر ربه ، وبالغ

      في التضرع ورفع يديه حتى سقط رداؤه ، وقال :

      " اللهم أنجز لي ما وعدتني ، اللهم إني أنشدك عهدك ، اللهم إن تهلك هذه العصابة

      لن تعبد في الأرض بعد "

      فالتزمه أبو بكر الصديق رضي الله عنه من ورائه ، وقال :

      حسبك مناشدتك ربك ، يا رسول الله فوالذي نفسي بيده لينجزن الله لك ما وعدك .

      واستنصر المسلمون الله واستغاثوه ، فأوحى الله إلى الملائكة :

      (( أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق

      الأعناق واضربوا منهم كل بنان )) وأوحى الله إلى رسوله :

      (( أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين ))

      فلما أصبحوا أقبلت قريش في كتائبها ، وقلل الله المسلمين في أعينهم ، وقلل الله

      سبحانه المشركين أيضا في أعين المسلمين ، ليقضي أمرا كان مفعولا .

      وأمر أبو جهل عامر بن الحضرمي أخا عمرو بن الحضرمي أن يطلب دم أخيه ، فحمي

      القوم ، ونشبت الحرب ، وعدل رسول الله صلى الله عليه وسلم الصفوف ، ثم انصرف

      وغفا غفوة ، وأخذ المسلمين النعاس ، وأبو بكر الصديق رضي الله عنه مع رسول

      الله صلى الله عليه وسلم يحرسه ، وعنده سعد بن معاذ رضي الله عنه ، وجماعة من

      الأنصار على باب العريش، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يثب في الدرع ،

      ويتلو هذه الآية : (( سيهزم الجمع ويولون الدبر))

      وخرج عتبة وشيبة ابنا ربيعة ، والوليد بن عتبة يطلبون المبارزة ، فخرج إليهم ثلاثة

      من الأنصار ، فقالوا : أكفاء كرام ، ما لنا ما بكم من حاجة ، إنما نريد من بني عمنا .

      فبرز إليهم حمزة ، وعبيدة بن الحارث بن المطلب ، وعلي بن أبي طالب ، فقتل علي

      قرنه الوليد ، وقتل حمزة قرنه شيبة ، واختلف عبيدة وعتبة ضربتين ، كلاهما أثبت

      صاحبه ، فكر حمزة وعلي على قرن عبيدة فقتلاه ، واحتملا عبيدة ، وقد قطعت رجله .

      ولما دنا العدو قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوعظ الناس ، وذكرهم بما لهم

      في الصبر والثبات من النصر ، وأن الله قد أوجب الجنة لمن يستشهد في سبيله ،

      فأخرج عمير بن الحمام بن الجموح تمرات من قرنه يأكلهن ، ثم قال :

      لئن حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة ، فرمى بهن ، وقاتل حتى قتل ،

      فكان أول شهيد .

      وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ملء كفه ترابا ، فرمى به في وجوه القوم ،

      فلم تترك رجلا

      إلا ملأت عينيه ، فهو قوله تعالى : (( وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى ))

      ولما بردت الحرب ، وانهزم العدو ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

      " من ينظر لنا ما صنع أبو جهل "

      فانطلق ابن مسعود ، فوجده قد ضربه معوذ وعوف ابنا عفراء حتى برد ، فأخذ بلحيته

      و احتز رأسه ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : قتلته .

      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " آلله الذي لا إله إلا هو ؟ " ثلاثا ثم قال :

      " الحمد لله الذي صدق وعده ، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده ، انطلق فأرنيه "

      فانطلقنا ، فأريته إياه ، فلما وقف عليه ، قال : " هذا فرعون هذه الأمة "

      وأسر عبد الرحمن بن عوف أمية بن خلف ، وابنه عليا ، فأبصره بلال وكان أمية

      يعذبه بمكة فقال : رأس الكفر أمية ؟ لا نجوت إن نجا ، ثم استحمى جماعة من الأنصار ،

      واشتد عبد الرحمن بهما ، يحجزهما منهم ، فأدركوهم ، فشغلهم عن أمية بابنه علي ،

      ففرغوا منه ، ثم لحقوهما فضربوه بالسيوف حتى قتلوه .

      ومنح الله المسلمين أكتاف المشركين ، فتناولوهم قتلا وأسرا ، فقتلوا سبعين ،

      وأسروا سبعين ولما انقضت الحرب أقبل النبي صلى الله عليه وسلم حتى وقف على

      القتلى ، فقال :

      " بئس عشيرة النبي كنتم ، كذبتموني ، وصدقني الناس ، وخذلتموني ، ونصرني

      الناس ، وأخرجتموني وآواني الناس "

      ثم أمر بهم فسحبوا حتى ألقوا في القليب ( قليب بدر ) ثم وقف عليهم ، فقال :

      " يا عتبة بن ربيعة ! ويا شيبة بن ربيعة ! ويا فلان ، ويا فلان : هل وجدتم ما وعدكم

      ربكم حقاً ؟ فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقا "

      فقال عمر رضي الله عنه : يا رسول الله ما تخاطب من أقوام قد جيفوا ؟

      فقال : " ما أنت بأسمع لما أقول منهم ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا "

      ثم ارتحل مؤيدا منصورا ، قرير العين ، معه الأسرى والمغانم ، فلما كان بالصفراء

      قسم الغنائم ، وضرب عنق النضر بن الحارث ، ثم لما نزل بعرق الظبية ، ضرب عنق

      عقبة بن أبي معيط ، ثم دخل المدينة مؤيدا منصورا ، قد خافه كل عدو له بالمدينة ،

      فأسلم بشر كثير من أهل المدينة ، ودخل عبد الله بن أبي رأس المنافقين وأصحابه

      في الإسلام .


      ---------------
      : قآل الملك الضليل :
      أيا جارتا إن المزار قريب
      ... ... وإني مقيم ما أقام عسيب
      أيا جارتا إنا غريبان هاهنا
      ... ... وكل غريب للغريب نسيب

    4. #4
      ~| رجلٌ إسْتثنآئِيْ |~ الصورة الرمزية الـبـرنـس
      تاريخ التسجيل
      Jan 2009
      الدولة
      صـومـ ع ـتـي
      المشاركات
      844
      معدل تقييم المستوى
      64

      افتراضي

      ~*¤®§ ][^*^] جهاد ومعارك فاصلة [^*^][ §®¤*~



      ~*¤®§ ][^*^] غزوة بني قينقاع في السنة الثالثة من الهجرة [^*^][ §®¤*~


      كان بني قينقاع من يهود المدينة ، فنقضوا العهد ، فحاصرهم رسول الله صلى

      الله عليه وسلم خمس عشرة ليلة ، فنزلوا على حكمه ، فشفع فيهم عبد الله بن أبي

      بن سلول ، وألح على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم ، فأطلقهم له، وكانوا

      سبعمائة رجل ، وهم رهط عبد الله بن سلام .




      ~*¤®§ ][^*^] غزوة أحد [^*^][ §®¤*~


      كانت وقعة أحد في شوال وذلك أن الله تبارك وتعالى لما أوقع بقريش يوم بدر ،

      ترأس فيهم أبو سفيان ، وأخذ يؤلب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى

      المسلمين ، ويجمع الجموع ، فجمع قريبا من ثلاثة آلاف من قريش ، والحلفاء ،

      وجاؤوا بنسائهم لئلا يفروا ، ثم أقبل بهم نحو المدينة ، فنزل قريبا من جبل أحد .

      فاستشار رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه في الخروج إليهم ، وكان رأيه

      أن لا يخرجوا ، فإن دخلوها قاتلهم المسلمون على أفواه السكك ، والنساء من

      فوق البيوت ، ووافقه عبد الله بن أبي رأس المنافقين على هذا الرأي ، فبادر جماعة

      من فضلاء الصحابة ممن فاته بدر وأشاروا على رسول الله صلى الله عليه وسلم

      بالخروج ، وألحوا عليه .

      فخرج في ألف من أصحابه ، واستعمل على المدينة عبد الله بن أم مكتوم وكان

      رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رؤيا :

      ( رأى أن في سيفه ثلمة ، وأن بقرا تذبح ، وأنه يدخل يده في درع حصينة )

      فتأول الثلمة برجل يصاب من أهل بيته ، والبقر بنفر من أصحابه يقتلون ، والدرع

      بالمدينة ، فخرج وقال لأصحابه :

      " عليكم بتقوى الله ، والصبر عند البأس إذا لقيتم العدو ، وانظروا ماذا أمركم الله

      به فافعلوا "

      فلما كان بالشوط بين المدينة وأحد انخزل عبد الله بن أبي بنحو ثلث العسكر ،

      وقال : عصاني ، وسمع من غيري ما ندري علام نقتل أنفسنا ها هنا ، أيها الناس ..

      فرجع وتبعهم عبد الله بن عمرو والد جابر يحرضهم على الرجوع ، ويقول :

      قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا ، قالوا : لو نعلم أنكم تقاتلون لم نرجع ، فرجع

      عنهم وسبهم .

      وسأل نفر من الأنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستعينوا بحلفائهم من

      يهود ، فأبى ، ونفذ حتى نزل الشعب من أحد ، في عدوة الوادي ، وجعل ظهره

      إلى أحد ، ونهى الناس عن القتال حتى يأمرهم ، فلما أصبح تعبأ للقتال ، وهو في

      سبعمائة ، منهم خمسون فارسا ، واستعمل على الرماة وكانوا خمسين عبد الله بن

      جبير ، وأمرهم أن لا يفارقوا مركزهم ، ولو رأوا الطير تختطف العسكر ، وأمرهم

      أن ينضحوا المشركين بالنبل ، لئلا يأتوا المسلمين من ورائهم ، وظاهر رسول الله

      صلى الله عليه وسلم بين درعين ، وأعطى اللواء مصعب بن عمير ،واستعرض الشباب

      يومئذ ، فرد من استصغر عن القتال وأجاز من رآه مطيقا .

      وتعبأت قريش ، وهم ثلاثة آلاف ، وفيهم مائتا فارس ، فجعلوا ميمنتهم خالد بن الوليد ،

      وعلى الميسرة عكرمة بن أبي جهل .

      ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفه إلى أبي دجانة ، وأبلى يومئذ أبو دجانة،

      وطلحة، وحمزة، وعلي ، والنضر بن أنس ، وسعد بن الربيع رضي الله عنهم بلاء

      حسنا ، وكانت الدولة أول النهار للمسلمين ، فانهزم أعداء الله ، وولوا مدبرين ، فلما

      رأى ذلك الرماة ، قالوا :

      الغنيمة ، الغنيمة .. فذكرهم أميرهم عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم يسمعوا ،

      فأخلوا الثغر ، وكر فرسان المشركين عليه ، فوجدوه خاليا ، فجاؤوا منه وأقبل آخرهم

      حتى أحاطوا بالمسلمين فأكرم الله من أكرم منهم بالشهادة وهم سبعون وولى الصحابة ،

      وخلص المشركون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجرحوه جراحات ، وكسروا

      رباعيته ، وقتل مصعب بن عمير بين يديه .

      وصرخ الشيطان : إن محمدا قد قتل ، فوقع ذلك في قلوب كثير من المسلمين .

      فمر أنس بن النضر رضي الله عنه بقوم من المسلمين قد ألقوا بأيديهم ، فقالوا :

      قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم .

      فقال : ما تصنعون بالحياة بعده .. قوموا فموتوا على ما مات عليه ، ثم استقبل الناس ،

      ولقي سعد بن معاذ رضي الله عنه ، فقال : يا سعد إني لأجد ريح الجنة من دون أحد ،

      فقاتل حتى قتل ، ووجد به سبعون جراحة ، وقتل وحشي حمزة بن عبد المطلب رضي

      الله عنه ، رماه بحربة على طريقة الحبشة .

      وأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو المسلمين ، فكان أول من عرفه تحت المغفر

      كعب بن مالك ، فصاح بأعلى صوته : يا معشر المسلمين هذا رسول الله ، فأشار إليه

      أن اسكت ، فاجتمع إليه المسلمون ، ونهضوا معه إلى الشعب الذي نزل فيه .

      وحانت الصلاة ، فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا ، وشد حنظلة بن أبي

      عامر رضي الله عنه على أبي سفيان ، فلما تمكن منه حمل عليه شداد بن الأسود فقتله ،

      وكان حنظلة جنبا ، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الملائكة تغسله .

      ولما انقضت الحرب أشرف أبو سفيان على الجبل ، ونادى : أفيكم محمد ؟

      فلم يجيبوه

      فقال : أفيكم ابن أبي قحافة ؟

      فلم يجيبوه .

      فقال : أفيكم ابن الخطاب ؟

      فلم يجيبوه

      فقال : أما هؤلاء فقد كفيتموهم .

      فلم يملك عمر رضي الله عنه نفسه أن قال : يا عدو الله إن الذين ذكرتهم أحياء ، وقد

      أبقى الله لك منهم ما يسوءك .

      ثم قال : اعل هبل .

      فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا تجيبوه ؟

      قالوا : ما نقول ؟

      قال : قولوا : الله أعلى وأجل

      ثم قال : لنا العزى ، ولا عزى لكم ، قال : ألا تجيبوه ؟

      قالوا : ما نقول ؟

      قال : قولوا : الله مولانا ، ولا مولى لكم .

      ثم قال : يوم بيوم بدر ، والحرب سجال .

      فقال عمر رضي الله عنه : لا سواء ، قتلانا في الجنة ، وقتلاكم في النار .

      وأنزل الله عليهم النعاس في بدر وفي أحد ، والنعاس في الحرب من الله ، وفي الصلاة

      ومجالس الذكر من الشيطان .

      وقاتلت الملائكة يوم أحد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ففي الصحيحين عن

      سعد قال : رأيت رسول الله يوم أحد ، ومعه رجلان يقاتلان عنه ، عليهما ثياب بيض ،

      كأشد القتال ، وما رأيتهما قبل ولا بعد .

      ومر رجل من المهاجرين برجل من الأنصار وهو يتشحط في دمه فقال : يا فلان أشعرت

      أن محمدا قتل ؟

      فقال الأنصاري : إن كان قد قتل فقد بلغ ، فقاتلوا عن دينكم ، فنزل :

      (( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ))

      وكان يوم أحد يوم بلاء وتمحيص ، اختبر الله عز وجل به المؤمنين ، وأظهر به المنافقين ،

      وأكرم فيه من أراد كرامته بالشهادة ، فكان مما نزل من القرآن في يوم أحد إحدى

      وستون آية من آل عمران ، أولها :

      (( وإذ غدوت من أهلك تبوء المؤمنين مقاعد للقتال ))




      ~*¤®§ ][^*^] غزوة بني المصطلق [^*^][ §®¤*~


      كانت غزوة المريسيع على بني المصطلق ، فأغار رسول الله صلى الله عليه وسلم ،

      وهم غارون ، فسبى رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء ، والنعم ، والشاء ، وكان

      من جملة السبي جويرية بنت الحارث ، سيد القوم ، وقعت في سهم ثابت بن قيس ،

      فكاتبها، فأدى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وتزوجها، فأعتق المسلمون بسبب

      هذا التزوج مائة أهل بيت من بني المصطلق ، وقالوا : أصهار رسول الله صلى الله

      عليه وسلم .




      ~*¤®§ ][^*^] حادثة الإفك [^*^][ §®¤*~


      وفي هذه الغزوة : كانت قصة الإفك ، وذلك أن عائشة رضي الله عنها خرج بها رسول

      الله صلى الله عليه وسلم معه بقرعة وتلك كانت عادته مع نسائه فلما رجعوا نزل في

      طريقهم بعض المنازل ، فخرجت عائشة لحاجتها ، ثم رجعت ، ففقدت عقدا عليها ،

      فرجعت تلتمسه ، فجاء الذين يرحلون هودجها ، فحملوه ، وهم يظنونها فيه ، لأنها

      صغيرة السن ، فرجعت وقد أصابت العقد إلى مكانهم ، فإذا ليس به داع ولا مجيب ،

      فقعدت في المنزل ، وظنت أنهم يفقدونها ، ويرجعون إليها ، فغلبتها عيناها ، فلم

      تستيقظ إلا بقول صفوان بن المعطل :

      إنا لله وإنا إليه راجعون ، زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟

      وكان صفوان قد عرس في أخريات الجيش ، لأنه كان كثير النوم ، فلما رآها عرفها

      وكان يراها قبل الحجاب فاسترجع ، وأناخ راحلته ، فركبت ، وما كلمها كلمة واحدة

      ولم تسمع منه إلا استرجاعه ، ثم سار يقود بها ، حتى قدم بها .

      وقد نزل الجيش في نحر الظهيرة ، فلما رأى ذلك الناس تكلم كل منهم بشاكلته ، ووجد

      رأس المنافقين ، عدو الله عبد الله بن أبي متنفسا، فتنفس من كرب النفاق والحسد ،

      فجعل يستحكي الإفك ، ويجمعه ويفرقه ، وكان أصحابه يتقربون إليه به .

      فلما قدموا المدينة أفاض أهل الإفك في الحديث ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم

      ساكت لا يتكلم ، ثم استشار في فراقها ، فأشار عليه علي بفراقها ، وأشار عليه أسامة

      بإمساكها ، واقتضى تمام الابتلاء أن حبس الله عن رسوله الوحي شهرا في شأنها ،

      ليزداد المؤمنون إيمانا، وثباتا على العدل والصدق ، ويزداد المنافقون إفكا ونفاقا ،

      ولتتم العبودية المرادة من الصديقة وأبويها رضي الله عنهم ، وتتم نعمة الله عليهم ولينقطع

      رجاؤها من المخلوق ، وتيأس من حصول النصر والفرج إلا من الله .

      فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعندها أبواها ، فحمد الله وأثنى عليه

      ثم قال : " يا عائشة ، إن كنت بريئة فسيبرئك الله ، وإن كنت قد ألممت بذنب فاستغفري ،

      فإن العبد إذا اعترف بذنبه ، ثم تاب ، تاب الله عليه " .

      قالت لأبيها : أجب عني رسول الله

      قال : والله ما أدري ما أقول لرسول الله .

      فقالت لأمها مثل ذلك ، وقالت أمها مثل ذلك .

      قالت : إن قلت إني بريئة والله يعلم أني بريئة لا تصدقوني ، ولا أجد لي ولكم مثلاً إلا أبا

      يوسف حيث قال : (( فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون ))

      فنزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قالت عائشة رضي الله عنها :

      فأما أنا فعلمت أن الله لا يقول إلا الحق ، وأما أبواي فوالذي ذهب بأنفاسهما ، ما

      أقلع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا خفت أن أرواحهما ستخرجان ، فكان أول

      كلمة قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم :" أما الله يا عائشة فقد برأك "

      فقال أبوي : قومي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

      قلت : والله لا أقوم إليه ، ولا أحمد إلا الله .

      فأنزل الله تعالى في هذه القصة أول سورة النور من قوله :

      (( إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم )) الى آخر آيات الافك .




      ~*¤®§ ][^*^] غزوة الأحزاب في السنة الخامسة [^*^][ §®¤*~


      وسببها أن اليهود لما رأوا انتصار المشركين يوم أحد ، خرج أشرافهم كسلام بن

      أبي الحقيق وغيره إلى قريش بمكة ، يحرضوهم على غزوة رسول الله صلى الله عليه

      وسلم ، ووعدهم من أنفسهم النصر لهم ، فأجابتهم قريش .

      ثم خرجوا إلى غطفان، فاستجابوا لهم ، ثم طافوا في قبائل العرب يدعونهم إلى ذلك ،

      فاستجاب لهم من استجاب ، فخرجت قريش وقائدهم أبو سفيان ، وكان من وافى الخندق

      من المشركين عشرة آلاف .

      فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمسيرهم إليه استشار أصحابه ، فأشارعليه

      سلمان لفارسي بحفر خندق يحول بين العدو وبين المدينة ، فأمر به رسول الله صلى الله

      عليه وسلم ، فبادر إليه المسلمون ، وعمل فيه بنفسه ، وكان في حفره من آيات نبوته

      ما قد تواتر الخبر به .

      وخرج صلى الله عليه وسلم وهم يحفرون في غداة باردة ، فلما رأى ما بهم من الشدة

      والجوع ، قال :

      اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة *** فاغفر للأنصار والمهاجرة

      فقالوا مجيبين له :

      نحن الذين بايعوا محمداً *** على الجهاد ما بقينا أبداً

      وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة آلاف من المسلمين ، فتحصن بالجبل من

      خلفه وبالخندق أمامه ، وأمر بالنساء والذراري ، فجعلوا في آطام المدينة واستخلف

      عليها ابن أم مكتوم ، وانطلق حيي بن أخطب إلى بني قريظة ، فدنا من حصنهم ، فأبى

      كعب بن أسد أن يفتح له ، فلم يزل يكتمه حتى فتح له ، فلما دخل الحصن ، لم يزل به حتى

      نقض العهد الذي بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل مع المشركين .

      وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر ، فبعث إليهم السعدين سعد بن معاذ ، وسعد

      بن عبادة ، ليتعرفوا الخبر ، فلما دنوا منهم وجدوهم على أخبث ما يكون ، وجاهروهم

      بالسب ونالوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فانصرفوا ولحنوا لرسول الله صلى الله

      عليه وسلم لحنا ، فعظم ذلك على المسلمين ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

      " الله أكبر ، أبشروا ، يا معشر المسلمين "

      واشتد البلاء ، ونجم النفاق ، واستأذن بعض بني حارثة رسول الله صلى الله عليه وسلم

      في الذهاب إلى المدينة ، وقالوا :

      (( إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا ))

      وأقام المشركون محاصرين رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا ، ولم يكن بينهم قتال ،

      لأجل الخندق ، إلا أن فوارس من قريش منهم عمرو بن عبد ود أقبلوا نحو الخندق ،

      فلما وقفوا عليه قالوا : إن هذه مكيدة ما كانت العرب تعرفها ، ثم تيمموا مكاناً ضيقا منه ،

      وجالت بهم خيلهم في السبخة ، ودعوا إلى البراز ، فانتدب لعمرو علي بن أبي طالب ،

      فبارزه فقتله الله على يدي علي رضي الله عنه ، وكان من أبطال المشركين ، وانهزم

      أصحابه ثم إن الله عز وجل وله الحمد صنع أمرا من عنده خذل به العدو، فمن ذلك ، أن

      رجلا من غطفان يقال له نعيم بن مسعود جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال :

      قد أسلمت ، فمرني بما شئت ، فقال :

      " إنما أنت رجل واحد، فخذل عنا ما استطعت، فإن الحرب خدعة "

      فذهب إلى بني قريظة وكان عشيراً له- فدخل عليهم ، ولا هم يعلمون بإسلامه ، فقال :

      إنكم قد حاربتم محمدا ، وإن قريشا إن أصابوا فرصة انتهزوها ، وإلا انشمروا إلى بلادهم

      راجعين ، وتركوكم ومحمدا ، فانتقم منكم ، قالوا : فما العمل ؟

      قال : لا تقاتلوا معهم حتى يعطوكم رهائن ، فقالوا : قد أشرت بالرأي

      ثم مضى إلى قريش فقال : هل تعلمون ودي لكم ونصحي ؟

      قالوا : نعم ، قال : إن اليهود قد ندموا على ما كان منهم ، وإنهم قد أرسلوا إلى محمد

      أنهم يأخذون منكم رهائن يدفعونها إليه ، ثم يمالئونه عليكم ، فإن سألوكم فلا تعطوهم ،

      ثم ذهب إلى غطفان ، فقال لهم مثل ذلك .

      فلما كانت ليلة السبت من شوال بعثوا إلى يهود : إنا لسنا معكم بأرض مقام ، وقد هلك

      الكراع والخف ، فأغدوا بنا إلى محمد حتى نناجزه ، فأرسلوا إليهم :

      إن اليوم يوم السبت ، وقد علمتم ما أصاب من قبلنا حين أحدثوا فيه ، ومع هذا فلا نقاتل

      معكم حتى تبعثوا لنا رهائن .

      فلما جاءتهم رسلهم قالوا : قد صدقكم والله نعيم ، فبعثوا إليهم ، إنا والله لا نبعث

      إليكم أحدا .

      فقالت قريظة : قد صدقكم والله نعيم ، فتخاذل الفريقان .

      وأرسل الله على المشركين جندا من الريح ، فجعلت تقوض خيامهم ، ولا تدع لهم قدرا إلا

      كفأتها ، ولا طنبا إلا قلعته ، وجندا من الملائكة يزلزلون بهم ، ويلقون في قلوبهم الرعب ،

      كما قال الله : (( يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم

      ريحا وجنودا لم تروها ))

      وأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلم حذيفة بن اليمان رضي الله عنه يأتيه

      بخبرهم ،فوجدهم على هذه الحال ، وقد تهيئوا للرحيل ، فرجع إليه ، فأخبره برحيلهم .

      فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف عن الخندق ، راجعا والمسلمون إلى

      المدينة ، فوضعوا السلاح ، فجاءه جبريل ، وقت الظهر ، فقال :

      " أقد وضعتم السلاح إن الملائكة لم تضع بعد أسلحتها ، انهض إلى هؤلاء يعني بني قريظة "

      فنادى رسول الله صلى الله عليه وسلم :

      " من كان سامعاً مطيعاً فلا يصلين العصر إلا في بني قريظة "

      فخرج المسلمون سراعا ، حتى إذا دنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من حصونهم قال :

      " يا إخوان القردة ، هل أخزاكم الله وأنزل بكم نقمته "

      وحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا وعشرين ليلة ، حتى جهدهم الحصار ،

      وقذف الله في قلوبهم الرعب ، ثم نزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ،

      فحكم فيهم سعد بن معاذ رضي الله عنه فحكم :

      أن تقتل الرجال ، وتقسم الأموال ، وتسبى النساء والذراري .

      وأنزل الله في غزوة الخندق صدر سورة الأحزاب .




      ~*¤®§ ][^*^] صلح الحديبية وبيعة الرضوان في السنة السادسة [^*^][ §®¤*~


      خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصحابه معتمرا، لا يريد قتالا، فلما كانوا

      بذي الحليفة ، قلد رسول الله صلى الله عليه وسلم الهدي ، وأشعره ، وأحرم بالعمرة

      وبعث عينا له من خزاعة يخبره عن قريش ، حتى إذا كان قريبا من عسفان أتاه عينه ،

      قال : إني تركت كعب بن لؤي وعامر بن لؤي قد جمعوا جموعا ، وهم مقاتلوك ،

      وصادوك عن البيت .

      وفزعت قريش لنزوله ، فأحب أن يبعث إليهم رجلا ، فدعا عمر رضي الله عنه، فقال :

      يا رسول الله ليس لي بمكة أحد من بني عدي بن كعب يغضب لي إن أوذيت فأرسل

      عثمان ،فإن عشيرته بها ، وإنه يبلغ ما أردت .

      فدعاه فأرسله إلى قريش وقال :

      " أخبرهم أنا لم نأت لقتال ، وإنما جئنا عمارا ، وادعهم إلى الإسلام "

      فانطلق عثمان رضي الله عنه ، حتى جاء مكة .

      واختلط المسلمون بالمشركين في أمر الصلح ، فرمى رجل من أحد الفريقين رجلا من الفريق

      الآخر ، فكانت معاركة ، وتراموا بالنبل والحجارة ، وصاح الفريقان وارتهن كل منهما

      من فيهم .

      وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عثمان قد قتل ، فدعا إلى البيعه ، فتبادروا إليه ،

      وهو تحت الشجرة ، فبايعوه على أن لا يفروا ، فأخذ بيد نفسه وقال :

      " هذه عن عثمان "

      ولما تمت البيعة رجع عثمان رضي الله عنه ، فبينا هم كذلك إذ جاء بديل بن ورقاء في

      نفر من خزاعة فقال :

      إني تركت كعب بن لؤي ، وعامر بن لؤي نزلوا أعداد مياه الحديبية ، معهم العوذ

      المطافيل وهم مقاتلوك ، وصادوك عن البيت ، فقال :

      " إنا لم نجىء لقتال أحد، وإنما جئنا معتمرين ، وإن قريشا قد نهكتهم الحرب ، وأضرت

      بهم ، فإن شاؤوا ماددتهم ، ويخلوا بيني وبين الناس ، فإن شاؤوا أن يدخلوا فيما دخل

      فيه الناس فعلوا، وإلا فقد جموا، وإن أبوا إلا القتال ، فوالذي نفسي بيده لأقاتلنهم على

      أمري هذا حتى تنفرد سالفتي أو لينفذن الله أمره "

      فانطلق حتى أتى قريشاً فقال : إني قد جئتكم من عند هذا الرجل، وسمعته يقول قولا،

      فإن شئتم عرضته عليكم .

      فقال سفهاؤهم : لا حاجة لنا أن تحدثنا عنه بشئ ، و قال ذوو الرأي منهم : هات ما

      سمعته.. قال : سمعته يقول : كذا وكذا .

      فقال عروة بن مسعود : إن هذا قد عرض عليكم خطة رشد، فاقبلوها ودعوني آته .


      فأتاه وجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم ويرمق أصحابه ، فوالله ما انتخم النبي

      صلى الله عليه وسلم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم ، فدلك بها وجهه وجلده وإذا

      أمر ابتدروا أمره ، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه ، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم ،

      وما يحدون إليه النظر تعظيما له .

      فرجع عروة إلى أصحابه ، فقال : أي قوم ، والله لقد وفدت على الملوك كسرى ،

      وقيصر والنجاشي والله إن رأيت ملكا يعظمه أصحابه كما يعظم أصحاب محمد محمدا

      ثم قال : وقد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها

      فقال رجل من بني كنانة : دعوني آته ، فقالوا: ائته .

      فلما أشرف على النبي صلى الله عليه وسلم قال :

      " هذا فلان ، وهو من قوم يعظمون البدن ، فابعثوها له " ففعلوا ، واستقبله القوم يلبون ،

      فلما رأى ذلك، قال : سبحان الله ما ينبغي لهؤلاء أن يصدوا عن البيت ، فرجع إلى

      أصحابه فأخبرهم .

      فبينا هم كذلك إذ جاء سهيل بن عمرو ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :

      " قد سهل لكم من أمركم "

      فقال : هات اكتب بيننا وبينك كتابا، فدعا الكاتب وهو علي بن أبي طالب رضي الله

      عنه فقال : " اكتب بسم الله الرحمن الرحيم "

      فقال سهيل : أما الرحمن ، فما أدري ما هو ؟ ولكن اكتب : باسمك اللهم كما كنت تكتب .

      فقال المسلمون : والله لا نكتبها إلا بسم الله الرحمن الرحيم ، فقال صلى الله عليه وسلم :

      " اكتب باسمك اللهم ، ثم قال : اكتب هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله "

      فقال سهيل : والله لو نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ، ولكن اكتب محمد بن

      عبد الله، فقال : " إني رسول الله ، وإن كذبتموني اكتب محمد بن عبد الله ، ثم قال

      النبي صلى الله عليه وسلم على أن تخلوا بيننا وبين البيت فنطوف به "

      فقال سهيل : والله لا تحدث العرب أننا أخذنا ضغطة ، ولكن ذاك من العام المقبل ،

      فكتب .

      فقال سهيل : وعلى أن لا يأتيك رجل منا ، وإن كان على دينك ، إلا رددته إلينا

      فقال المسلمون : سبحان الله كيف يرد إلى المشركين وقد جاء مسلماً ؟

      فبينا هم كذلك إذ جاء أبو جندل بن سهيل ، وقد خرج من أسفل مكة يرسف في قيوده ،

      حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين ، فقال سهيل :

      هذا يا محمد أول ما أقاضيك عليه أن ترده إلي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :

      " إنا لم نقض الكتاب بعد "

      فقال : إذا والله لا أصالحك على شئ أبدا

      فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " فأجزه لي "

      قال : ما أنا بمجيزه لك .

      قال : " بلى ، فافعل "

      قال : ما أنا بفاعل .

      قال أبو جندل : يا معشر المسلمين كيف أرد إلى المشركين وقد جئت مسلما ؟

      ألا ترون ما لقيت ؟

      وكان قد عذب في الله عذابا شديدا قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه :

      والله ما شككت منذ أسلمت إلا يومئذ ، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم ، فقلت :

      يا رسول الله ألست نبي الله ؟

      قال : بلى

      قلت : ألسنا على الحق ، وعدونا على الباطل ؟

      قال : بلى .

      قلت : علام نعطى الدنية في ديننا ؟ ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبين أعدائنا ؟

      فقال : " إني رسول الله ، وهو ناصري ، ولست أعصيه "

      قلت : ألست كنت تحدثنا أنا نأتي البيت ، ونطوف به .

      قال :" بلى ، أفاخبرتك أنك تأتيه العام ؟ "

      قلت : لا

      قال : " فإنك آتيه ومطوف به ".

      قال : فأتيت أبا بكر ، فقلت له مثلما قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورد علي

      كما رد علي رسول الله صلى الله عليه وسلم سواء ، وزاد :

      فاستمسك بغرزه حتى تموت، فوالله إنه لعلى الحق، فعملت لذلك أعمالاً .

      فلما فرغ من قضية الكتاب ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه :

      " قوموا فانحروا، ثم احلقوا " فما قام منهم رجل ، حتى قالها ثلاث مرات فلما لم يقم

      منهم أحد ، قام ولم يكلم أحدا منهم حتى نحر بدنه ودعا حالقه ، فلما رأوا ذلك قاموا

      فنحروا ، وجعل بعضهم يحلق بعضا، حتى كاد بعضهم يقتل بعضا غما .


      ---------------
      : قآل الملك الضليل :
      أيا جارتا إن المزار قريب
      ... ... وإني مقيم ما أقام عسيب
      أيا جارتا إنا غريبان هاهنا
      ... ... وكل غريب للغريب نسيب

    5. #5
      ~| رجلٌ إسْتثنآئِيْ |~ الصورة الرمزية الـبـرنـس
      تاريخ التسجيل
      Jan 2009
      الدولة
      صـومـ ع ـتـي
      المشاركات
      844
      معدل تقييم المستوى
      64

      افتراضي

      ~*¤®§ ][^*^] غزوة خيبر [^*^][ §®¤*~


      لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية ، مكث عشرين يوما ، أو قريبا

      منها ، ثم خرج إلى خيبر ،.ولما دنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر قال :

      " قفوا "فوقف الجيش فقال :

      "اللهم رب السموات السبع وما أظللن ، ورب الرياح وما أذرين ، فإنا نسألك خير هذه ا

      لقرية، وخير أهلها، وخير ما فيها، ونعوذ بك من شر هذه القرية، وشر أهلها، وشر ما

      فيها، أقدموا باسم الله "

      فأسرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قريبا من عشرين ليلة، وكانت أرضا وخمة

      شديدة الحر، فجهد المسلمون جهدا شديدا ، فقام النبي صلى الله عليه وسلم فيهم ،

      فوعظهم وحضهم على الجهاد ، فحاصر يهود خيبر حتى إذا أيقنوا بالهلكة ، سألوه

      الصلح ، ونزل إليه سلام بن أبي الحقيق فصالحهم على حقن الدماء وعلى الذرية ،

      ويخرجون من خيبر ، ويخلون ما كان لهم من مال وأرض ، إلا ثوبا على ظهر إنسان .

      فلما أراد أن يجليهم ، قالوا : نحن أعلم بهذه الأرض منكم ، فدعنا نكون فيها .

      فأعطاهم أياها ، على شطر ما يخرج من ثمرها وزرعها .

      وفي هذه الغزوة قدم عليه ابن عمه جعفر بن أبي طالب وأصحابه ، ومعهم

      الأشعريون ، أبو موسى ، وأصحابه .




      ~*¤®§ ][^*^] عمرة القضاء [^*^][ §®¤*~


      خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة من السنة السابعة معتمرا

      عمرة القضاء ، حتى إذا بلغ يأجج وضع الأداة كلها ، إلا الحجف والمجان والنبل

      والرماح ، ودخلوا بسلاح الراكب السيوف ، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه

      وسلم أمر أصحابه أن يكشفوا عن المناكب ويسعوا في الطواف ، ليرى المشركون

      قوتهم وكان يكايدهم بكل ما استطاع فوقف أهل مكةالرجال والنساء والصبيان

      ينظرون إليه وإلى أصحابه ، وهم يطوفون بالبيت ، وعبد الله بن رواحة ، آخذ بخطام

      ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم يرتجز يقول :

      خلوا بني الكفار عن سبيله *** خلوا فكل الخير في رسوله

      قد أنزل الرحمن في تنزيله *** في صحف تتلى على رسوله

      فأقام بمكة ثلاثة ، ثم أتاه سهيل بن عمرو ، وحويطب بن عبد العزى ، فصاح

      حويطب :

      نناشدك الله والعقد، لما خرجت من أرضنا، فقد مضت الثلاث ، فأمر رسول الله

      صلى الله عليه وسلم أبا رافع فأذن بالرحيل .




      ~*¤®§ ][^*^] غزوة مؤتة في السنة الثامنة [^*^][ §®¤*~


      وسببها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث الحارث بن عمير بكتاب إلى ملك

      الروم أو بصرى فعرض له شرحبيل بن عمرو الغساني فقتله ولم يقتل لرسول الله

      صلى الله عليه وسلم غيره فاشتد ذلك عليه ، فبعث البعوث، واستعمل عليهم زيد بن

      حارثة، وقال :

      " إن أصيب زيد فجعفر بن أبي طالب على الناس ، وإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة "

      فتجهزوا ، وهم ثلاثة آلاف فلما حضر خروجهم ، ودع الناس أمراء رسول الله صلى الله

      عليه وسلم ، ثم مضوا حتى نزلوا معان ، فبلغهم أن هرقل بالبلقاء في مائة ألف من

      الروم ، وانضم إليه مائة

      ألف ،فأقاموا ليلتين ينظرون في أمرهم ، وقالوا :

      نكتب إلى رسول الله فنخبره ، فإما أن يمدنا، وإما أن يأمرنا بأمره .

      فشجعهم عبد الله بن رواحة ، وقال :

      والله إن الذي تكرهون للذي خرجت تطلبون الشهادة ، وما نقاتل الناس بقوة ولا كثرة،

      ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به فانطلقوا ، فإنما هي إحدى الحسنيين :

      إما ظفر ، وإما شهادة .

      فمضى الناس ، حتى إذا كانوا بتخوم البلقاء لقيتهم الجموع ، فانحاز المسلمون إلى

      مؤتة، ثم اقتتلوا عندها والراية في يد زيد، فلم يزل يقاتل بها حتى شاط في رماح

      القوم ، فأخذها جعفر فقاتل بها، حتى إذا أرهقه القتال اقتحم عن فرسه فعقرها،

      ثم قاتل حتى قطعت يمينه ، فأخذ الراية بيساره ، فقطعت يساره ، فاحتضن الراية

      حتى قتل ، وله ثلاث وثلاثون سنة ، رضي الله

      عنهم ثم أخذها عبد الله بن رواحة ، فتقدم بها ، وهو على فرسه ، فجعل يستنزل

      نفسه ، ويقول :

      يا نفس إن لم تقتلي تموتي *** هذا حمام الموت قد صليت

      وماتمنيت فقد أعطيت *** إن تفعلي فعلهما هديت

      وتقدم ، فقاتل حتى قتل ، ثم أخذ الراية خالد بن الوليد ، فدافع القوم وخاشى بهم ،

      ثم انحازوا ، وانصرف الناس .





      ~*¤®§ ][^*^] إنا فتحنا لك فتحا مبينا [^*^][ §®¤*~



      ~*¤®§ ][^*^] غزوة الفتح الأعظم ( فتح مكة ) [^*^][ §®¤*~


      قال ابن القيم‏ رحمه الله :‏

      هو الفتح الأعظم الذي أعز الله به دينه ورسوله وجنده وحزبه الأمـين، واستنقذ به

      بلــده وبيته الذي جعله هدي للعالمين ، من أيدي الكفار والمشركين، وهو الفتح

      الذي استبشر بـه أهـل السمـاء، وضـربت أطناب عزه على مناكب الجوزاء، ودخل

      الناس به فــي ديــن الله أفواجـا، وأشرق به وجه الأرض ضياء وابتهاجا .

      وكان ذلك في السنة الثامنة في رمضان وسببها أن بكرا أعتدت على خزاعة على

      مائهم الوتير فبيتوهم ، وقتلوا منهم ، وأعانت قريش بني بكر بالسلاح ، وقاتل معهم

      بعضهم مستخفيا ليلا ، فخرج بديل بن ورقاء في نفر من خزاعة ، حتى قدموا على

      رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، فأخبروه بما أصيب منهم ، وبمظاهرة قريش

      بني بكر عليهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس :

      " كأنكم بأبي سفيان قد جاءكم ليشد العقد ، ويزيد في المدة ، بعثته قريش ، وقد

      رهبوا للذي صنعوا "

      فقدم أبو سفيان وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمه فلم يرد عليه شيئا ،

      ثم ذهب إلى أبي بكر رضي الله عنه، فكلمه في أن يكلم النبي صلى الله عليه وسلم ،

      فقال: ما أنا بفاعل ، ثم أتى عمر رضي الله عنه ، فقال :

      أنا أشفع لكم .. والله لو لم أجد إلا الذر ، لجاهدتكم به.

      ثم دخل على علي رضي الله عنه ، وعنده فاطمة رضي الله عنها والحسن غلام يدب بين

      يديها فقال : يا علي إنك أمس القوم بي رحما ، وإني جئت في حاجة ، فلا أرجعن خائباً ،

      اشفع لي إلى محمد ؟

      فقال : قد عزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمر ، ما نستطيع أن نكلمه فيه .

      فقال لفاطمة : هل لك أن تأمري ابنك هذا ، فيجير بين الناس ، فيكون سيد العرب إلى

      آخر الدهر ؟

      فقالت : ما يبلغ ابني ذلك ، وما يجير أحد على رسول الله صلى الله عليه وسلم .

      فقال : يا أبا الحسن ، إني رأيت الأمور قد اشتدت علي ، فانصحني .

      . قال : والله ما أعلم شيئا يغني عنك ، ولكنك سيد بني كنانة، فقم وأجر بين الناس ،

      ثم الحق بأرضك.

      فقال : أو ترى ذلك مغنيا عني شيئا ؟

      قال : لا، والله ما أظنه ، ولكن ما أجد لك غير ذلك .

      فقام أبو سفيان في المسجد ، فقال : يا أيها الناس ، إني قد أجرت بين الناس ، ثم

      ركب بعيره ، وانصرف عائداً إلى مكة.

      وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بالجهاز ، وقال :

      " اللهم خذ العيون والأخبار عن قريش ، حتى نبغتها في بلادها "

      فكتب حاطب بن أبي بلتعة إلى قريش كتابا ، يخبرهم فيه بمسير رسول الله صلى الله

      عليه وسلم ، ودفعه إلى سارة مولاة لبني عبد المطلب فجعلته في رأسها ، ثم فتلت عليه

      قرونها ، وأتى الخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم من السماء ، فأرسل رسول الله

      صلى الله عليه وسلم عليا والزبير رضي الله عنهما إلى المرأة ، فأدركاها بـ روضة خاخ ،

      فأنكرت ، ففتشا رحلها ، فلم يجدا فيه شيئا ، فهدداها ، فأخرجته من قرون رأسها،

      فأتيا به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدعا حاطبا ..فقال : ما هذا يا حاطب؟

      فقال : لا تعجل علي يا رسول الله والله إني لمؤمن بالله ورسوله ، ما ارتددت ولا بدلت ،

      ولكني كنت امرءا ملصقا في قريش ، لست من أنفسهم ، ولي فيها أهل وعشيرة وولد ،

      وليس فيهم قرابة يحمونهم ، وكان من معك لهم قرابات يحمونهم ، فأحببت أن أتخذ

      عندهم يدا ، قد علمت أن الله مظهر رسوله ، ومتم له أمره .

      فقال عمر رضي الله عنه : يا رسول الله دعني أضرب عنقه ، فإنه قد خان الله ورسوله ،

      وقد نافق .
      فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

      " إنه شهد بدراً وما يدريك يا عمر ؟ لعل الله أطلع على أهل بدر ، فقال :

      أعملوا ما شئتم ، فقد غفرت لكم "

      فذرفت عينا عمر رضي الله عنه وقال : الله ورسوله أعلم .

      ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعمى الله الأخبار عن قريش ، لكنهم على

      وجل ، فكان أبو سفيان يتجسس ، وكان العباس رضي الله عنه قد خرج قبل ذلك بأهله

      وعياله مسلما مهاجرا ، فلقي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجحفة ، فلما نزل

      رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الجيش فأوقدوا النيران ، فأوقد أكثر من عشرة

      آلاف نار ، فركب العباس بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وخرج يلتمس ، لعله يجد

      بعض الحطابة ، أو أحدا يخبر قريشا ، ليخرجوا يستأمنون رسول الله صلى الله عليه

      وسلم قبل أن يدخلها عنوة .

      قال : فوالله إني لأسير عليها، إذ سمعت كلام أبي سفيان ، وبديل ، فقلت :

      أبا حنظلة ؟

      فعرف صوتي ، فقال : أبا الفضل ؟ قلت : نعم ، قال : ما لك ، فداك أبي وأمي ؟

      قال قلت : هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس واصباح قريش والله .

      قال : فما الحيلة ؟

      قلت : والله لئن ظفر بك ليضربن عنقك ، فاركب في عجز هذه البغلة ، حتى آتيه بك ،

      فأستأمنه لك ، فركب خلفي ، فجئت به ، فدخلت على رسول الله صلى الله عليه

      وسلم ، ودخل عليه عمر فقال : يا رسول الله هذا أبو سفيان ، قد أمكن الله منه بغير

      عقد ولا عهد ، فدعني أضرب عنقه .

      فقلت : يا رسول الله إني قد أجرته .

      فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

      " اذهب به يا عباس إلى رحلك ، فإذا أصبحت فائتني به "

      ففعلت ، ثم غدوت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .

      فقال : " ويحك يا أبا سفيان ألم يأن لك أن تعلم أن لا إله إلا الله ؟ "

      قال : بأبي أنت وأمي ، ما أحلمك وأكرمك وأوصلك ، والله لقد ظننت أن لو كان بالله

      غيره لقد أغنى عني شيئا بعد .

      قال : " ويحك يا أبا سفيان ، ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله ؟ "

      قال : بأبي أنت وأمي ، ما أحلمك وأكرمك وأوصلك ، أما هذه ففي النفس حتى الآن

      منها شئ .

      فقال له العباس : ويحك ، أسلم قبل أن يضرب عنقك .

      قال : فشهد شهادة الحق ، فأسلم .

      فقال العباس : إن أبا سفيان رجل يحب الفخر ، فاجعل له شيئا .

      قال : نعم من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن ، ومن دخل

      المسجد فهو آمن .

      فلما ذهب لينصرف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

      " أحبسه بمضيق الوادي عند خطم الجبل ، حتى تمر به جنود الله فيراها "

      قال : فخرجت حتى حبسته ، ومرت القبائل على راياتها ، حتى مر به رسول الله صلى

      الله عليه وسلم في كتيبته الخضراء لكثرة الحديد وظهوره فيها المهاجرون والأنصار

      لا يرى منهم إلا الحدق ..

      فقال : سبحان الله يا عباس من هؤلاء ؟

      قلت : هذا رسول الله في المهاجرين والأنصار

      قال : ما لأحد بهؤلاء طاقة .

      ومضى أبو سفيان ، فلما جاء قريشا صرخ بأعلى صوته :

      هذا محمد قد جاءكم بما لا قبل لكم به ، فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن .

      قالوا : قاتلك الله ، وما تغني عنا دارك ؟

      قال : ومن أغلق عليه بابه فهو آمن ، ومن دخل المسجد فهو آمن ؟

      فتفرق الناس إلى دورهم وإلى المسجد ، وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم

      حتى دخل مكة من أعلاها ، وأمر خالد بن الوليد ، فدخلها من أسفلها وقال :

      " إن عرض لكم أحد من قريش فأحصدوهم حصداً ، حتى توافوني على الصفا "

      فما عرض لهم أحد إلا أناموه ، وتجمع سفهاء قريش مع عكرمة بن أبي جهل ،

      وصفوان بن أمية ، وسهيل بن عمرو ، بالخندمة ليقاتلوا ، فلما لقيهم المسلمون من

      أصحاب خالد بن الوليد ناوشوهم شيئا من قتال ، فأصيب من المشركين اثني عشر،

      ثم انهزموا ..

      وركزت راية رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجون ، ثم نهض والمهاجرون والأنصار

      بين يديه وخلفه وحوله ، حتى دخل المسجد ، فأقبل إلى الحجر فاستلمه ، ثم طاف

      بالبيت ، وفي يده قوس ، وحول البيت وعليه ثلاثمائة وستون صنما فجعل يطعنها

      بالقوس ، ويقول : " جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا "

      " جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد " والأصنام تتساقط على وجوهها .

      وكان طوافه على راحلته ، ولم يكن محرما يومئذ ، فاقتصر على الطواف ، فلما أكمله

      دعا عثمان بن طلحة ، فأخذ منه مفتاح الكعبة ، فأمر بها ففتحت ، فدخلها ، فرأى فيها

      الصور ، ورأى صورة إبراهيم وإسماعيل يستقسمان بالأزلام ، فقال :

      " قاتلهم الله، والله إن استقسما بها قط "

      وأمر بالصور فمحيت ، ثم أغلق عليه الباب ، هو وأسامة ، وبلال ، فاستقبل الجدار

      الذي يقابل الباب ، حتى إذا كان بينه وبينه قدر ثلاثة أذرع وقف وصلى هناك ، ثم دار

      في البيت ، وكبر في نواحيه ، ووحد الله ، ثم فتح الباب ، وقريش قد ملأت المسجد

      صفوفا ، ينظرون ماذا يصنع بهم ، فأخذ بعضادتي الباب ، وهم تحته فقال :

      " لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، صدق وعده ، ونصر عبده ، وأعز جنده،

      وهزم الأحزاب وحده ألا كل مأثرة ، أو مال ، أو دم ، فهو تحت قدمي هاتين ،

      إلا سدانة البيت ، وسقاية الحاج ،ألا وقتل الخطإ شبه العمد السوط والعصا ففيه

      الدية مغلظة ، مائة من الإبل ، أربعون منها في بطونها أولادها ، يا معشر قريش

      إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية ، وتعظمها بالآباء ، الناس من آدم ، وآدم

      من تراب " ثم تلا هذه الاية :

      (( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن

      أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير ))

      ثم قال : " يا معشر قريش ما ترون أني فاعل بكم ؟ "

      قالوا: خيرا ، أخ كريم ، وابن أخ كريم ، قال :

      " فإني أقول لكم كما قال يوسف لإخوته لا تثريب عليكم اليوم ، اذهبوا فأنتم

      الطلقاء "

      ثم جلس في المسجد ، ومفتاح الكعبة في يده فقال :

      " أين عثمان بن طلحة ، فدعي له ، فقال : هاك مفتاحك يا عثمان اليوم يوم

      بر ووفاء"

      وأمر بلالا أن يصعد على الكعبة فيؤذن وأبو سفيان بن حرب، وعتاب بن أسيد،

      والحارث بن هشام، وأشراف قريش جلوس بفناء الكعبة فقال عتاب :

      لقد أكرم الله أسيدا أن لا يكون سمع هذا ، فقال الحارث : أما والله لو أعلم أنه

      حق لاتبعته .

      فقال أبو سفيان : لا أقول شيئا ، لو تكلمت لأخبرت عني هذه الحصباء .

      فخرج عليهم النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : قد علمت الذي قلتم ، ثم ذكر ذلك

      لهم ، فقال الحارث وعتاب : نشهد أنك رسول الله ، والله ما اطلع على هذا أحد كان

      معنا ، فنقول : أخبرك .

      ثم دخل صلى الله عليه وسلم دار أم هانىء ، فاغتسل ، وصلى ثمان ركعات ، صلاة

      الفتح ، وكان أمراء الإسلام إذا افتتحوا بلدا صلوا هذه الصلاة .

      فلما كان الغد من يوم الفتح قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس خطيبا ،

      فحمد الله وأثنى عليه ثم قال :

      " أيها الناس إن الله حرم مكة يوم خلق السموات والأرض فهي حرام بحرمة الله إلى

      يوم القيامة ، فلا يحل لامرىء يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما ، أو يعضد

      بها شجرة ، فإن أحد ترخص بقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا له :

      إن الله أذن لرسوله ، ولم يأذن لك ، وإنما أحلت لي ساعة من نهار "

      وهَم فضالة بن عمير بن الملوح الليثي أن يقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم ،

      وهو يطوف ، فلما دنا منه ، قال : أفضالة ؟

      قال : نعم فضالة يا رسول الله قال : ماذا تحدث به نفسك ؟

      قال : لا شئ ، كنت أذكر الله ، فضحك صلى الله عليه وسلم ، ثم قال :

      استغفر الله ، ثم وضع يده على صدره ، فسكن قلبه ، وكان فضالة يقول :

      والله ما رفع يده عن صدري حتى ما من خلق الله شئ أحب إلي منه ..

      ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم تميم بن أسيد الخزاعي ، فجدد أنصاب الحرم

      وبث صلى الله عليه وسلم سراياه إلى الأوثان التي كانت حول مكة ، فكسرت كلها

      منها اللات ، والعزى ، ومناة ، ونادى مناديه بمكة : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر

      فلا يدع في بيته صنما إلا كسره .




      ~*¤®§ ][^*^] غزوة تبوك [^*^][ §®¤*~


      كانت في زمان عسرة من الناس ، وجدب من البلاد ، حين طابت الثمار ، فالناس

      يحبون المقام في ثمارهم وظلالهم ، وكان صلى الله عليه وسلم قلما يخرج من

      غزوة إلا ورى بغيرها ، إلا ما كان منها ، فإنه جلاها للناس لبعد الشقة ،

      وشدة الزمان .

      وقال قوم من المنافقين ، بعضهم لبعض : لا تنفروا في الحر ، فنزل قوله تعالى :

      (( وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا ))

      ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حض أهل الغنى على النفقة ، فحمل رجال من

      أهل الغنى واحتسبوا ، وأنفق عثمان رضي الله عنه ثلاثمائة بعير بأحلاسها ،

      وأقتابها وعدتها ، وألف دينار عينا ، وجاء البكاؤون وهم سبعة يستحملون رسول

      الله صلى الله عليه وسلم ، فقال :

      " لا أجد ما أحملكم عليه ، تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ، أن لا يجدوا

      ما ينفقون "

      وجاء المعذرون من الأعراب ليؤذن لهم ، فلم يعذرهم واستخلف على المدينة محمد

      بن مسلمة الأنصاري ، فلما سار رسول الله صلى الله عليه وسلم ، تخلف عبد الله

      بن أبي ومن كان معه ، وتخلف نفر من المسلمين من غير شك ولا ارتياب ، منهم

      الثلاثة ( كعب بن مالك ، وهلال بن أمية ، ومرارة بن الربيع )

      وأبو خيثمة السالمي ، وأبو ذر ، ثم لحقاه ، وشهدها رسول الله صلى الله

      عليه وسلم في ثلاثين ألفاً من الناس ، والخيل عشرة آلاف فرس ، وأقام بها عشرين

      ليلة يقصر الصلاة ، وهرقل يومئذ بحمص .

      ودخل أبو خيثمة إلى أهله في يوم حار ، بعدما سار رسول الله صلى الله عليه

      وسلم أياما ، فوجد امرأتين له في عريشين لهما في حائط ، قد رشت كل واحدة

      منهما عريشها ، وبردت له ماء ، وهيأت له طعاماً ، فلما دخل قام على باب العريش ،

      فنظر إلى امرأتيه وما صنعتا ،

      فقال : رسول الله في الضح ، والريح والحر ، وأبو خيثمة في ظل بارد ، وطعام

      مهيأ، وامرأة حسناء ؟ ما هذا بالنصف ، ثم قال : والله لا أدخل عريش واحدة منكما

      حتى ألحق برسول الله

      صلى الله عليه وسلم ، فهيئا لي زادا ، ثم خرج حتى أدرك رسول الله صلى الله عليه

      وسلم حين نزل تبوك .

      وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لما مر بالحجر من ديار ثمود قال :

      " لا تدخلوا على هؤلاء القوم المعذبين ، إلا أن تكونوا باكين ، فإن لم تكونوا باكين

      فلا تدخلوا عليهم ، لا يصيبكم مثل ما أصابهم "

      وفي صحيح مسلم عن أبي حميد الساعدي ، قال :

      انطلقنا حتى قدمنا تبوك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ستهب عليكم الليلة

      ريح شديدة ، فلا يقم أحد منكم، فإن كان له بعير فليشد عقاله، فهبت ريح شديدة ،

      وأصبح الناس ولا ماء معهم ، فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدعا

      الله، فأرسل الله سحابة، فأمطرت حتى ارتوى الناس ، واحتملوا حاجتهم من الماء ،

      ثم سار حتى إذا كان ببعض الطريق جعلوا يقولون : تخلف فلان ، فيقول :

      " دعوه ، فإن يك فيه خير فسيلحقه الله بكم ، وإن يك غير ذلك فقد أراحكم

      الله منه "

      وتلوم على أبي ذر بعيره ، فلما أبطأ عليه أخذ متاعه على ظهره ثم خرج يتبع أثر

      رسول الله صلى الله عليه وسلم ماشيا ، ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في

      بعض منازله ، فنظر ناظر المسلمين فقال : يا رسول الله إن هذا الرجل يمشي على

      الطريق ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كن أبا ذر " ..

      فلما تأملوه ، قالوا : يا رسول الله هو والله أبو ذر.

      فقال : " رحم الله أبا ذر ، يمشي وحده ، ويموت وحده ، ويبعث وحده "

      ولما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك أتاه صاحب أيلة ، فصالحه

      وأعطاه الجزية ، وأتاه أهل جرباء وأذرح فأعطوه الجزية ، وكتب لهم كتابا

      فهو عندهم .

      ثم بعث خالد بن الوليد إلى أكيدر دومة ، وقال لخالد : " إنك تجده يصيد البقر"

      فخرج خالد ، حتى إذا كان من حصنه بمنظر العين في ليلة مقمرة وهو على سطح له

      فبانت البقر تحك بقرونها باب القصر ..

      ثم نزل فأمر بفرسه فأسرج له ، وركب معه نفر من أهل بيته ، فلما خرجوا تلقتهم

      خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخذته وقتلوا أخاه ، وقدم به خالد على

      رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فحقن له دمه ، وصالحه على الجزية ، ثم خلى سبيله ،

      فرجع إلى قريته .

      فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك بضع عشرة ليلة ، ثم انصرف إلى المدينة ،

      ولما دنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة ، خرج الناس لتلقيه ، والنساء

      والصبيان والولائد يقلن :

      طلع البـدر علينا *** من ثنيات الوداع

      وجب الشكر علينا *** ما دعـا للـه داع

      وكانت غزوة تبوك أخر غزوة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه ،

      وأنزل الله فيها سورة براءة .

      وكانت تسمى في زمان النبي صلى الله عليه وسلم وبعده المبعثرة، لما كشفت من

      سرائر المنافقين وخبايا قلوبهم .




      ~*¤®§ ][^*^] وفود العرب إلى رسول الله [^*^][ §®¤*~


      ولما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك ، وأسلمت ثقيف ، ضربت إليه

      أكباد الإبل ، تحمل وفود العرب من كل وجه ، في سنة تسع ، وكانت تسمى

      سنة الوفود .

      وإنما كانت العرب تربص بالإسلام أمر هذا الحي من قريش ، وأمر رسول الله صلى

      الله عليه وسلم ، وذلك أن قريشا كانوا إمام الناس وهداتهم ، وأهل البيت والحرم ،

      وصريح ولد إسماعيل عليه السلام ، وقادة العرب لا ينكرون ذلك ، وكانت قريش

      هي التي نصبت لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما افتتحت مكة ، ودانت

      له قريش ، عرفت العرب أن لا طاقة لهم بحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ،

      ولا عداوته ، فدخلوا في دين الله أفواجا ، كما قال الله تعالى :

      (( إذا جاء نصر الله والفتح * ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا * فسبح

      بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا ))




      ~*¤®§ ][^*^] حجة أبي بكر بالناس [^*^][ §®¤*~


      ثم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد رجوعه من تبوك بقية رمضان وشوال

      وذي القعدة ثم بعث أبا بكر رضي الله عنه أميرا على الحج ليقيم للناس حجهم ،

      وأهل الشرك على دينهم ومنازلهم من حجهم ، فخرج أبو بكر في ثلاثمائة من

      المدينة ، وبعث معه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعشرين بدنة ، قلدها وأشعرها

      بيده ، ثم نزلت سورة براءة في نقض ما بين رسول الله صلى الله عليه وسلم

      وبين المشركين من العهد الذي كانوا عليه ، فأرسل بها علي بن أبي طالب

      على ناقته العضباء ، ليقرأ براءة على الناس ، وينبذ إلى كل ذي عهد عهده ،

      فلما لقي أبا بكر قال له :

      أمير ، أو مأمور ؟

      فقال علي : بل مأمور .

      فلما كان يوم النحر قام علي بن أبي طالب ، فقال :

      ( يا أيها الناس لا يدخل الجنة كافر ، ولا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان ،

      ومن كان له عهد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو إلى مدته )




      ~*¤®§ ][^*^] حجة الوداع [^*^][ §®¤*~


      فلما دخل ذو القعدة ، تجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم للحج ، وأمر الناس

      بالجهاز له ، وأمرهم أن يلقوه ، فخرج معه من كان حول المدينة وقريبا منها ،

      وخرج المسلمون من القبائل القريبة والبعيدة حتى لقوه في الطريق ، وفي مكة ،

      وفي منى وعرفات ، وكانت حجة الوداع ، فمضى رسول الله صلى الله عليه

      وسلم ، وساق معه الهدي ، فأرى الناس مناسكهم ، وعلمهم سنن حجهم، وهو

      يقول لهم ويكرر عليهم القول :

      " يا أيها الناس خذوا عني مناسككم ، فلعلكم لا تلقوني بعد عامكم هذا "

      ولما كان بمنى خطب الناس خطبته التي بين فيها ما بين ، فحمد الله وأثنى

      عليه ، ثم قال :

      " أيها الناس ، اسمعوا قولي ، فإني لا أدري ، لعلي لا ألقاكم بعد عامي

      هذا ، أيها الناس ، إن دماءكم وأموالكم وأغراضكم عليكم حرام إلى أن

      تلقوا ربكم ، وكل ربا موضوع ، وأول رباً أضعه ربا العباس بن عبد المطلب ،

      فإنه موضوع كله ، وإن كل دم في الجاهلية موضوع ، وأول دم أضعه

      دم ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب ، وإني تركت فيكم ما إن اعتصمتم

      به ما لن تضلوا بعده كتاب الله وأنتم مسؤولون عني ، فما أنتم قائلون ؟ "

      قالوا : نشهد أنك قد بلغت ، وأديت ، ونصحت ، فجعل يرفع إصبعه إلى

      السماء ، وينكبها إليهم ، ويقول : " اللهم اشهد ثلاث مرات "

      وكانت هذه الحجة تسمى حجة الوداع ، لأنه صلى الله عليه وسلم لم يحج

      بعدها .

      فلما انقضى حجه ، رجع إلى المدينة ، فأقام صلى الله عليه وسلم بقية

      ذي الحجة والمحرم وصفر ، ثم ابتدأ برسول الله صلى الله عليه وسلم

      وجعه الذي مات فيه .




      ~*¤®§ ][^*^] بعث أسامة بن زيد [^*^][ §®¤*~


      ولما كان يوم الاثنين لأربع ليال بقين من صفر سنة إحدى عشرة ، أمر رسول الله

      صلى الله عليه وسلم الناس بالتهيؤ لغزو الروم ، فلما كان من الغد دعا أسامة بن

      زيد ، وأمره أن يسير إلى موضع مقتل أبيه زيد بن حارثة ، وأن يوطىء الخيل

      تخوم البلقاء والداروم من أرض فلسطين ، فتجهز الناس ، وأوعب مع أسامة

      المهاجرون والأنصار .

      ثم استبطأ رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس في بعث أسامة وهو في وجعه

      فخرج عاصبا رأسه حتى جلس على المنبروكان المنافقون قد قالوا في إمارة

      أسامة أمر غلاما حدثا على جلة المهاجرين والأنصار .

      فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم غضبا شديدا ، وخرج عاصبا رأسه وكان قد

      بدأ به الوجع فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال :

      " أيها الناس، أنفذوا بعث أسامة ، فلئن طعنتم في إمارته فقد طعنتم في إمارة أبيه ،

      وأيم الله إن كان لخليقا للإمارة ، وإن كان أبوه لمن أحب الناس إلي وإن هذا لمن

      أحب الناس إلي من بعده "

      ثم نزل وانكمش الناس في جهازهم ، فاشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه ،

      وخرج أسامة بجيشه ، فعسكر بالجرف ، وتتام إليه الناس ، فأقاموا لينظروا ما الله

      تبارك وتعالى قاض في رسوله صلى الله عليه وسلم .


      ---------------
      : قآل الملك الضليل :
      أيا جارتا إن المزار قريب
      ... ... وإني مقيم ما أقام عسيب
      أيا جارتا إنا غريبان هاهنا
      ... ... وكل غريب للغريب نسيب

    6. #6
      ~| رجلٌ إسْتثنآئِيْ |~ الصورة الرمزية الـبـرنـس
      تاريخ التسجيل
      Jan 2009
      الدولة
      صـومـ ع ـتـي
      المشاركات
      844
      معدل تقييم المستوى
      64

      افتراضي


      ~*¤®§ ][^*^] إلى الرفيق الأعلى [^*^][ §®¤*~



      ~*¤®§ ][^*^] مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم [^*^][ §®¤*~


      عن أسامة رضي الله عنه قال : لما ثقل برسول الله صلى الله عليه وسلم ، هبطت

      وهبط الناس معي إلى المدينة ، فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ،

      وقد أصمت ، فلا يتكلم ، وجعل يرفع يده إلى السماء ثم يضعها علي ، أعرف

      أنه يدعو لي .

      وحدث عن أبي مويهبة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال :

      بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم من جوف الليل ، فقال :

      وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : خطب رسول الله صلى الله عليه

      وسلم ، فقال :

      " إن الله خير عبداً بين الدنيا وبين ما عنده ، فاختار ذلك العبد ما عند الله "

      فبكى أبو بكر رضي الله عنه ، فتعجبنا لبكائه أن يخبر رسول الله صلى الله عليه

      وسلم عن عبد خير فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخير .

      وكان أبو بكر أعلمنا ، فقال

      رسول الله صلى الله عليه وسلم :

      " إن من أمن الناس علي في صحبته وماله أبو بكر ، ولو كنت متخذا خليلا غير ربي

      لاتخذت أبا بكر خليلا ، ولكن أخوة الإسلام ومودته ، لا يبقين في المسجد باب إلا

      سد ، إلا باب أبي بكر "

      وفي الصحيح أن ابن عباس وأبا بكر رضي الله عنهما مرا بمجلس للأنصار ، وهم

      يبكون ، فقالا : ما يبكيكم ؟

      قالوا : ذكرنا مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم منا ، فدخل على النبي صلى

      الله عليه وسلم فأخبره بذلك ، فخرج ، وقد عصب على رأسه بحاشية برد ، فصعد

      المنبر ولم يصعده بعد ذلك اليوم فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال :

      " أوصيكم بالأنصار خيرا ، فإنهم كرشي وعيبتي وقد قضوا الذي عليهم ، وبقي

      الذي لهم ، فاقبلوا من محسنهم ، وتجاوزوا عن مسيئهم "

      واشتد مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال :

      " مروا أبا بكر فليصل بالناس "

      قالت عائشة رضي الله عنها :

      يا رسول الله ! إنه رجل رقيق ، إذا قام مقامك لا يسمع الناس ، فلو أمرت عمر ؟

      قال : " مروا أبا بكر فليصل بالناس " فعادت .

      فقال : مروا أبا بكر فليصل بالناس ، فإنكن صواحب يوسف ، فأتاه الرسول فصلى

      بالناس في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، قالت :

      ووالله ما أقول إلا أني أحب أن يصرف ذلك عن أبي بكر ، وعرفت أن الناس لا يحبون

      رجلا قام مقامه أبداً ، وأن الناس سيتشاءمون به في كل حدث كان ، فكنت أحب

      أن يصرف ذلك عن أبي بكر .




      ~*¤®§ ][^*^] صعود الروح الطاهرة لبارئها [^*^][ §®¤*~


      روي أنس بن مالك رضي الله عنه ‏:‏

      أن المسلمين بينا هم في صلاة الفجـر من يوم الاثنين وأبو بكر يصلي بهم ، لم

      يفجأهم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم كشف ستر حجرة عائشة فنظر إليهم،

      وهم في صفوف الصلاة، ثم تبسم يضحك، فنكص أبو بكر على عقبيه ليصل الصف ،

      وظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يخرج إلى الصلاة‏ ، وهم المسلمون

      أن يفتتنوا في صلاتهم ، فأشار إليهم بيده رسول الله صلى الله عليه وسلم أن

      أتموا صلاتكم ..

      ثم دخل الحجرة وأرخي الستر‏ ، ثم لم يأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم

      وقت صلاة أخرى‏ ، ولما ارتفع الضحى، دعا النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة

      رضي الله عنها فسارها بشيء فبكت ، ثم دعاها ، فسارها بشيء فضحكت،

      قالت عائشة ‏رضي الله عنها :‏ فسألنا عن ذلك فيما بعد فقالت ‏:

      ‏ سارني النبي صلى الله عليه وسلم أنه يقبض في وجعه الذي توفي فيه ، فبكيت ،

      ثم سارني فأخبرني أني أول أهله يتبعه فضحكت ‏، وبشر النبي صلى الله عليه

      وسلم فاطمة بأنها سيدة نساء العالمين‏.‏

      ورأت فاطمة ما برسول الله صلى الله عليه وسلم من الكرب الشديد الذي يتغشاه‏

      فقالت‏ :‏ وا كرب أبتاه‏.‏

      فقال لها ‏:‏ ‏" ‏ليس على أبيك كرب بعد اليوم‏ "

      ودعا الحسن والحسين فقبلهما، وأوصي بهما خيرا، ودعا أزواجه فوعظهن وذكرهن‏ ،

      وطفق الوجع يشتد ويزيد ، وبدأ الاختصار فأسندته عائشة رضي الله عنها إليها،

      وكانت تقول‏ :

      ‏ إن من نعم الله على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي في بيتي وفي يومي

      وبين سَحري ونَحري ، وأن الله جمع بين ريقي وريقه عند موته‏ ،‏ دخل عبد الرحمن

      بن أبي بكر وبيده السواك ، وأنا مسندة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فرأيته

      ينظر إليه ، وعرفت أنه يحب السواك، فقلت‏:‏ آخذه لك‏ ؟‏

      فأشار برأسه أن نعم‏ ،‏ فتناولته فاشتد عليه، وقلت ‏:‏

      ألينه لك‏ ؟‏

      فأشار برأسه أن نعم‏ ، فلينته، فاستن به كأحسن ما كان مستنا وبين يديه ركوَة

      فيها ماء ، فجعل يدخل يديه في الماء فيمسح به وجهه، يقول ‏:‏

      ‏" ‏لا إله إلا الله، إن للموت سكرات‏ "

      وما عدا أن فرغ من السواك حتى رفع يده أو أصبعه ، وشخص بصره نحو السقف،

      وتحركت شفتاه، فأصغت إليه عائشة وهو يقول ‏:

      ‏ ‏"‏مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، اللهم اغفر لي

      وارحمني، وألحقني بالرفيق الأعلي‏ اللهم، الرفيق الأعلي‏ "

      كرر الكلمة الأخيرة ثلاثاً، ومالت يده ولحق بالرفيق الأعلي‏ ،‏ إنا لله وإنا إليه

      راجعون‏ .‏

      عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :

      لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قام عمر رضي الله عنه ، فقال :

      إن رجالاً من المنافقين يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد توفي ، وإن

      رسول الله صلى الله عليه وسلم والله ما مات، ولكنه قد ذهب إلى ربه ، كما ذهب

      موسى بن عمران فقد غاب عن قومه أربعين ليلة، ثم رجع إليهم بعد أن قيل مات ،

      ووالله ليرجعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد حين ، كما رجع موسى ،

      فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم زعموا أنه قد مات .

      قال : وأقبل أبو بكر ، حتى نزل على باب المسجد ، حين بلغه الخبر وعمر يكلم

      الناس فلم يلتفت إلى شئ ، حتى دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت

      عائشة رضي الله عنها ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم مسجى في ناحية البيت ،

      عليه بردة حبرة ، فأقبل حتى كشف عن وجهه ، ثم أقبل عليه فقبله ، ثم قال :

      بأبي أنت وأمي ، أما الموتة التي كتبها الله عليك فقد ذقتها ، ثم لن تصيبك بعدها

      موتة أبدا ، ثم رد البرد على وجهه وخرج وعمر يكلم الناس فقال :

      على رسلك يا عمر ، أنصت ، فأبى إلا أن يتكلم ، فلما رآه أبو بكر لا ينصت أقبل

      على الناس ،فحمد الله تعالى ، وأثنى عليه ، ثم قال :

      أيها الناس ، إنه من كان يعبد محمدا ، فإن محمدا قد مات ، ومن كان يعبد الله تعالى ،

      فإن الله حي لا يموت ، ثم تلا هذه الآية :

      (( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم

      ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين ))

      قال : فو الله لكأن الناس لم يعلموا أن هذه الآية نزلت ، حتى تلاها أبو بكر يومئذ ،

      قال : وأخذها الناس عن أبي بكر ، فإنما هي في أفواههم .

      قال أبو هريرة : فقال عمر :

      فو الله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها ، فعثرت حتى وقعت على الأرض ، ما تحملني

      رجلاي ، وعرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات .

      ويوم الثلاثاء غسلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير أن يجردوه من ثيابه، وكان

      القائمون بالغسل ‏:

      ‏ العباس وعليا، والفضل وقثم ابني العباس، وشقران مولي رسول الله صلى الله عليه

      وسلم، وأسامة بن زيد، وأوس بن خولي، فكان العباس والفضل وقثم يقلبونه، وأسامة

      وشقران يصبان الماء، وعلى يغسله، وأوس أسنده إلى صدره‏.‏

      وقد غسل ثلاث غسلات بماء وسدر، وغسل من بئر يقال لها‏ الغرس لسعد بن خَيثمة بقباء

      وكان يشرب منها‏ ، ثم كفنوه في ثلاثة أثواب يمانية بيض ليس فيها قميص ولا عمامة‏ ،‏

      أدرجوه فيها إدراجا‏.‏

      واختلفوا في موضع دفنه، فقال أبو بكر‏:‏ إني سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم

      يقول ‏:‏ ‏(( ‏ما قبض نبي إلا دفن حيث يـقبض‏ ))

      فرفع أبو طلحة فراشه الذي توفي عليه ، فحفر تحته ، وجعل القبر لحدا ، ودخل الناس

      الحجرة أرسالا، عشرة فعشرة ، يصلون على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أفذاذا،

      لا يؤمهم أحد، وصلي عليه أولا أهل عشيرته، ثم المهاجرون، ثم الأنصار، ثم الصبيان،

      ثم النساء، أو النساء ثم الصبيان‏.‏

      ومضى في ذلك يوم الثلاثاء كاملا، ومعظم ليلة الأربعاء، قالت عائشة‏ رضي الله عنها :‏

      ما علمنا بدفن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم حتى سمعنا صوت المساحي من جوف

      الليل وفي رواية‏ :‏ من آخر الليل ليلة الأربعاء‏.‏

      كان النبي صلى الله عليه وسلم محلي بصفات الكمال المنقطعة النظير، أدبه ربه فأحسن

      تأديبه، حتى خاطبه مثنيا عليه فقال‏ :‏ ‏(( ‏وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ‏ )) ‏

      وكانت هذه الخلال مما قرب إليه النفوس ، وحببه إلى القلوب ، وصيره قائدا تهوي إليه

      الأفئدة، وألان من شكيمة قومه بعد الإباء، حتى دخلوا في دين الله أفواجا‏.‏

      اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت

      على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد

      وبارك على محمد وعل آل محمد كما باركت

      على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد



      تشرف باعداد وطرح السيرة العطرة اخوانكم

      الوله - هنوف

      الله تقبل منا هذا العمل واجعله في ميزان

      اعمالنا الصالحة جميعا




      ( منقول )

      ولم احذف أسماء معدين هذه السيرة العطرة

      حفاظا على حقوقهم


      ---------------
      : قآل الملك الضليل :
      أيا جارتا إن المزار قريب
      ... ... وإني مقيم ما أقام عسيب
      أيا جارتا إنا غريبان هاهنا
      ... ... وكل غريب للغريب نسيب

    7. #7
      فوضوي له مكانه الصورة الرمزية لمسة ناعمة
      تاريخ التسجيل
      Sep 2008
      الدولة
      Ĵĕḏḏầђ
      المشاركات
      3,576
      معدل تقييم المستوى
      72

      افتراضي

      جزآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآكـــــــــــــــــــــ الله كل خير على الطرح المفيد

      ننتظر جديدك المفيد

      لموسهــــ

    8. #8
      الصورة الرمزية Ḋ έ Ĺ ỉ ς ỉ ŏ ũ ṣ ●
      تاريخ التسجيل
      Sep 2009
      المشاركات
      36
      معدل تقييم المستوى
      0

      افتراضي

      موضوع رآئع ..
      آسجل آعجآبي ..
      لآتحرمنآ من جديدك ..
      ,

      ,



      :MsgPlus_Img0491: ● I ' M Ḋ έ Ĺ ỉ ς ỉ ŏ ũ ṣ

    9. #9
      فوضوي له مكانه الصورة الرمزية لحن الجروح
      تاريخ التسجيل
      Oct 2008
      المشاركات
      2,820
      معدل تقييم المستوى
      69

      افتراضي

      جزاك الله خيرآآآ
      [flash1=http://www.upgulf.com/SWF/RsQ57326.swf]WIDTH=550 HEIGHT=350[/flash1]



    10. #10
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      96

      افتراضي

      يعطيك العافيه
      ربي يسعدك ان شاء الله

      دمت بود


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. طرق صنع خاتم من الازرار
      بواسطة زمن النسيان في المنتدى عالم حواء
      مشاركات: 7
      آخر مشاركة: 15-12-2016, 09:31 PM
    2. كيفيه جعل خطيبك خاتم باصبعك
      بواسطة مشتاقه للجنه في المنتدى عالم الحياة الزوجية
      مشاركات: 2
      آخر مشاركة: 11-02-2015, 12:57 AM
    3. دعاء يجعل زوجك خاتم فى اصبعك
      بواسطة مشتاقه للجنه في المنتدى عالم الحياة الزوجية
      مشاركات: 2
      آخر مشاركة: 09-02-2015, 01:24 AM
    4. سر أسرار الأنبياء والمرسلين
      بواسطة مراقى في المنتدى من وحي الاسلام
      مشاركات: 14
      آخر مشاركة: 25-02-2014, 12:25 AM
    5. خاتم بالمدينة مع مسنة = 500 الف درهم
      بواسطة الشامخ في المنتدى منتدى المواضيع العامة
      مشاركات: 11
      آخر مشاركة: 06-04-2010, 10:16 AM

    المفضلات

    المفضلات

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    www.yanbualbahar.com