-
هو فخر الشباب وهو الفتى يحفظه الله فاقد النظراء
يا حكيما على الحداثة في السن تقدمت سنة الحكماء
لم نحدث فيما نحدث عن مبتكر ما ابتكرته في العطاء وحلى العقل فيك شتى وأحلا ها لدى الأزمة ابتدار الذكاء
تنظر النظرة البعيد مداها فترى ما بكن قلب الخفاء
تتقي الخطب في مظنته وهو جنين في مهجة الظلماء
هكذا هكذا الرجال أول العزم فعش سائدا ودم في صفاء
وابلغ الغاية التي تبتغيها من فخار حق ومن علياء
صانك الله والعروس مديدا في سرور ونعمة ورفاء
-
ليبسم في محياك الرجاء ويبرق في أسرتك الهناء
وطيبي بالشباب كما يرجي عفافك والطهارة والإباء
وقري أعينا ببنين غر وبعل من محامده الوفاء
وحلي الرأس مفخرة بتاج يضيء به جلالك والبهاء
ولا تنسي نظام الشعر فيه كأحسن ما تنظمه النساء
فما الإكليل للحسناء وقر ولا تصفيف وفرتها عناء
ولكن يصدع الرأس اشتغال بما تأبى الملاحة والفتاء
ويثقله اهتمام غير مجد بما في حكمه الدنيا سواء
علت شمس الضحى والروض زاه وفيه نضارة وسنى وماء
فهبي للصبوح وبادريه سلافته النزاهة والضياء
وشادي الصادحات فإن أسمى بيان للنفوس هو الغناء
وحاكي الزهر تسليما ولهوا فما للهم في حسن ثواء
-
جمع الصحاب على هوى وإخاء نجمان من صدنايا والشهباء
طلعا بأفق النيل وانجليا به في هالة من سؤدد وعلاء
فلك الكنانة وهو جوهرة العلى يجلو سناه كواكب الأحياء
تتلفت الدنيا إلى أضوائها مبهورة بسواطع الأضواء
فرنا إليها حبر رومة وانثنى يهدي إلى النجمين طيب ثناء
شغفته آيات المآثر منهما فجزى على الآلاء بالآلاء
ودعا إلى الرحمن في صلواته يا رب بارك دارة الكرماء
حفل جلاه الفرقدان كما جلا نجم المجوس مغارة العذراء
جئنا إليه وفي الوطاب نفائس علوية قصرت على الأمراء
المر فيها واللبان نثيرنا والتبر بعض خواطر الشعراء
الشعر سفر المكرمات يصونها حرصا وينقلها إلى الأبناء
لولاه لم تعرف على طول المدى غرر ولا رهنت بطول بقاء
غنت بلابله بأيكة ندوة متصدر فيها أبو الآباء
النور في قسماته والحق في كلماته والطهر في الحوباء
متهجد في قسماته والحق في كلماته والطهر في الحوباء
مستمطر للناس رحمة ربه متشفع لهم من الأخطاء
وإذا على العرش استوى فكأنه موسى الكليم على ذرى سيناء
بسط اليد البيضاء جملها التقى ليزين صدر ذوي يد بيضاء
نعماء جاد بها خليفة بطرس والله فيها الواهب النعماء
هذي الرصيعة بعض ما زخرت به كتب الملائك من سني جزاء
-
برزت في غلالة بيضاء ذات نسج مفوق بالضياء
حولها من لداتها أي سرب في نظام من آنسات الظباء
ترتقي عرش سعدها وإليه تتخطى معارج العلياء
يا فتاة تفردت بجمال الخلق والخلق واكتمال الذكاء
وكفاها من عزة أن نماها أنبل الأمهات والآباء
لك من صفوة الشباب خطيب نابه القدر ذو حجى وإباء
حظ هذا القران من نعم الله وحظ القران للأكفاء
فاشرباها صهباء من عهد قانا برئت من مكاره الصهباء
إن روحيكما تناشدتا في الغيب حتى اطمأنتا باللقاء
للمحبين غاية وابلغاها هي أسمى رغائب الأحياء
-
أجاب الشعر حين دعا الوفاء وكان إذا دعوت به إباء
فإن يعجز بياني حيث فني فليس بعاجز حيث الولاء
نجيب وهو ما هو في ودادي وإجلالي أيخطئه الثناء
أحق فتى بما تصف القوافي فتى فيه الشجاعة والحياء
لأحمد في المفاخر كل بكر من الخفرات نم بها الضياء
سري من سراة حب فيه ثراء الخلق يدعمه الثراء
أديب يبرز المعنى مصفى بلفظ لا يشاب له صفاء
خطيب تنهل الأسماع منه مناهل للنفوس بها شفاء
ولي مناصب لم تنس فيها مآثره الإدارة والقضاء
وزير لم ترنحه المعالي ولم يأخذه بالجاه إنتشاء
أدار وزارتيه فلم تفته مع الحزم العزيمة والمضاء
وأشهد مكبريه كيف تؤتى ثمارهما الحصافة والفتاء
إذا ما ازداد مجدا زاد لطفا وما في اللطف خب أو رياء
تواضع من علا في الناس أحجى ولله العظيم الكبرياء
متى تسل المعارف عنه ينبيء بما فعل الثقات الأوفياء
مدارس أصلحت من كل وجه فعاودها الترعرع والنماء
فنون ثقافة رعيت وصينت فزال الريب وانتعش الرجاء
برامج قومت من حيث آوت فآبت لا محال ولا التواء
متى تسل التجارة عنه تعلم هنالك ما تقاضاه الدهاء
وما سيكون منها حظ مصر وقبلا حظها منها هباء
متى تسل الصناعة تدر أني نصرف في معاضلها الذكاء
وهيأ في الحمى عيشا رغيدا لقوم كان حلفهم الشقاء
يعيد إلي هذا اليوم ذكرى لها في أحسن الذكر البقاء
ذخيرة مصر جامعة حقيق بها رفق الولاة والاعتناء
تجنى حادث جلل عليها وناب عن الولاء لها العداء
صروح لم تكد تعلو ذراها وجدر لم يجف لها طلاء
تغلغل في حناياها التنابي وخيم في زواياها العفاء
ويدعو العلم صونوها تصنكم فما أن يستجاب له دعاء
إلى أن عالج الفتح المرجى صبور لا يخيب له بلاء
إذا استعصى مرام لج فيه ولم يقعد بهمته العناء
فظل مكافحا حتى وقاها وشاء الله فيها ما يشاء
بنى استقلالها سورا منيعا ولاستقلال أمته البناء
ولم يكرثه ما لاقاه فيها كذاك يكون للوطن الفداء
فتى الفتيان إقداما وعلما وما هم في مجالهما سواء
إذا أكرمت والحفلات شتى فذلك شكر مصر ولا مراء
-
يا فتى الفتيان أحسنت البلاء في المباراة وحققت الرجاء
وأريت الغرب ما بالشرق من قدرة يبرزها حين يشاء
فخليق بك أن تجزى كما جزي الأبطال عند القدماء
مصر ما زالت على العهد حمى للحماة الصادقين الأوفياء
لشباب كلما ناداهم واجب لبوا من الفور النداء
لا يضنون بمجهوداتهم وقديما لم يضنوا بالدماء
ولهم في الذود عن أوطانهم وقفات الصابرين البسلاء
لم تفتهم والمنايا دونها نصرة الحق بعزم وإباء
أثبتوا أنهم إن دربوا صالح التدريب جد الأقوياء
في الرياضات لهم تبريزهم فإذا اعتزوا فليسوا أدعياء
لم تنل منهم منالا فرق غلبوا فيها قروم الغرباء
ولهم ما شهد الخلق به من ذكاء وثبات ومضاء
ليس بدعا منهم أن يحتفوا بالذي شرفهم خير احتفاء
لنصير شرف زاد اسمه بعزيز النصر نبلا وازدهاء
ومجالات العلى شتى ففي كلها مصر تحيي النبهاء
أيها الحامل أثقالا بها كل صنديد شديد الأيد ناء
ليت لي من فضل ما أوتيته همة تحمل أثقال البقاء
دام رب العرش في أعلى الذرى راسخ السدة خفاق اللواء
تفتدي الأنساء منه حسبا نيط من شعب بأسباب الولاء
-
حي الرفاق الأكرمين وقل لهم إنا لكم في عيدكم شركاء
ما بين مصر وبين لبنان مدى ناء وقد أدنى القلوب إخاء
إن الذي أجمعتم إكرامه لم تختلف في حبه الأهواء
في عيده الفضي رمز تنجلي ببياضه أخلاقه العزاء
خدم المواطن خدمة لم يأتها إلا الرعاة الجلسة العظماء
وبنى لأمته فخارا بعد أن كادت تلم بعرضها الأرزاء
مستنصرا إيمانه وثباته وخلوصه إن فاته النصراء
يرعى مدارسها ويكلأ نشأها والنشء للعهد الجديد بناء
ويعم كل مبرة بعناية منه فلم يخصص بها الفقراء
متعهدا أبدا رعيته فلا سأم يثبطه ولا أعياء
زهيت مواعظه بكل يتيمة في كل داجية لها لألاء
إن أكبر العلماء حكمته فقد فتنت بحسن بيانها الأدباء
تقوى وعقل راجح وطوية لا تلتوي وكياسة وذكاء
وعزيمة غلابة وفصاحة خلابة وكرامة وإباء
هذي مناقبه وحسبي ذكرها حتى يخيل أنه إطراء
إن لم يكن شكر العدول جزاءها فعلام في الدنيا يكون جزاء
-
يا فتاة يجلو النبوغ حلاها ولها من كرامة ما تشاء
أتريدين في كتابك شعرا هو سؤر بمهجتي أو ذماء
ذاك فضل يتيح لأسمى فخرا أحرزته من قبله أسماء
فاقبلي هذه القوافي أزجيها وفيها تحية وثناء
ليس بدعا وأنت ما أنت أن أطنب فيك الكتاب والشعراء
أدب رائع ونظم ونثر كل لفظ يشع منه ضياء
ولسان طلق ولحظ يرى الغيب وجفن يغض منه الحياء
كيف لا يستبيهم ذلك الوجه البديع الحلي وذاك الذكاء
ما معانيهم الحسان لدى أدنى معانيك أيها الحسناء
-
يا أخا النبل والنهى والمعالي زادك الله نعمة وعلاء
وأدام الأعياد في بيتك العامر بالبر والندى ما شاء
إن يوما فيه فتاتك أمست وهي البدر بهجة وبهاء
تمه تمها وغر لياليه سنوها تتابعت غراء
عدها أربع وعشر وعمر الحور هذا يخلدن فيه صفاء
لهو اليوم أوجب السعد فيه أن تعم المسرة الأصدقاء
فالتقى الأصفياء فيه وما مثلك ممن يستكثر الأصفياء
يشربون الصهباء فوارة ثوارة بوركت لهم صهباء
يأكلون النقول قضما وكدما وسليقا معللا وشواء
يغنمون الحديث أشهى من الشهد وأذكى من السلاف احتساء
يجدون الأزهار باهرة الأبصار نبتا وأوجها حسناء
شهدوا للذكاء والطهر عيدا رأوا النبل عفة وذكاء
نظروا في فريدة مجتلى علو إذا الروح في التراب تراءى
صدقت ما عنى اسمها وقليل في القوافي من صدق الأسماء
-
نظرة في العلاء يا حسن ما تكشف للعين نظرة في العلاء
هذه ليلة تمثل في حفل من الزهر حلوة الجوزاء
فهي تسري وقد تهاوت بأكاليل وجرت ذيلا من اللألاء
في محيط من السناء وحبيب خافق الجانبين بالأسناء
وعباب ما ماج إلا بإبراق أساريره من السراء
فلك لا يحد إلا إذا ما كان حد قصور طرف الرائي
ملأته كبرى الدراري والصغرى ازدهارا في العالم اللانهائي
فيك يا ليل كم ترى العين آيات جمال مجد ورواء
ذاك عرس وفي الحمى اليوم عرس يتراءى دانيها في النائي
توشك الزينة البديعة أن تخلط ما بين أرضنا والسماء
يا عروسا تسمو إلى عرشها في أي حسن يسبي وأي حياء
والوصيفات في اقتفاء خطاها نسق من نضارة وبهاء
ومجالي الأفراح لو صورتها لم تزدها قرائح الشعراء
طالعتنا الجوزاء في وجهك الساطع نورا وشمسك الوضاء
فابلغي ما رجوت في العيش من نعمة بال وبهجة وصفاء
قسم الله أن تزفي إلى زين الشباب الأعزة الأكفاء
-
كانوا ثمانية من الندماء متآلفين كأحسن الرفقاء
في مجلس حجب الشباب بأمرهم أبوابه إلا على السراء
متحدثين ولا يطيب لمثلهم إلا حديث الحسن والحسناء
حتى إذا اعتكر الظلام ومزقت أحشاؤه فدمين بالأضواء
وتثاقلت أشباحهم وتخففت أرواحهم من نشوة الصهباء
أصغوا لقول فتى جريء منهم غض الشبيبة جامح الأهواء
يا أيها الإخوان أسمع نسوة بجوارنا في حفلة وغناء
فهلم نحتل حيلة فيجئننا لا خير في أنس بغير نساء
قالوا فما هي قال أرقدموهما أني قضيت معاجلا بقضاء
فاذا انتحبتم جئنكم فبرزت في كفني وفزنا باجتماع صفاء
فنعاه ناع راعهن فجئن في هرج لتوديع الفقيد النائي
وبكينه حتى إذا أدركن ما كادوا لهن وثبن وثب ظباء
يضحكن أشباه الشموس تألقت عقب الحيا وضاءة اللألاء
وحفلن حول سريره ينهرنه لكن أحطن بصخرة صماء
فرفعن عنه غطاءه فوجدنه بالميت أشبه منه بالأحياء
عالجنه جهد العلاج ولم يكن شيء ليوقظه من الإغماء
حتى إذى دعي الطبيب فجاءهم راع القلوب بنفي كل رجاء
فتبدلت أفراحهم في لحظة بمناحة وسرورهم ببكاء
وأبائهم هذا المزاح من الردى في شر ما يبكي من الأرزاء
لو عاش صاحبهم لعاش رهينة من بعدها للهجعة السوداء
وكذا الحقيقة جدها ومزاحها سيان في الإشقاء والإفناء
-
اليوم يوم مصارع الشهداء هل في جوانبه رشاش دماء
لله غياب حضور في النهى ماتوا فباتوا أخلد الأحياء
أبطال تفدية لقوا جهد الأذى في الله وامتنعوا من الإيذاء
بعداء صيت ما توخوا شهرة لكن قضوا في ذلة وعناء
لبثوا على إيمانهم ويد الردى تهوي بتلك الأرؤس الشماء
سلمت مشيئتهم وما فيهم سوى متقطعي الأوصال والأعضاء
صبروا على جبروت عات قاهر ساء النهى والدين كل مساء
ما كان دقلتيان إلا طاغيا ملك الرقاب بغلظة وجفاء
لانت له الصم الصلاد ولم تلن شيئا قلوب الصفوة الفضلاء
حاشا الحقيقة كم مثال لا ترى إلا البقايا منه عين الرائي
ظلت حناياه وإن حطمت على ما كان فيها من تقي ورجاء
إن العقيدة نعمة علوية تصفو على النقمات والأرزاء
تجني فخارا من إهانات العدى وتصيب إعزازا من الإزراء
بكر بأوج الحسن غال مهرها لا تشترى بأياسر الأشياء
تزرى النفائس دونها ولربما بذل النفوس حماتها بسخاء
أليوم بدء العام عام النيل في إقباله المتجدد اللألاء
ما انفك في أقسامه وفصوله شرعا وفي الأوضاع والاسماء
قد أحكمت في كله أجزاؤه فبدا تمام الكل بالأجزاء
عجب لقوم لاتني آثارهم هي أعظم الآثار في الغبراء
قصت حواشيهم وقلص ظلهم إلا كفاح بقية لبقاء
وعفت معاهد بطشهم أو أوشكت وهوت صروح العزة القعساء
إلا نظاما صلوه لعامهم فلقد أقام كأصله المتنائي
كم دولة دالت بمصر وحكمه متوارث عن أقدم الآباء
وإذا بنى الأقوام فكرا صالحا فالفكر يثبت بعد كل بناء
أمهيئي هذا المقام ومبدعي هذا النظام لحكمة غراء
إن أرج فالإقبال ما أرجو لكم وإذا دعوت فبالرقي دعائي
-
نثني عليك وهل يكافيء بعض منتك الثناء
أعيت فلسطين الجراح ومن يديك أتى الدواء
هلا اقتدى بكما السراة القادرون الأثرياء
أنت الزعيمة والرجال شهود فضلك والنساء
-
عجبا أتوحشني وأنت إزائي وضياء وجهك ماليء سودائي
لكنه حق وإن أبت المنى أنا تفرقنا لغير لقاء
جرحوا صميم القلب حين تحملوا الله في جرح بغير شفاء
ألطيب المحمود من عمري مضى والمفتدى بالروح من خلصائي
لا بل هما مني جناحا طائر رميا ولم يك نافعي إخطائي
ألصاحبان الأكرمان توليا فعلام بعد الصاحبين ثوائي
لم يتركا برداهما غير الشجى لأخيهما ما دام في الأحياء
وحيالي الخلطاء إلا أنني متغرب بالعهد في خلطائي
أيراد لي من فضل ما مجدا به إرث إذن جهل الزمان وفائي
إن نحي بالذكرى فلا تبديل في صفة ولا تغيير في الأسماء
يا صاحبي غدوت منذ نأيتما أجد الحياة ثقيلة الأعباء
لا ليل عافية هجعت به ولا يوم نشطت به من الإعياء
أنا واحد في الجازعين عليكما وكأنما ذاك البلاء بلائي
فإذا بدا لكما قصوري فاعذرا أو شفعا لي مسلفات ولائي
مهلا أمير الشعر غير مدافع ومعز دولته بغير مراء
كم أمة كانت على قدر الهوى ترجوك ما شاءت لطول بقاء
متمكنا من نفسها إيمانها إن لم تكن ممن حيوا لفناء
فإذا المنايا لم تزل حرب المنى وإذا الرزيئة فوق كل عزاء
في مصر بل في الشرق منها لوعة سدت على السلوان كل فضاء
أترى مويجات الأثير كأنها حسرى بما تزجي من الأنباء
بعث الشرار بها ثقالا لو بدا ما حملت لبدت نطاف دماء
جزع الكنانة كاد لا يعدو وأسى أم القرى ومناحة الفيحاء
وبحضرموت على تنائي دارها شكوى كشكوى تونس الخضراء
بالأمس كان هواك يجمع شملها في فرقة النزعات والأهواء
واليوم فت رداك في أعضادها ما أجلب البأساء للبأساء
أفدح بما يلقاه آلك إن يكن جزع الأباعد جل عن تأساء
حرموا أبا برا نموا وترعرعوا من جاهه في أسمح الأفياء
وكفقدهم فقد الغرانيق العلى علم الهدى للفتية النجباء
وكرزئهم رزئ الرجال مرجبا عف اللسان مهذب الإيماء
يتناولون من الصحائف وحيه فتكون كل صحيفة كلواء
ما عشت فيهم ظلت بلبل أيكهم في الأمن والرئبان في اللاواء
لك جوك الرحب الذي تخلو به متفردا والناس في أجواء
عذلوك في ذاك التعزل ضلة إن التعزل شيمة النزهاء
ما كان شغلك لو دروا إلا بهم لكن كرهت مشاغل السفهاء
ولعل أعطفهم عليهم من دنا بالنفع منهم وهو عنهم ناء
أحللت نفسك عند نفسك ذروة تأبى عليها الخسف كل إباء
فرعيت نعمتك التي أثلتها ورعيت فيها جانب الفقراء
تقني حيائك عالما عن خبرة إن الخصاصة آفة الأدباء
وترى الزكان لذي الثراء مبرة منه به ووسيلة لزكاء
كم من يد أسديتها وكسوتها متأنقا لطف اليد البيضاء
عصر تقضى كنت ملء عيونه في أربعين بما أفدت ملاء
يجلو نبوغك كل يوم آية عذراء من آياته الغراء
كالشمس ما آبت أتت بمجدد متنوع من زينة وضياء
هبة بها ضن الزمان فلم تتح إلا لأفذاذ من النبغاء
يأتون في الفترات بوعد بينها لتهيؤ الأسباب في الأثناء
كالأنبياء ومن تأثر إثرهم من علية العلماء والحكماء
رفعتك بالذكرى إلى أعلى الذرى في الخلد بين أولئك العظماء
من مسعدي في وصفها أو مصعدي درجات تلك العزة القعساء
ومطوع لي من بياني ما عصى فأقول فيك كما تحب رثائي
لي فيك من غرر المديح شوارد أدت حقوق علاك كل أداء
ووفت قوافيها بما أملى على قلمي خلوص تجلتي وإخائي
ماذا دهاني اليوم حتى لا أرى إلا مكان تفجعي وبكائي
شوقي لا تبعد وإن تك نية ستطول وحشتها على الرقباء
تالله شمس لن تغيب وإنها لتنير في الإصباح والإمساء
هي في الخواطر والسرائر تنجلي أبدا وتغمرهن بالألاء
والذخر أبقى الذخر ما خلفته من فاخر الآثار للأبناء
هو حاجة الأوطان ما دالت بها دول من السراء والضراء
سيعاد ثم يعاد ما طال المدى ويظل خير مآثر الآباء
يكفي بيانك أن بلغت موفقا فيه أعز مبالغ القدماء
بوأت مصر به مكانا نافست فيه مكان دمشق والزوراء
ورددت موقفها الاخير مقدما في المجد بين مواقف النظراء
لك في قريضك خطة آثرتها عزت على الفصحاء والبلغاء
من أي بحر دره متصيد وسناه من تنزيل أي سماء
ظهرت شمائل مصر فيه بما بها من رقة ونعومة ونقاء
ترخيمها في لحنه متسامع ونعيمها في وشيه متراء
شعر سرى مسرى النسيم بلطفه وصفا بروعته صفاء الماء
ترد العيون عيونه مشتفة ويصيب فيه السمع ري ظماء
ويكاد يلمس فيه مشهود الرؤى ويحس همس الظن في الحوباء
في الجو يؤنس من يحلق طائرا والدو يؤنس راكب الوجناء
عجبا لما صرفت فيه فنونه من فطنة خلابة وذكاء
فلكل لفظ رونق متجدد ولكل قافية جديد رواء
يجلى الجمال به كأبدع ما انجلت صور حسان في حسان مرائي
ولربما راع الحقيقة رسمها فيه فما اعتصمت من الخيلاء
حياك ربك في الذين سموا إلى أمل فأبلوا فيه خير بلاء
من ملهم أدى أمانة وحيه بعزيمة غلابة ومضاء
متجشم بالصبر دون أدائها ما سيم من عنت وفرط عناء
للعبقرية قوة علوية في نجوة من نفسه عصماء
كم أخرجت لأولى البصائر حكمة مما ألم به من الأرزاء
حتى إذا اشتعل المشيب برأسه ما زاد جذوتها سوى إذكاء
فالداء ينحل جسمه ونشاطها بسطوعه يخفي نشاط الداء
جسم يقوضه السقام وهمسها متعلق بالخلق والإنشاء
عجبا لعاميه اللذين قضاهما في الكد قبل الضجعة النكراء
عاما نزاع لم تهادن فيهما نذر الردى وشواغل البرحاء
حفلا بما لم يتسع عمر له من باهر الإبداع والإبداء
فتح يلي فتحا وصرح باذخ في إثره صرح وطيد بناء
هذا إلى فطن يقصر دونها مجهود طائفة من الفطناء
من تحفة منظومة لفكاهة أو طرفة منظومة لغناء
أو سيرة سيقت مساق رواية لمواقف التمثيل والإلقاء
تجري وقائعها فتجلو للنهى منها مغازي كن طي خفاء
فإذا الحياة عهيدها وعتيدها مزج كمزج الماء والصهباء
تطفو حقائقها على أوهامها وتسوغ خالصة من الأقذاء
يا من صحبت العمر أشهد مانحا في الشعر من متباين الأنحاء
إني ليحضرني بجملة حاله ماضيك فيه كانه تلقائي
من بدئه وحجاك يفتح فتحه للحقبة الادبية الزهراء
حتى الختام ومن مفاخر مجدد ما لم يتح لسواك في الشعراء
فأرى مثالا رائعا في صورة للنيل تملأ منه عين الرائي
ألنيل يجري في عقيق دافق من حيث ينبع في الربى الشماء
يسقي سهول الريف بعد حزونه ويديل عمرانا من الإقواء
ما يعترضه من الحواجز يعده ويعد إلى الإرواء والإحياء
حتى إذا رد الفيافي جنة فيما علا ودنا من الأرجاء
أوفى على السد الأخير ودونه قرب المصير إلى محيط عفاء
فطغى وشارف من خلاف زاخرا كالبحر ذي الإزباد والإرغاء
ثم ارتمى بفيوضه من حالق في المهبط الصادي من الجرعاء
فتحدرت وكأن منهمراتها خصل من الأنوار والأنداء
مسموعة الإيقاع في أقصى مدى جذلى بما تهدي من الآلاء
إن أخطأت قطرا مواقع غيثها أحظته باللمحات والأصداء
لله در قريحة كانت لها هذي النهاية من سنى وسناء
رفعتك من علياء فانية إلى ما ليس بالفاني من العلياء
-
آنسات الشواطئ يا لها من خواطئ
قد أصابت قلوبنا بالسهام الخواطئ