أريد أن أتحدث عن أمر مهم أصبح يلاحظ في حياتنا اليومية ومجالسنا ووسائل الأعلام والمنتديات وغيرها من منابر الفكر والحوار والنقاش وهو ( غياب احترام الرأي الآخر )
يسأل الكثير من الناس عن معنى المثقف الحقيقي فيعضهم يرى الثقافة في جمع المعلومات والدراية بالعديد من العلوم المتنوعة وبعضهم يرى الثقافة تتمثل في القدرة على الإقناع والحديث بطلاقة تنال من خلالها على إعجاب الجميع .
ولكن تبقى لدينا مشكلة كبيرة ومعضلة مستفحلة تتمثل في ( التعصب بالرأي وعدم احترام الرأي الآخر ) وهذا ما نلاحظه وبكل أسف من خلال تلك الندوات واللقاءات وطرق الحوار حتى على المستوى الشخصي ، فأصبح من النادر أن تجد شخصا يحاور بهدوء ويسمع للطرف الآخر ووجهة نظره ويحترم رأيه ويقتنع به .
بل العكس نجد تعصبا للرأي وتمسكا بالخطأ والإصرار عليه وكأننا تأخذنا العزة بالإثم حتى أصبحنا نرى التراجع عن الرأي كهزيمة نفسية لا نرضى بها .
وكأننا نطبق تلك المشهورة ( إذا لم تكن معي فأنت ضدي )
بل قد نكيل التهم جزافا ونتطاول قدحا وهمزا وشتما فيمن يخالف آرائنا كي نظهر
تفاهة عقله وقلة مداركه وكأنه شخص متخلف ونحن أذكى الناس وأدراهم بكل شيء
مثل هذه المعضلات الفكرية هي من تسببت في غياب الوعي الثقافي لدينا وعطلت علينا مصالح كثيرة وفوتت علينا فرصا عديدة .
فهل نحلم ذات يوم أن نرى ذلك الحوار والنقاش الهادئ والعقلاني ونحترم الرأي الآخر ونقتنع به عند صوابه أم سنبقى مصرين على آرائنا حتى وإن كانت على خطأ فنستمر في غينا وضلالنا حتى نصبح في غياهب المتاهات ومن تخلف لتخلف .
أكاد أجزم إن أشقى الناس وأكثرهم تخلفا هو من يرى نفسه أذكى الناس وأعقلهم وافهمهم في كل شيء فلا يسمع لأحد ولا يقبل من احد ولا يحترم رأي أحد فهذا وأمثاله لا ينفع الحوار معه ولا يجدي النقاش والنصح له فهو كمن يجادل عدوا وعدوانا وينكر جحودا وعصيانا فتغيير فكره كمن يريد النحت على الصخر أو الكتابة على الماء أو الرسم في الهواء فكل ما يعمل معه خواء فهو ينظر للأمور وكأنها جدال وليست نقاش وحوار وعندها تغيب عنه أصول المفاهيم .
تحياتي وتقديري
