" العنوان لفت انتباهكم ، رجل يعض كلبا" ، ولكن دعوني أسألكم سؤالا" ، لو قلت لكم كلب عض رجلا" هل كنتم ستدخلون ؟ طبعاً لا فالأمر عندها سيكون عادياً جدا و ( قصة بتصير) يعني كلب عض رجلا" وين المشكلة ؟ بينما استغربتم عندما سمعتم أن رجلا عض كلبا"
لماذا يحب أغلب الناس العناوين الغريبة و المثيرة والقصص غير المنطقية؟؟؟
، ولماذا يتبع الكثيرون سياسة خالف تعرف أو سياسة الإثارة الظاهرية
هناك وجهان لتلك العادة فينا : وجه إيجابي ووجه سلبي
الوجه الإيجابي له عدة تصورات : فأن يخترع إنسان شيئاً جديداً أو أن تكون له بصمة خاصة ووقع غريب يلفت الانتباه إليه فهذا أمر جيد لا بأس به
كما أن البشر بطبعهم ينتبهون للخطأ وللشذوذ فالإنسان جبل على المنطق والحق وإذا سمع شيئاً مخالفاً لفطرته ولتصوراته تراه يتدخل فوراً و يلتفت بلا شعور لذلك الأمر الغريب والغير مألوف وهذا شعور إيجابي
الإثارة أسلوب مهم من أساليب الطرح و اختيار عنوان جاذب فكرة ممتازة لكن عندما يكون المضمون رقيقاً و سطحيا و عاديا فهذا نوع من أنواع اللعب بالعقول
و أشبه هذا الأمر ببائع الفواكه الذي يضع البضاعة الجيدة في السطح بينما كل البضاعة رديئة في الداخل
جميل أن يكون العنوان مثيرا و المضمون كذلك و عندها ستكون فكرة اختيار عنوان مثير فكرة إيجابية و ذكية
أما الوجه السلبي في الموضوع فله أيضاً عدة تصورات :
أولها أننا دائماً نتطلع إلى عيوب الآخرين وإلى الأخطاء و الأمور الغريبة وبفضول مخيف وغير مبرر
ننتظر هفواتهم و نتصيد أخطاءهم كي نجد أحاديث مثيرة نتكلم لها كما يحصل في مجالس الغيبة و النميمة حيث يكون الحديث مركزا حول تصرف معيب أو غريب قام به أحد معرف المتواجدين في المجلس
مع أن الأصل في ديننا أن ستر عيوب الناس و كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من ستر مسلما ستره الله يوم القيامة
كما أننا أحياناً نلجأ للخروج عن المألوف وعن العادات والقيم كي نظهر أنفسنا فقط لا غير
كأن يقوم مطرب مثلاً بتصوير فيديو كليب خلاعي كي يلفت الانتباه إليه لأنه خرج عن المألوف ، وهذا ما نراه منتشراً هذه الأيام مع الأسف وهو أن نخرج عن المألوف بصورة سلبية وغير نافعة ، وليس باختراع مفيد أو فكرة مفيدة وهنا تكمن المأساة
أن تروج لبضاعة فاسدة بطريقة ملفتة و مثيرة و هذه سياسة الكثير من المحطات الفضائية المختلفة
ترى إعلان الفيلم مثلاً أقوى من الفيلم ذاته حيث يختارون مقاطع سريعة مثيرة تجعلك تظن بأن الفيلم تحفة و عندما تشاهد الفيلم تراه أضعف و أسخف بكثير مما صوره لك الإعلان عنه
كما تتبع المحطات الإخبارية نفس السياسة حيث يضعون لك عناوين مثيرة و رهيبة لأحداث أقل خطورة بكثير مما يصورونه و يدعونه
يقولون لك مظاهرة حاشدة في مكان ما و على أرض الواقع هم بضعة أشخاص لا يتعدى عددهم العشرين
و من أخطر سلبيات هذه الظاهرة انتشار كلمة " عادي " بمعنى أن تصير كل الأمور عادية إلا تلك المثيرة
يعني صار مثلا موت الفلسطينيين خبرا عاديا و لا يهتم له الناس نظرا لاهتمامهم بالأمور المثيرة و الساخنة على حساب الأساسيات و الثوابت
صار خبرٌ عن سرقة أو نصب أو جريمة أخلاقية أمرا عاديا و مألوفا لأن التركيز كله عن الجرائم الغريبة و المثيرة فقط لا غير
أما لو فكرنا في الموضوع من ناحية المنتديات فأنا أرى الأمر من ناحيتين ،
الناحية الإيجابية أن تكون لك مواضيعك المميزة وعناوينك الملفتة للانتباه بحيث تجذب الجميع لمتابعة مواضيعك وكتابة ردود عليها ، بشرط أن يكون المحتوى ملفتا أو معقولا على الأقل و ليس عنوانا مثيرا فقط لمضمون سخيف و أقل من عادي
و مسألة اختيار العناوين مهم جدا خاصة للأدباء و كتاب الشعر و الخواطر لأن العنوان في الأدب يحمل ملخصا شاملا عن المضمون و يجب أن يكون مثيرا و مختلفا كي يجذب القراء و يدخل قلوبهم و يجعلهم يفهمون الخاطرة أو القصيدة أكثر
أما الوجه السلبي فهو أن تكون عناوينك رنانة وملفتة للانتباه بينما موضوعك تافه وعديم القيمة وهذا ما نراه كثيراً أليس كذلك ؟
وعلى كل حال هذا الأمر موجود عند الكل لكن طريقة التعامل معه تختلف حسب الأشخاص ولا أظن أنه عيب فينا لكنه مجرد عادة قد تكون سيئة وقد تكون حسنة وآسف على الفلسفة الزائدة فهي مجرد فكرة خطرت ببالي وأردت نقلها لكم
ما رأيكم باستخدام العناوين المثيرة في المواضيع ؟
