السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جلس يوسف على شاطئ النهر ويضرب مياهه بالحصى تارة وتارة اخرى ينظر الى البحر بعمق وتارة ينظر الى السماء حيث صفاءها وكان الجو ربيعا وبعد صلاة العصر ...فكر مليا بكل شئ حيث ولادته وموت والده حيث ولد يتيما وجلس يفكر بمرض امه الوحيده بحياته التي تمثل له كل شئ فهي بمثابة عالمه ،حاضره وماضيه وأمله بالحياه ان تشفى من مرضها ويرجع دفئها لبيته المتواضع وتدب به الحياه من جديد ،حيث أن مرضها جعل منه كبيتا مهجورا ..فهو يذهب في الصباح الباكر الى عمله ويرجع أخر اليوم ويقوم بخدمة امه وتوفير لها ماتحتاجه .
حاله كحال اي شاب بعمره حيث كان عمره 28 ربيعا ، ولكن منذ مرض امه أصبح مهموما حزينا ...!
وكلما قرب النهار على انتهاءه وحل السكون على المكان اذ به يشعر ببرد يتسلل الى جسمه ، فقرر ان يذهب الى البيت وبالفعل قام وذهب الى البيت ولما وصل وجد البيت مليئ بالجيران وقالبهم أحدهم وأخبره ان والدته قد ماتت ،فأسرع الى البيت واذا بأمه قد فارقت الحياه نفكان ناتج الصدمه أن فقد الوعي و لما افاق وجد نفسه بالمشفى ومعه احد اصدقاءه الذي طلب منه ان يكون قويا حتى يودع امه ويذهب بها الى المقبره وقد كان ماطلب منه صاحبه .
ومع أول ليله لامه بالقبر اذ به هو ايضا وحيدا بالبيت وجلس يفكر ويتذكر تلك الذكريات التي كانت تربطه بامه ، ومرت الاحداث امام عينه وكانها شريط سينمائي ولايملك الا ان تتهمر الدموع من عيونه
وساءت حالته فأخذه صديقه الذي كان يعاوده من وقت للآخر الى المشفى وتم حجزه بها لسوء حالته وكانت حالته تزداد سوء يوما بعد يوم ،فنصحه كل من يتعامل معه من صديق وطبيب المشفى بان لابد من ان يغير من حياته ولا يرجع الى البيت الذي كله ذكريات أليمه تذكره بأمه . وجلس بالمشفى بعض الوقت حتى وجده نفسه قد تحسن نوعا ما فخرج من المشفى وذهب لتحضير اوراقه للسفر نوسافر الى هولندا عند صديقه أحمد واستقبله احمد وأخذه للعمل الذي يعمل به وكلم صاحب العمل كي يققبل به في العمل حيث ان احمد كان له مكانة عند صاحب العمل لان له فترة كبيره يعمل معه ،واستمر يوسف بالعمل واشغله العمل والجو الجديد عن التفكير باي شئ وكان يتعمد ان يشغل نفسه الا بفتاة كانت اسمها ساره وهي ألمانيه من جزور عربيه وتعمل بهولندا وكانت ساره تساعد يوسف بالعمل في الامور الفنيه الخاصه بالعمل ومع مرور الايام اهتم يوسف بساره ولكن كلما ارد ان يقترب منها لاحظ انها تبعد رغم لطفها معه وقربها منه ..ومع مرور الوقت بدأ يوسف يشعر بمشاعر غريبه تجاه ساره ..مشاعر اول مره يحسها ولكنه لايستطيع ان يترجم هذه المشاعر لساره لانه كلما ودعها وذهب الى البيت يجلس يفكر فيها ويحضر لها كلمات مهمه لابد وان يقولها ،ولكن لمجرد ان تقع عينه عليها ويقترب منها تهرب منه الكلمات ويعجز عن قول اي شئ فتبتسم ساره وتكلمه هي وتخفف عنه خجله وتجفف له عرقه باعطاءه منديل أ تتركه في غرقه حتى يهدأ ويرجع لحالته الطبيعيه ولانها جريئه فكانت فاهمه مايدور بداخله ومايحمله قلبه نحوها ،وكان يوسف بحيرة كبيره من امره لانه يريد ان يبلغ سارة بحبه الشديد لها الا ان خجله كان عائقا كبيرا ، فقرر ان يبلغ صديقه بمشاعره ليقوم هو بدوره ويبلغ ساره بمشاعر صديقه يوسف نحوها ،وبالفعل بلغ احمد الي كان منخرطا بالمجتمع الهولندي ومتعود على اسلوبهم وعاداتهم وتقاليدهم فبسرعة البرق ذهب وتكلم معها وترك احمد بهمه الكبير خوفا من ان ترفضه ساره ، ومر وقت قصير حتى رجع احمد ومعه ساره ولما رأهم يوسف حاول الهروب الا ان احمد ناداه وقال له ساره تريد ان تتحدث معك ،وتركهم وذهب الى عمله ، وبدأت ساره بالكلام مثل كل مره وقالت له انها تبادله نفس المشاعر وانها تعلم بانه يحبها ولكنها تعلم بدداخلها ان هذا الحب لايدون ولايكون له ان يدوم وهذا بقرارة نفسها لذلك كانت تتجاهل ذلك الا ان حجكم الزماله في العمل ولان يوسف طيب ماحبت ان تخيب اماله وتطلعه على مافي قلبها ..فقال لها احمد اريد ان اتزوجك ونعيش معا سواء هنا بهولندا او نسافر عند اهلك بالمانيا ،فقالت له لاينفع هذا ولا ذاك ومستحيل ان اتزوجك وبكت وتركته وذهبت هي ايضا الى عملها وتركت يوسف في حيرة كبيره وكان الفرح لايريد ان يدق عليه بابه فقرر ان يترك العمل ذهب الى البيت ،وجلس يبحث عنه صديقه احمد هو وسارة التي عرفت منه ان يوسف اختفى ،فعلمته بما دار بينهم ..وكان اليوم قد اوشك على الانتهاء فجلس احمد وساره الوقت المتبقي وذهبا الى سكن احمد ووجدو يوسف جالس بالسكن وبحالة لايرثى لها حزينا مهموما يريد ان يبكي ولكن الدموع تحجرت ولاتريد ان تنزل ،فلما دخلا عليه اراد ان يتركهم ويخرج الا ان احمد مسك بيده وقال لقد اخبرتني ساره عن كل شئ والان اريد ان نضع النقاط عالحروف ونعرف سبب رفض ساره حتى تتضح الامور .
وبالفعل سأل احمد ساره عن سبب رفضها من زواج يوسف مع انها تباددله نفس المشاعر ، فبكت ساره بكاءا شديدا وبكا يوسف على بكاءها وخرج احمد وقام بعمل ليمون حتى يخفف عنهم وتستطيع ساره ان تكف عن البكاء وتحكي قصتها ليوسف وبالفعل بعد ان شربت ساره الليمون استطاعت ان تتكلم وترجع لحالتها وتكف عن بكاءها واخبرت يوسف بقصتها وان حالتها لاتسمح لها بالزواج طول حياتها لان قلبها ضعيف جداا وبه ثقب وممنوعه من الانفعالات العاطفيه لان ذلك بيعرض حياتها للخطر الشديد وايضا ممنوع ان تتزوج ولو حصل سوف تموت مع يومها الاول للزواج وهذا كلام الاطباء الذين تعالجت على يديهم واوصوا جميعا بذلك ..ومن جديد بكت ساره على بكاء يوسف وبكا احمد لبكاءهم ورجعت ساره لسكنها ودخل كل من يوسف واحمد لغرفهم وحل عليهم تعب شديد ونامو نوما عميقا ومع منتصف الليل فاق يوسف من النوم ودخل الى المطبخ ليحضر فنجانا من القهوه واذ بأحمد يناديه بان يقوم بعمل فنجانا اخر له ..وجلسا يتبادلان الحديث في قصة ساره وماهو الحل وكيف يخرج يوسف من هذا المازق حتى يتزوج من ساره التي اصبحت حياته وبدونها لايريد ان يعيش ولكن نصحه يوسف بان يرضى بالامر الواقع ويحاول ان يغير العمل حتى ينسى ساره وينسى همومها وذكره بانه جاء من بلده هربا من عذاب التفكير والهموم التي حلت عليه مع موت امه ،فانهار يوسف وصرخ باعلى صوته لن اتزوج الا ساره وبكى ...فقام احمد بتهدات يوسف وطلب منه ان يكف عن البكاء ويخبره بما خطط له ،فقال له يوسف المشكله تكمن بقلب ساره فلو عالجنا قلب ساره ،فأخبره احمد بما ذكرته ساره بان الاطباء أخبروا والد ساره ان الحل الوحيد بعالجها هو تبديل قلبها ولكن هذا يتطلب وقتها ومالا كثيرا ..ففرح يوسف عند سماع ذلك واستبشر خيرا ،فاستغرب احمد من ذلك وقال له كانك لم تسمع هذا الكلام من قبل ،لقد ذكرته سارة لنا ،فتجاهل يوسف كلام احمد وقال له لقد قررت ان اعالج ساره ولو كلفني ذلك حياتي وان لم استطيع ان اجد المبلغ المطلوب لشراء قلب ولايفيد ان اعطيها قلبي لانه وقتها بموت فسوف اتبرع بكليتي وبثمنها نشتري القلب ونتزوج واكون بكليه واحده ليس مهما كله يهون لاجل ساره ..فحاول احمد ان يرده عن قراره الا ان يوسف صمم على قراره فقال له احمد سوف اخبر ساره بذلك غدا ..وباليوم التالي ذهبا احمد ويوسف الى العمل فلم يجدا ساره وقاما بالبحث عنها حتى اخبرتهم صديقتها بانها اخذت اجازه وسافرت الى اهلها بالمانيا ،فسالها ييوسف كم يوم فأخبرته اسبوع ..وكان ذلك بمثابة صدمه ليوسف لانه لايدري بالسبب المفاجئ الذي جعل ساره تسافر في هذا التوقيت ودون ان تودعه وخوفه الشديد من ان لاترجع ساره مرة اخرى ،ومع الحاحه في سؤال صديقتها عن سبب ذلك أخبرته بأن ساره ذهبت لكي تخبر والدها بانها تريد ان تاخذ الاوراق الخاصه بالفحوصات والتقراير الخاصه بحالتها لتعرضها من جديد بهولندا ،ففرح يوسف بذلك وقرر ان يهتم بعمله ويجتهد وان يجمع المال حتى يساهم به لعلاج ساره ..ومر اسبوع ورجعت ساره ومعها والدها وتعرف على احمد ويوسف واخبرته ساره بكل شئ ورحب بالفكره شرط ان تتعالج ساره وان ذلك يتطلب روح معنويه عاليه لساره وان ذلك يساعد على شفاءها وذهب الجميع باليوم التالي وبعد معاناة بالاجراءات وعمل فحوصات وكشوفات وافقت ادارة المشفى المتخصصه بعمليات نقل القلب ان تقبل اوراق ساره ولكنه عليها ان تنتظر دورها وان ذلك لايحدد بوقت فممكن يستغرق شهرا وممكن عاما لان الموضوع مرتبط بالقلوب التي تأتي من الحوادث وكبار العمر الذين يعانون م كل شئ سوى القلب فينتظرون موتهم ويأخذون قلوبهم وبموافقه من المريض قبل مرضه وكانت ساره رقم عشرون
واستبشر الجميع خيرا ورجع والد ساره الى المانيا على وعد بان يرجع وقت العمليه ،ورجعت ساره الى عملها وكذلك يوسف واحمد وكانت ساره تقوم ببعض الاختبارات كل فتره حتى تكون المشفى على علم بحالتها حتى تكون جاهزه للعمليه باي وقت ولاتكون هناك مفاجئات اثناء العمليه وبيوم اتصلت بها المشفى واخبروها بان هناك رجلا يريد مقابلتها ،وذهبت ساره بسرعة البرق الى المشفىوقابلت الرجل الذي كان كبيرا بالعمر لايتحرك فيه الا لسانه ونبض قلبه ومستلقى على سريره فسلمت عليه وهمست له انا ساره ،لقد طلبتني وها انا بين يديك ،فقال لها هل تعرفيني قالت له لا ولكن يشرفني ان اعرفك ،فقال لها انا صاحب القلب الذي سيكون بداخلك بعض ايام ، فصدمت ساره وعجزت عن قول اي شئ وتساقططت دموعها على خد الرجل ، فقال لها اعطيني يدك فمسكت يده التي بها ابر الاجهزه وغيرها من الكلوكوز والمحاليل ..ومسك يدها بطرف اصابعه وهمس اليها وقال لها هل انتي خائفه من قلبي ،انه قلب طيب حنون ومن اجله دعوتك ..فزادت ساره بالبكاء وانهارت وجاءت الممرضه بسرعة البرق وقامت على تهداتها واخبرتها ان الذي تفعله ممنوع هنا وهنا لابد من الهدوء فتماسكت ساره نفسها وجلست من جديد بجوار الركل وقالت له بما توصيني قال لها لا اخبرك قبل ان تخبريني عن سبب بكاءك ،فقالت له ساره لقد بكيت لانني لا اريد ان اعيش وانت تموت ولا اريدك تموت من اجل ان احيا فلتعيش انت واظل انا بقلبي المريض ززفتبسم الرجل وقال لها ليس كلامي بل هو كلام الاطباء بانني سوف اموت قريبا بعد بضعة ايام وكانت وصيتي ان اقابلك ..فقالت له ساره ها انا بين يديك بما توصي فقال لها ان هذا القلب قلب طيب لم يزعل من احد ولم يكره احد فاريدك ان تجعليه نظيفا هكذا وان تحافظي عليه ،فبكت ساره من جديد وحاولت ان تتمالك ودموعها على خدها وهمت بالانسحاب من هذه الجلسه الا ان الرجل مسك بيدها وقال لها لم توعديني فقالت له اوعدك وهرولت الى خارج الغرفه وهي تبكي وشبه منهاره ..ومرت ايام قلائل واتصلت بها المشفى بان تاتي الى المشفى بان الرجل صاحب القلب قد مات وان عمليتها بعد 48 ساعه واتصلت ساره بوالدها الذي حضر على الفور وذهب الجميع الى المشفى ساره ووالدها واحمد ويوسف وصديقة ساره ماريا ،وجلست ساره يوما قبل العمليه للتحضير وتجهيزها للعمليه وقد اخبرت ادارة المشفى بان الزيارة مسموحه هذا اليوم فقط ولن يستطيع احد ان يقابل ساره الا بعد العمليه بوقت يتراوح من اسبوعين الى شهر حسب حالة المريض ،وباليوم الثاني دخلت ساره العمليات واستغرقت وقتا طويلا وخرجت وبعد مرور الوقت بالعنايه سمحت الادارة للاهل برؤيتها م بعيد واستمر الوضع هكذا اسبوعين حتى بدا يدخل لها شخص بعد شخص ولمدة دقائق وكانت حالتها تتحسن يوما بعض يوم وبدات تستطيع التحدث من خلال الهاتف ولاحظ الوالد بان ساره تتحسن حالتها عند رؤيه يوسف فكان يكرر زيارت يوسف لساره على حساب زيارة الاخرين وبدات البسمه ترسم على شفاه الجميع خاصة يوسف وساره وبدا الامل يتحقق رويدا رويدا فقد بدلت ساره قلبها وبنفس الوقت اهل ساره موافقين على زواجه من ساره وكل الامور كانت في الحه هو وساره وكان الجميع من حولهم فرحين لفرحهم واستمر الوضع على ذلك وكان يوسف يتصل بساره طول الوقت ويطمأن عليها ويتجاذبا اطراف الحديث بكل امورهم ومستقبلهم ويخططون له ،وسافر والد ساره الى المانيا حيث التزامه ببعض الامور وسوف يرجع لهولندا بعد اسبوع ،وقبل ان يرجع والد ساره وفي اسااعه العاشره صباحا اذ بهاتف يوسف يدق وهو بعمله ،وبسرعه رد يوسف على الهاتف واذا بصديقة ساره منهاره وتصيح باعلى صوتها يوووووووسف لقد ماتت ساره وبدون وعي خرج يوسف من عمله بسرعة البرق وذهب الى المشفى ووجد سارة بالفعل قد ماتت وصدم يوسف بما حدث وفقد الوعي وبعد ساعه لحق به احمد ووجد صديقة ساره ماريا تستقبله بالمشفى وتخبره عن موت ساره وان يوسف قد فقد الوعي وهو يعالج بالمشفى ،وسأل احمد عن صديقه حتى وصل اليه ووجده قد افاق ولكنه لايريد ان يتحدث ولايملك سوى الدموع التي لايستطيع منعها وجلس صديقه يمسح دموعه ويواسيه وبعد مرور اربع ساعات خرج يوسف واحمد وذهبا واخذا ماريا معهم اوصلاها الى سكنها وذهبا هم بدورهم ال سكنهم وقام احمد بالاتصال بوالد ساره الذي وجده يبكي وعلم منه ان صديقة ساره قد اتصلت به وخبرته بموت ساره .
وانتهت قصة حب ساره ويوسف قبل ان تبدأ ورجع يوسف الى همومه وعالمه الحزين وبهذه المأساه نترك يوسف بعالمه متمنيا له حياة افضل وتوفيق مع حب جديد يدوم ويتكلل بالنجاح .
هذه القصه ليست من وحي الخيال بل هي قصه حقيقيه .
