نافذة على الآداب والثقافات العالمية

إن الانفتاح على الآداب و العلوم و الثقافات العالمية هام في قدرته على التأثير والإثراء المتبادل وهو أيضاً المفهوم الصحيح لبناء مجتمعات متعددة الثقافات تحقق التنوع والثراء للإنسانية وتعزز حرية تداول وتبادل الأفكار والأعمال في مجالات كالطب والهندسة والآداب والفنون والعلوم الأخرى. فالانغلاق بكل أشكاله يهدد بعزلتنا عن الآخر في عالم أصبح يعج بالتنوع والتعدد اضف إلى كل هذا غول التقنيات الحديثة ومجتمعات المعرفة لمعرفة الفجوة الرقمية، هذا المفهوم المستحدث بثورته الاتصالية والمعلوماتية.

ومن العجيب أن نرى من ينتقد الأخذ والاطلاع على الثقافات العالمية والاستفادة منها لكونها أخذت من بلدان غير إسلامية فهذه أفكار ومعتقدات سخيفة تضر بالإسلام والمسلمين , ولا يدري أن من فوائد الاطلاع على الثقافات العالمية أيضاً تجعلنا نحاجهم بأقوالهم في كتبهم عندما يدور حوار بيننا وبينهم، فكيف نحاج المفكر الشيوعي أو الوجودي وغيرهم من العلمانيين إذا لم نطلع على ثقافتهم وآرائهم وندرسها دراسة علمية وفكرية ومنهجية . كما أنه من المفيد كذلك أن نتعلم لغتهم لنستفيد من علومهم لحماية أمتنا لنكون في مستوى أرقى من مستواهم ،

لذلك نرى من الضروري أن يكون للآداب و الفنون و الثقافات العالمية حضور في صحافتنا ومنتدياتنا للاستفادة من حِكم وآداب وأفكار المفكرين ولنرى كيف يفكرون وكيف يبدعون وكيف ينتجون .ولنا في السنة النبوية إتباع فقد روي عنه صلى الله عليه وسلم في جامع الإمام الترمذي أنه قال :" الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها يأخذها ".

وقد كان علماؤنا من السلف الصالح من القرون السابقة يترجمون كتب اليونان و الفرس والصين ليطلعوا عليها ويستفيدوا منها مما جعلهم قادة العالم في الطب والفيزياء وعلم الفلك والكيمياء وغيرها من الثقافات الأخرى من الآداب والفنون كابن سيناء والفارابي وابن الهيثم وابن النفيس وابن رشد وغيرهم كثيرون في مختلف الثقافات. أما أن نتقوقع ونزوي أنفسنا عن الاطلاع على الثقافات العالمية لأخذ منها ما هو صالح لأمتنا الإسلامية فهذا مما سبب تأخرنا وجعلنا تبعاً للغرب يتحكم فينا كيف شاء وأصبحنا كما قال المتنبي :

" يا أمة ضحكت من جهلها الأمم ".

وما أطرحه في هذه العجاله هام وجدير بالنقاش والتطارح و يؤدي إلى التنوع الثقافي لتأمين التفاعل والتكامل والاندماج بين كل الثقافات العالمية منها والعربية بحيث تتعزز لدى الأفراد والجماعات والشعوب مبدأ التعارف أولاً ثم تعزيز القدرات المتاحة لدى الآخر.
فالانفتاح على الثقافات العالمية أراه من منظوري المتواضع حق من حقوق الشعوب حتى يواكبوا هذا النسق المتسارع والمتلاحق من الثقافات والفنون والعلوم والآداب. فلا بد أن تعي الحكومات بتنظيماتها من حقنا في التوزيع العادل لثمار الثقافات بما فيها ثقافتنا العربية الغراء والثرية، ولا بد لنا أن نتخلص من عقدنا المتزمتة وننفتح على غيرنا أمام تفاقم نزعة الاحتكار. لابد لنا أن نعي فضائل الترجمة وأن نسعى إليها لنعّرف الأخر بآدابنا وتراثنا الإسلامي وعلومنا وننهل من علومهم في سبيل تقدم أمتنا الإسلامية.

ولعل من سبل التشجيع على التعمق في فهم الثقافات العالمية هو نزع التعصب والعنف والكراهية التي لا تتولد عنها إلا سوء فهم لمثل ما طرحت. . يقول طاغور شاعر الهند العظيم " إنني مستعد أن أشرع نوافذي لإستقبال رياح العالم بشرط ألا تقتلعني من جذوري ".