مسلسل لم يعرض في رمضان!

خلف الحربي

في الخامس والعشرين من رمضان ركب علي سيارته واتجه إلى مرور الدمام لتقديم شكوى ضد صاحب سيارة مجهولة أقفل الموقف الخاص به أمام باب بيته، كان قد أمضى ثلاثة أيام في الاتصال على الرقم 993 حتى قارب عدد اتصالاته العشرين اتصالا، بينما لم يتصلوا به إلا مرة واحدة قالوا له خلالها إنهم كلموا صاحب السيارة وإنه سيأتي فورا لإبعادها من أمام البيت، وحين مر يومان على «فورا» دون أن يتغير شيء قرر علي أن يذهب بشحمه ودمه إلى مبنى المرور وعدم الاعتماد على الشكاوى الهاتفية.

يقول إنهم أخذوا منه بيانات السيارة واتضح أن صاحبها خواجة أمريكاني، فقالوا لعلي بأنهم سيتصلون بهذا الخواجة ويطلبون منه تحريك سيارته فورا، ولكن علي أصر وألح بأن يسحبوا السيارة من أمام بيته «فورا» أو أن يتصلوا بصاحبها أمامه، فقدر الله عليهم واتصلوا.. وياله من اتصال «المرور: ألو، الخواجة: يس، المرور: هذا بوليس كار أنته لازم وخر، الخواجة: وات؟، المرور: هنا نفر هوم كلوز أنته كار لازم برا الحين، الخواجة: طوططوط»!.


طلب علي من رجال المرور رقم الخواجة كي يتفاهم معه مباشرة لأنه يتحدث الإنجليزية، ولكنهم رفضوا طلبه ووعدوه بأنه إذا لم تتحرك السيارة من مكانها خلال هذا اليوم فإنهم سيأتون «فورا» لسحبها، غادر علي مبنى المرور وفي اليوم التالي وجد أن السيارة تحركت من مكانها.. «كيف؟.. ما أدري»، ويؤكد علي في رسالته أنه واثق تمام الثقة بأن المرور ليس له علاقة بهذه المسألة!،

فهو يرجح أن السبب يعود إلى أنه في تلك الظهيرة الرمضانية اللاهبة أبلغ كل الخواجات في منطقته عن قصة السيارة وسألهم عن صاحبها، وتمت ترجمة روايته الحزينة إلى كل لغات العالم المتحضر، وتعاطف معه خواجات الحي، ويضيف: «شكلهم عرفوا صاحب السيارة وقالوا له أبعدها».

المهم انتهى رمضان، وجاء العيد، وانتهى العيد، وعاد الناس إلى أعمالهم بعد الإجازة، ونسي علي قصته الرمضانية مع هذا الخواجة العجيب الذي لا يمكن أن يسلك مثل هذا السلوك في بلاده، ولكن يبدو أنه تعلم «العباطة» في ديارنا، وكما يقولون من عاشر القوم 40 يوما صار منهم.. حتى لو كان خواجة!،

مرت الأيام بهدوء حتى جاء نهار الخامس عشر من شوال، أي بالضبط بعد عشرين يوما من مغادرة علي لمبنى مرور الدمام رن جرس الجوال!.

تخيلوا من كان على الطرف الآخر؟! المرور طبعا.. فهم لا يهملون أي شكوى، ولذلك اتصلوا به، وياله من اتصال أمتع وأروع وأبدع من اتصالهم الأول بالخواجة.. «المرور: الأخ علي؟ علي: نعم، المرور: السيارة اللي واقفة قدام بيتك طلعت ولا نجي نسحبها؟!، علي: لا والله طلعت وأشكركم على سرعة التجاوب»!.